فلسفة الرياضيات
إذا كانت الرياضيات علم مجرد فهل هذا بعني أنها ترتد في أصلها إلى العقل أم يمكن أن تكون نابعة من الواقع والتجربة؟
وإذا كانت علم دقيق فهل هذا يعني أن نتائجها مطلقة؟
- تتخذ الرياضيات كموضوع لها المقادير القابلة للقياس والتي نسميها بالكميات والكم نوعان: متصل (الأشكال الهندسية) ومنفصل (الأعداد و الحساب). إن هذا التميز كان قديما لكن بعد ظهور الهندسة التحليلية لم يعد هناك فصل وتمييز بينهما
- تتناول الرياضيات الكم المجرد الذي ليس له ما يقابله في عالم الحس. فهي لا تهتم بالواقع المحسوس بل ماهية وخواص الاشكال والإعداد. وفي هذا يقول أرسطو:" الرياضيات مجردة لأنها تفصل بالفكر ما لا يمكن فصله في الواقع المحسوس".
1- يذهب أنصار المذهب العقلي إلى أن الرياضيات ترجع إلى أصول عقلية محضة. فالطبيعة لا تعطينا عددا خالصا ولا مستقيما خالصا (دون طول وعرض.... الخ) ولا سطحا خالصا (دون سمك) ولا نقطة خالصة (دون أبعاد). ومن هنا فهي قضايا عقلية خالصة موجودة في الذهن قبل التجربة (قبلية، فطرية).
ومن المدافعين عن هذه الفكرة أفلاطون الذي يعتبر المعرفة تذكر، إذ هي موجودة في عالم المثل وهو العالم السابق للوجود الإنساني وقد عرفها الفكر هناك وفي هذا العالم الواقعي يقوم الفكر بالتعرف علبها وتذكرها.
أما ديكارت فيرى أنها نابعة من أفكار فطرية شأنها في ذلك شأن فكرة الله ولأن العقل هو أعدل الأشياء توزيعا بين الناس فإنهم يشتركون فيها.
2 - يرى الحسيون وعلى راسهم د.هيوم، ج.لوك، ج.س.مل أن أصل كل علم ومعرفة بما فيها الرياضيات هو التجربة الحسية. فالمعرفة العقلية ليست سوى صدى لإدراكاتنا الحسية. فالإنسان يولد وعقله صفحة بيضاء والتجربة هي التي تخط عليها وعليه يقول ج.س.مل:" ليست النقاط والخطوط والدوائر الموجودة في اذهاننا سوى نسخ لتلك النقاط والخطوط والدوائر الموجودة في الطبيعة" ويقول ج.لوك: "لا شيء في الذهن ما لم يوجد أولا التجربة".
ويؤكد علم نفس الطفل هذا الاعتقاد حين يفسر تعلم الطفل لمعنى العدد انطلاقا من الشيء الملموس وقس على هذا تطور البشرية من مرحلة السذاجة نحو القدرة على التجريد، فقبل أن تصبح للإنسان القدرة على الحساب الذهني كان يعد على الأصابع والحصى والعيدان.
ومن جهة أخرى نلاحظ أن الرياضيات كانت في الأصل عمليات تطبيقية، إذ كانت الهندسة عند قدماء المصريين فن لمسح الأراضي، واستخدم البابليون الحساب والهندسة في تنظيم الفلاحة والريّ.
استقلت الرياضيات عن الفلسفة على يد اقليدس حيث أسس لها منهجا خاصا بها هو الاستنتاج الرياضي، وهذا المنهج نفسه لا يستقيم إلا إذا أعتمد على مبادئ جديدة غير التي كان يقوم عليها الاستنتاج قديما. ولهذا حدد اقليدس مجموعة من المبادئ هي:
- البديهيات (الأوليات): هي قضايا بسيطة واضحة في حد ذاتها، لا تحتاج إلى برهان، ندركها بالحدس مثل الكل أكبر من الجزء.
