iMadrassa
مقالة فلسفية

" قيل أن المنطق الصوري آلة صناعية تعصم الفكر من الوقوع في الخطأ " 

  • المقدمة : طرح المشكلة

المنطق علم نظري يبحث في صحيح الفكر من فاسده، يهدف إلى وضع قوانين تعصم الذهن من الخطأ، ظهر هذا النوع من التفكير عند اليونان، ويعتبر  أرسطو Aristote، واضع هذا من العلم واعتبره أوغانون Organon، العلم أي الآلة التي يحصل بها العلم، وضع أرسطو مجموعة من  القواعد ، يقول أن مراعاتها يعصم الذهن من الخطأ ويضمن وفاق العقول فهل هو كذلك ؟ وهل هذا هو موقف جميع الفلاسفة منه؟

 

  • التحليل: محاولة حل المشكلة

يرى بعض الفلاسفة وعلى رأسهم صاحب المنطق الصوري أن مراعاة قواعد المنطق الصوري تعصم الفكر وتجنبه الوقوع في الخطأ.

وضع أرسطو جملة من القواعد تحصن الذهن وترشده نحو الصواب، اهتم بسلامة الفكر من أبسط تركيبته إلى أعقدها، فبدأ بوضع قواعد تخص المفردات من خلال مبحث التصورات أو الحدود، الذي حدد فيه معنى الحد المنطقي وشروطه، من تضمنه في نفس الوقت المفهوم والماصدق، ووضع مقولات خمس يعرف بها الحد المنطقي وهي الجنس، النوع، الفصل النوعي، الخاصة والعرض العام.

كما وضع قواعد خاصة بالجمل من خلال مبحث الأحكام، ، وقسم القضايا إلى قضايا حملية (بسيطة) وقضايا شرطية (مركبة) ووضع لكل منهما قواعد صارمة كما وضع قواعد تخص طريقة انتقال الفكر من قضية إلى أخرى من خلال مبحث الاستدلالات،  حيث وضع نوعين من الاستدلالات مباشر وغير مباشر.

المباشر يستنتج فيه الفكر صدق أو كذب قضية من صدق أو كذب قضية أخرى دون واسطة وهو نفسه نوعان، التقابل والعكس، واستدلال آخر غير مباشر، سماه القياس، ينتقل فيه الفكر من قصتين (كبرى وصغرى) إلى النتيجة.

كما حدد مبادئ الفكر الأساسية وهي مبدأ الهوية، عدم التناقض، الثالث المرفوع ومبدأ السبب الكافي.

لقد كان لهذا المنطق تأثيرا على بعض الفلاسفة المسلمين منهم ابن سينا الذي عرفه: "قانون صناعي عاصم للذهن من الزلل" دون أن ننسى تأثيره في المعلم الثاني (الفارابي) الذي عرفه هو الآخر : "هو الصناعة التي تعطي بالجملة القوانين التي من شأنها أن تقوم العقل وتسدد الإنسان نحو طريق الصواب ونحو الحق في كل ما يمكن أن يغلط فيه من المعقولات" ولا ننسى أن الفقهاء استخدموا القياس في بعض المسائل الفقهية.

لكن مع مطلع العصر الحديث تعرض المنطق الصوري لعدة انتقادات وأصبح مرفوضا كأساس ومعيار للفكر الصحيح بناءا على طبيعته فهو يهتم بصورة الفكر دون مادته، ويبني صدق النتيجة على صدق المقدمات فقط دون مراعاة الواقع المادي.

ومنه استبدل بالمنطق "المادي – الاستقرائي"، الذي ظهر في القرن السابع عشر على يد بيكون وديكارت و"جون استيوارت مل"، وإن كان قد سبقهم إلى هذا الفلاسفة المسلمون منهم جابر بن حيان وابن خلدون وغيرهما، يهتم هذا المنطق بمادة الفكر ومضمونه، حدد طرق وقواعد الانتقال الفكري في المعرفة بالملاحظة فالفرضية فالتجريب فتعميم القانون-  يبني هذا المنطق صدق النتائج على مدى مطابقتها للواقع وليس على مطابقتها للمقدمات وهذا ما ساهم في نجاحه.

لكن المنطق المادي نفسه يراعي قوانين الفكر الأساسية التي وضعها المنطق الصوري.

إن الفكر الصحيح قائم على مراعاة القواعد المادية والصورية في آن واحد، وهو ما تفعله العلوم الحديثة، فهي تقوم أساسا على التجربة التي تحقق القانون العلمي مع مراعاة المبادئ الصورية كمبدأ عدم التناقض ومبدأ السبب الكافي الذي يحوي ضمنيا مبدأ السببية والحتمية.

 

  •  الخاتمة: الحل المشكلة

وفي الأخير نستنتج أن مراعاة قواعد المنطق الصوري لوحدها لا يعصم الفكر من الخطأ ولا يضمن وفاق العقول والدليل على ذلك كل البدائل التي جاء بها الفلاسفة وهي المنطق المادي والمنطق الرياضي.


قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.