العمــل المسلــــح ورد فعـــل الاستعمـــار
لقد كان الاستعمار الفرنسي شرسا وهمجيا في جرائمه وكان الشعب الجزائري عظيما في تضحياته وسوف تزداد هذه التضحيات في ثورة نوفمبر المجيدة التي جسدت عبقرية الشعب الجزائري في تحقيق النصر والاستقلال، فكيف تم ذلك؟
بعد اشتداد أزمة M.T.L.D (حركة انتصار الحريات الديمقراطية) وانقسام الحزب إلى مصاليين ومركزيين، ظهرت جماعة ثالثة محايدة وهم شباب ثوري متحمس للعمل المسلح، أعضاء سابقون في L’O.S (المنظمة الخاصة) والذين حاولوا إيقاف الخلاف بين الجماعتين المتخاصمتين لكنهم فشلوا فقرروا الإسراع في الإعداد للكفاح المسلح وقاموا بتشكيل اللجنة الثورية للوحدة والعمل في 23 مارس 1954، برئاسة محمد بوضياف التي سعت إلى عقد اجتماع الـ 22 في المدنية (SALEMBIER) يوم 23 جوان 1954، وتناول الاجتماع أزمة الحزب (حركة الانتصار) التي لم يوجد لها حل بسبب تعنت المصاليين والمركزيين كما ناقش الاجتماع مسألة العمل المسلح وقضية السلاح...
انبثقت عن الاجتماع مجموعات هامة لكن تبقى الأهم والتي ستحدد مصير الجزائر هي مجموعة الستة وهم : مصطفى بن بولعيد – العربي بن مهيدي – كريم بلقاسم- ديدوش مراد – رابح بيطاط – محمد بوضياف والذين سيجتمعون في الرايس حميدو (la pointe سابقا) ويقررون تقسيم الجزائر إلى 05 مناطق وبحث مسألة اختيار موعد الثورة التحررية، وأسند الاجتماع المناطق الخمسة إلى قادتها وهي :
قائدها مصطفى بن بولعيد ونائبه بشير شيحاني
قائدها ديدوش مراد ونائبه زيغود يوسف.
قائدها كريم بلقاسم ونائبه أعمر أوعمران.
قائدها رابح بيطاط ونائبه بوجمعة سويداني.
قائدها محمد العربي بن مهيدي ونائبه بن عبد المالك رمضان.
أما محمد بوضياف فقد أوكلت له مهمة إذاعة بيان أول نوفمبر في الإذاعة المصرية (صوت العرب)، هذا البيان الذي اشترك معه في كتابته ديدوش مراد ووُجه للشعب الجزائري
وفي الاجتماع الموالي لمجموعة الستة (06) في نفس البيت في الرايس حميدو (la pointe) يوم 23 أكتوبر 1954 والذي يسمى بـ (اجتماع الحسم) اتفق الستة على : إعطاء اسم جبهة التحرير الوطني F.L.N، للحركة الجديدة وتنظيمها العسكري جيش التحرير الوطني A.L.N، تحديد يوم انطلاق العمل المسلح بيوم الإثنيــن01 نوفمبر 1954 على الساعة الصفر (منتصف الليل) مع تحديد الأهداف المعنية بالهجوم والاتفاق على كلمة السر لاستخدامها بين المجاهدين عند اندلاع الثورة وكانت (خالد عقبة) كما تمت المصادقة على محتوى وثيقة بيان أول نوفمبر 1954 الذي وجه للشعب الجزائري وقام بكتابته كل من ديدوش مراد ومحمد بوضياف والذي سوف يذاع من الإذاعة المصرية (صوت العرب) هذا البيان الذي يعتبر أول وثيقة رسمية للثورة والذي حدد أهدافها وأكد على إعادة بناء الدولة الجزائرية ضمن المبادئ الإسلامية واحترام جميع الحريات الأساسية إلى غيرها من النقاط الهامة المذكورة في البيان.
