iMadrassa

فلسطين من تصفية الإستعمار التقليدي إلى الهيمنة الأحادية و التواطؤ الدولي

I القضية الفلسطينية قبل الحرب الثانية 1920 – 1939 (جذورها):

تعود جذور القضية الفلسطينية إلى تاريخ 29/08/1897م، عندما قررت الحركة الصهيونية العالمية في مؤتمرها الأول المنعقد بمدينة "بال" السويسرية بزعامة تيودور هيرتزل سنة 1897 إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين فراحت تبحث عن قوى دولية لرعاية المشروع فكانت بريطانيا التي لم تتوالى في وعد اليهود في 02/11/1917 حيث أصدرت الحكومة البريطانية وعد بلفور الذي ينص على تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين وفي نهاية الحرب العالمية فرضت بريطانيا حكما عسكريا على فلسطين وفي عام 1920 أصدر مؤتمر "سان ريمو" المنعقد بإيطاليا باسم عصبة الأمم قرار قرض الانتداب البريطاني على فلسطين وتكليفها بتنفيذ وعد بلفور وبهذا القرار أقامت بريطانيا حكومة مدنية بفلسطين هاربرت صامويل اليهودي البريطاني بهدف تهديد الشعب الفلسطيني.

1 تنفيذ السياسية البريطانية :

عملت الحكومة البريطانية على تنفيذ سياستها متعاونة مع الوكالة اليهودية وأنصار اليهود في عدة ميادين أهمها: 

الإدارة والحكم: حيث أسندت الوظائف الرئيسية لموظفين يهود  صهاينة في دوائر الصناعة،  التجارة، الآلية ... وحرمت عرب فلسطين من التمتع بحقوقهم السياسية والمدنية.

الهجرة: فتحت الحكومة البريطانية أبواب الهجرة لليهود فارتفع عددهم من 7% سنة 1918 إلى 33 % سنة 1948.

الأراضي: تمكن اليهود من الاستيلاء على الأراضي إذ سنت الحكومة البريطانية قوانين جائرة (قاسية) لتؤدي لتلك الغاية وقامت بطرد المزارعين العرب وتشجيع اليهود على شراء الأراضي من العرب فارتفعت أراضي اليهود من 2.5% سنة 1918 إلى 46% سنة 1948.

التسلح: سمحت بريطانيا لليهود بإنشاء تشكيلات عسكرية تحت ستار الأندية والمنظمات الرياضية والكشفية وازدادت المستعمرات اليهودية المزودة بالأسلحة ثم أنشأت حرس المستعمرات اليهودية المزودة بالأسلحة ومن هنا نشأ جيش الهافانا الذي تحول إلى الجيش اليهودي الرسمي سنة 1948.

الامتيازات: تتمثل في : 

تسخير خدمات من أجل الوطن القومي الصهيوني مثل قانون الأراضي قانون الهجرة قانون الجلسة وقانون النقد الفلسطيني.

منح الامتيازات للصهاينة في فلسطين مثل مشروع الكهرباء ومشروع البحر الميت.

في  1937 قدمت مشروع لتقسيم فلسطين إلى ثلاث مناطق، عربية ، يهودية ومنطقة تحت الانتداب.

هذه الإجراءات كلها من أجل تحضير اليهود لاستلام السلطة في فلسطين بعد انسحاب بريطانيا منها.

2 ردود فعل الفلسطينيين :

أمام هذه السياسة المنتهجة من طرف بريطانيا قام الفلسطينيون بالمقاومة منذ 1920م، وأخذ كفاح الفلسطينيين يتمحور حول الأهداف التالية: 1- رفض وعد بلفور وإلغائه 2- رفض الانتداب البريطاني، 3- استقلال فلسطين التام ضمن الوحدة العربية، 4- تشكيل حكومة وطنية من أبناء فلسطين ومن أهم الثورات التي قام بها الفلسطينيون.

أ ثورة 1929 :

 حيث اندلعت الاضطرابات في القدس حول مسالة المسجد الأقصى حين أدعى اليهود أن المسجد يقوم مكان هيكل سليمان وأرادوا شراء المنطقة المحيطة به لوجود حائط المبكى بها.

