النّص :
حياتنا الأدبية فيما يظهر من أمرها راكدة خامدة ٬ ما في ذلك من شكّ ٬ فقد أصبحت الكتب القيّمة نادرة يمرّ العام دون أن يظهر منها كتاب و احد ٬ والصّحف اليوميّة و الأسبوعيّة لا تكاد (تحفل بالأدب )٬ و قد تمر الشّهور دون أن نقرأ فصلا ذا بال ٬ و المجلات الشهريّة تُعنى بلون من الأدب يسير ٬ لا يكلف كاتبه عناء طويلا ٬ و لايكلف قارئه جهدا ثقيلا ٬ فنحن قوم مترفون ٬ لا نريد أن نشقّ على أنفسنا حين نقرأ ٬ و أحبّ شيء إلينا أن نقرأ المقال ثم ننساه فقد دخل علينا السّأم ٬ و أصبحنا نؤثر أن نمرّ بالأشياء مرورا سريعا ٬ و كثيرا ما نقرأ لنقطع الوقت ٬ لا لنغذي العقل و الذّوق و القلب ٬ و كثيرا مانقرأ لندعو النوم لا لنذوده عن أنفسنا . و رحم الله أيامنا كنا نرى الوقت فيها قصيرا سريع الحركة ٬ و كنا نتمنى لو زيد في ساعات اللّيل و النّهار لنقرأ فنطيل القراءة ٬ و لندرس فنحسن الدّرس.عفا الله عن مصر ٬ ما أشدّ تقصيرها في ذات الأدب و العلم و الفنّ ٬ و لست أكتب اليوم لأشكو إجداب القـرائح و كلال الأذهان ٬ و أريد أن أقف اليوم عند أسباب ثلاثة راجيا أن يفكر فيها المثقّفون ٬ وأن يتجاوزوا التّفكير إلى العمل ٬ لعلّهم أن يجدوا منها مخرجا :
و أول هذه الأسباب يأتي من ظروف السّياسية ٬ فقد أعلنت الأحكام العرفية في مصر ثلاثة عشر عاما ٬ و لم ترفع خلالها إلا ثلاث سنين ٬ بحيث نستطيع أن نقول – غير مسرفين – ﴿أننا ُحرمنا الحرية﴾ ٬ و الحرية قوام الحياة الأدبية الخصبة ٬ فإذا ذهبت أجدب الأدب و عقم التّفكير ٬ و قد قال نابليون ذات يوم " ليس لنا أدب جيد وتبعة ذلك على وزير الداخلية " فقد أحس إذن أن الرّقابة على الكتّاب قد ذهبت برونق الأدب ٬ و أخصّ ما يمتاز به الأدب أنه حرّ بطبعه ٬ لا يقبل لحريته قيدا و لو كان من الذّهب الخالص المرصّع بالجوهر الكريم . أما السبب الثاني فيُسأل عنه الأدباء الشّيوخ ٬ ذلك أن كثيرا من الشّباب يكتبون ثم لا يعرفون كيف يُظهرون النّاس على ما يكتبون ٬ لا يجدون من شيوخ الأدب تشجيعا و لا تأييدا ٬ ولا يجدون ناقدا معروفا يقدمهم إلى النّاس ليقرؤوهم٬ فتقع في صدورهم حسرة ممضة لعلها أنّ تصرفهم عن الأدب و الفنّ ٬ و للجيل الناشئ على الجيل الذي سبقه شيء من الحقّ ٬ فليفكر شيوخ الأدباء في ذلك ليتحملوا تبعاتهم . وليس السبب الثالث بأقل خطرا من السّببين السّابقين ٬ و لعلّه أن يكون أشدّ منهما إمعانا في الشّرّ إساءة في الأدب ٬ ذلك هو ضعف التّعليم الأدبيّ في مصر ٬ ففي مصر مدارس و معاهد و جامعات يُدرّ ُس فيها الأدب ٬ و لكنّه يُدّرس على نحو يحزن أكثر مما يسرّ ٬ فطلاب الأدب يستظهرون كلاما يُملى عليهم ٬ ويعيدونه في الامتحان ٬ ويظفرون بالإجـازات الدراسيّة ٬ و أظنّ أن أحدا لا يجادلني في أنّ أوّل ما يجب على الكاتب الشّاب و الشّيخ ألا يُذّكِر المؤنث ويؤنّث المذكّر ٬ وأن يحسن استعمال الأفعال و الحروف ٬ وإنّي ليحزنني أن أقول إن كثيرا من كتابنا يرون أنفسهم كبارا يتوّرطون من هذا كلّه في شرّ عظيم . "
طـه حسين - من كتاب خصام و نقد -
- إلى أيّ فنّ نثريّ ينتمي النّصّ ؟ علّل .
- بم وصف طه حسين الحياة الأدبية في مصر ؟
- ما هي مظاهر هذا الضّعف ؟
- لخّص الأسباب التي عرضها الكاتب .
- ينتمي النّصّ إلى فن المقال الأدبي النقدي لأنّ الكاتب تحدث فيه عن أزمة الأدب في مصر و عن أسبابها .
- وصف طه حسين الحياة الأدبيّة في مصر بالرّكود و الخمود .
- مظاهر الضّعف كثيرة منها : ندرة الكتب القيمة ٬ تراجع الصّحافة الأدبية ٬ انصراف الجماهيرعن الأدب الرّفيع .
- أسباب ضعف الأدب هي :
- سياسيّة: تتمثل في كبت الحرّيات و تقييد الأدباء و فرض الرّقابة على الانتاج الأدبيّ .
- عدم تشجيع الأدباء الشّيوخ و النّقاد للشّباب المبدع و انعدام التّرويج لإنتاجاتهم .
- ضعف مستوى التّعليم في المدارس و المعاهد و الجامعات المصريّة .
- أعرب ما تحته خطّ في النصّ .
- ما محل الجمل الواردة بين قوسين .
- مالمعنى الذي أفاده حرف الجرّ في ما يلي : " ذلك هو ضعف الأدب في مصر" ، " أنّ تصرفهم عن الأدب " ، " إن كثيرا من كتابنا " .
- ما نوع الأسلوب و ما غرضه في قول الكاتب : " عفا الله عن مصر " ؟
- استخرج مجازا مرسلا من النص تكون العلاقة فيه مكانيّة .
- الإعراب :
قصيرا : مفعول به ثان منصوب و علامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
السّابقين : صفة مجرورة و علامة جرّها الياء لأنّها مثنّى .
- ( تحفل بالأدب ) جملة فعليّة في محلّ نصب خبر " تكاد " .
( أنّنا حرمنا الحريّة ) جملة مقول القول في محلّ نصب مفعول به .
- معاني الحروف :
- " في " الظرفيّة المكانيّة الحقيقيّة .
- " عن " المجاوزة .
- " من " التّبعيضيّة .
- " عفا الله عن مصر " أسلوب خبريّ غرضه الدّعاء .
- " عفا الله عن مصر " في العبارة مجاز مرسل حيث ذُكرت مصر و هي مكان و قُصد أهلها فالعلاقة مكانيّة .
- ما هي خصائص أسلوب طه حسين ؟
- خصائص أسلوب طه حسين :
- ظاهرة التّكرارو الإطناب إلي تدل على الإلحاح على الفكرة لغرض الإقناع .
- حسن اختيار مفرداته .
- وضوح الأفكار و انسيابها .
- غلبة الجمل القصيرة .
- التفنن في استخدام حروف المعاني .
- اعتماد أسلوب السهل الممتنع يعني السهل في تركيبه الممتنع في تقليده .