إنطباق الفكر مع الواقع
كيف يحصل هذا الانطباق؟ وهل هو كاف لضمان الحصول الى الحقيقة؟
وهل يمنع انطباق الفكر مع نفسه ؟
أول تعريف له هو تعريف ارسطو: " إقامة قضية عامة ليس عن طريق الاستنباط انما بالالتجاء الى الأمثلة الجزئية التي تكمن فيها صدق تلك القضايا العامة أو هو البرهنة على ان قضية ما صادقة صدق كليا باثبات انها صادقة في كل حالة جزئية اثباتا تجريبيا "
و في العصر الحديث يعرفه ف. يبكون :" هو استنتاج قضية كلية من أكثر من قضيتين و بعبارة أخرى هو استخلاص القواعد العامة من الاحكام الجزئية "
و الاستقراء نوعان: تام و ناقص.
هو استقراء يقيني يتم فيه فحص جميع افراد الظاهرة فردا، فردا ثم الحكم على الكل بنفس ما حكم على كل فرد على حدى، و هو ليس ممكنا الا اذا استند الى مقدمات محدودة العدد.
و يتم فيه فحص بعض افراد ثم تعميم الحكم على كل افراد الظاهرة و هو نفسه نوعان :
هو استقراء يقيني، يستند الى علة مشتركة قائمة في الجزئيات ، استقراء كمي يقوم على الملاحظة و التعليل
مثال:
السرخس نبات اخضر بسبب احتواءه على اليخضور
الطحلب نبات اخضر بسبب احتواءه على اليخضور
الخس نبات اخضر بسبب احتواءه على اليخضور
كل النباتات الخضراء تحتوي على اليخضور.
هو استقراء غير يقيني لأنه لا يقوم على التعليل وإنما يقوم على الملاحظة فقط.
مثال:
عمر من عائلة ب وهو بخيل
علي من عائلة ب وهو بخيل
عائلة ب بخلاء
يتمثل في خطوات المنهج التجريبي وهي الملاحظة الفرضية والتجريب
تتمثل في مشاهدة الظاهرة على النحو الذي هي عليه في الطبيعة وذلك بتركيز الحواس و الانتباه و الاستعانة بالأجهزة قصد الكشف عن صفات الظاهرة و خصائصها. و تتم الملاحظة بمراقبة سير الظاهرة عمدا قصد معرفة كل الظروف التي اوجبت وجودها. و بهذا فان الملاحظة عند العالم تختلف عن ملاحظة الانسان العادي كونها دقيقة، مجهزة يعتمد فيها الباحث على احدث و أدق الأجهزة ، تهدف إلى الكشف عما هو جديد في الظاهرة ثم هي ملاحظة إشكالية لأنها تضع في ذهن الباحث تساؤلا أو اشكالا معرفيا يدفعه إلى البحث.
هي تفسير أو شرح مؤقت للظاهرة،يحتمل الصدق كما يحتمل الكذب، يستنتجه الباحث عادة من الملاحظة لكن قد يكون نتاج الصدفة أو الحدس.
يتحدد الفرض العلمي بعوامل داخلية هي التخيل خاصة التخيل المبدع و قوة الحدس أو ما يسمى بالالهام و أما العوامل الخارجية فهي مجرد فرص و مناسبات لوضع الفرض و ليست شرطا كافيا ، ذلك أن أكثر الظواهر التي شاهدها العلماء ووضعوا لها افتراضات هي ظواهر يشاهدها عامة الناس يوميا دون أن تثير انتباههم: مثل ظاهرة سقوط الاجسام.
هو دور البرهان في إثبات صدق الفرضية أو بطلانها . و يمكن القول أنها ملاحظة مهنية وفق شروط و ظروف يصطنعها الباحث و في هذا يقول كلود برنارد:" إن الملاحظة هي جواب الطبيعة التي تجود به دون سؤال لكن التجريب هو استنطاق الطبيعة"
ومن شروط التجريب : - إنها تحلل الظاهرة المركبة إلى عناصرها بخلاف الملاحظة
- تصطنع الظروف التي يمكن أن يكون لها علاقة بالظاهرة
- شاملة لجميع عناصر الظاهرة
- يستخدم الآلات
- تعتمد على التقدير الكمي و ليس الوصف الكيفي
إشترط الفلاسفة للمنهج التجريبي قواعد تبرر النتائج فقد وضع ج.س.مل. J.S.MILL طرقا تسمى بقواعد الاستقراء، يعتمد عليها الباحث ليصل إلى معرفة شروط الظاهرة هي:
ويراد بها القول أن حضور العلة يستلزم حضور معلولها بالضرورة.
مثال : الحرارة سبب التبخر.
وهي عكس الأولى، فغياب العلة أو تخلفها يستلزم حتما تخلف معلولها.
مثال:
الضوء شرط للرؤية، حضوره يعني إمكانية الرؤية و غيابه يعني عدم إمكانية الرؤية.
بالطريقتين (الأولى و الثانية) ندرك العلاقة السببية بين الظواهر لكن البحث العلمي كثيرا ما يقتضي تحديد العلاقة العلية تحديدا كميا، مستندا إلى أن كل تغير يطرأ على العلة يكون مصحوب بتغير مشابه يطرأ على المعلول. فالحرارة الناشئة عن احتكاك مادتين احداهما بالأخرى تتناسب قوة وضعفا مع القوة المبذولة عند الاحتكاك.