وكان سببها تفاقم أمر الهجرة اليهودية إلى فلسطين حيث بلغ عددها 62000 خلال 1935، وتعتبر هذه الثورة أعنف وأطول الثورات حيث دامت حوالي ثلاث سنوات مما اضطر بريطانيا إلى إصدار الكتاب الأبيض القاضي بتوقيف الهجرة اليهودية من جهة وتقديم مشروع لتقسيم فلسطين إلى ثلاث مناطق منطقة عربية، منطقة يهودية ومنطقة تحت الانتداب – لكن الشعب الفلسطيني رفض ذلك وواصل كفاحه حتى سنة 1939.

II انعكاسات الحرب العالمية الثانية على القضية الفلسطينية :

بعد الحرب العالمية الثانية بدأت القضية الفلسطينية تظهر كمشكلة معقدة للسباب التالية:

  1. وقوف اليهود إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية جعلهم يكسبون الخبرة والأسلحة.
  2. أصبح عدد اليهود أكثر من الفلسطينيين بسبب الهجرة.
  3. اكتساب اليهود لنوع من المعطف العالمي بسبب تعرضهم للتصفية والتعذيب على يد النازية خاصة العطف الغربي.
  4. مارس اليهود ضغط على الحكومة البريطانية منذ بداية الحرب العالمية Ii إلى 1947 بتنظيم عدد من الاضطرابات والمظاهرات وأعمال التخريب وشن هجومات مسلحة على القوات البريطانية من أجل إنشاء دولة يهودية في فلسطين.
  5. ازدادت القضية تعقيدا بتدخل الولايات المتحدة الأمريكية في شؤون الشرق الأوسط بعد حصولها على امتيازات بترولية في المنطقة فعملت الشركات الاحتكارية على الضغط على حكومتها للتدخل لتحقيق مشروع إنشاء دولة يهودية في فلسطين لتخدم مصالحها في المنطقة.
  6. تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في القضية بعد وفاة روزفلت بمساندتها للصهايلة وذلك في أوت 1945 وفي أفريل 1946 بنشرها في لندن تقرير لجنة أنجلو أمريكية، وكان محوره الأساسي الحفاظ بأي ثمن على النظام الاستعماري البريطاني في فلسطين وتعزيز مواقع الولايات المتحدة الأمريكية فيها.

ودخلت السياسة البريطانية في مأزق عام 1947 ولم يعد بوسعها أن تحكم فلسطين لضعفها أمام القضية ونتيجة أعمال العنف الإجرامية التي واصلها اليهود ضدها، اضطرت بريطانيا ‘لى طرح القضية على هيئة الأمم المتحدة للتخلص من المسؤولية وكان مصير القضية أمام هيئة الأمم المتحدة كما كان أمام عصبة الأمم عام 1937، لأن رغبة الدول الكبرى هو إنشاء الدولة الصهيونية.

مناقشة القضية الفلسطينية من طرف الجمعية العامة للهيئة في دور استثنائية في ماي 1947، وفي دورتها الثانية في نوفمبر 1947، وفي دورة استثنائية أخرى في أفريل 1948، لكن عملت كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية على تشويش القضية وتعقيدها بغية الحفاظ على موقعها وتوسيع نفوذها فيها فقررت الأمم المتحدة يوم 29/11/1947 إصدار قرار 181 وقد صادقت 33 دولة على هذا القرار مثل الاتحاد السوفياتي للولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، الصين، فرنسا ضد 13 صوت والقاضي بتقسيم فلسطين إلى :

دولة عربية وتشمل قطاع غزة والضفة الغربية (الحدود الأردنية)، دولة صهيونية وتشمل تل أبيب بين الضفة وقطاع غزة (55 % من فلسطين).

إبقاء القدس منطقة دولية تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة، إنهاء الانتداب البريطاني بعد سنتين.

III قيام دولة إسرائيل الصهيونية والمواقف الدولية وردود الأفعال العربية (1948 - 1965) :

فشل سياسة بريطانيا في حكم فلسطين بعد تسلم الصهاينة الحكم في فلسطين وبعد إسناد القضية للأمم المتحدة أعلنت بريطانيا انسحابها من فلسطين في يوم 14 ماي 1948، معلن إلغائها للانتداب بعد أن هيأت للصهاينة الظروف ومكنتهم من تكوين دولتهم في 15 ماي 1948، أعلن اليهود عن قيام دولتهم الإسرائيلية.