نفذت مجموعة 06 ما اتفقت عليه واندلعت الثورة يوم الاثنين 01 نوفمبر 1954 على الساعة الصفر (00.00) بالهجوم الذي قام به حوالي 1500 مجاهد على ثلاثون (30) موقعا في المناطق الخمسة مثل الثكنات ومخازن المستوطنين ومراكز الدرك والشرطة وإتلاف خطوط الكهرباء والهاتف...
وسرعان ما بدأ رد الفعل الفرنسي باعتقال أبرز أعضاء حركة الانتصار في 02 نوفمبر 1954 وحل (توقيف) الحزب في 05 نوفمبر 1954، وبدأت فرنسا باستخدام سلاح الطيران على منطقتي الأوراس والقبائل ظنا منها أن الثورة موجودة في هاتين المنطقتين فقط.
كما عملت الصحافة الفرنسية على تشويه الثورة من خلال تصريحات السياسيين الفرنسيين، هذه التصريحات التي نقلتها الجرائد الفرنسية خاصة ما ذكره فرانسوا متيران François mitterand، وزير الداخلية آنذاك وتصريح رئيس الحكومة "بيار منداس فرانس – Pierre Mendes France" الذي وصف الثورة بأنها عمليات عصيان وتمرد قامت بها مجموعة من العصابات وبأنها مؤامرة شيوعية (ربط الثورة بالحرب الباردة) وبأنها من تدبير وتحريض الحكومة المصرية (جمال عبد الناصر).
أما حزب حركة الانتصار فقد رفض المصاليين الثورة وعارضها مصالي الحاج الذي شكل الحركة الوطنية الجزائرية M.N.A، وبقي على موقفه الرافض غلى غاية الاستقلال أما المركزيين فأيدوا الثورة وأصبح معظمهم مناضلين فيها مثل "بن يوسف بن خدة" و "سعد دحلب" و "عبد الحميد مهري" "الطيب بولحروف".
فرحات عباس بحزبه "الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري U.D.M.A " فقد صرح بأن موقفه ما زال كما هو وأنه لا يتبنى العنف كطريق للاستقلال.
رحبت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بالثورة وأيدتها على لسان قائدها "البشير الابراهيمي".
أما الشعب الجزائري (الجماهير) فقد اختلط عليه الأمر في ذلك اليوم ولم يتمكن من تفسير تلك الأخبار، هل هي ثورة حقيقية أم حوادث شغب؟ هل هي تشبه 08 ماي 1945؟ لكنه سرعان ما اقتنع بها واحتضنها وقدم لها الدعم والتحق بصفوفها خاصة بعد إذاعة بيان أو نوفمبر.
عربيا تفاجأت الدول العربية في بادئ الأمر من الثورة الجزائرية ثم اقتنعت بها وقدمت لها المساعدات المعنوية والمادية خاصة مصر إذ كانت (القاهرة) أول عاصمة أذاعت بيان أول نوفمبر، دوليا لم يولي المعسكر الرأسمالي اية أهمية للثورة واعتبرها قضية داخلية خاصة بفرنسا كما وصفها بأعمال شغب أما دول المعسكر الشرقي فقد حاولت مساندة الثورة ودعمها ديبلوماسيا.
ومعناها توعية الشعب وإقناعه للالتحاق بالثورة وتقديم الدعم لها وقد استخدمت جبهة التحرير كل الوسائل لتنفيذ هذا الأمر تطبيقا لمقولة العربي بن مهيدي "القوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب" وقد ركزت على وسائل الإعلام أهمها: إذاعة بيان أول نوفمبر 54 من إذاعة القاهرة (صوت العرب) وتوزيع المناشير، إلقاء الخطب (خطب التوعية) والاعتماد على الكتابات الحائطية مثل: تحيا الجزائر، Vive F.L.N، كما قامت الجبهة بإصدار الجرائد أهمها جريدة "المجاهد" باللغتين العربية والفرنسية بدأت تصدر من العاصمة ثم انتقلت إلى المغرب وتونس هروبا من التضييق الفرنسي بدون أن ننسى البث الإذاعي خاصة الإذاعة المصرية التي خصصت للجزائر برامج أسبوعية بالإضافة إلى الإذاعة التونسية كما كانت هناك إذاعة سرية في الحدود المغربية والتي اشتهرت لدى الشعب بجملة هنا إذاعة الجزائر المكافحة.
