العنف و التسامح
يقول هوبز. Hobbes : " الإنسان ذئب لأخيه" و يقول كذلك :" الإنسان أناني بطبعه" و هذا يعني أن الإنسان بفطرته يميل إلى العنف من أجل تحقيق مصالحه، ممّا يدفع بغيره للرّد عليه بالعنف كذلك. وهذا القانون هو قانون مقابلة المثل بالمثل في القصاص والذي ساد منذ قدم الزّمان، حيث وجد فيه الإنسان روح العدل والإنصاف ثمّ تدرّج الإنسان في مراجعته قصد تهذيبه والحد من قسوته وذلك بإدخال مفهوم التّعويض والإصلاح. إلاّ أن هذا القانون أي قانون المثل بالمثل عاد من جديد في مفهومه المادي الانتقامي في صورة بشعة وأخذ أشكالا جديدة منها الإرهاب.
العنف هو كل عمل يضغط به شخص على إرادة الغير لسبب أو لآخر، وهذا العمل يستوجب استعمال القوة وهو نوعان: فقد يكون عنفا ماديا كالتعدي على الجسد بالضرب أو الجرح أو القتل، وقد يكون العنف معنويا كالإساءة إلى شخص الغير ومعتقداته.
إن العنف ظاهرة معقدة تحكمها عوامل مختلفة ومتداخلة، وهو يشكل موضوع انشغال عدد من العلماء كعلماء النفس وعلماء الاجتماع وعلماء التربية ولعلّ هذه الأسباب نجملها فيما يلي:
ومن أهمها نذكر الاستعمار وتسلط الحكم الدكتاتوري وتقييد الحريات وانهيار القيم الأخلاقية كالشرف والكرامة وطغيان القيم الدنيوية (المادية) على سلوك الانسان.
ومن أهم مظاهرها تفاقم مشاكل البيت من فقر ويتم وتوجيه تربوي غير مسؤول وعلاقات اجتماعية مفككة.
وهي متشابكة أهمها الحسد والغيرة المرضية وفقدان الأمل. ويركز فرويد على عملية الكبت حيث يقول:" إن الضغط الاجتماعي يتحول نفسيا إلى كبت لدى الفرد ليعود في شكل سلوك عدواني ضد ما يعتبر المسؤول عن معاناته، وقد يصل الأمر إلى استرخاص الحياة واختيار الموت".
إن العنف لا يولّد إلاّ العنف، عاجلا أم آجلا، وهذا ليس لأن الإنسان يولد مجرما وإنّما هو سلوك مفهوم، فالشيء الذي يطلبه الانسان العنيف هو أن: يجد امامه مقاومة عنيفة تسمح له أن يظهر قوته وعندما يغيب (المثل المقابل) فإن العنف سيتخلّف طواعية.
إن العنف ينبئ بنكوص ما هو انساني نحو اللاإنساني بحيث يرتد الانسان إلى ما دون مستواه.
هل كل عنف هو عنف سلبي؟
ليس كل عنف هو عنف سلبي بل هناك عنف يمكن وصفه بالإيجابي لأنه قد يكون في بعض الأحيان وسيلة ضرورية من أجل غاية سامية. فالثورة الأصلية هي في أساسها أخلاقية أمام الاضطهاد والظلم من حيث أنها تسعى إلى استرجاع الحق وتحقيق العدل. وفي هذا يقول جون جاك روسو- J.J.Rousseau :"ليس لنا فقط الحق بل من الواجب أن نثور إذا اقتضت الضرورة ذلك. فهناك نوع من الأخلاقية يدعونا إلى حمل السلاح في أوقات ما".
ويقول ماو Mao:" نقوم بالحرب من أجل السلام لا الحرب من أجل الحرب، والعنف لا تبرره الغاية السامية فقط وإنما يبرره أيضا الدفاع عن النفس".
كما يعتبر انجلز العنف أصل البناء حيث يقول:" إن العنف يولد مجتمعا جديدا، فأمام العنف الاجتماعي المقنّع-اللاّمساواة الاجتماعية والتفاوت واستغلال طبقات لطبقات أخرى- يوجد عنف مضاد عادل هو العنف الإيجابي البنّاء الذي يهدف إلى تصحيح الوضع الرديء وإعادة بناءه بصورة تتناسب أكثر مع قيم الخير والحق والعدل في الحياة".
التسامح هو الموقف الذي يبيح لشخص ما قبول الآخرين في التفكير والحياة، أو أنه الموقف الذي يبدي فيه شخص ما تساهلا لمفعول مؤثر خارجي، في حالة انزعاج كدرجة احتمالنا لسلوكيات بعضنا البعض.
إنه يعاكس القوة والعنف، فلا تسامح إلاّ بتراض الطرفين وذلك لأنه إذا ما تم التنازل من طرف واحد كان الحاصل لا شيء ولهذا فلا تسامح إلا إذا طلبه كلاهم.
ارتبط التسامح عبر التاريخ بمحاربة الحقد، خاصة في المجال الديني، لكنه اليوم يتسع لكل المجالات السياسية والخلقية والاجتماعية.
ولقد أعطى الرسول عليه الصلاة والسلام مثلا أعلى لمعاملة اهل الكتاب، فقد رُويَ أنه كان يحضر ولائمهم ويشيع جنائزهم ويعود مرضاهم ويزورهم ويكرّمهم.
ومن آثار التسامح كذلك ما رسمه الإسلام من ادب المناقشة الدينية حيث يقول تعالى في كتابه العزيز:" ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةَ الْحَسَنَةَ وَجَادِلْهُمْ بِاللَّتِي هِيَ أَحْسَنْ".
إن الانسان على الرغم من أنه كائن القيم السامية، فقد تغشى بصره غرائزه العمياء وميوله الجامحة عندماتغيب الحكمة، وما الحكمة في هنا السياق سوى أسلوب تسيير حياتنا وتحمل بعضنا البعض تحت رعاية المحبة والإخاء وفي ظل ثقافة اللّاعنف وثقافة الحوار والتسامح والصّفح.
- إختبارات
- 15
- الأجوبة الصحيحة
- False
- الأجوبة الخاطئة
- False
- مجموع النقاط
- False
المراتب الخمس الأولى في Quiz
- safaa messaoud
- 200 نقطة
-
- Islem Boukhenoufa
- 200 نقطة
-
- dark matter
- 200 نقطة
-
- صلاح بشير الشريف
- 183 نقطة
-
- Reda Morsli
- 177 نقطة
-
- رحمة الوالي
- 168 نقطة
-
- selma tebbakh
- 45 نقطة
-
- djamel trari
- 0 نقطة
-