1 المواقف الدولية من قيام دولة إسرائيل:

بإعلان اليهود عن قيام دولتهم الإسرائيلية اعترفت بها الدول الكبرى مثل:

بريطانيا:  اعترفت مبكرا بدولة إسرائيل للسباب التالية:

وفاؤها لوعودها بإنشاء وطن قومي لليهود، ضغوط اللوبي اليهودي في الدوائر السياسية والاقتصادية والإعلامية البريطانية، التخلص من مستعمراتها بطرق مختلفة بعد أن أضفتها الحرب العالمي الثانية.

فرنسا: التخلص من الضغوط الصهيونية في الدوائر المالية والإعلامية، تقليد حلفائها في مواقفهم باعتبارهم الذين حرروها من النازية.

الاتحاد السوفياتي: يبدو موقفه غريب بسبب الاختلاف الإديولوجي بينه وبين القوى الغربية وهذا الاعتراف هو محاولة سوفياتية لإيجاد موطن قدم في المنطقة لكي لا ينفرد الغرب منها.

أن الأرض التي أنشأت فيها إسرائيل ليست بعيدة عن الاتحاد السوفياتي وتطل على البحر المتوسط وقريبة من منابع البترول ومن قناة السويس.

مصالحه اقتضت منه ضرورة الاعتراف بإسرائيل ليجعل منها دولة اشتراكية موالية له في المنطقة وبعد فشله في ذلك أصبح يميل إلى الأنظمة العربية.

الولايات المتحدة الأمريكية: اعترفت مبكرا بإسرائيل بسبب مصالحها الإستراتيجية الاقتصادية في المنطقة.

بسبب تعاطف رئيسها هاري ترومان مع اليهود، بسبب ضغط اللوبي اليهودي المالي والإعلام على السياسة الخارجية الأمريكية .

المحافظة على مصالحها البترولية في المنطقة.

وعملت الولايات المتحدة الأمريكية على هذه الدولة وجعلها تسير تحت سيطرتها وحولتها إلى منطقة دائمة التوتر في الشرق الأوسط.

أما الفلسطينيون فقد أعلنوا الثورة على هذه الدولة الدخيلة.

2 ردود الأفعال العربية 1948 – 1965 :

رغم أن معظم الدول العربية في تلك الفترة كانت خاضعة للنفوذ الأجنبي وبعضها حديثة الاستقلال والأخرى خاضعة للأنظمة الفاسدة فقد كان لها رد فعل عنيف تمثل في :

الحرب العربية الإسرائيلية الأول 1948: شارك فيها إلى جانب الفلسطينيين متطوعون عن الأقطار العربية وبعض الجيوش لعربية من مصر، العراق، الأردن وسوريا بحوالي 40 ألف جندي وكانت المرحلة الأولى لصالح القوات العربية من 15 ماي إلى 10 جوان مما دفع مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار لوقف العمليات الحربية تحت ضغط بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وأعلنت الهدنة في 11/06/1948 م، والتي دامت شهرا واحدا.

وبعد استرجاع الصهاينة لقواتهم بجلب أسلحة حديثة استأنفت الحرب في 19/07/1948، وهذه الجولة انهزم العرب هزيمة كبرى وضاعت فلسطين من يديهم نتيجة وبسبب ما يلي :

  • نقص الاستعداد، إرسال جيوش غير مدربة بالإضافة إلى نقص الأسلحة وقدمها.
  • تواطؤ الأنظمة العربية الرجعية مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا مثل:  
  • انسحاب القوات المصرية بعد صفقة الأسلحة الفاسدة.
  • توقف الجيوش العربية عن توقيع الهدنة الأولى.

