iMadrassa

النص التواصلي الكرم عند العرب

I الكرم عند العرب " عمر الدسوقي "
تقديم النص :

     الكرم من الصفات الخلقية  الحميدة التي اتصف بها الإنسان العربي منذ القديم ، و قد كانت إحدى مكونات مروءته ، و مصدر اعتزاز قومه به . و في أدبنا العربي القديم إشارات كثيرة إلى :ظاهرة الكرم و أصحابها ، و ما قدمه هؤلاء من بذل و عطاء في سبيل إكرام الضيف و نيل رضاه . و لأهمية الموضوع فقد كتب فيه الكثيرون من الدارسين المحدثين و منهم الأستاذ عمر الدسوقي في نصه الآتي :

النص :

     من أبرز الصفات  التي يتحلى بها الفتى ، الكرم بل إن كثيرا ممن عرفوا الفتى عند العرب قالوا : " إنّه الشّاب السخي الكريم و الفتوة هي الشباب  .

     و الكرم من السجايا التي نبتت في الصحراء  ، و نمت نموا طبيعيا و احتلت منزلة سامية في نفوس العرب .

     و الكرم أنواع كرم اليد و كرم القلب ، و كرم العقل ، و قد اشتهر العرب بكرم اليد ، و هذا النّوع من الكرم من الصفات  التي ترشح صاحبها للسيادة و الرئاسة ، و ذلك لأنّ الحياة في الصحراء  فيها قسوة على قاطنيها ، فكثيرا ما تشح السماء و تجذب الأرض ، و يلوح شبح الفاقة و الجوع ، فإن لم يتقدم من عنده فضل من غنى أو زاد لإنقاذ حياة سكان  البقاع المجدبة هلكوا جوعا و مسغبة .

     فعظم  العرب الكرم ، لأنّهم جميعا معرضون لمثل تلك المحن التي تصيبهم بين آونة و أخرى ، و التي لا يجدون لها حيلة إلا بتقدم ذوي اليسار و الجود لإغاثتهم ، فكأنّهم يدافعون عن كيانهم و حياتهم . ثم إنّ الكرم دليل الحريّة الخلقية ، و الحرية  الخلقية هي إرادة المرء الإعطاء أكثر من الأخذ ، و هي العناية و التفكير في حياة غيرك من النّاس ، و لا شك أنّ الذي يعطي أكثر مما يأخذ و يعنى بشؤون سواه ، و يفكر  في أمرهم و حياتهم كي يرأب ما بها من صدع ، و يخفف ما عليها من بؤس هو المرشح الذي تقدمت به صفاته للرئاسة ، فليس الرئيس سيدا  يأمر و ينهى و يتحكم ، و لكن الرئيس الحق الذي يحسن القيام على شؤون مرؤوسيه ، و لذلك شاع بين العرب هذا المثل :

" سيد القوم خادمهم " .

     و البيئة الصحراوية المجدبة هي التي رشحت الكرماء للسيادة و الرئاسة ، فهي مترامية الأطراف ، و السفر فيها شاق عسير ، و دروبها مضلة  ، و مهما تزود المسافر في طريقه فهو عرضة لأنّه  ينفذ زاده من طعام و ماء ، فإذا صدت في وجهه أحياء العرب التي يأوي إليها هلك في هذه الفيافي ، و انقطع به السبيل.

  و إذا لم  الكرماء على نجدة هؤلاء الذين امتحنوا بنفاذ زادهم ، أو ضلوا  طريقهم و تقطعت بهم السبل ، تعطلت الحياة في الصحراء ، و كسدت التجارة ، و زاد الناس ضيقا في معيشتهم ، لأنّ كثيرا من ملبسهم و مأكلهم ، و زينتهم ، و آلات قتالهم يجلبها التجار من خارج الجزيرة ، كما أنّ أفضل ما ينتجونه من بر و تمر و غيرهما يباع في البلدان المجاورة ، فمن مصلحتهم العامة تيسير السبل  على هؤلاء الذين يعبرون الصحراء فرادى و جماعات حتّى لا يهلكوا جوعا .

     و قد كثرت الحروب بين العرب في سبيل العيش ، فاختلفوا على المرعى و الماء و زادت حرارة الصحراء  في حدة انفعالهم ، و في استجابتهم لدواعي القتال ، و لذلك تجدهم مغيرين أو مغارا عليهم ، و في الغارات تتعرض نعمهم للنهب ، فيفقدون بذلك المورد الذي يقوم بأودهم ، و ينكبون في مقومات حياتهم ، فإن لم يسرع الكرماء لإصلاح حالهم تعرضوا للهلاك المبين .

