iMadrassa

النص الأدبي : آلام الاغتراب للبارودي

النّص :

هل من طبيب لداء الحب أو راقي شفي عليلا أخا حزن و إيراق
قد كان أبقى الهوى من مهجتي رمقا حتى جرى البين فاستولى على الباقي
حزن براني و أشواق رعت كبدي  يا ويح نفسي من حزن و أشواق
أكلف الّنفس صبرا و هي جازعة والصبر في الحب أعيى كل مشتاق
لا في سرنديب لي خل ألوذ به ولا أنيس سوى همي و إطراقي
أبيت أرعى نجوم الليل مرتفقا في قنة عز مرقاها على الرقي
يا روضة النيل   لامستك بائقة ولا عدنك سماء ذات إغداق
مرعى جيادي ومأوى جيرتي وحمى قومي و منبت آدابي و أعراقي
أني أعيش بها في ثوب إملاق أصبو إليها على بعد و يعجبني
يو كيف أنسى ديارا قد تركت بها أهلا كراما لهم ودي و إشفاق
إذا تذكرت أياما بهم سلفت تحدرت بغروب الدمع آماقي
فيا بريد الصبا بلغ ذوي رحمي  أني مقيم على عهدي و ميثاقي
وإن مررت على المقياس فاهد له مني تحية نفس ذات أعلاق
وأنت يا طائرا يبكي على فنن نفسي فداؤك من ساق على ساق
أذكرتني ما مضى و الشمل مجتمع بمصر والحرب لم تنهض على ساق
أيام أسحب أذبال الصبا مرحا في فتية لطريق الخير سباق
فيالها ذكرة شب الغرام بها نارا سرت بين أرداني و أطواق  !
عصر تولى وأبقى في الفؤادي هوى يكاد يشمل أحشائي بإحراق

أتعرف على صاحـــب الـنــــص :

  • هو محمود بن حسن بك حسن البارودي, ولد بالقاهرة عام 1839 م ونشأ بها في كنف أبيه وعائلته الميسورة, وتعلّم بالمدرسة العسكرية فتخرج منها ضابطا,وقد كان مولعا بحفظ الشعر وإنشاده حتى صار شاعرا فصيحا, عالما بقواعد اللغة العربية وأدبها, فصقلت قريحته الأدبية .

بعد الثورة العرابية نفي إلى سرنديب فلبث فيها سبع عشرة سنة قال فيها أجود شعره الوجداني والوطني, ولما عفا عنه الخديوي رجع إلى مصر , وقد اشتدت عليه وطأة المرض وضعف بصره. توفي سنة 1904 م .

يعتبر البارودي رائد الشعر العربي الحديث الذي جدّد في القصيدة العربية شكلاً ومضموناً ، ولقب باسم " فارس السيف والقلم " .

تقديم النص :

  •  ما هو شعور من نفي من أرض يحبّها ويعشقها حدّ التّضحية ؟
  • ستنتابه مشاعر الحزن والألم والشّوق الشّديد إلى الوطن و الأهل .

أثـــــــري رصيـــــدي اللغـــــوي :

 

إيراق : السّهر والسّهاد .

المهجة : الرّوح .

براني : أضعفني .

عدا : بخل وشح .

سرنديب : جزيرة سيلان .

روضة النّيل : هي روضة المقياس غربي النّيل بمصر القديمة .

الصَّبا : الريح المستقبلة للقبلة .

 

I اكتشاف معطيات النص

 

  1. عمّن يبحث الشّاعر ؟  ما طبيعة علّته ؟ ما سببها ؟
  2. ما الفرق بين طبيعة حبّه و حبّ غيره من شعراء الغزل ؟ بيّن ذلك من النصّ .
  3. ما هو الخيط العاطفي الّذي ظل يشدّ الشّاعر طول القصيدة ؟ ما الذي يهزّ هذا الخيط ؟
  4. بين مفردات القصيدة و عاطفة الشّاعر علاقة وطيدة . استخرج منها ما يوحي بتلك العاطفة .
  5. ماذ تمثّل " سرنديب " " روضة النّيل " , " المقياس " للشّاعر .
  6.  بماذا يذكّرك الشّاعر و هو يتوجّه بالنّداء إلى " بريد الصّبا " , " طائرا يبكي " ؟
  7.  هل طغت على النصّ عناصر الجدّة أم إنّه حافل بمظاهر التقليد لمظاهر القصيدة القديمة ؟ مثّل من النصّ .
  1. يبحث الشّاعر عن طبيب أو راق يخفف عنه تباريح الهوى وآلام الحب , و هي علّة كان سببها فراق الأهل و البعد عن الأوطان .
  2.  يبدي الشاعر في النّص حبّه لوطنه و شوقه إلى أهله و خلانه , بينما يعبر شعراء الغزل عن مشاعرهم نحو المرأة , و يتجلى ذلك في قوله : " أصبو إليها على بعد " ، " إذا تذكّرت أيّاما بهم سلفت " ، " بلّغ دوي رحمي " .
  3.  الخيط العاطفي الّذي ظل يشدّ الشّاعر طول القصيدة هو الشوق والحنين إلى الأهل والوطن, هذا الخيط العاطفي تحرك عندما عاد شريط الذّكريات إلى مخيلة الشّاعر .
  4.  من المفردات التي توحي بعاطفة الشاعر : داء , حزن , أشواق , ويح نفسي , همّي , إطراقي , جازعة و توحي بألم الشاعر و حزنه .
  5.  تمثّل " سرنديب " منفى الشّاعر , الذي يشعر فيه بالغربة و الوحدة والبعد , أمّا " النيل " و " المقياس " فهما موطنا ذكريات الشاعر التي ما فتئ يحن إليها .
  6.   يذكرنا الشاعر و هو يتوجّه بالنّداء إلى " بريد الصّبا " , " طائرا يبكي " بالبكاء على الأطلال وكيف كان العربيّ قديما يعبر عن لوعة البعد وألم الفراق جراء ترك الديار و هجر الأحبّة .
  7.  النص حافل بمظاهر التقليد, فالمعاني تطرق إليها العديد من الشعراء كابن معتز وأبي فراس وجميل بن معمر, ومن أمثلة ذلك ما ورد في البيت الأول , إذ نجد أبا فراس يقول :