نتائج هذه الحرب: توقيع هدنة بجزيرة رودس سنة 1949، والتي انتهت باتفاقيات الهدنة بين كل من مصر والأردن ولبنان وسوريا وإسرائيل والتي لم تلتزم بها إسرائيل حيث واصلت توسعاتها العسكرية حتى استولت على صحراء النقب وخليج العقبة، وما يلاحظ أن الأمم المتحدة لم تتدخل لفرض الهدنة عند انتصار إسرائيل أو احترامها، وبهذه المعاهدة توقف الكفاح الفلسطيني حتى سنة 1965 للأسباب التالية:

  1. القضاء على دولة فلسطين باحتلال الصهاينة 77% من الأراضي الفلسطينية.
  2. إلحاق الضفة العربية للأردن ومنع انطلاق المقاومة الفلسطينية منها.
  3. الهجرة الجماعية لآلاف الفلسطينيين إلى البلدان العربية نتيجة الطرد أو الاضطهاد ديار ياسين في 29/04/1949 (جوالي 600 ألف فلسطيني) ومذبحة كفر قاسم في 29/10/1956 مما ساعد الصهاينة على تعميرها باليهود.
  4. عدم وجود إستراتيجية واضحة للتحرر واكتفاء الدول المجاورة لإسرائيل بتطبيق إستراتيجية عسكرية دفاعية.
  5. سياسة الهدن التي أنتجتها الأنظمة العربية الرجعية والتي أرغمت عناصر جيش الإنقاد على تسليم أسلحتهم.

العدوان الثلاثي على مصر:  بعد ثورة جويلية 1952 اشتدت المقاومة العربية للوجود الصهيوني في فلسطين بقيادة مصر، وعليه كان لابد من القيام بعمليات عسكرية ضد مصر وقد شارك في هذا العدوان كل من فرنسا، بريطانيا وإسرائيل وذلك في 29 أكتوبر 1956 ولكل دولة أسبابها:

  • بريطانيا تريد الانتقام من مصر بعد تأميم جمال عبد الناصر لقناة السويس.
  • فرنسا تعدت على جمال عبد الناصر لمساندته الثورة الجزائرية حتى لا يقدم لها المساعدات.
  • إسرائيل تريد تحقيق مشروعها التوسعي.

إلا أن مجلس الأمن تدخل بقراره لتوقيف القتال وتهديد الاتحاد السوفياتي للدول الثلاث بقنبلة  عواصمها.

IV اندلاع الثورة الفلسطينية وتطور النضال الفلسطيني (1965-1973) :
1 الحرب العربية الإسرائيلية الثانية :

اندلعت الثورة الفلسطينية بعد تأسيس التنظيمين السياسي والعسكري والفلسطيني وهما منظمة التحرير الفلسطينية وجيش التحرير الفلسطيني في 28 ماي 1964 في القمة العربية بالقاهرة حتى يتحكم الفلسطينيون في قضيتهم بأنفسهم نتيجة تفريط الحكام العرب في تحرير فلسطين.

لقد نفذت منظمة التحرير الفلسطينية أول عملية فدائية ضد الأهداف الإسرائيلية في 01/01/1965 وبدأت الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة الفلسطينيين لكنها كانت مدعمة بطريقة الثورة في المكاسب التي حققتها.

  • نبذ الإتكالية على الأنظمة العربية والاعتماد على الذات وتحول الفلسطيني من لاجئ إلى فدائي.
  • فقدان الثقة في الأنظمة العربية بعد التجربة المريرة والمواقف الإنهزامية المتكررة.
  • تحقيق انتصارات عسكرية وسياسية وإعادة طرح القضية بمنظور جديد.
2 الحرب العربة الإسرائيلية الثالثة (حرب الستة أيام : جوان 1967):
أ ظروفها وأسبابها :
  1. بروز أنظمة تقدمية عربية خاصة في مصر والتي كانت تدعو إلى تحرير فلسطين والقضاء على الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين بالقوة.
  2. دعم الدول العربية للثورة الفلسطينية عسكريا وماديا وسياسيا منذ 1965 ومن مظاهر هذا الدعم جعل الأراضي العربية المجاورة قاعدة خلفية للعمليات الفدائية الفلسطينية داخل إسرائيل. 
ب وقائعها :

بدأت الحرب يوم 05/06/1967 بغارات جوية إسرائيلية مباغتة على المطارات المصرية، حيث قضت على سلاح الجو المصري على الأرض (حوالي 312 طائرة مدمرة) ثم اشتعلت الحرب على الجبهات الثلاثة المصري، الأردنية والسورية، وكانت المواجهة بين 275000 إسرائيلي و 140000 عربي فقط، وكان سلاح الجو الإسرائيلي سيد الميدان بعد تحطيم سلاح الجو المصري، الأمر الذي عجل بالهزيمة العربية بعد 06 أيام، حيث انتهت يوم 10/06/67 بغزو إسرائيل لمدينة القدس القديمة وقطاع غزة وصحراء سيناء المصرية والضفة الغربية الأردنية ومرتفعات الجولات السورية.

