النص الأدبي :خطاب غير تاريخي على قبر صلاح الدين لأمل دنقل
تــمـهـيـد :
هل كان الشعراء المعاصرون بمعزل عن قضايا أوطانهم ؟ كيف عبروا عن بكائهم على الحاضر و محاولاتهم لإحياء الضمير العربي ؟
النّص :
أنت تسترخي أخيرا..
فوداعاً.. يا صلاح الدين.
يا أيها البطل البدائي الذي تَراقَص الموتى
على إيقاعه المجنون
. يا قارب الفلّين
للعرب الغَرقى الذين شتّتتهم سفن القراصنه
و أدركتهم لعنةُ الفراعنه
وسنة ... بعد سنه
.. صارت لهم ( حطّين )
).. تميمةَ الطفل . وإكْسير الغد العنّين (
( جبل التوباد حياك الحيا )
(وسقى الله ثرانا الأجنبي ! )
) مرت خُيول التُّرك )
مرت خُيول الشّرك
مرت خيول الملك – النسر
مرت خيول ( التّتر ) الباقين
ونحن جيلا بعد جيل – في ميادين المراهنه
نموت تحت الأحصنه !
و أنت في المذياع ، في جرائد التّهوين
تستوقف الفارين
تخطب فيهم صائحا : ( حطّين )
و ترتدي ملابس الفدائيين
و تشرب الشاي مع الجنود
في المعسكرات الخشنه
و ترفع الراية ،
حتي تسترد المدن المرتَهنه
وتطلق النّار على جوادك المسكين
حتى سقطْتَ أيها الزعيم
واغتالتك أيدي الكهنه !
* * *
( وطني لو شُغلتُ بالخُلد عنه.. )
( نازعتني - لمجلس الأمن - نفسي !)
نم يا صلاح الدين نم.. تتدلّى فوقَ قبرِك الورود..
كالمظلّيين !
و نحن ساهرون في نافذة الحنين
نقشّر التفاح بالسكين
ونسأل الله ( القروض الحسنه ! )
فاتحة :
آمين
التعريف بصاحب النص :
|
أثــــــري رصيـــدي اللغـــــوي :
في الأعلام :
- شخصية صلاح الدين الأيوبي : ولد صلاح الدين في تكريت عام 1138 م / 532 هـ و مات في دمشق في 3 مارس 1193 م ، الموافق يوم الأربعاء 27 صفر 589 هـ . مؤسس الدولة الأيوبية في مصر و الشّام ، فتح على أغلب مدن مملكة بيت المقدس وفتح عاصمتها القدس الأمر الذي أدى لقيام الحملة الصليبية الثالثة بقيادة ملوك فرنسا و إنكلترا و ألمانيا .
- التتر أو التتار : اسم شاع عند العرب لقبائل كانت تسكن في أواسط آسيا بين بحيرة « باسكال و جبال التاي » ، المغول .
- حطين : قرية في فلسطين انتصر فيها صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين .
- جبل التوباد : جبل في شبه الجزيرة العربية ، يقال إن « مجنون ليلى » كان يختلي فيه ، فصار رمزا للحب العذري .
- مجلس الأمن : من أجهزة الأمم المتّحدة ، غايته السهر على الأمن والسلام في العالم ، له خمسة أعضاء يتمتعون بحق « الفيتو » ، و هم الولايات المتحدة الأمريكية ، روسيا ، فرنسا ، بريطانيا ، الصين الشّعبية .
الحقل الدلالي :
- هات من النص ألفاظا تدلّ على الاستكانة و العجز و أخرى على البطولة و المجد .
- من المفردات الدالة على الإستكانة :
- شتتهم
- تميمة
- إكسير
- نموت
- نقشر التفاح...
- و من المفردات الدالة على البطولة والمجد :
- البطل
- ملابس الفدائيين
- ترفع الراية ..
I أكتشف معطيات النص :
- عنوان النص هو عتبته الأولى ، ما دلالة هده العتبة على المضمون ؟ و لم اعتبر الشاعر نصّه خطابا ؟
- رسم الشاعر مشاهد تاريخية مختلفة عبر هذا الخطاب ، اذكر مشهدا تبيّنت لك معالمه ؟
- أين تجد الاقتباس في هذه القصيدة ممتزجا بالرّمز ؟ ما فائدة هذا التّوظيف للتّاريخ الأدبي ؟
- صلاح الدين اسم ارتبط بالبطولة و النّصر ، محطّة من محطات التّاريخ ، الماضي التّليد ، استعيد فيه ما سلب من الأمة ، في حين أنّ خطاب الشّاعر مرتبط بحاضر مرير ، حاضر الانهزامات المتكررة ، حاضر الخيانة ، حاضر فقدنا فيه ما استعاده صلاح الدين من العدو ، فكيف لهذا الحاضر أن يكون تاريخيا ؟ و لأن الشّاعر يعي ثنائية ( الماضي - الحاضر، الانتصار - الهزيمة ) ، و يعي الدور المنوط بالشّاعر في لحظات الهزيمة و الانكسار اعتبر أمل دنقل نصه خطابا ، و رسالة موجهة إلى مخاطب و هو صلاح الدين و منه إلى الضمير العربي النائم الميت .