هل لصبّ متيم من معين                    ****                          ولداء مخامر من طبيب

II أناقش معطيات النّص
  1. مزج الشّاعر بين التجربة الشّعورية الصّادقة و خاصّية المحاكاة و التقليد.فيم تمثّل كلّ جانب ؟ و علام يدلّ ذلك فيما يتعلق بمكانة الشّاعر الأدبية ؟
  2. أهناك ما يوحي في النصّ بالأبعاد السّياسية لحالة الشّاعر و هو في المنفى أم تراه و كأنّه يتمثّل شعراء قدامى كأبي نوّاس و جميل بن معمر ؟
  3. هل ترى على مفردات القصيدة تجديدا يساير مقتضيات اللّغة الحديثة أم ترى أنّ مفرداتها امتداد للقاموس اللّغوي القديم ؟ علّل إجابتك بالاعتماد على الأبيات : 3 ، 6 ، 12 ، 14 ، 18 .
  4. لا يخرج النصّ عن الصّور البيانية التقليدية " تشبيه ، استعارة ، كناية " استخرج من النصّ أمثلة عنها و ميّز الإبداع فيها من وجه التقليد . ماذا تستنتج ؟
  5. هل ترى تجديدا في البناء الموسيقي " الوزن و القافية " ؟ علّل .

 

  1. تمثلت التّجربة الشّعورية في تعبيره عن حزنه وأساه في المنفى و هو بعيد عن وطنه وأحبّته, بينما تتجلى خاصية التقليد والمحاكاة في الحفاظ على بناء القصيدة القديمة ومحاكاة الشعراء القدامى واستلهام معانيهم, و يدل ذلك على قدرة الشّاعر على بعث الحركة الأدبية و إحياء التراث الشعري العربيّ القديم , و تخليصه من قيود الصنعة و ركاكة الأسلوب .
  2. الشاعر يعبر في هذا النص عن  بعض الأبعاد السياسية مادام هناك استعمار و نفي و إجلاء عن الوطن فهو يصور وضعية محتومة يعيشها مرغما و كأنه يريد أن يقول للقراء : هذا هو ظلم الاستعمار أو الاستدمار كما يحسن أن يسميه وهذا هو حال الضعفاء أمثالي في يده و إلاّ كيف بصبر الإنسان على فراق أهله وأبنائه ووطنه من تلقاء نفسه .
  3. مفردات القصيدة  امتداد للقاموس اللغوي القديم , إذ استخدم الشاعر جملة من الألفاظ المتداولة في أشعار القدامى مثل : براني , رعت كبدي , أرعى النّجوم , جيادي , جيرتي , الصّبا , طائرا , عصر تولّى....
  4. من أمثلة التشبيه والاستعارة والكناية : " داء الحبّ " و هو تشبيه بليغ بإضافة المشبه إلى المشبه به,أبقى الهوى من مهجتي رمقا " و هي استعارة مكنية , " أبيت أرعى نجوم اللّيل " و هي كناية عن السهر . و يمكن أن نستنتج  من خلال هذه الأمثلة أنّ الشاعر لم يكن مبدعا في مجال التّصوير الفني بل مقلدا .
  5. ليس هناك تجديد في البناء الموسيقي , إذ نظم الشّاعر قصيدته على بحر البسيط , و هو وزن مناسب للمواقف الحزن والأسى , أمّا القافية فهي موحدة في كلّ الأبيات , إذ اعتمد الشّاعر على وحدة الوزن والقافية و الرّويّ .
III أتفحــــــص الاتســـــاق والانسجــام في تركيـــب فقــــــرات النـــــــص
  1. ما هي وظيفة " الفاء " في بداية البيت 12، و الواو في كلّ من البيتين 13، 14 ؟
  2. هل تلاحظ علاقة تربط بين الأبيات الستّة الأولى و بين ما يليها ؟ ماذا تستنتج ؟
  1. وظيفة الفاء هي الاستئناف, أمّا الواو فوظيفتها الجمع و الرّبط .
  2. في الأبيات السّتة الأولى كشف الشّاعر عن  ألمه و معاناته النّفسية , إذ قادته تلك المعاناة إلى تذّكر أيامه وهو في وطنه بين أهله و أحبابه , فعبّر عن شوقه و حنينه وتعلقه بأرضه و أهله , و نستنتج من خلال ذلك أن الوحدات في القصيدة تخضع لترتيب و تنسيق محكمين .​
IV أجمل القـول في تقديـــــر النــــــص
  1.  ما الدوافع النّفسية من وراء كتابة هذه القصيدة ؟
  2. أين يقف الشّاعر بين التّقليد و التّجديد ؟
  1. الشّعور بالغربة والوحدة  و الظلم و الجور و هو بالمنفى..
  2. مال الشّاعر إلى تقليد القدامى, لكنه استطاع أن يستخرج من مجموع تلك الأساليب أسلوبه الرائق .

قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.