ت نتائجها :
  1. خسائر مادية وبشرية كبيرة تكبدها العرب  فمصر وحدها خسرت حوالي 12300 شخص و312 طائرة و 783 دبابة ومدفع اقتحام.
  2. احتلال إسرائيل لأراضي عربية جديدة كمدينة القدس وقطاع غزة وصحراء سيناء والضفة الغربية ومرتفعات الجولات السورية، حيث توسعت رقعة إسرائيل من 20800كم² عام 1949 إلى 102400كم² بعد حرب جوان 1967.
  3. إصدار مجلس الأمن للقرار 242 بتاريخ 22/11/1967 والذي دعا إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في هذه الحرب لكن إسرائيل ضربت بهذا القرار عرض الحائط حيث بقيت محتلة للأراضي العربية مما جعل هذا القرار رمزيا وغير ملزم.
  4. أدى العدوان الإسرائيلي في عام 1967 إلى تفاقم المشكلات في المنطقة فقبل جوان 1967 كان الصراع العربي الإسرائيلي يدور أساس حول شرعية دولة إسرائيل في المنطقة بعد طرد السكان الأصليين منها، ولكن بعد جوان 1967 ظهرت مشاكل جديدة منها احتلال أراضي عربية جديدة وتفاقم مشكلة اللاجئين (كمحور للصراع).
  5. بسبب العجز العربي وتهاون المجتمع الدولي أمام العدوان الإسرائيلي اشتدت المقاومة الفلسطينية كمعركة الكرامة سنة 1968 ونشاط العمليات الفدائية في داخل إسرائيل انطلاقا من الأراضي العربية المجاورة خاصة الأردن فقد شهد عام 1969 تأسيس المجلس الوطني الفلسطيني (الهيئة التشريعية لحركة فتح) غيرا أن السلطات الأردنية منعت النشاط الفدائي الفلسطيني المنطلق من أراضيها وأقدمت في شهر سبتمبر 1970 على قتل ما يزيد عن 3340 فدائي فلسطيني عرف ذلك بسبتمبر (أيلول) الأسود.

اضطرت فصائل المقاومة الفلسطينية بعد مجازر أيلول السود إلى الانسحاب من الأردن في اتجاه لبنان في 1971 وأصبح مقر حركة فتح في بيروت عاصمة لبنان.

3 الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة 1973 (حرب أكتوبر – حرب رمضان) :
أ ظروفها وأسبابها :
  • الرغبة العربية في الانتقام ومحو نكسة حرب 1967.
  • محاولة تحرير الأراضي العربي المحتلة أثر حرب 1967.
  • استعادة مصر لقدراتها العسكرية ودخولها فيما عرف بحرب الاستنزاف ضد إسرائيل (1968 - 1973).
ب وقائعها :

بدأت هذه الحرب في 06/10/1973 (10 رمضان 1293هـ) بهجومات قامت بها القوات المصرية والسورية والمقاومة الفلسطينية مدعمة بوحدات من الجيوش العربية منها الجزائر على مواقع القوات الإسرائيلية التي تلقت هزيمة عسكرية حيث تم اختراق الخط الدفاعي الإسرائيلي (خط بارليف) المقام على طول قناة السويس وتعزز هذا التفوق العسكري العربي بإصدار الدول العربية البترولية لقرار منع تصدير النفط للدول الغربية (أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية) المساندة لإسرائيل يوم 15/10/1973، التحرك الدبلوماسي الواسع للدول العربية دفع الدول الإفريقية إلى قطع علاقاتها مع إسرائيل الرافضة لقرار مجلس الأمن رقم 242 لعام 1967 والقاضي بانسحابها من الدول العربية المحتلة بعد حرب 1967.

