النص الأدبي الاول : منشورات فدائية لنزار قباني
النص :
لَنْ تجعلوا من شعبِنا
شعبَ هُنودٍ حُمرْ
فنحنُ باقونَ هُنا ..
في هذه الأرض التي تلبس في مِعْصَمها
إسوارةً من زهرْ
فهذه بلادُنا
فيها وُجِدنَا منذ فجر العمرْ
فيها لعِبنْا.. وعشِقْنا.. وكتبنَا الشِعرْ
مُشَرِّشُونَ نحنُ في خُلجانها
مثلَ حشيش البحرْ
مُشَرِّشُونَ نحنُ في تاريخها
في خُبزها المرقُوقِ.. في زيتونِها
في قمحها المُصْفَرّْ
مُشَرِّشُونَ نحنُ في وجدانِها
باقونَ في آذارها
باقونَ في نيَسْاَنِها
باقونَ كالحَفْر على صُلبانِها
وفي الوصايا العشْرْ ...
لا تسكرُوا بالنصرْ
إذا قتلتُمْ خالداً
فسوف يأتي عَمْرو
وإن سحقتُمْ وردةً
فسوفَ يبقى العطرْ
لأنَّ موسى قُطعتْ يداهْ
ولم يعُدْ يُتقنُ فنَّ السِحرْ
لأنَّ موسى كُسِرتْ عصاهْ
ولم يعُدْ بوسعه..
شَقَّ مياه البحرْ..
لأنَّكم .. لستُمْ كأمْريكا
ولسنا كالهنود الحُمرْ
فسوفَ تهلكونَ عن آخركم..
فوقَ صحاري مِصرْ..
المسجدُ الأقصى . شهيدٌ جديدْ
نُضيفهُ إلى الحساب العتيقْ
وليستِ النارُ ، وليسَ الحريقْ
سوى قناديلَ تُضيُْ الطريقْ ..
من قَصَبِ الغاباتْ..
نخرجُ كالجنِّ لكمْ ..
من قَصَبِ الغاباتْ
من رُزَم البريد.. من مقاعد الباصاتْ
من عُلَب الدخانِ ..
من صفائح البنزينِ..
من شواهد الأمواتْ
من الطباشيرِ .. من الألواحِ ..
من ضفائر البناتْ ..
من خَشَب الصُلْبان..
من أوعية البخُورِ ..
من أغطية الصلاةْ
من وَرَق المصحفِ ، نأتيكُمْ ..
من السُطُور والآياتْ
لن تُفْلتوا من يدنا ..
فنحنُ مبثوثونَ في الريحِ ..
وفي الماءِ ..
وفي النباتْ ..
ونحنُ معجونونَ ..
بالألوانِ والأصواتْ ..
لن تُفْلتوا ..
لن تُفْلتوا ..
فكلُّ بيتٍ فيه بندقيةٌ
من ضفَّةِ النيل إلى الفُراتْ
لنْ تستريحوا مَعَنا ..
كلُّ قتيلٍ عندنا ..
يموتُ آلافاً من المرَّاتْ ...
انتبهوا ! ..
انتبهوا ! ..
أعمدةُ النور لها أظافر
وللشبابيكِ عيونٌ عشرْ
والموتُ في انتظاركمْ
في كلِّ وجهٍ عابرٍ ..
أو لَفْتةٍ .. أو خصْرْ
الموتُ مخبوءٌ لكمْ
في مِشْط كلِّ امرأةٍ
وخُصْلةٍ من شَعرْ ...
يا آلَ إسرائيلَ .. لا يأخذْكُمُ الغرورْ
عقاربُ الساعات إنْ توقّفتْ
لا بُدَّ أن تدورْ
إنَّ اغتصابَ الأرض لا يخيفُنا
فالريشُ قد يسقُطُ عن أجنحة النسورْ
والعَطَشُ الطويلُ لا يخيفُنا
فالماءُ يبقى دائماً في باطن الصخورْ
هزمتُمُ الجيوشَ .. إلاّ أنَّكمْ
لم تهزموا الشعورْ ..
قطعتُمُ الأشجارَ من رؤوسها
وظلَّتِ الجذورْ ...
ما بيننا .. وبينكُمْ
لا ينتهي بعامْ ..
لا ينتهي بخمسةٍ .. أو عشْرةٍ
ولا بألفِ عامْ ..
طويلةٌ معاركُ التحرير.. كالصيامْ
ونحنُ باقونَ على صدروكمْ
كالنَقْش في الرخامْ ...
الاعمال السياسية الكاملة
( بتصرف )
التعريف بصاحب النص :
|
في الحقل الدّلالي :
- استخرج من النّص الكلمات الدالة على المفاهيم السياسيّة .
- الكلمات الدالة على المفاهيم السياسية في النّص هي :لن تجعلوا من شعبنا شعب هنود حمر - هذه بلادنا - لا تسكروا بالنصر - إذا قتلتم خالدا .
- إلى من يتوجه الشاعر بخطابه ؟
- يتوجّه الشّاعر في هذه القصيدة إلى : المحتل الصّهيوني ، متحدّيا ، و مهدّدا بالمقاومة ، و رافضا كل أشكال التّهجير و التّنكيل .
