من الثنائية إلى الأحادية القطبية
عرف العالم بعد سقوط جدار برلين 1989 وزوال الاتحاد السوفياتي سيادة القطب الأحادي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية والنتيجة هي تغيرات جذرية مست جوانب الحياة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، وأخذت صبغة جديدة تدعى بملامح النظام الدولي الجديد.
- فما هي عوامل تفكك الكتلة الشرقية؟ (عوامل سقوط – تصدع الاتحاد السوفياتي).
- وما هي ملامح النظام الدولي الجديد؟ ومؤسساته الفاعلة؟
بشريا هناك تركيبة سكانية مختلفة لشعوب الكتلة الشرقية حيث تميزت بالإختلاف والتنافر العرقي والديني واللغوي ومحاولة الاتحاد السوفياتي فرض الأفكار الشيوعية بالقوة على هذه الشعوب خاصة وأنه يتمتع بمساحة كبيرة (22 مليون كلم²) مما صعب عليه التحكم في الامتداد الجغرافي و حماية أراضيه.
بالإضافة إلى معاملته العنيفة لشعوب الكتلة الشرقية وقمعه للمبادرة الفردية حيث تدخل الاتحاد السوفياتي في عدة مناطق مثل المجر وتشيكوسلوفاكيا باستخدام الجيش الأحمر في قمع المظاهرات الشعبية (ربيع براغ) 1968.
كما أن النظام الشيوعي وأفكاره لم تحقق الرخاء والرفاهية لشعوب الكتلة الشرقية بل بالعكس عاشت هذه الشعوب أوضاعا إقتصادية وإجتماعية سيئة ولم تحقق الإكتفاء الغذائي (الذاتي) وكانت تعتمد على المساعدات السوفياتية من مواد غذائية وأدوية ،وهذا طبعا كلف الخزينة السوفياتية نفقات وتكاليف أضيفت إلى نفقات التسلح وغزو الفضاء وكل مصاريف الحرب الباردة، هذا كله أثر سلبا على الاقتصاد السوفياتي.
لقد ظهر انشقاق في صفوف الكتلة الشرقية نتيجة تنامي الخلافات السياسة بين دول الكتلة (المعسكر) مع الاتحاد السوفياتي حيث طردت يوغسلافيا من مكتب الكومنفورم وانسحبت الصين وقطعت علاقاتها الديبلوماسية مع الاتحاد السوفياتي.
وآخر عامل يجب ذكره هي وصول "وصول غور باتشوف" إلى السلطة في الاتحاد السوفياتي في 11 مارس 1985 والذي جاء بسياسة البروسترويكا والغلاسنوست وهما كلمتين روسيتين وظفهما غورباتشوف في إصلاحاته، الأولى تعني إعادة بناء البيت السوفياتي (إعادة البناء) ويقصد في جميع المجالات، والثانية تعني الشفافية والوضوح، وكانت هذه السياسة فاشلة بسبب تأخرها ومعارضة الشيوعيين المتعصبين لها كما أنها سرعت في تفكك الاتحاد السوفياتي ومعه الكتلة الشرقية.
تدخل الاتحاد السوفياتي عسكريا في أفغانستان في 1979 فيما سمي بالحرب الأفغانية- السوفياتية والتي خرج منها منهزما ومصاريفها أنهكت الخزينة السوفياتية .وبذلت الولايات المتحدة الأمريكية كل ما في وسعها ووظفت جميع إمكانياتها من أجل إسقاط المعسكر الشرقي ونظامه الشيوعي وهذا بتحريك المعارضة داخل دول الكتلة الشرقية مثل بولونيا وتشيكوسلوفاكيا بالاعتماد على جهازها المخابراتي (CIA) ووسائلها الإعلامية التي كانت تظهر مساوئ ومحاسن النظام الرأسمالي وهذا بهدف تحريك الشعوب ضد أنظمتها الشيوعية وإسقاطها.
لقد بذل المعسكر الغربي كل جهوده في إطار الحرب الباردة لهزم المعسكر الشرقي فإستغل ضعفه الداخلي وطبق عليه سياسة المحاصرة والتطويق من خلال محاصرته وتطويقه عسكريا بسلسلة من الأحلاف العسكرية (حلف شمال آسيا الأطلسي- حلف جنوب شرق آسيا – حلف بغداد) ونشر مجموعة من القواعد العسكرية حول الكتلة الشرقية، وفتح أبواب حلف الأطلسي أمام دول أوروبا الشرقية لتنظم إليه (توسيع العضوية).