وأمام هذا التفوق العربي في الحرب وتهديد وجود إسرائيل تدخلن الأمم المتحدة بحيث أصدر مجلس الأمن (تحت ضغط الولايات المتحدة الأمريكية)  القرار 38 يوم 22/10/1973 والذي دعا إلى وقف إطلاق النار والبدء في تطبيق بنود القرار 242 لعام 1967 والشروع في محادثات بين الأطراف المتحاورة لإقامة سلام في المنطقة وفعلا القتال نهائيا يوم 25 أكتوبر 1973م.

ت نتائجها :
  1. هزيمة عسكرية جديدة إذ بقيت إسرائيل مسيطرة على الأراضي التي احتلتها عام 1967.
  2. انتصار سياسي لقضية الشعب الفلسطيني حيث تحولت من قضية لاجئين إلى قضية تحرر وطني، وأعطيت منظمة التحرير الفلسطينية صفة ملاحظ داخل هيئة الأمم المتحدة ففي سبتمبر 1974 تقدمت 55 دولة يطلب إدراج القضية الفلسطينية في أشغال الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة التي وافقت في 24 أكتوبر بأغلبية الأصوات 105 صوت ضد 04 أصوات (إسرائيل، الولايات المتحدة الأمريكية،بوليفيا، الدومينيكان) على اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ودعوتها إلى نيويورك يوم 13 نوفمبر 1974 بعد غياب استمر 27 سنة.
V انعكاسات حرب 1973 على المقاومة العربية والنضال الفلسطيني :
  • اعتراف الأمم المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني واعترافها بحقه في تقرير المصير والسيادة والاستقلال عام 1974.
  • انتقال المقاومة الفلسطينية إلى لبنان وقوع الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990) بسبب الخلاف بين المسيحيين الممثلين في حزب الكتائب اللبناني والمعارضين للتواجد الفلسطيني في لبنان والقوى الإسلامية واليسارية المؤيدة له وكذلك التناقض والصراع الطائفي العقائدي، أدى كل ذلك إلى تحول الجيش اللبناني إلى ميليشيات تابعة للأحزاب والطوائف، الذي كان وراء الأزمة اللبنانية هو حزب الكتائب (المسيحي) عندما شرع في أعماله الدموية العلنية ضد الفلسطينيين ولمسلمين اللبنانيين انطلاقا من بيروت الغربية في 13/04/1975 ولم تنته هذه الحرب إلا عام 1990 بعد تدخل الدول العربية بإبرام اتفاق الطائف بالعربية السعودية والذي فرض الهدنة على الأطراف المتقاتلة في لبنان عام 1989م.
  • تشتت الصف العربي فاتجهت مصر إلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بدءا بزيارة الرئيس المصري "محمد أنور السادات" إلى القدس يوم 19/11/1977.
  • انتهاءا بتوقيع معاهدة "كامب دافيد" يوم 17/09/1978، بين الرئيس المصري أنور السادات ورئيس وزراء إسرائيل " مناحيم بيغن "برعاية الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر" تضمنت هذه الاتفاقية انسحاب إسرائيل من شبه جزيرة سيناء مقابل اعتراف مصر بإسرائيل وهو ما عمق الانشقاق العربي وتغيير مقر جامعة الدول العربية من القاهرة إلى تونس.
  • تكثيف العمليات الفدائية الفلسطينية انطلاقا من جنوب لبنان في الفترة ما بين (1978-1982)   وهو ما أدى إلى غزو إسرائيل لجنوب لبنان بقيادة "أربيل شارون" في مارس 1978 ودعمها للعميل اللبناني سعد حداد الذي بالشريط الحدودي كعميل لإسرائيل ثم غزو إسرائيل لباقي  لبنان حتى العاصمة بيروت تصفية المقاومة الفلسطينية في 06 جوان 1982.
  • بعد اشتداد المعركة في بيروت بين القوات الإسرائيلية والقوات اللبنانية التي تدعمها سوريا والقوات الفلسطينية وافقت لبنان على انسحاب فصائل المقاومة الفلسطينية تحت إشراف قوات الأمم المتحدة يوم 03/09/1982 كان عددها 1500 فدائي ونقلت منظمة التحرير الفلسطينية مقر قيادتها من بيروت إلى تونس.
  • أقدمت القوات الإسرائيلية بزعامة أربيل شارون والميليشيات الكتائبية الموالية لها أيام 16 و 17 و 18 سبتمبر 1982 على مجازر انتقامية في صفوف المدنيين الفلسطينيين في مخيمي اللاجئين بصبرا وشاتيلا راح ضحيتها 2000 فلسطيني حسب المصادر الفلسطينية ولم تنسحب إسرائيل من لبنان حتى بداية 1985.
1 ظهور مشاريع التسوية الدولية للقضية الفلسطينية :

