النّص :
« فمن الطبيعة هذا العالم التّغيّرُ المستمرّ ، سواءٌ في ذلك شؤونه الماديّة و المعنوية ، فمن حين إلى حين تثورُ الأرض و الزّلازل و البراكين و الفيضانات و المدّ و الجزر و العواصف و الأمطار و نحو ذلك ، فتكون عاملا كبيرا من عوامل التّغيّر المستمرّ في سطح الأرض .
و كذلك حياة النّاس على وجه الأرض في تغيّر مستمر كتغيّر سطحها ، فكم من الفرق بين بيت الرّجل البدوي في سذاجته و بساطة أدواته ، و بيت الرّجل المتمدّن على أحدث طراز ، و هكذا الشّأن في كلّ مرفق من مرافق الحياة و كلِّ نظام من نظم المعيشة ، في وسائل النّقل و البريد ، و في المعاملات الاقتصاديّة ، و في معاهد التّربية ، و في نظم الحكومة ، و في كلِّ شيء .
و قد دلّنا التّاريخ على أن الجماعات و الأمم ( تسير) على أنماط متشابهة في تغيّرها و تطوّرها و انتقالها من القديم إلى الجديد .
فكلُّ جماعة سرعان ما تَتَكوَّنُ لها تقاليد و عادات و أوضاع و معتقدات تقدَّسها و تلتزمها و تكره الخارج عليها . و لكن بمرور الزّمن تنشأ عوامل مختلفة تجعل ما ( كان صالحا ) من العادات و التّقاليد غير صالح .
في هذه الفترة ظهر أفراد من المجتمع هم أكثر شعورا بالألم من النّظام الموجود فيدعون إلى أوضاع يجب أن تحلّ محلّ القديم لكن أنصار القديم يَهُبّون في وجه معارضيهم .
و إذا ذلك تنشأ معارك بين أنصار القديم و أنصار الجديد ، قد تقتصرُ على الحرب الكلاميّة ، و قد تشتدّ حتى تكون ثورة دمويّةً ، ثم تتجلى هذه المعارك إمَّا عن نصرة القديم و قمع دعوة الإصلاح و التجديد و عند ذلك يتأجل الإصلاح و التجديد حتى تتهيأ له ظروف أنسب ، و جوّ أصلح . و إمّا أن ينتصر الحديث و يهزم القديم و يتحوّل المحافظون إلى أحرار ينصرون الجديد بعد أن تنجلي فائدته .
و لكن حتى في هذه الحالة لا يمكن انتصار الجديد الصرّف ، بل لابد أن يكون مشوبا بشيء من القديم حتى يستطيع أفراد الشعب أن يتذوّقوه . و قد يتجاهل دعاة التجديد هذه الحقيقة فتصاب دعوتهم بالنّكسة .
و هكذا يتّحرك " بندول " الأمّة بين حركةٍ إلى الأمام و حركةٍ إلى الخلف تَبَعا لنشاط المجدّدين و طبيعة المحافظين » .
أحمد أمين
شرح المفردات :
- مشوبا : مختلطا .
- بندول : نواس ساعة كبيرة .
- ما الموضوع الّذي عالجه الكاتب في هذا النّص ؟
- ما الحقيقة التي أثبتها الكاتب في مطلع النّص ؟ و ما دليله على ذلك ؟
- بماذا شبّه الكاتب حياة النّاس في تغيرها و تطوّها ؟
- يشير الكاتب إلى نوعين من المعارك بَيْن فئتين من المجتمع . بيّن النّوعين و الفئتين ، ثم اكتشف عن نتيجة هذا الصراع .
- نبّه الكاتب في نهاية النّص إلى حقيقة لا يمكن تجاهلها . ما هي ؟ و لماذا ؟
- هل كان الكاتب موضوعيّا في طرحه ؟ علّل .
- لخّص هذا النّص محترما تقنية التلخيص .
- عالج الكاتب في هذا النّص قضية الصراع بين القديم و الحديث ، و نتيجة هذا الصراع و مظاهره.
- أثبت الكاتب حقيقة . هي سنة التغيّر و التطور ، فلا شيء يبقى على حاله .
- الدليل : فكما يتطور العالم من حولنا تتطور حياة النّاس و عاداتهم و تقاليدهم و معتقداتهم و ما هو صالح اليوم لجماعة فئة معينة من النّاس لا يكون بالضرورة صالحا غدا لجماعة أو فئة أخرى .
- شبّه الكاتب تغيّر حياة النّاس بتغيّر سطح الأرض .
- المعارك التي أشار إليها الكاتب هي معارك دموية و كلامية بين أنصار القديم و أنصار الجديد ، و كشفت هذه المعارك عن احتمالين هما : إما انتصار الجديد و إما انتصار القديم و تأجيل التغيير و التطور إلى حين .
- الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي : أن انتصار الجديد لا يتم دفعة واحدة و لا يقطع صلته بالقديم قطعا كليا و إلا نبذه العامة و لم يستسيغوه ، لأن جهل دعاة الجديد لهذه الحقيقة قد يصيب دعوتهم بالنكسة و يبقى الصراع قائما .
-
نعم ، لقد كان الكاتب موضوعيا في طرح أفكاره ، فقد تجرد من الذاتية و الانفعال و العاطفة ، و اعتمد على التعليل و التمثيل لإبراز وجهة نظره و عرض أفكاره ليحمل القارئ على الاقتناع .
-
التلخيص :
يراعي فيه ما يلي :
- حجم التلخيص .
- الدلالة على مضمون النّص .
- سلامة اللغة .
- في النّص حقلان دلاليان متضادّان . مثل لكلّ منهما بثلاث مفردات .
- حدّد القرائن اللّغوية التي ساهمت في تحقيق الاتساق في الفقرة الأولى من النّص .
- ما النّمط الّذي اعتمده الكاتب في بسط أفكاره ؟ أذكر مؤشرين له مع التمثيل .
- أعرب ما تحته خط إعراب مفردات و ما بين قوسين إعراب جمل .
- في العبارتين الآتيتين صورتان بيانيتان . اشرحهما ، مبيّنا نوعيهما و أثرهما البلاغي :
" حياة النّاس على وجه الأرض في تغيّر مستمر كتغيّر سطحها " و " دلّنا التّاريخ " .
- الحقلان الدلاليان المتضادان هما :
- حقل التجديد : ( التغيّر ، الحديث ، الجديد ، المتمدن ، تطورها ) .
- حقل القديم : ( البدوي ، بساطة ، القديم ، العادات و التقاليد ، المحافظون ) .
- القرائن اللغوية هي :
- الضمائر : كضمير الغائب " الهاء " في " شؤونه " ، الذي يعود على العالم ، و الضمير المستتر في " تكون " الذي يعود على " البراكين و الزلازل .... "
- أسماء الإشارة : " هذا ، ذلك " .
- حروف العطف : " الفاء ، الواو " .
- حروف الجر : " من ، إلى " .
- النمط الغالب الذي اعتمد في عرض أفكاره هو : النمط التفسيري و من مؤشراته :
- سيطرة الجمل الخبرية و نقل المعلومات بعيدا عن الانفعال العاطفي .
- سيطرة ضمير الغائب .
- التسلسل المنطقي للأفكار .
- التعرض إلى الأسباب و النتائج .
- الشرح و التفصيل عن طريق عقد المشابهات ، و ضرب الأمثلة " و هكذا الشأن ، و كذلك حياة النّاس ، ثم تنجلي هذه المعارك ، إمّا ، و إمّا " .
- استعمال حروف الاستدراك : " لكن ، بل " .
- الإعراب :
- المفردات :
الفترة : بدل من اسم الإشارة ، مجرور و علامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
إمّا : حرف تفصيل مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
- الجمل :
تسير : جملة فعلية في محل رفع خبر " أنّ " .
كان صالحا : صلة الموصول لا محل لها من الإعراب .
- الصورتان البيانيتان هما :
" حياة النّاس على وجه الأرض في تغيّر مستمر كتغير سطحها " : تشبيه ، حيث شبه تغير حياة النّاس بتغير سطح الأرض .
- بلاغته : توضيح المعنى و تقريبه إلى الذهن عن طريق المشابهة .
" دلّنا التاريخ " : استعارة مكنية ، ذكر المشبه ( التاريخ ) ، و حذف فيها المشبه به ( الإنسان ) ، و رمز إليه بلازمة من لوازمه ( دلّ ) على سبيل الاستعارة المكنية .
- بلاغتها : تجسيد المعنى و توضيحه في صورة محسوسة .
ساهم المقال في ازدهار النّهضة الأدبيّة و الفكريّة في العصر الحديث :
- عرّف بهذا الفنّ
- و اذكر ثلاثة من أشهر روّاده
- و أهمّ خصائصه مستندا إلى النّص .
- التعريف بفن المقال : هو عبارة عن بحث قصير يتناول موضوعا ما في مجال من مجالات الحياة .
- أشهر أعلامه : طه حسين ، الإبراهيمي ، ميخائيل نُعيْمة ، العقاد...
- خصائصه :
- الطول المحدود ( الإيجاز ) .
- سهولة الألفاظ و التراكيب .
- وحدة الموضوع .
- الاعتماد في إخراجه على منهجية واضحة ( مقدمة ، عرض ، خاتمة )
- التسلسل في عرض الأفكار و التعليل و التمثيل ...