- المصادرات (المسلمات): هي قضايا بسيطة يفترض الرياضي صدقها منذ البداية مجرد افتراض بشرط ألا يعود فيفترض صدق نقيضها منها: -أقصر الأبعاد بين نقطتين هو الخط المستقيم، منها كذلك: من نقطة ما، خارج مستقيم ما لا يمكن رسم إلا مواز واحد لهذا المستقيم.
- التعريفات: هي قضايا بسيطة تحدد ماهية المفاهيم الرياضية، تصطلح عليها الرياضيون ويلتزمون بها، منها: النقطة ما ليس له أبعاد-المثلث ثلاث مستقيمات متقاطعة مثنى مثنى...الخ.
ظلت الرياضيات الكلاسيكية مسيطرة على التفكير الرياضي طيلة قرون، لكن مع ظهورإكتشافات علمية جديدة خاصة كروية الأرض فتحت أبواب جديدة أمام المعاصرين وبذلك دخلت الرياضيات عالما جديدا هو عالم الاكسيوماتيك. فما هو هذا العالم وما يميزه عن الكلاسيكي.
لقد حاول الرياضيون عبر العصور مناقشة مبادئ الهندسة الاقليدية وخاصة مصادرته الشهيرة – من نقطة ما، خارج مستقيم ما لا يمكن أن نرسم إلا مواز واحد لهذا المستقيم -لكنهم لم يفلحوا وفي العصر الحديث أثار الرياضيون هذه المشكلة من جديد خاصة حول تلك المصادرة. وكان الرياضي لوباتشفسكي أول من أثار الشك حول هذه المصادرة وفي 1830 تمكن من الاهتداء إلى الأساس الذي بنيت عليه وهو المكان المستوي وهكذا تصور مكانا آخر وهو المكان المقعر ثم بني هندسته على هذا المبدأ والأساس. ثم جاء الرياضي الألماني ريهان 1854 وتصور مكانا آخرا هو المكان الدائري ثم بني هندسته على هذا المبدأ.
وبهذا ظهر ما يسمى بالهندسيات اللااقليدية التي تختلف كل الاختلاف عن هندسة اقليدس من حيث المبدأ والأساس.
إن هذه الأنساق رغم اختلافاتها لا يمكن القول ان احداها صحيحة أو مخطئة بالنظر إلى الأخرى، بل كل واحدة صحيحة بالنظر إلى المقدمات التي انطلقت منها. فكل واحدة بناء منظم خاضع لشروط عقلية صارمة، خاصة منها الكفاية والاستقلال وعدم التناقض ومن هنا نستنتج أن الصدق واليقين المطلق في الرياضيات مرتبط بالانسجام المنطقي مع نفسه وفي هذا يقول بولغان Bouligant:" إننا نشهد عصر اختفاء القضايا المطلقة في الرياضيات".
ويقول كذلك:" إن كثرة الأنظمة في الهندسة، لدليل على أن الرياضيات ليست فيها حقائق مطلقة"
أما بلاشي فيقول:" إن النظريات المتناقضة تستطيع أن تكون صادقة في آن واحد، المهم أن نرجعها إلى أنساق مختلفة".
وبهذا تحرر العقل في الرياضيات المعاصرة من سيطرة النسق الاقليدي وأصبحت الأبواب في مجال الرياضيات مفتوحة على حرية اختيار المنطلقات والافتراضات وأصبح الامر يتعلق بمنهج جديد هو الاكسيوماتيك.
- إختبارات
- 20
- الأجوبة الصحيحة
- False
- الأجوبة الخاطئة
- False
- مجموع النقاط
- False
المراتب الخمس الأولى في Quiz
- عادل بوزيد
- 263 نقطة
- Khaled Brz
- 255 نقطة
- Farouk Lalou
- 200 نقطة
- laid toualbia
- 200 نقطة
- رقية بنلقو
- 160 نقطة
- Bouchra Merzougui
- 149 نقطة
- fateh houmache
- 145 نقطة
- imene zitouni
- 144 نقطة
- Anseur Rafik
- 121 نقطة
- azmah pipima
- 103 نقطة