وتسمى بانتفاضة 20 أوت والتي كانت على الشمال القسنطيني خاصة الشريط الممتد بين سكيكدة، القل وقسنطينة بقيادة زيغود يوسف قائد المنطقة الثانية بعد استشهاد ديدوش مراد في 18 جانفي 1955، وكان زيغود صاحب فكرة الهجومات وخطط لها لعدة أسباب وفي نفس الوقت تعتبر أهداف أهمها:
- مضاعفة عدد مراكز التوتر في أماكن كثيرة من المنطقة الثانية ليرفع الحصار المضروب على الأوراس والقبائل التي كانت تعاني من عمليات التمشيط المبكرة
- نقل الحرب الساخنة من الجبال والأرياف إلى المدن ليتأكد الاستعمار أن الثورة في كل مكان
- تشتيت قواته وتحديها بتنفيذ الهجومات في منتصف النهار،
- إبراز البعد المغاربي للثورة لأن تاريخ الهجومات يصادف الذكرى الثانية لنفي الملك محمد الخامس في (20 أوت 1953)
كما كانت الهجومات ردا واضحا على إصلاحات الوالي العام "جاك سوستيل" في جانفي 1955 وأراد زيغود يوسف أن يقطع الطريق أمام الذين لا يزالون يترددون في الالتحاق بالثورة، وكذلك الانتقام لاستشهاد "ديدوش مراد" واعتقال "مصطفى بن بولعيد" و" رابح بيطاط" في بداية سنة 1955.
من نتائج هجومات الشمال القسنطيني: استقطاب (جذب) الثورة للأحزاب والجمعيات والأفراد بعدما أزالت الشكوك والتردد وكلها بادرت بالانضمام إلى صفوف جبهة التحرير وجيش التحرير كما حققت الهجومات أكبر هدف لها وهو تخفيف الحصار عن منطقتي الأوراس والقبائل كما أكدت قوة الثورة وشموليتها بالرغم من استشهاد آلاف الجزائريين الذين قامت فرنسا بإعدامهم في ملعب مدينة سكيكدة وارتكابها لمجازر في القرى والأرياف والرفع من حالة الطوارئ l’état d’urgence، وأكبر انتصار ديبلوماسي للثورة وللهجومات هو تسجيل القضية الجزائرية في جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في 30 سبتمبر 1955.
عموما فإن هجومات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 والتي استمرت أسبوعا كاملا اختير فيها (39 هدفا) مست كل من قسنطينة – الخروب – سكيكدة- القل – الحروش – قالمة الميلية... قد وضعت حدا للذين شككوا بالثورة في بدايتها. وفي الخارج تأكد الأعداء والأشقاء أن الثورة سائرة بخطى ثابتة لتحقيق هدف نبيل.
إن فكرة اللقاء بين قادة الثورة في مؤتمر ترجع إلى وقت سابق والذي كان من المفروض أن يعقد في الفصل الثاني من 1955، لكن ظروف حالت دون ذلك خاصة ظروف المنطقة الأولى (الأوراس) التي عرفت نوع من التعثر بعد استشهاد قائدها "مصطفى بن بولعيد" في 22 مارس 1956، الذي كان من المحضرين الأساسيين للمؤتمر لكن يشاء القدر أن لا يشارك فيه، وعادت فكرة المؤتمر من جديد وجرت عدة اتصالات بين قادة المناطق واقترحت عدة مناطق لاحتضان هذا المؤتمر في جبال سوق أهراس والأوراس والشمال القسنطيني وضواحي الأخضرية (المنطقة 4). وتأجل بسبب تسرب أخبار مكانه وزمانه إلى السلطات الاستعمارية، وتم الاتفاق أخيرا على عقده في المنطقة 03 : القبائل، والتقت 14 شخصية ثورية بقرية "افري أوزلاقن" على ضفاف واد الصومام المجاورة لغابة "أكفادو" وفوق مدينة "أقبو" جنوب غرب بجاية واستمرت جلسات المؤتمر 10 أيام (من 14 إلى 23 أوت 1956) وانتهت الاجتماعات الموسعة يوم 20 أوت 1956 (اليوم التاريخي) وكان الهدف من المؤتمر تقييم الفترة السابقة من الكفاح الثوري (إيجابيات وسلبيات) ووضع استراتيجية تنظيمية موحدة وشاملة ودائمة، كما كان المؤتمر فرصة للتفكير في قضايا التموين (المؤونة) والتمويل (المال) وأخيرا توحيد المواقف فيما يخص قضايا الوطن.