- . من المشاهد التّاريخية الّتي رسمها الشّاعر عبر هذا الخطاب، مشهد القائد صلاح الدين بين عساكره، في ميادين المعارك الّتي خاضها يسامرهم، يتفقّد أحوالهم، يتقدمهم في ساحة المعركة ، يقودهم ، يشجعهم... و من المشاهد أيضا تلك الّتي عدد فيها الشاعر الانهزامات المتتالية للجيوش العربية أمام الأعداء من ترك وتتار وصليبين و استعمار حديث .
- و من مظاهر اقتباس الشاعر من شعر شوقي و التغيير في معالمه على اعتبار أن شوقي يمثل المحافظين و شاعرنا يدعو إلى التجديد ما أخذه من قوله :
جبل التوباد حياك الحيا *** وسقى الله صبانا ورعا
II أناقش معطيات النص
- للشاعر ارتباط وثيق بصلاح الدين فيم يتمثل ؟
- . هل معاني النص تقليدية أم مبتكرة ؟ مثل لذلك مبرزا ملمحا لنزعة التجديد .
- ارتباط الشاعر بصلاح الدين هو كارتباط كل عربي غيور على وطنه ينتظر من يعيد للأمة مجدها وعزها ومن أجل ذلك نراه يرثيه و يبكيه و يعلن له أن الدّنيا بعده لم تعد دنيا فلا عزّ ولا مجد.
- و المتأمّل في النّصّ يجد الشّاعر مجدّدا في المعانيّ فرغم أنه يقتبس ممن تقدّمه ّإلا أنّه يصوغ المعاني بطريقة جديدة و يختار منها ما هو جديد في نفس الوقت ، فعن صياغة المعاني بطريقة جديدة نجده في اقتباس الشّاعر من شوقي ، و عن اختيار المعاني الجديدة نجده في الحديث عن مجلس الأمن و الحديث عن القروض .
III أحدد بناء النص
- يقوم النص على المزاوجة بين ماض مجيد وحاضر تعيس ، وضح ذلك ؟
- لم ارتبطت الوحدة الموضوعية بالوحدة العضوية في هذا النص ؟
- طبيعة الموضوع فرضت نمط النص ، فيم تبدو العلاقة بين الموضوع والنمط ؟
- زاوج الشّاعر بين الزمن الماضي المجيد ، عصر السلطان صلاح الدين الأيوبي الذي هزم الصليبيين ، و عصرنا عصر الاستكانة و الضعف و تم بذلك للشّاعر رسم الصراع و الجو الدرامي المأسوي .
- الوحدة العضوية تحقّق التّرابط بين شطري البيت و وبين أبيات القصيدة شكلا بالروابط ، و تتابعا باستمرار الحدث الذي ينقلنا إلى الوحدة الموضوعية ، ليكون للنّص الأدبي موضوع معين بدلاً من تغير محاوره إلى مواضيع عديدة ، لا يجمع بينها إلاّ وجودها داخل هذا النّص. لذلك نلاحظ الشاعر الذي يبدع القصائد تحت مسئولية الوحدة الموضوعية ينتهي من القصيدة بنهاية موضوعه .
- و لما كان الشاعر في موقف خطاب فإننا نلمس بروز النمط الحواري ، فالشّاعر منذ البداية نشعر به يحاور صلاح الدين يكلّمه و يحدثّه و يخاطبه ، و إن كان حواره غير مباشر ومن مؤشرات ذلك استعمال الضميرين أنت ونحن و قد أدى هذا الحوار وظيفة التّواصل الوجداني العاطفيّ ، غير أن نمطا آخر -بالموازاة مع هذا النّمط- نلمس أثره و هو النمط السّردي الذي يتجلى في نقل الأحداث و خاصة منها التاريخية .
IV أتفحص الاتّساق و الانسجام في النّص
- ما سبب انتقال الشاعر من ضمير المخاطب إلى الغائب و منه إلى ضمير المتكلمين ؟
- ما وظيفة الرابط الواو في ثنايا هده القصيدة ؟
- قراءة النص تظهر سمات الخطاب واستعمال الضمائر فالشاعر يخاطب صلاح الدين ويخبر عن حال العرب ، ويتحدث عن واقع معيشي حياه الشاعر و من معه من العرب المهزومين ومن أجل ذلك نلمس هذا الانتقال بين الضمائر و هو انتقال مقصود من أجل كشف هذا الكم من العواطف و الأحاسيس التي تنتاب الشاعر و تسيطر عليه .
- و من أجل تناسق أوضح بين المعاني المشتركة والمعاني التي تجتمع تحت حكم واحد استعان الشاعر بحرف العطف ( الواو ) و مثال ذلك جمع الشاعر لمرور الاستعمار تلو الاستعمار على البلاد العربية بحالة الانهزام جيلا بعد جيل .
V مجمل القول
- أين يظهر تجديد الشاعر من خلال النص ؟
- هل عكست القصيدة بعض ملامح شخصية الشاعر؟ اذكرها .
- يظهر التجديد من خلال أن النص نموذج من شعر التفعيلة الذي سما فيه الشاعر بالكلمات المألوفة إلى مستوى الكلمات الرامزة ذات الدلالات المؤثرة، فهو يسعى إلى شحن اللفظة بمدلولات شعورية جديدة مرتبطة بالأحداث المعيشة ، لذا نراه يوظف التاريخ الأدبي و التاريخ السياسي و يعطيهما أبعادا جديدة .
- عكست القصيدة بعض ملامح شخصية الشاعر التي تنم عن ألم حاد وحزن عميق وعتاب شديد وقد أسقط ذلك على ذكريات أو أمكنة و هيئات .
