النص :
في الكون أصوات ( لا تستوعبها أذن ) و لا يحصيها خيال فللكواكب في أفلاكها رنات و للتألم و الرياح في أجوائها هيمنات و للأمواج في بحارها زفير وللأشجار حفيف و للحشرات بأنواعها دبيب و طنين ثم هنالك الحيوان بأصواته و ثم للإنسان بأصواته و ما أكثرها يقول أشياء و أشياء و يهدف إلى أشياء و أشياء و لكنها في النهاية تندغم كلها في صوت واحد و هو صوت الكون الشامل فأين صوت الإنسانية من ذلك الصوت ؟ و هل للإنسانية صوت و هل لها هدف ؟ كنا حتى أمسنا القريب إذا تكلم أحد عن صوت الإنسانية حملنا كلامه على محمل المجاز ذلك لأن الأرض كانت مترامية الأطراف شاسعة الأبعاد و كان أبناؤها يعيشون قبائل و شعوبا منطوية على ذاتها لا تسمع غير أصواتها و غير القليل من أصوات جيرانها و لا تعرفغير أخبارها و أخبارهم ففي الماضي السحيق كانت القبائل و الشعوب تحسب حدودها و حدود الأرض أما اليوم فقد تصرمت الأبعاد و تدانت السياجات التي كانت تفصل الأمم بعضها عن بعض فإذا بالقصي يدنو، و بالمجهول يغدو معلوما و إذا بالأمم صغيرها و كبيرها و بعيدها و قريبها تتبادل التحيات والشتائم و البضائع و القنابل والسلام والدم و إذا بالإنسانية تشكو أوجاعا مشتركة و بصوت واحد تطلب العافية و السلام و الطمأنينة و إذن كانت القبائل و الشعوب تتعارف و تتنافر و تتصادق و تتعادى و لكنها كانت تعمل يدا واحدة على حفظ ذلك الجسم الإنساني من الهلاك و على الوصول به إلى ما هو عليه اليوم .ما شهد العالم في كل ما شهد سيلا جارفا من الكلام كالذي ( يشهد اليوم ) فهو ينهلعلينا بغير انقطاع من شفاء الأثير و يتفجر من دواليب المطابع و لا فرق من هذا القبيل بين غرب و شرق أو بين بلد كبير أو بلد صغير فالتيار واحد في كل مكان ما ذاك إلا لأن العالم صام زمانا عن الكلام فراح يعوض عن صيامه بالثرثرة فالعالم ما عرف الصمت يوما من أيام حياته و لكنه ما عرف كذلك مرحلة كثرت فيها الوسائل لنقل الكلام كالمرحلة التي هو فيها اليوم فالصحف اليومية و الأسبوعية و الشهرية أكثر من الهم على القلب و الكتب بجميع أصنافها تقفز من العدم إلى الوجود و محطات الإذاعة اللاسلكية لا تفتر تحشو الآذان بما قيل و ما يقال و أكثر الكلمات ترددا من غيرها : الحرب السلم و كأن البشرية إذا ما نالت السلم نالت المعرفة التي لا استقرار بدونها .
ميخائيل نعيمة
- فيم يتجلى صوت الإنسانية في وجهة نظر الكاتب ؟
- أشار الكاتب في نصه إلى مفهوم العولمة وآثارها الايجابية أين يظهر ذلك ؟ وضح .
- في النص ألفاظ مستوحاة من الطبيعة أذكر بعضها و هل لها علاقة بالاتجاه الأدبي
للكاتب ؟ علل .
- لخص النص .
- أعرب ما تحته خط إعراب مفردات و ما بين قوسين إعراب جمل .
- " أما اليوم فقد تصرمت الأبعاد و تداعت السياجات التي كانت تفصل الأمم بعضها عن بعض "
حول العبارة إلى المفرد
- " تداعت السياجات " . ما نوع الصور البيانية ؟ و ما بلاغتها ؟
الخيال عنصر أساسي في أي إنتاج أدبي إلى أي مدى توافر هذا العنصر في النص ؟
و ما أهميته ؟
- يتجلى الكاتب صوت الإنسانية في نظر الكاتب في كل نداء يحفظ كرامة الإنسان و يدعوه إلى السلم و الأمن .
- أشار الكاتب في نصه إلى مفهوم العولمة و إيجابياتها ، و يتجلى ذلك في حديثه عن اتحاد دول العالم في صوت واحد و هو المطالبة بالسلم و الطمأنينة .
- و من إيجابياتها أيضا التقارب بين الشعوب بعدما كانت متفرقة عبر أصقاع الأرض ، و من تم الصداقة و الأخوة بينها ، و العيش بسلام و أمن .
- في النص مجموعة من الألفاظ المستوحاة من الطبيعة منها : الكواكب ـ الرياح ـ النسائم ـ الأشجار ـ الحيوان ـ أجواء .... و هذا الحقل الدلالي له علاقة بالاتجاه الأدبي للكاتب و يتمثل في الرومانسية إذ من مبادئها الامتزاج بالطبيعة و اتخاذها وسيلة للتعبير عن الأفكار و العواطف و الأحاسيس .
- يراعي في التلخيص دلالة المضمون و سلامة اللغة
- الإعراب :
- إعراب المفردات :
في : حرف جر
الكون : اسم مجرور و علامة جره الكسرة
وشبه الجملة ( في الكون ) في محل رفع خبر مقدم
أصوات : مبتدأ مؤخر مرفوع و علامة رفعه الضمة
- إعراب الجمل :
( لا تستوعبها أذن ) : جملة فعلية في حل رفع صفة
( يشهده اليوم ) : جملة فعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب
- التحويل :
" أما اليوم فقد تصرم البعد ، و تداعى السياج الذي كان يفصل الأمم بعضها عن بعض "
- الصورة البيانية :
" تداعت السياجات " : كناية عن زوال الحدود المادية و المعنوية بين البشر ، و بلاغتها تتمثل في جعل المعنوي محسوسا .
الخيال شرط أساسي في أي إنتاج أدبي إذ أن الأديب يتوهم صلات بين أشياء ليس لها وجود ، ثم يقوم بتركيب صور تملك المشاعر كبعث الحياة في الجامد و استنظافه ، و هذا النص ، إذا حاول الكاتب أن يحلق بالقارئ في فضاءات رحبة كأن يجسد الإنسانية في شخص له صوت يشكو و يطالب ، و العالم بالإنسان صائم ، و الكلام يسيل جارف .