وتغيب عن المؤتمر الوفد الخارجي بسبب ظروف البعد والنقل ولم تشارك المنطقة الأولى (الأوراس) بسبب استشهاد قائدها ولم تتمكن قيادة المنطقة من اختيار البديل، ومن بين الذين حضروا المؤتمر: زيغود يوسف – عبان رمضان – كريم بلقاسم – محمد العربي بن مهيدي (ترأس أشغال المؤتمر)– لخضر بن طوبال– أعمر أوعمران – مصطفى بن عودة.
خرج المؤتمر بعدة قرارات كانت منعرجا حاسما في تاريخ الثورة:
أكد المؤتمر على القيادة الموحدة وسميت هذه القيادة العليا المجلس الوطني للثورة الجزائرية C.N.R.A (أنظر المصطلحات) ولجنة التنسيق والتنفيذ (أنظر جزء المصطلحات) ووضع لجان تسهر على مصالح الثورة والشعب مثل: لجنة الشؤون الدينية – التربية والتعليم – اللجنة الاقتصادية .... كما أعاد النظر في هيكلة الثورة واستبدل تسمية المنطقة بالولاية وأضاف الولاية السادسة (الصحراء)، وأقر مؤتمر الصومام مبدأ القيادة الجماعية وتقرر إعطاء الأولوية للعمل في الداخل على الخارج وأولوية النضال السياسي على النضال العسكري، وحدد المؤتمرين الشروط الأساسية لإيقاف القتال وتتمثل في ثلاث نقاط:
- الاعتراف بوحدة الشعب الجزائري والقضاء على خرافة الجزائر فرنسية
- سلامة التراب الوطني أي الاعتراف بالسيادة الجزائرية دون إنقاص
- لا يكون التفاوض إلا مع جبهة التحرير الوطني الممثل الوحيد للشعب.
قرر المؤتمر إعادة تنظيم الجيش وقيادته ورتبه: يقود الولاية مسؤول برتبة عقيد Colonel، يشرف على سير العمل السياسي والعسكري في ولايته ويساعده ثلاث رواد (Commandants) وتقسيم الجيش إلى أفواج وفرق وكتائب وفيالق مع تحديد الزي العسكري والأوسمة بالإضافة إلى ظهور مصطلحات جديدة تتمثل في :
- - المجاهد : جندي في جيش التحرير.
- - المسبل : المشارك في العمل العسكري.
- - الفدائي : عضو الجماعة المكلفة بالهجومات على مراكز العدو.
فعلا يعتبر مؤتمر الصومام لقاءا تاريخيا وضع الثورة على طريقها الصحيح إذ انتشر صداها واقتنعت الجماهير بحقيقة الحرية والاستقلال.
من خلال تأسيس اتحادات ومنظمات باركها ووافق عليها مؤتمر الصومام أهمها: الاتحاد العام للعمال الجزائريين في 24 فيفري 1956 والاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين ... وركز مؤتمر الصومام على تشكيل اتحادات خاصة بالتجار والنساء والفلاحين بدون أن ننسى دور فريق جبهة التحرير الوطني التي تأسس سنة 1957 في ظروف سرية.