     و يظهر فضل الأسخياء من ذوي اليسار عند طول الحرب و اشتداد الضائقة بالمتحاربين حتى  يملوا القتال ، و لا يدفعهم إلى الاستمرارية سوى اللجاج  و العناد ، هناك يتقدم أجواد الحي و عقلاؤهم ، فيصلحون ذات البين ، و يتملون ديات القتلى بالغة ما بلغت حتى يرضى الفريقان و يصلح حال القبيلتين بعد أن أفسدتها الحرب كل هذه الأسباب جعلت العرب يشيدون بالكرماء ، و يخلعون عليهم برود الحمد و الثناء ، و صار مما يعمل له الفتى العربي أن يكتسب هذا الحمد و هذا الثناء .

بتصرف " الفتوة عند العرب "

 

أكتشف معطيات النّصّ
  • ما أنواع الكرم التي ذكرها الكاتب ؟ 
  • ربط الكاتب في بداية نصه الكرم بالفتوة ، لماذا ؟
  • كرم اليد والقلب والعقل .
  • ربط الكاتب بين الفتوة و الكرم لأنّ صفة الكرم تنمو مع العرب كما ينمو بينهم أبناؤهم .
  •  ما نوع الكرم الذي ركز  عليه الكاتب ؟ و ما موقفه منه ؟
  • .ركز الكاتب على كرم اليد ،كونه من الصفات التي ترشح صاحبها للسيادة و الرئاسة  .
  • أذكر بعض عوامل انتشار تقاليد الكرم عند العرب في نظر الكاتب ؟
  • ما الذي دفع الكاتب إلى تناول هذا الموضوع ؟
  • استنتج الفكرة العامة للنص .
  • حدد أفكاره الأساسية .
  • من تلك العوامل : شدة الحرارة ،قساوة الصحراء ، صعوبة العيش ، كساد البضائع  ، قلة الكلأ ، الفقر ...
  • إعجابه الشديد بهذه الصفة  الخلقية العظيمة  بين العرب الجاهليين  من جهة ، وحرصه على انتشارها بين الناس في حياتنا المعاصرة  .
  • الفكرة العامة : تأصل صفة الكرم عند الانسان العربي الجاهلي  نتيجة البيئة القاسية  .
  •   الأفكار الاساسية : 

* التعريف بالكرم و ظروف نشأته .
* تعظيم العرب لصفة الكرم و اعتباره عنوان الحرية الخلقية .
*دور الكرم في استمرارية العمل الاقتصادي في الصحراء .
*إبراز الكاتب دور الأسخياء في إصلاح ذات البين و إيقاف الحروب  .

II أناقش معطيات النّصّ
  • ربط الكاتب بين الكرم و الحرية الفردية ، وضح ذلك ؟ .
  • من هو الرئيس الحق ؟ 
  • ربط الكاتب الكرم بالحرية لأن بينهما علاقة وثيقة فالكريم يتحرر من قيود أنانيته وشهواته  .
  • أما الرئيس الحق في نظر الكاتب فهو الذي يعتني بشؤون قومه .
  •  لا كرم بلا حرية و لا سيادة بلا كرم . ناقش هذه العبارة انطلاقا من النّص ؟
  • عبارة : " لا كرم بلا حرية و لا سيادة بلا كرم " هي  أنّ الكرم سبب الحرية و السيادة .
III أستخلص و أسجّل
  1. أشار الكاتب إلى كرم القلب و كرم العقل . ما المقصود بهما ؟
  2.   ما نوع الكرم  الذي ركز عليه الكاتب  ؟ علل .
  3. ما مظاهر البيئة الصحراوية ؟.
  4. كيف تبدو لك شخصية الكاتب من خلال النص  ؟
  1. المقصود بكرم القلب حب الخير و القيام بصالح الاعمال أما كرم العقل هو التعقل و سداد الراي و إ فادة الغير بما يحتاجون إليه .  
  2.  الكاتب ركز على كرم اليد لما له من مكانة في العصر الجاهلي 
  3. من مظاهر البيئة الصحراوية : الحروب و شساعة الصحراء و من ثم حاجة الناس لبعضهم البعض خاصة الكرم .
  4. شخصية الكاتب من خلال النص ممجدة للقيم النبيلة و محبة لبعض الصفات منها الكرم و الإيثار .

قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.