الادبي : من وحي المنفى لاحمد شوقي
النّص :
يا نائح الطلح، أشباه عوادينا |
نشجي لواديك أم نأسى لوادينا ؟ |
ماذا تقص علينا غير أن يدا |
قصت جناحك جالت في حواشينا ؟ |
رمى بنا البين أيكا غير سامرنا |
أخا الغريب وظلا غير نادينا |
فإن يك الجنس يا ابن الطلح فرقنا |
إن المصائب يجمعن المصابينا |
لكن مصر وإن أغضت على مقه |
عين على الخلد بالكافور تسقينا |
على جوانبها رفت تمائمنا |
وحول حافاتها قامت رواقينا |
بنا، فلم نخل من روح يراوحنا |
من بر مصر، و ريحان يغادينا |
كأم موسى، على اسم الله تكفلنا |
وباسمه ذهبت في اليم تلقينا |
يا ساري البرق يرمى عن جوانحنا |
بعد الهدوء و يهمي عن مآقينا |
لما ترقرق في دمع السماء دما |
هاج البكاء قخضبنا الأرض باكينا |
قف إلى النيل واهتف في خمائله |
وانزل كما نزل الطل الرياحينا |
وآس من بات يذوي من منازلنا |
بالحادثات و يضوي من مغانينا |
إلى الذين وجدنا ود غيرهم دنيا |
و ودهم الصافي هو الدينا |
خاب الحنين إليكم في خواطرنا |
عال عليكم في أمانينا |
جئنا إلى الصبر ندعوه كعادتنا |
في النائبات فلم يأخذ بأيدينا |
سعيا إلى مصر نقضي حق ذاكرنا |
فيها إذا نسي الوافي و باكينا |
لو غاب كل عزيز عنه عيبتنا |
لم يأته الشوق إلا من نواحينا |
إذا حملنا لمصر أو له شجنا لم |
ندر: أي هوى الأمين شاجينا؟ |
أتعرف على صاحب النّص :
|
تقديم النص :
- كثيرا ما يلجأ الشّعراء - وهم في الغربة - إلى التخفيف من آلامهم وأشواقهم باستحضار أوطانهم وأحيائهم للاستئناس بهم , مثلما فعل شوقي في النّص الآتي .
أثري رصيدي لغوي :
- نائح الطّلح : النائح : الباكي .
- الطّلح : نوع من الشّجر أطلق على واد بإشبيليا كان الصّاحب بن عباد شغوفا به .
- عوادينا : مصائبنا .
- الأيك : الشّجر الكثيف .
- مقة : حبّ
- رواقينا : جمع راقية وهي التّي ترقي الصّبي تجنبا للسّحر أو علاجا له .
- الطّلّ : أضعف المطر .
- أيبتنا : غيبتنا .
- من يخاطب الشّاعر ؟
- ما الذي يجمع بينه وبين مخاطبه ؟ علّل إجابتك بقرائن لغوية .
- ما هي الصّورة الّتي رسمها الشّاعر لوطنه ؟ و علام يدلّ ذلك ؟
- اذكر الأبيات الّتي المعبّرة عن حرقة الشّاعر و شدّة شوقه لوطنه ؟ منتقيا المفردات الموحية بشدّة حالته النفسية هذه .
- في القصيدة حبّ و وفاء للوطن ، أين تمثّل ذلك ؟
- يخاطب الشّاعر طائرا ينوح على شجر الطلح مستحضرا بذلك المعتمد بن عباد ملك إشبيلية وهو آخر ملوك الطّوائف الذي نفاه يوسف بن تاشفين إلى المغرب .
- مصائب البعد والفراق هي جمعت بينه وبين مخاطبه, ومن القرائن اللغوية الدّالة على ذلك : ضمير المتكلمين في عوادينا - بنا - فرقنا - نادينا .
- يرسم الشّاعر صورة لوطنه, فهو العين التي تسقيه بالذكريات الطيّبة كرائحة الكافور , ويدلّ ذلك على شدة تعلق الشّاعر بوطنه .
- الأبيات التي عبرت عن مدى حرقة الشّاعر هي : 7 - 9 - 10 - 11 - 13- 12 - 14 - 17 - 18. ومن المفردات الموحية بشدّة حالته النّفسية : يهمي - دما - هاج - مآقينا - خضبنا - باكينا .
- تمثّل ذلك في إظهار الحنين والشّوق إليه والأسف على فراقه .
- تنوعت مصادر الإيحاء لدى الشّاعر من طبيعية و ثقافية . وضّح ذلك مستشهدا بالنصّ .