دعت جبهة التحرير الوطني إلى إضراب الثمانية (08) أيام من 28 جانفي إلى 04 فيفري 1957، واستجاب له الشعب الجزائري بقوة مما يؤكد التفاف هذا الأخير حول الثورة، بالإضافة إلى مظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي أظهرت قوة وصمود الجزائريين أمام السياسة الاستعمارية وكان الهدف منها دعم المفاوضين الجزائريين
ركزت جبهة التحرير الوطني على التمثيل الديبلوماسي من اجل التعريف بالقضية الجزائرية في المحافل الدولية مع فضح سياسة فرنسا الاستعمارية للحصول على التعاطف الدولي والدعم الديبلوماسي والمادي ولهذا الغرض تشكل الوفد الخارجي للثورة ويتكون من: أحمد بن بلة – حسين آيت احمد – محمد بوضياف – محمد خيضر، كما شاركت جبهة التحرير بوفود في مؤتمرات هامة مثل مؤتمر "باندونغ" (أندونيسيا) والذي اجتمعت فيه الكتلة الآفرو – آسيوية في أفريل 1955.
وأهم إنجاز للثورة على المستوى الخارجي هو تشكيل الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية (G.P.R.A) في 19 سبتمبر 1958، بالقاهرة برئاسة فرحات عباس.
بالإضافة إلى نقل الثورة إلى فرنسا والعمليات الفدائية هناك والتي كانت وراءها مندوبية الخارج ودور المهاجرين في تنفيذها بدون أن ننسى تبرعاتهم المالية للثورة.
منذ اندلاع الثورة عملت الإدارة الاستعمارية على القضاء على الثورة وبكل الوسائل خاصة الجمهورية الفرنسية الخامسة بقيادة شارل ديغول الذي وصل إلى الحكم في 01 جوان 1958، ونبدأها بسياسة الترهيب بتعميم وسائل التعذيب وإنشاء مدارس لذلك خاصة مدرسة "جان دارك" في سكيكدة الخاصة بفنون التعذيب والاستنطاق في 11 ماي 1958، مع تطبيق مبدأ العقوبات الجماعية وإنشاء المناطق المحرمة في الأرياف وهي مناطق ممنوعة على الجزائريين إقامة وعبورا بهدف عزل الشعب عن الثورة وعمليات الإبادة والتقتيل الجماعي، كما أصدر "ديغول" أوامره غلى جنرالاته للقيام بعمليات مدققة وواسعة النطاق للقضاء على الثورة وهي عمليات برية وجوية منسقة على منطقة واحدة بهدف تطهيرها من الثوار (عمليات تمشيط - Ratissage) باستخدام الكلاب البوليسية وقنابل "النابالم" المحرمة دوليا وآلاف المشاة والمظليين والمدفعية والقصف الجوي مثل: عملية التاج في جبال الونشريس وعملية المنظار في جبال القبائل وعملية الأحجار الكريمة على جبال قسنطينة ودائما وضمن سياسة الترهيب والقمع فقد أقامت فرنسا المحتشدات (أنظر جزء المصطلحات) والتي بلغت 1500 محتشد ضمت 03 ملايين جزائري لعزل الثورة عن الشعب وللتضييق أكثر على الثورة أقامت الأسلاك الشائكة المكهربة على طول الحدود الغربية والشرقية وزرعها بالألغام (مخطط شال وموريس أنظر المصطلحات) لعزل الثورة عن الدول المجاورة ومنع تسلل المجاهدين وتوقيف دخول السلاح.
كما عمد "شارل ديغول" إلى رفع عدد القوات بالجزائر حتى وصلت إلى المليون جندي بما فيها القوات البرية والجوية والبحرية، الدرك والشرطة.
بدون أن ننسى استخدام فرنسا لسلاح أفتك بكثير ومنافي لحقوق الإنسان وهو المقصلة التي كان أول شهدائها " أحمد زبانة" في 19 جوان 1956.
قامت فرنسا بمناورات لخداع الشعب الجزائري والتي سميت بالمناورات الديغولية خاصة "مشروع قسنطينة" 04 أكتوبر 1958، والذي أعلن عنه "شارل ديغول" اثناء زيارته لهذه المدينة وهو مشروع يمتد على 05 سنوات (1959- 1963)، جاء في وقت تأسست فيه الحكومة المؤقتة في 19 سبتمبر 1958، الهدف الظاهري هو إصلاح أحوال الجزائريين الاقتصادية والاجتماعية لكن باطنه إخضاع الجزائر وجعلها مرتبطة بفرنسا وأهم ما جاء في مشروع قسنطينة Plan de Constantine:
- توفير 400 ألف منصب شغل للجزائريين
- بناء 210 ألف مسكن – توفير مقاعد دراسية لثلثي أطفال الجزائر
- توزيع الأراضي على الفلاحين.
