هل يمكن التمييز بين البديهيات و المصادرات في كل نسق رياضي؟
الطريقة: جدلية
- المقدمة:
الرياضيات علم نظري ، يدرس الكميات المجردة و ما يقوم بينهما من علاقات للرياضيات منهج يتلاءم مع طبيعتها و موضوعها و هو استنتاج . يعرف الاستنتاج بأنه منهج يبدأ فيه الفكر و ينطلق من قضايا عامة، يسلم الرياضي بصحتها وصولا إلى النتائج. و من هذه المبادئ البديهيات و المصادرات. فهل هي واحدة في الانسق الرياضة؟
- التحليل:
في الرياضيات الكلاسيكية يمكن التمييز بين المبادئ. فالنسق التقليدي يعتمد على مبادئ متعددة، يمز بينها. فالبديهيات و المصادر و كل منها تختلف عن الأخرى من حيث طبيعتها . فالبديهيات قضايا بسيطة، واضحة تحمل الوضوح في ذاتها و لا يمكن البرهنة عليها، ندركها بالحدس. مثل الكل اكبر من الجزء، الكميتان المتساويتان لكمية ثالثة متساويتين...الخ إما المصادرات فهي كذلك قضايا بسيطة لكنها تختلف عن البديهيات في أن صدقها مفترض منذ البداية مجرد افتراض، يطلب الرياضي منا التسلم بها دون برهان لأنها مطلب يساعد على تشييد صرح رياضي منها: اقصر البعاد بين نقطتين هو الخط المستقيم واحد مواز له...الخ
صحيح أن النسق التقليدي يميز بين مبادئه لكنه حين ينطلق منها، فهو ينطلق منها على أساس انه صحيح و يصل إلى إنتاج تلزم عنها لزوما ضروريا. لكن مع تطور الرياضيات و ظهور النسق الاكسيومي، أصبحت الرياضيات المعاصرة لا تميز بين مبادئها و تنطلق منها كقضايا أولية، تفترض صدقها منذ البداية مجرد افتراض، فالمهم هو و ضيفتها و ليس صحتها. فهي كلها فروض صحيحة مادام كل منها يمكن اتخاذه منطلقا لبناء نسق رياضي متماسك متكامل.
فالصدق في العلم الصوري (النظري) لا يتطلب أكثر من عدم التناقض بين المقدمات و النتائج ، و بالتالي أمكن للصدق بان يتعدد و تتعدد معه الأنساق الرياضية وفقا لتعدد الفروض كما نلاحظ ذلك في هندسة ريمان و هندسة لوبا تفسكي.لكن رغم تمايز هذه الأنساق فإنها تخضع كلها لنوع من الوضوح و التناسق. فإذا كان الرياضي حرا في وضع مقدمات برهانه فإذا لا يعني انه يتعسف في اختياره بل هو يخضع لشروط منطقية، صارمة كالكفاية و الاستقلال و خاصة عدم التناقض.
و منه فان الرياضيات المعاصرة أصبحت تقوم على الانسجام و التوافق التام بين المنطلقات و النتائج دون التقيد بمبادئ معينة مما أعطى للفكر حرية الإبداع و اكسب التفكير الرياضي دقة و يقينا و جعله مثالا لجميع العلوم و آلة ضرورية لها.
- الخاتمة:
وفي الأخير نستنتج انه نظرا لتطور البرهان الرياضي من استنتاج إلى فرض استنتاجي فانم التمييز بين المبادئ أصبح غير موجود.