" قيـــل إن بـــقــاء الأمــم واستمــرارهــا يـقتضـي مــواكبــة الـعـولمـــة"
الـطريقة: جـدلية
حـلل وناقـش
- الـمقدمة: طرح المشكلة.
تعتبر العولمة أيديولوجية تعبر عن التفكير الأحادي. لقد ظهرت بعد سقوط جدار برلين، حيث يعد هذا الحادث نهاية للحرب الباردة وذلك بانتصار اللبرالية على حساب الشيوعية وهذا ما فتح المجال للتفكير الأحادي الذي يعتبر أكبر مشروع يناسب الليبرالية الجديدة من خلال توجهات اقتصادية وسياسية وثقافية تفرضها على الأمم.
فهل بقاء الأمم يقتضي مواكبة العولمة بكل ما تحمله من مخاطر؟
- الـتحليل: محاولة حل المشكلة.
يرى أقطاب العولمة ودعاتها أن ارتقاء الشعوب والأمم متوقف على مدى اندماجها في العولمة:
لأن العولمة تهدف إلى تحقيق الثراء وتحسين ظروف الدول الفقيرة عن طريق القروض التي يقدمها F.M.I صندوق النقد الدولي لهذه الدول. كما ان خلق سوق عالمية واحدة يساهم في توسيع التجارة و نمو الناتج العالمي بوتيرة أسرع فيفرز فوائض مالية هائلة يمكن استغلالها لأهداف إنسانية، دون أن ننسى تعميم وسائل الاتصال و شمولية الاستقلال الفعلي عن طريق الرقمية الهاتفية العالمية التي توحد تكاليف الاتصال مهما كانت المسافات التي تفرق بين المتصلين، كما تمنح العولمة فرصا هائلة لتحرر الإنسانية بما تتيحه من تفاعل بين مختلف مكوناتها و على تجاوز المراقبات التي أصبحت تشكل عائقا اما تقدم الشعوب ومما لا شك فيه كذلك أن التدفق الحر للقيم و المنتوجات و المعلومات و الأفكار و المخترعات تقدم لكل فرد فرصا استثنائية للتقدم و الازدهار.
* نـقـد: إذا كانت العولمة في ظاهرها تبدو كذلك فإنها في حقيقتها شيء آخر. إنها تعمل لصالح الأقوياء وسحق الضعفاء، فالحديث عن التبادل الحر للتجارة تخدم الأقوياء لأن الضعفاء ليس لديهم ما يقابلون به الأقوياء، ثم إن القروض التي منحت للدول الضعيفة جعلت منها أسيرة ولم تحررها لأنها أصبحت وسيلة تضغط بها هذه المؤسسة على قرارات الدول الداخلية والخارجية.
ومن هنا فإن هناك من رفض العولمة وقال بوجوب مقاومتها ومن أبرز من يمثل هذا الاتجاه هارود كليمانط.
يعرض في كتابه "أكاذيب العولمة العشر" مخاطر العولمة ويثبت أن المنظمات الدولية F.M.I. صندوق النقد الدولي ومنظمة O.M.C منظمة العالمية للتجارة والبنك العالمي لم تسقط من السماء بل إنها مقصودة وهي وسيلة للتحكم في اقتصاد الدول ومن ثم التحكم في مسارها السياسي وجعلها تابعة للدول الكبرى.
ومن مخاطرها كذلك انها تركز على البعد الاقتصادي وتهمل الأبعاد الأخرى، فهي تعمل على تدمير القيم الأخلاقية. انها كذلك لا تحمي بل تحاربه الشغل عن طريق تقليص مناصب الشغل، فمجالات الالكترونيك لا تحتاج إلا لعدد ضئيل من العمال وبذلك يتفشى الفقر بتفشي البطالة، إن العولمة تحارب الخدمات العمومية كالصحة والتربية، وأكثر من هذا فقد رسمت خريطة جديدة للعالم تتوافق مع مصالح الأقوياء وهي تعمل على تجسيدها من خلال ما حدث في العراق وما يحدث في سوريا وبقية الدول.
* نـقـــد: حقيقة إن العولمة لها من المخاطر ما يمكنه أن يقضي على الكثير من الدول ويقضي على خصوصية دول أخرى لكنها من جهة أخرى أمر واقع وحقيقة لا يمكن انكارها.
وعليه يجب أن نبحث عن الوسيلة الصحيحة لمواجهتها.
تكون العولمة ظاهرة سلبية إذا لم نستطع التعامل معها بما يجب وتكون إيجابية إذا تعاملنا معها واستطعنا الاستفادة منها. ولأنه لا مفر من الاندماج فيها وجب على المجتمعات أن تعمل على إعادة إنتاج القيم والمفاهيم التي تسمح بالاندماج -وفق خطة مدروسة- في التطور العالمي بكل ما يحمله من علوم ومعارف وتكنولوجيا مع العمل على الحفاظ على الهوية.
- الخاتـمة: حل المشكلة
إن العولمة سلاح ذو حدين. فبقدر ما يمكن للمجتمع أن يكسب من وراءها، بقدر ما يمكن أن يخسر الكثير. وعليه وجب على الأمة أن تعمل على المشاركة في بناء الحضارة العالمية، فتواكب بذلك العصر دون أن تتنازل عن خصوصيتها.