iMadrassa
مقالة فلسفية

دافع عن الأطروحة القائلة بأن " مبدأ الحتمية مبدأ مطلق"

الطريقة: استقصاء بالوضع.

 

  • المقدمة:  طرح المشكل

يهدف العلم من خلال بحوثه و دراساته إلى محاولة فهم الطبيعة عن طريق وضع قوانين تفسر ظواهرها. وهو في ذلك يحاول الاعتماد على مبدأ يرجع حدوث  الظواهر إلى شروط معلومة باعتبار أن الظواهر في الطبيعة لا تحدث إلا بحدوث شروطها . و قد اصطلح العلماء على هذا المبدأ بمبدأ الحتمية و الذي يمكن التعبير عنه بأن نفس الشروط تؤدي إلى نفس النتائج.

يعتقد بعض علماء القرن العشرين أن مبدأ الحتمية مجرد افتراض في حين يقول البعض الآخر أنه مبدأ مطلق. فما هي الحجج التي تبرر هذه الأطروحة و كيف يمكن الدفاع عنها.

 

  • التحليل: محاولة حل المشكلة

-يرى فلاسفة و علماء القرن 19 م أن مبدأ الحتمية مطلق، و قد قاموا بتفسير الكون كله تفسيرا حتميا لا يدع مجالا للصدفة و الاحتمال.

وحجتهم  في هذا أن نظام الكون ثابت و أن للظواهر الطبيعية كلها شروط ضرورية و ثابتة لا تحيد عنها، مستندين في هذا أن العلم يقوم على التفسير الذي لا يتسنى إلا إذا افترضنا بأن وراء كل ظاهرة شروط تحدثها و إنكار مبدأ الحتمية يعني إنكار العلم لأن بدونه لا يمكن التعميم و لا التنبؤ بالمستقبل. فما دام القانون هو ضبط العلاقة الثابتة بين الظواهر أي بين ظاهرتين متتاليتين ، وجب أن تكون الأولى ثابتة، كما أن التنبؤ يتم انطلاقا من رؤية الشروط فإن كانت الشروط غير ثابتة حال ذك دونه.

و في هذا يقول كلود برنارد  C.Bernard :" إن مبدأ التقيد الطبيعي هو مبدأ عام تخضع لع العلوم الطبيعية كلها(..) فلولاه لما أمكن تأسيس العلم".

و يقول هـ. بوانكاري H.Poincarré :"إن عالما لا تسوده الحتمية هو عالم موصود في وجه العلماء ، لأن العلم بطبيعته حتمي".

و يقول لابلاص La place : " يجب علينا أن نعتبر الحالة الراهنة للكون نتيجة لحالته السابقة و سببا لحالته التي تأتي من بعد ذلك مباشرة 

 لقد ظل العلم يعتقد ان الذرة هي اصغر جزء لكن مع مطلع القرن 20 م و مع اختراع المجهر الالكتروني  ثبت ان الذرة ليست اصغر جزء بل لها أجزاء و هي النواة و الالكترون و البروتون و عندما أراد العلماء ضبط حركة الالكترون ضبطا حتميا، عجزوا عن ذلك اذ لا يمكن تحديد موقعه و سرعته في آن واحد فكلما سلط الضوء على موقعه انحرف عنه الامر الذي أدى بالعلماء الى اعتبار ان حركته عشوائية و تم استعمال حساب الاحتمالات لحل المشكلة.

إن هذه المعطيات العلمية الجديدة زعزعت الاعتقاد بالحتمية المطلقة مما أدى الى ظهور ما يسمى بأزمة الحتمية، فاسحا المجال امام فكرة جديدة هي فكرة اللاحتمية و هذا ما دفع "ديراك" إلى القول :" إن الطبيعة عندما تجد نفسها في مفترق الطرق تختار الاتجاه المناسب اختيارا حرا، فلا يمكن التنبؤ إلا على نحو هيئة ما يسمى ( الاحتمالات )"

 ثم جاء هايزنبرغHeisenberg  ليؤكد هذا الاعتقاد عندما قال أن عالم الظواهر قسمان : العالم الأكبر أو عالم الماكروفيزياء و العالم الأصغر أو عالم الميكروفيزياء، يخضع الأول للحتمية المطلقة لأن معرفته دقيقة و يخضع الثاني لللاحتمية لأن معرفته لا تزال نسبية.

صحيح أن التطور العلمي لم يصل بعد إلى ضبط حوادث العالم الأصغر ضبطا كليا وعليه فهو يعتمد على القوانين الإحصائية أو الاحتمال لكن هذا لا يعني الاعتراف بمبدأ اللاحتمية بل هو مرحلة مؤقتة ستزول عندما يتخلص الانسان من النقص الموجود في عقله و في وسائله لأن النقص كما يرى كلود برنارد ليس في الطبيعة بل في عقولنا ووسائلنا و عندئذ تصبح الطبيعة بعالميها (الأصغر و ا\لكبر) تخضع لشروط محددة و معروفة أي تخضع للحتمية.

 

  • الخاتمة:  حل المشكلة

وعليه  نقول أن ظواهر العالم الأصغر هي الأخرى تخضع لشروط ثابتة و صارمة لكن عقل الانسان هو الذي لم يستوعبها بعد ووسائله الحالية هي الأخرى لم تسعفه في ذلك و المستقبل كفيل بإثبات ذلك

ومنه  نستنتج أن الأطروحة القائلة بأن الحتمية مبدأ مطلق، أطروحة صحيحة و لها ما يبرر و يمكن الأخذ بها.


قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.