أمام تعقد القضية وعجز الأمم المتحدة على حلها ظهرت عدة مشاريع لتسوية القضية الفلسطينية سياسيا كمشروع الرئيس الأمريكي رونالد ريغان المقترح في 01/09/1982 ويتضمن ما  يلي :

  1. إقامة حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية.
  2. عدم تأييد قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة والقطاع.
  3. بقاء القدس موحدة وأن مصيره بعدد بالمفاوضات.

وهناك المشروع العربي الذي يعرف بمشروع فاس (بالمغرب الأقصى) والمقترح في 09/09/1982 وينص على :

  1. انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة سنة 1967.
  2. حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وممارسة حقوقه الوطنية الثانية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
  3. وضع الضفة الغربية وقطاع غزة تحت الإشراف الأممي لمدة لا تزيد عن بضعة أشهر.
  4. قيام الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس.

إلا أن هذه المشاريع لم تر النور بسبب تصلب الأطراف العربية والإسرائيلية وأمام هذا الوضع استعاد الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة المبادرة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي فكانت الانتفاضة المباركة عام 1987.

2 الانتفاضة الفلسطينية ونتائجها :

في 07/12/1987 انطلقت الانتفاضة المباركة في قطاع غزة ثم شملت كل الأراضي الفلسطينية في أشكال متعددة لمواجهة المحتل الإسرائيلي كالمظاهرات والإضرابات اليومية ومقاطعة السلع الإسرائيلية مما أذهل وأربك العدو الإسرائيلي وفتح أعين العالم عن حقيقة الوضع في فلسطين وقد هدفت هذه الانتفاضة إلى :

  1. نقل الحركة الوطنية الفلسطينية من الخارج إلى الداخل بعدما كانت في مرحلة أولى في الأردن ثم لبنان في مرحلة ثانية.
  2. تحرير المبادرة الفلسطينية من القيد العربي.
3 نتائج وانعكاسات الانتفاضة :
  1. أبرزت شموخ الشعب الفلسطينية بأنه شعب واحد وموحد في ثورته.
  2. أوضحت للرأي العام العالمي الحقيقة العدوانية الفاشية للكيان الصهيوني.
  3. أبرزت حدود التأييد والتعاطف العالمي مع هذه القضية النبيلة، حتى في قلب أمريكا والدول الغربية الأخرى.
  4. منذ اندلاع الانتفاضة في ديسمبر 1987 حتى 31/01/1990 استشهد 721 من فلسطينيين واعتقل الآلاف منهم منهم ودمرت المئات من البيوت.
  5. كلفت الانتفاضة إسرائيل في نفس الفترة حوالي 88.4 مليون فرنك فرنسي واضطرت إسرائيل إلى استدعاء قواتها الاحتياطية وتراجعت السياحة بها بنسبة 30% بالإضافة إلى زعزعة الأمن الإسرائيلي.
  6. عودة المقاومة بقوة إلى عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1948.
  7. إعلان منظمة التحرير الفلسطينية عن إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة يوم 15/11/1988 بالجزائر (قصر الأمم) والتي كانت أول الدول المعترفة بها نتج عنه اعتراف فلسطين بقرار 242 و 338 الصادران عن مجلس الأمن.
  8. تأثير الانتفاضة الكبير على إسرائيل عسكريا واقتصاديا وسياسيا حيث تراجعت عائداتها المالية وتقلص وتيرة نموها الاقتصادي وإدانة الرأي العام العالمي للأعمال والممارسات القمعية الصهيونية.
  9. وبفعل هذه النتائج التي عرفتها الانتفاضة عرفت القضية الفلسطينية دورا جديدا تمثل في بداية المفاوضات الإسرائيلية العربية.
VI التطورات الأخيرة بعد 1990 واتفاقية الحكم الذاتي – غزة أريحا :