- على ما يدلّ هذا الإيحاء بالنسبة لشخصية الشّاعر الأدبية ؟
- بين أحمد شوقي في هذه القصيدة و نونية ابن زيدون الشّهيرة أوجه تشابه عدّة . وضّحها . هل تعيب على ذلك الشّاعر ؟ لماذا ؟
- ما هي الدّلالات الّتي يحملها : الاستفهام في البيتين 1 ، 2 ؟
- هل ترى في الصورة الشّعرية عند الشّاعر تقليدا أم إبداعا ؟ علّل .
- ما مدى مساهمة الجناس في الأبيات : 1 ، 2 ، 12 في إضفاء المسحة الجمالية على النصّ ؟
- استوحى الشّاعر من الطبيعة مظاهرها كالطّلح , الأيك , الكافور , البرق , السّماء , الخمائل , الرياحين...كما عاد إلى التّراث الشّعري الأندلسي إلى نونيّة ابن زيدون للتّعبير عن حالته الشّعورية .
- يدل هذا الإيحاء على نبوغ الشّاعر وسعة اطلاعه, وقدرته على الإبداع الفني .
- من أوجه التشابه بين قصيدة أحمد شوقي ونونية ابن زيدون الحالة الشّعورية , فكلاهما عبّر عن الإحساس بالغربة والوحدة والشوق إلى الوطن, التزام نفس الوزن و حرف الروي، ولا يعدّ ذلك عيبا, لأنّ الشّاعر أظهر قدرته على محاكاة القدامى ومعارضتهم .
- الغرض من الاستفهام في البيت الأول هو إظهار الأسف و الحسرة . أمّا في البيت الثاني فلإظهار العجز و الضعف .
- الصورة الشعرية عند الشاعر إبداع و ليس تقليدا مصدرها التجربة الشعرية التي استطاع بفضلها أن يصور أحداثا لشخصية أخرى تشاركه في الإحساس و هي صورة ناجحة جدا و ملائمة للحالة النفسية للشاعر .
- الجناس في الأبيات 1 - 2 - 12 أضفى مسحة جمالية في النص ممثلة في إحداث نغمة موسيقية عذبة تنشرح لها النّفس و ترتاح لها الأذن .
- إلى أيّ نمط تحيل هذا النصّ ؟ أكان خارجيا أم داخليا ؟
- في النصّ بعض السّرد و الأمر . حدّدهما . و بيّن كيف خدما النمط الغالب في النصّ .
- نمط النّص وصفي , وهو وصف داخلي , لأنّ الشّاعر عبّر عن مأساته ومعاناته النّفسيّة .
- استعان الشّاعر في النّص بالسّرد والأمر إذ نجد السّرد في قوله : رمى بنا البين ونجد الأمر في قوله : قف,اهتف, آس, سعيا, و قد أسهما في التعبير عن الحالة النفسية والموقف الشّعوري .
- ما هو الخيط العاطفي الّذي يربط الأبيات الأربعة الأولى ؟ ثمّ الأبيات الأربعة الثّانية ؟
- ما هو دور الرّابط المنطقي " لكنّ " ؟ ماذا أحدث بين الفقرتين على مستوى التدفّق العاطفي ؟
- ماذا أفاد تكرار " مصر " من حيث بناء النصّ الفكري ؟
- المتأمل في الأبيات الأربعة الأولى يجد أن الخيط العاطفي الذي يربطها هو خيط الحزن والأسى لما حل بصاحبها من مأساة ,أما الأبيات الأربعة الموالية لها فنلمس عاطفة الشوق ممزوجة ببصيص الأمل في العودة إلى الوطن ولقاء الأهل .
- أفاد الرّابط المنطقي " لكنّ " معنى الاستدراك , إذ استدرك الشّاعر من خلاله أمله في العودة إلى مصر .
- إنّ تكرار مصر في القصيدة جاء ليدلّ على أنّها مصدر معاناة الشّاعر وإلهامه , فلقد ولّد لديه إحساس الحبّ الشّعور بالغربة و الحزن و الأسى .
- ما الدوافع النفسية التي دفعت الشاعر إلى كتابة هذا النص ؟
- كيف تبدو لك شخصية الشاعر الأدبية ؟
- لقد حركت أسباب المنفى والبعد عن الوطن والأهل قريحة الشاعر فعبّر عن فيض من العواطف تجاه وطنه .
- و يعد شوقي شخصية أدبية فذة أفاد من التاريخ ومن التراث الأندلسي في نسج خيوط تجربته الشعرية , فرأى أن وضعه يشبه وضع المعتمد بن عباد الذي أطيح به ونفي وأن حزنه يشبه حزن ابن زيدون فناغاه في بكائيته
أضحى التنائي بديلا من تدانينا *** وناب عن طيب لقيانا تجافينا
مستعيرا منه الوزن والقافية والحالة الشعورية .