هو مجموعة من القوانين والمبادئ التي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية لتنظيم العلاقات الدولية بما يخدم مصالحها ومصالح الدول السائرة في فلكها، أو هو تصور العلاقات الدولية وفق المنظور الأمريكي (العولمة-Mondialisation)، برر هذا المفهوم بعد قمة مالطا 1989، وأول من تلفظ به هو الرئيس الأمريكي (جورج بوش الأب) ويسعى إلى إيجاد الحجج للتدخل وفرض الحلول التي تحقق المصالح الأمريكية (فرض منطق السيطرة الأمريكية على العالم).
تفكك الاتحاد السوفياتي إلى 15 جمهورية وزال رسميا في 25 ديسمبر 1991، وأكبر الجمهوريات مساحة وسكانا "روسيا" التي تراجع دورها في القضايا الدولية وبزوال الاتحاد السوفياتي زالت القطبية الثنائية وتراجع الفكر الشيوعي وسادت الرأسمالية العالم، إذ تبنت الكثير من الدول الشيوعية (دول أوروبا الشرقية خاصة) النظام الرأسمالي وانضمت البعض منها إلى حلف شمال الأطلسي باحثة عن تغطية جديدة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبذلك تزايد تعاظم قوة الولايات المتحدة الأمريكية التي سيطرت حتى على الأمم المتحدة (L’ONU) وتجاوزها في العديد من المرات، نظرا للاستخدام الأمريكي المكثف لحق الفيتو (VETO) مما أفقد هذه الهيئة مصداقيتها ، وبدأ الغزو الأمريكي للعديد من الدول مثل أفغانستان والعراق والتدخل في الشؤون الداخلية والتحرش بدول مثل كوريا الشمالية وسوريا وإيران. وهذا دائما باسم شرعية وقانونية الأمم المتحدة التي هي أصلا في يد الولايات المتحدة الأمريكية .
- ستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية نظامها وأفكارها على العالم مجموعة من المؤسسات: اقتصادية وسياسة، عسكرية وإعلامية أهمها السيطرة على صندوق النقد الدولي الذي هو مؤسسة مالية تأسست في الأربعينات من القرن العشرين يقدم دعما للدول التي تواجه مشاكل مالية (تعريف صندوق النقد موجود في جزء المصطلحات) هذا الصندوق أو المؤسسة المالية تسيطر عليها الولايات المتحدة الأمريكية وتفرض المساعدات المالية بالعملة الصعبة لكل دولة تعاني عجزا ماليا وبشروط محددة عما أن تفرض على هذه الدول التخفيض من قيمة عملتها، مثلما استطاعت أن تفرض سيطرتها على هيئة الأمم المتحدة واستغلالها لحق الفيتو الذي تملكه في تمرير القرارات التي تخدم مصالحها (أمركة العالم) وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة وأثناء تدخلها في شؤون الدول ترفع شعارات وحجج أهمها محاربة الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة وحماية حقوق الإنسان وغيرها.
- أما عسكريا فتمتلك الولايات المتحدة الأمريكية أكبر حلف عسكري في العالم وهو حلف شمال الأطلسي (الناتو - NATO) تعريفه موجود في جزء المصطلحات وهو اليد التي تضرب بها في أية منطقة من العالم والأداة السريعة في تنفيذ القرارات الأممية حتى لا نقول القرارات الأمريكية واستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حلف الناتو في يوغسلافيا 1999، وأفغانستان 2001 والعراق 2003.
- في الجانب الإعلامي تعمل الولايات الأمريكية من خلال وسائل الإعلام المختلفة التي تمتلكها تحسين وتلميح صورتها أمام الرأي العام العالمي وإظهار الجانب الإنساني لها وهذا باستخدام القنوات الفضائية مثل شبكة C.N.N بالإضافة إلى الانترنيت وهذا لنشر الأفكار والثقافة الأمريكية في العالم بأسره وتشويه الثقافات الأخرى بدون أن ننسى الشركات المتعددة الجنسيات- تعريفها موجود في جزء المصطلحات وهي شركات عالمية دورها الأساسي السيطرة على اقتصاديات دول العالم الثالث واستغلال ثرواته (خيراته) وتعتبر من وسائل السيطرة الأمريكية على العالم.
- وهناك وسيلة أو أداة أخرى تستعملها الولايات المتحدة الأمريكية وهي ما يسمى المنظمات الغير حكومية (تعريفها موجود في جزء المصطلحات) لأنها غير مؤسسة من طرف الحكومات، أعضاؤها متطوعين وأعمالها مجانية وفي مختلف المجالات: الصحة – البيئة، حقوق الإنسان وهي في الواقع غطاء الولايات المتحدة الأمريكية الدول الغربية للتدخل في شؤون الدول خاصة المتخلفة والفقيرة والتي تكتب حولها تقارير تستغل كحجة ضد الدول وخاصة الإفريقية منها.