وأراد "ديغول" من وراء هذا المشروع أن يثبت أن الثورة الجزائرية هي ثورة خبز وجياع.
كما عرض "ديغول" فكرة "سِلم الشجعان" في 23 أكتوبر 1958، إذ طلب من الثوار تسليم السلاح والاستسلام مع ضمان الأمن لهم ولعائلاتهم ويعتبر عمل بطولي، والهدف منه المراوغة وتشتيت الثورة،
وكان ديغول يكثر من التصريحات والخطابات التي يطلق فيها أفكار ومصطلحات جديدة الهدف منها إغراء الجزائريين وإبعادهم عن الثورة مثل كلامه عن الجزائر جزائرية بدون جبهة التحرير الوطني: L’Algérie Algérienne sans F.L.Nوحديثه عن حق تقرير المصير في 16 سبتمبر 1959. واهتدى ديغول إلى إنشاء ما سماه "القوة الثالثة" وهي فئة عميلة من الجزائريين ) أنظر جزء المصطلحات).
لجأت فرنسا أيضا إلى فكرة التقسيم بطرحها لعدة مشاريع لتقسيم الجزائر أهمها مشروع 1957 واقترحت فيه الاستقلال لمنطقة قسنطينة وتلمسان تتمتع بالحكم الذاتي ويبقى الإقليم الفرنسي في منطقتي الجزائر ووهران. بالإضافة إلى تمسكها بالصحراء إذ اقترحت فرنسا فصل الصحراء عن الشمال الجزائري لاحق للجزائريين فيها (تجزئة الجزائر) والهدف من هذا واضح وهو استغلال بترول الصحراء بعد اكتشافه في 1956 وجعلها منطقة للتجارب النووية مثل تجربة رقان سنة 1960.
قامت فرنسا بالقرصنة الجوية وهذا باختطاف طائرة الوفد الخارجي التي كانت متجهة من المغرب نحو تونس في 22 أكتوبر 1956، وكانت تحمل : أحمد بن بلة – حسين آيت احمد – محمد بوضياف – محمد خيضر والصحفي الكاتب مصطفى الأشرف، كما قامت بقنبلة قرية ساقية سيدي يوسف على الحدود الجزائرية التونسية في 08 فيفري 1958 والتي خلفت 70 شهيدا منهم 21 طفلا.
اعتبرت فرنسا القضية الجزائرية قضية داخلية خاصة بها لا تناقش في المحافل الدولية بدون أن ننسى مشاركتها في العدوان الثلاثي على مصر 29 أكتوبر 1956 (موجود في دروس الوحدة الأولى) انتقاما من مصر التي كانت تدعم الثورة في الجزائر.
لقد فشلت كل المشاريع الديغولية في القضاء على الثورة الترهيبية منها والترغيبية وعجز ديغول على فصل الشعب عن الثورة رغم إغراءاته في الوقت الذي شهد انتصارات جيش التحرير على القوات الاستعمارية إضافة إلى الخسائر البشرية والمادية إذ أن تكاليف الحرب ضد الجزائر أصبحت باهظة.
وتصاعد الضغط الدولي على فرنسا خاصة من طرف هيئة الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز ودعم دول المعسكر الشرقي للكفاح الجزائري حتى في فرنسا بالذات ظهرت فئة معارضة لاستمرار الوجود الفرنسي في الجزائر وخاصة الطبقة المثقفة على رأسهم الروائي جون بول سارتر.
لقد ضغطت الثورة حتى على جهاز الحكم في فرنسا إذ سقطت 07 حكومات فرنسية ما بين 1954 – 1958 بداية من حكومة منداس فرانس وهذا لفشل هذه الحكومات في القضاء على الثورة.
