هل ترى في التعود إعاقة لفعالية السلوك؟
الطريقة: جدليـة
- المقدمة:
يولد الإنسان بمجموعة من الاستعدادات الطبيعية لكنها لا تفي حاجته في التكيف لذا فهو مضطر لتعلم سلوكيات جديدة لم يفطر عليها وهذه السلوكيات بعد تكرارها ترسخ ويصبح أدائها آليا، حينئذ تصبح عادات.
فما هي العادة وما تأثيرها في السلوك؟
تعرف العادة بأنها استعداد دائم نسبيا، يكتسبه الكائن الحي أو هي القدرة على أداء فعل ما بصورة آلية. اختلفت الآراء حول قيمتها، فهل هي تكيف أم إعاقة، بمعنى هل تعيق فعالية السلوك أم أنها على العكس تُيسّر التكيف؟
- التحليـل:
عــرض الأطــــروحة:
للعادة أثر إيجابي في سلوك الإنسان، فهي تكيف يُحقق التوافق بين الفرد ومتطلباته المادية والمعنوية والاجتماعية.
فالعادات الحركية مثلا تمنح الجسم الرشاقة والسيولة إضافة إلى تأثيرها الإيجابي على صحة الإنسان، حيث ينصح الأطباء بالتعود على أداء حركات رياضية أو على الأقل التعود على المشي، كما تهيئ العادات الاجتماعية الإنسان للتكيف والاندماج مع المواقف الاجتماعية، وبصفة عامة فإن آلية العادة تجعل نشاط الإنسان مرنا وسهلا، يقتصد به في الوقت والجهد لأنها تحرر الانتباه والإرادة لأعمال أخرى جديدة، إضافة إلى الأداء الأحسن، للفلاسفة أقوال في الأثر الإيجابي للعادة منها قول مودسلي: "لو لم تكن العادة تسهل لنا الأفعال، لكان قيامنا بوضع ملابسنا وخلعها يستغرق يوما كاملا" ويقول رافسون: "العادة تؤثر بطريقة إيجابية على سلوكيات المتعودين وتصرفاتهم وتمكنهم بالتالي من التكيف مع ظواهر محيطهم ".
رغم ما للعادة من فعالية على مستوى السلوك فإنها لا تخلو من السلبيات.
عرض نقيض الأطروحة:
للعادة أثر سلبي في السلوك فهي قد تكون عائقا لنشاط الإنسان وتكون سببا في فقدان التوافق بين الفرد ومتطلباته المادية والمعنوية والاجتماعية فقد تكون العادات حسنة (مهارة ما) لكن الآلية فيها تجعل السلوك متحجرا، جامدا يقتصر على مواقف محدودة – في حين أن الفعالية تتجاوزها – مما يؤدي إلى أضعاف إرادة الإنسان وبالتالي إلى قتل روح المبادرة فتنتج الرتابة وفي هذا يقول كانط: "بقدر ما تكون للإنسان عادات بقدر ما يكون أقل حرية". ومن مساوئ العادة كذلك أنها كما يقول روسو: "العادة تقسي القلوب". كما قد تعيق العادات الاجتماعية الإنسان عن التفتح على العالم لأنها تشده إلى الوراء فيصعب التحرر منها واستبدالها بأفكار جديدة وهذا ما نلاحظه في رفض المسنين لأفكار الشباب الجديدة لأنها فقط مخالفة لما تعود عليه – هذا إن كانت العادات حسنة أما إذا كانت سيئة فإنها بالضرورة تعيق التكيف مع المحيط الخارجي، إضافة غلى خطرها على صاحبها وعلى المجتمع كالتعود على الخمر والمخدرات والقمار والتدخين.
إذا كانت سلبيات العادات السيئة مفروغ منها فإن للعادات الحسنة من الأثر الإيجابي مالا يمكن إنكاره.
- التركيـب:
بقدر ما للعادة من سلبيات بقدر مالها من إيجابيات وهذا حسب استخدامنا لها فهي، "أداة حياة أو موت حسب استخدام الفكر لها" وعلى هذا وجب على الإنسان أن يتفادى اكتساب العادات السيئة من جهة وأن يضع شواهد على العادات الحسنة ويراجع نفسه من حين إلى آخر حتى لا تكون العادة أداة موت. فالطبيب مثلا يجب أن يحضر إنسانيته في مهنته التي سوف تصبح عادة حتى لا يصبح الألم والموت عنده شيء عادي لا يؤثر فيه، والحرفي يجب أن يشهد إرادته ورغبته في عاداته الحركية حتى لا تقتل في آلية إنسانية فيتحول إلى آلة منتجة.
- الخاتمـة:
رغم ما للعادة من سلبيات فإن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بدونها وهي في كثير من الأحيان الملجأ الوحيد الذي يسمح لنا بتجاوز مختلف العوائق وهي شرط في عملية التكيف التي يقوم عليها الوجود الإنساني.