في أوت 1990 اندلاع حرب الخليج الثانية بالاجتياح العراقي للكويت وقصفه الصاروخي لتل أبيب وقيام التحالف الأمريكي الأوروبي باسم الأمم المتحدة لتحطيم القدرات العسكرية للعراق وإجباره على الانسحاب من الكويت وفرض الحصار والتفتيش على منشأته العسكرية والاقتصادية.

هذه الأحداث كانت لها آثار كبيرة على سير القضية الفلسطينية نتيجة التعاطف العراقي مع الفلسطينيين تحرك المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا لإيجاد للقضية الفلسطينية في بداية 1990 وتهدف هذه المبادرة إلى :

  1. إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وتطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل.
  2. إيجاد تسوية دولية للمشكلة الفلسطينية وفق التصور الأمريكي والصهيوني.

وبدأت المفاوضات السياسية بين ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في أوسلو  النرويجية في بداية 1990 ثم بعقد مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط في العاصمة الاسبانية مدريد يوم 30/10/1991 بحضور الدول الأوروبية وإسرائيل والدول العربية المجاورة لها (مصر، الأردن ، سوريا ولبنان) إضافة إلى ممثلي فلسطيني الداخل ولم تتفق الأطراف الحاضرة حول الحل النهائي لتمسك العرب بمبدأ الأرض مقابل السلام اي ضرورة انسحاب إسرائيل من الدول العربية المحتلة عام 1967 وعام 1982 (الضفة الغربية ، مرتفعات الجولاتن، جنوب لبنان).

في أوت 1993 نشرت معلومات حول مفاوضات ولقاءات سرية عديدة ماراطونية تمت بين الفلسطينيين والإسرائيليين في أوسلو عاصمة النرويج، انتهت باتفاقية الحكم الذاتي.

1 اتفاقية الحكم الذاتي 1993 (اتفاقية غزة - أريحا) :

عقد اجتماع بواشنطن يوم 13 سبتمبر 1993 تم فيه التوقيع على اتفاق للحكم الذاتي في قطاع غزة وأريحا بين منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات (أبو عمار) وإسرائيل بزعامة رئيس وزرائها إسحاق رابين وبرعاية الرئيس الأمريكي بل كلينتون.

وفي جويلية 1994 القيادة السياسية الفلسطينية تدخل إلى غزة وأريحا ليلتحق بها الرئيس ياسر عرفات في أكتوبر 1994 وتبلغ نسبة أراضي الحكم الذاتي التي تنازلت عنها إسرائيل 02%.

في 28 سبتمبر 1995 وقع الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي على اتفاقية لتوسيع الحكم الذاتي إلى الضفة الغربية لكن التعنت والتماطل لا زالا يحولان دون التطبيق الكامل للاتفاقية، وما اتفاق غزة أريحا إلا لكسب الوقت وإبعاد العرب عن جوهر القضية في المشرق العربي

وبسبب زيادة الإرهابي أربيل شارون إلى القدس وتدنيسه لحرم المسجد الأقصى وقبة الصخرة وإعلانه عن مخططه القاضي يجعل مدينة القدس عاصمة إسرائيل واستعداد الولايات المتحدة الأمريكية لتحويل مقر سفارتها من تل أبيب إلى القدس مما تسبب في انفجار الوضع وانطلاق أحداث الانتفاضة من جديد بفلسطين بداية من شهر أكتوبر 2000، الأمر الذي أدى إلى عودة المواجهات العنيفة بين قوات الجيش الإسرائيلي والمتظاهرين الفلسطينيين وتسبب ذلك في وقوع ضحايا في صفوف الفلسطينيين على إثر قيام إسرائيل بنشر قواتها في أراضي الحكم الذاتي واستمرارها في ممارستها القميعة ضد الفلسطينيين المدنيين وبالتالي تبخر أحلام مشروع الحكم الذاتي رغم تدخل المجتمع الدولي.


قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.