وهناك دافع آخر وهو تأسيس منظمة الجيش السري L’O.A.S في 1961 والتي حاولت الانقلاب على "ديغول" في 21 أفريل 1961، تزعم الانقلاب الفاشل قادة الجيش الفرنسي في الجزائر والذين هم بأنفسهم أوصلوا "ديغول" إلى السلطة وهم الجنرالات : سالان – شال- زيلر- جوهو في محاولة لفصل الجزائر عن فرنسا خاصة مع بداية المفاوضات بين الحكومة المؤقتة والحكومة الفرنسية، ومن أجل عرقلة المفاوضات قامت L’O.A.S بعدة عمليات إرهابية وأعمال إجرامية في الجزائر منها: ارتكاب مجزرة بميناء العاصمة واغتيال الروائي "مولود فرعون".
تعود جذور المفاوضات إلى 1956 بين جبهة التحرير والحكومة الفرنسية لكنها لم تستمر لأن هدف فرنسا منها هو معرفة قادتها وطريقة تفكيرهم وأهداف الثورة على أساس توفير الوقت للقوات الفرنسية.
تدخل المفاوضات مرحلة الجدية بداية مفاوضات مولان Meulin (فرنسا) 25-29 جوان 1960وأرسلت الحكومة المؤقتة "أحمد بومنجل" و "محمد الصديق بن يحي" Ü (أنظر الشخصيات) لكنها فشلت بسبب فرنسا التي عاملت المفاوضين الجزائريين على أساس متمردين وعزلتهما ومنعتهما من الاتصال حتى بالصحافة.
إضافة إلى تمسك فرنسا بفكرة فصل الصحراء عن الجزائر.
وترأس الوفد الفرنسي "جورج بومبيدو" و "الوفد الجزائري" الطيب بولحروف – أحمد بومنجل "وتوقفت بسبب مشكل الصحراء إذ قال "بومبيدو" (إن الصحراء لا نقاش فيها).
شهدت شخصيات جزائرية كثيرة أرسلتها الحكومة المؤقتة وترأس الوفد "كريم بلقاسم" والوفد الفرنسي برئاسة "لويس جوكس" فشلت أيضا بالرغم من الضمانات التي قدمتها فرنسا من بينها : إطلاق سراح 6000 معتقلا. ويبقى أهم سبب لفشل المفاوضات هو مصير الصحراء ووضع المستوطنين ووقف إطلاق النار.
لم تتغير رئاسة الوفدين الجزائري والفرنسي ووُقعت مساء يوم 18 مارس 1962 فأطلقت فرنسا سراح زعماء الوفد الخارجي (الذين اعتقلوا في حادثة اختطاف الطائرة) وأهم ما جاء فيها :
- وقف إطلاق النار في كل التراب الجزائري يوم 19 مارس 1962 وسمي (يوم النصر)
- إنشاء لجنة مؤقتة تسير البلاد في انتظار تنظيم استفتاء تقرير المصير ترأس هذه اللجنة "عبد الرحمن فارس" (انظر جزء الشخصيات) وتنظيم الاستفتاء يكون في مدة لا تتعدى 06 أشهر.
- إبقاء الشركات الفرنسية تستثمر في المحروقات بهدف الاستغلال المشترك.
- إطلاق فرنسا سراح جميع المساجين والمعتقلين
- تأجيرفرنسا لقاعدة المرسى الكبير (في وهران) لمدة 15 سنة وتأجير قاعدة رقان والمطارات الحربية لمدة 05 سنوات.
- وتعهد الطرف الجزائري بحماية أرواح المستوطنين في انتظار اختيار جنسيتهم الأصلية أو الجزائرية إلى غيرها من البنود.
- إختبارات
- 10
- الأجوبة الصحيحة
- False
- الأجوبة الخاطئة
- False
- مجموع النقاط
- False
المراتب الخمس الأولى في Quiz
- fouzia khelfane
- 200 نقطة
- bac 2016
- 200 نقطة
- rayouna rayane
- 200 نقطة
- bendifallah azwaw
- 200 نقطة
- asma zouaoui
- 200 نقطة
- Fatima Temmam
- 180 نقطة
- chahinaz chahi
- 177 نقطة
- Màdridià Sofia
- 177 نقطة
- JE Suis LA Mohamed
- 177 نقطة
- DOUNIA BELKINA
- 177 نقطة