و تعني أن العلة لشيء لا يمكن أن تكون في نفس الوقت عله لشيء آخر .فإذا استطعنا في سلسلة من الظواهر أن نربط بين مجموعتين من التوالي إلا تاليا واحدا و ليكن "ب" بمجموعة من المقدمات إلا مقدما واحدا و ليكن "أ"، استنتجنا أن الباقي من العلل "أ" هو علة الباقي من المعلومات "ب"
على أي أساس ينتقل العلماء من الحقائق الجزئية إلى القوانين العامة؟ وهل يوجد ضمان عقلي أو تجريبي يضمن لنا أن ما حدث في الماضي ويحدث في الحاضر سوف يظل يحدث في المستقبل؟
يعتبر هيوم D. Hume أول من أثار هذه المشكلة ليؤكد أنه لا يوجد ضمان عقلي ولا تجريبي يدل على مشروعية الاستقراء والمبرر الوحيد هنا هو العادة الذهنية. فتعودنا على رؤية الظواهر متعاقبة يجعلنا لا نستطيع تصور شيء آخر (تعاقب الليل والنهار مثلا).
يرى كانط E-Kantأن الاستقراء يقوم على مبدأ السببية العام، الذي ينص على أن لكل ظاهرة سبب يحدثها و أن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج و هذا المبدأ شرط أولي و ضروري لصحة تفكيرنا.
الاستقراء لا يستغني عن مبادئ تسبق التجربة، تمكن الباحثين من التقدم في أبحاثهم و هذه المبادئ و هي:
يمثل مصادرة أولى للعقل، ينص على أن الظواهر في الطبيعة يمكن جمعها أزواجا، أزواجا، بحيث تكون حادثتا كل زوج مرتبطتان ارتباطا عليا. وإن كان هيوم يرى أن هذا المبدأ لا هو عقلي ولا هو فطري بل مصدره الخبرة الإنسانية والعادة والانطباع الحسي.
ويقصد به تكرار تتابع الظواهر.
وهو اعتقاد راسخ في العقل قبل التجربة وانكاره يعني انكار الايمان بفكرة انتظام الكون وهذا ما لا يقبله العقل.
يعني أنه يتحتم وقوع الحوادث متى توفرت أسبابها ويستحيل أن تقع مع غياب أسبابها، يترتب عن التسليم بهذا المبدأ رفض الصدفة والعشوائية والفوضى في الطبيعة و الإيمان بأن الحوادث سوف تحدث في المستقبل على نفس النحو الذي تحدث به في الحاضر.
إن هذه المبادئ هي التي تشكل الإطار المنطقي الضروري للفكر وهو مقبل على دراسة الظواهر الطبيعية والتي تتمثل في اجراءين هما الافتراض والتقنين.
تعد الفرضية خطوة أساسية من خطوات المنهج التجريبي حيث يقول كلود برنارد: " الفرضية نقطة انطلاق ضرورية في كل استدلال تجريبي".
ويقول نيوتن:"إنني لا أكون فروضا" ويقصد بها الفروض الميتافيزيقية لا الفروض العلمية التي يجب أن تكون قابلة للتحقيق التجريبي.
وبعد التأكد من صدق الفرضية ومطابقتها للواقع تصبح قانونا عاما مصاغا صياغة رياضية و هو يعبر عن العلاقة الضرورية التي تربط ظاهرتين متتاليتين و يفسر الظاهرة في جميع أمثلتها ، بمعنى أنه صادق عبر الزمان و المكان، و القانون العلمي لا يكتفي بوصف الظاهرة و تفسيرها بل يهدف إلى التنبؤ بالحوادث في المستقبل.
إذا كان العلم الحديث قد أحرز تقدما كبيرا بفضل استخدام المنهج التجريبي فإن هذا التقدم لا يرجع إلى المنهج وحده بل يرجع كذلك إلى اعتماده على النسق الرياضي من جهة و على المنطق و مبادئ العقل من جهة أخرى، فالعلوم التجريبية لم تعد تصف الظواهر وصفا كيفيا بل أصبحت تحسب الظواهر حسابا رياضيا إذ هي تقوم بتحويل الكيفيات إلى كميات حتى تتمكن من ضبطها ضبطا دقيقا " فالرياضيات هي اللغة الوحيدة التي يستطيع أن يتكلم بها العالم" حسب بوانكاري، كما يقول غاليلي:" الطبيعة كتبت قوانينها بلغة رياضية". وعلى هذا أصبحت كل القوانين مصاغة صياغة رياضية تضمن لها الدقة و اليقين. فقد استعمل نيوتن حساب التفاضل لقياس مقدار الجاذبية، وفي علم الفلك تمكن كيبلر من إثبات أن الأرض بيضوية وليست كروية، و قد اكتشف كوكب نبتون باستعمال حسابات رياضية كما استعمل الإحصاء كثيرا في ضبط القوانين منها ضبط "مندل" لقوانين الوراثة.
إذا جمع المنهج التجريبي الحديث بين الاستقراء والاستنباط هو الذي يضمن اطباق الفكر مع نفسه ومع الواقع في نفس الوقت.
- إختبارات
- 20
- الأجوبة الصحيحة
- False
- الأجوبة الخاطئة
- False
- مجموع النقاط
- False
المراتب الخمس الأولى في Quiz
- عبد الحق لزغم
- 195 نقطة
- Lyes Yaker
- 130 نقطة
- Ladiaf Fathi
- 117 نقطة
- Amel Bagor
- 108 نقطة
- zineb mouhoub
- 108 نقطة
- mounir lagab
- 103 نقطة
- AB Dyhia
- 98 نقطة
- Mina Amina
- 97 نقطة
- asmaa guermoud
- 85 نقطة
- DOUdi joudy
- 85 نقطة