- سجل الشاعر حقيقة تاريخية و سياسية ما هما ؟
- الحقيقة التاريخية التي سجّلها الشّاعر وكشفها للعالم هي : أن الأرض فلسطين للفلسطينيين ، و لن تكون يوما لليهود و لن يكون مصيرها كمصير الهنود الحمر الذين سٌلبت منهم أرضهم .
- الحقيقة السياسية هي : أن الصراع العربي الإسرائيلي سيستمر حتى تُسترجع الأرض المغتصبة و أنّ روح المقاومة ستتوارثها الأجيال .
- أين يظهر في النص أن فلسطين مهبط الأديان السماوية ؟
- يظهر في النّص أن فلسطين مهبط الأديان في قول الشاعر : المسجد الأقصى شهيد جديد ـ باقون كالحفر على صلبانها ( عيسى - عليه السلام ) باقون في نبيها الكريم . قرآنها ( محمد - صلى عليه و سلّم - ) ، في قرآنها ـ و في الوصايا العشر ( موسى - عليه السلام ) .
- ما مفهوم الأصالة العربية ؟ وضح ذلك خلال النّص . وهل تراه فعالا في خدمة أهداف النّص ؟
- لقد ركز الشّاعر على مفهوم الأصالة العربيّة من خلال توظيفه للضمير " نا " و النزعة القومية العربية ، فهو سوري الأصل و لكنه فلسطيني القلب والدم فقد ظهر و كأنّه واحد من أبناء فلسطين ، وأنه مؤمن بالقضية الفلسطينية ومتمسك بأرضه المسلوبة في قوله : " هذه بلادنا " ـ "... شعبنا " وهذا ماا خدم النص جيدا .
- هل ترى إنّ المقارنة بين موقف العرب وموقف إسرائيل يخدم هدف النص ؟
- إن المقارنة بين المواقف ( عرب ، إسرائيل ) تخدم موضوع النص لأنّ الصراع قائم بين الطرفين ، بين الأوّل صاحب الحقّ و الثاني هاضم الحقّ .
- لماذا طغى أسلوب الخطاب في النّص ؟ مثّل لذلك .
- سبب طغيان أسلوب الخطاب في هذا النص راجع إلى كون الشاعر يخاطب إسرائيل و من ورائها أمريكا و حلفائها من الغرب ، و من أمثلة ذلك : يا آل إسرائيل ... لا يأخذكم الغرور ـ ما بيننا.. وبينكم.. لا ينتهي بعام ـ .....إلاّ أنكم لم تهزموا الشعور.
- في النّص صفات صريحة ومكناّة عرضها الشّاعر لكشف الحقيقة التاريخية والسياسية . وضحها .
- من الصفات المكنّاة إلى عبّر عنها عن الحقيقة التاريخية والسياسية هي : "لن تجعلوا من شعبنا شعب هنود حمر" ( كناية عن عدم الاستسلام ) "إذا قتلتم خالدا .. فسوف يأتي عمرو "( كناية عن استمرار المقاومة ) " و إن سحقتم وردة فسوف يبقى العطر "( كناية عن استمرار الثورة ) و من الصفات الصريحة قوله : "إن اغتصاب الأرض لا يخيفنا "، "هذه بلادنا " .
- ما النمط الغالب على النص ؟ علل .
- غلب النّمط الحجاجي على النّص . لأنّ الشّاعر بصدد إثبات أحقّية الشّعب الفلسطيني في أرضه و بالتّالي التّأكيد على مواصلة الكفاح حتى يعود الحقّ إلى أصحابه .
- بنى الشاعر قصيدته على الإثبات والنفي ، وضح ذلك .
- حاول الشاعر إثبات حق الشعب الفلسطيني في أرض فلسطين ونفي ذلك عن الصهاينة ومن أمثلة الإثبات قوله : " فهذه بلادنا " . و النفي : " لن تجعلوا من شعبنا شعب هنود حمر " .
- نوّع الشاعر بين الجمل الفعلية و الاسمية ، هات مثال لكل نوع .
- نوّع الشاعر في الجمل مستعينا بما يفيد الأخبار من الجمل اسمية كما في قوله : " المسجد الأقصى شهيد جديد " وعند الحديث عن استمرارية المقاومة والتحدي استعمل الشاعر الجمل الفعلية كقوله : " لا تسكروا بالنصر.. " .
- ماهي الحقيقة التي أثبتها الشاعر في النص ؟
- أراد الشاعر إثبات حقيقة هي : أن فلسطين لها أهلها الذين يعمرونها ويدافعون عنها ، و لها تاريخها العريق الذي تشهد له الديانات السماوية ( الصلبان ـ القرآن ـ الوصايا العشر ) .
- كيف استطاع الشاعر أن يربط بين الحديث عن السياسة و إظهار الجمال الأدبي والفني ؟
- نلاحظ في النّص ربطا ومزجا جميلا بين الأدب والسياسة والتاريخ والديانات ، فنحن في آن واحد نرتقي بأذواقنا الفنية ، ونكسب مهارات لغوية ونتفاعل مع الشاعر الذي يذكرنا بالمأساة المتمثلة في الاحتلال والبعد التاريخي للأمة العربية التي تنظر من يبعثها من جديد .