iMadrassa
مقالة فلسفية حول الفصل بين الإحساس و الادراك

هل يمكن الفصل بين الإحساس والادراك ؟

الطريقة: جدلية 

  • المقدمة:

اذا كان الإحساس عملية نفسية فيزيولوجية بسيطة ترتبط أساسا و تقوم على جملة الحواس و كان الادراك عملية عقلية تقوم بتأويل الاحساسات و تحويلها الى معرفة فان السؤال المطروحة هنا هل يمكن التمييز و الفصل بين هاتين العمليتين ام لا,ان القضية للعلاقات بين الإحساس و الادراك اثارت اشكالا بين المفكرين و علماء النفس بحيث يقول الكلاسيكيون بانفصالهما في حين يقول المعاصرون باستحالة ذلك. فماهي مبررات كل منهما وأي منهما على الصواب.

 

  • التحليل:

موقف علم النفس التقليدي: يرى انهما متمايزان ومنفصلان. ذلك ان العقليون والحسيون يميزون بينهما من حيث الطبيعة ومن حيث القيمة

اذ يرى العقليون ان الإحساس ظاهرة مرتبطة بالجسم فهو حادثة فيزيولوجية و هو يمدنا بمعارف أولية بسيطة في حين ان الادراك مرتبط بالعقل فهو عملية عقلية معقدة تتدخل فيها الكثير من العمليات العقلية العليا كالذاكرة و الذكاء و التخيل معتمدة على عدة ميكانيزمات (كالتحليل و التركيب و التجريد و التعميم......الخ),و على هذا فان الادراك ليس مجرد انطباع حسي و من هنا يرفض ديكارت ان يكون العالم الخارجي كما تلتقطه الحواس بل هو كما يدركه العقل فهو يقول:انا ادراك بمحض ما في ذهني من قوة الحكم ما كنت احسب انني اراه بعيني, معنى ان الادراك هو احكام عقلية يضيفها العقل على الأشياء

اما الحسيون فيرون ان الإحساس والتجربة الحسية هما مصدر كل إدراك ومعرفة، الحواس والمدارك هما النافذتان اللتان ينفذ منهما الضوء الى هذه الغرفة المظلمة(العقل) ومنه يكون الادراك مجرد انطباع حسي فهو يلي الإحساس مباشرة

*نقد: ان إمكانية الفصل بين الإحساس والادراك بشكل مطلق امر غير ممكن باعتبار ان الحواس هي الأدوات التي تستند اليها الادراك اذ يقول الجرجاني:

                            الإحساس، إدراك الشيء، بإحدى الحواس

و يقول ريد: الادراك هو الإحساس المصحوب بالانتباه

لا يمكن التمييز والفصل بين الإحساس والادراك حسب علم النفس المعاصر وخاصة لدى الجشطالت

يرى الجشطالت ان الادراك للأشياء الموجودة في العالم الخارجي لا تبدا من المعطيات الحسية لنجمعها في ادراك حسي مركب أي ليس الادراك مجموعة الاحساسات  المضافة الى بعضها البعض بل هو موقف عام نقفة من الأشياء و هو الانتقال من الصور الكلية للمجال الذي تتواجد فيه الأشياء بمعنى ان الشكل العام للصور هو الذي يحدد معنى الادراك و ليس اجزاءه,لان الجزء لا يكتسب معناه الا داخل الكل.و عليه يكون الادراك واضحا, صحيحا اذا توفرت في الصورة من حيث هي موضوع مجموعة من العوامل يسميها الجشطالت بعوامل تنظيم المجال الادراكي و هي(عامل التشابه,الوضوح,التسلسل,الاغلاق,البروز البنيوي للصورة)

وفي غيابها يتعذر الادراك.فنلاحظ مثلا صورة الثوب المخطط ان كانت الخطوط عمودية أظهرت رشاقة ونحافة مرتديها وان كانت افقية أظهرت بدانته وسمنته

*نقد: ان القول بعدم إمكانية الفصل بين الإحساس والادراك امر يستحيل اثباته خاصة وان الانسان سيشعر بأسبقية الإحساس الذي تعيشه الذات

ان الإحساس والادراك مظهران لعملية نفسية واحدة فلا وجود للإدراك في غياب الوسائط الحسية ولا معنى للصورة التي تنقلها هذه الوسائط في غياب عقل يحلل ويركب ويجرد ويعمم.... الخ. ومنه نقول انه لا يمكن الفصل بينهما خاصة وان ابحاثا علمية حديثة في علم الحياة اثبتت استحالة الفصل فالإحساس مسبوق بشيء من فعاليات العقل العليا التي تستند وتبرر له التوحد التام مع المعرفة الادراكية التي يخلص اليها.

 

  • الخاتمة:

للإحساس تأثير في الادراك كما للإدراك تأثير في الإحساس وعلى هذا فانه لا يمكن الفصل بينهما خاصة من الناحية العملية الفصل ان كان موجودا فقد جاء لمقتضيات مذهبية فقط.


قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.