البلاغة : بلاغة الاستعارة
تــذكــيــر :
الاستعارة تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه وهي قسمان :
- استعارة تصريحية : و هي ما صرح فيها بلفظ المشبه به .
- استعارة مكنية : و هي ما حذِفَ فيها المشبه به ورمز له بشيء من لوازمهِ .
الأمـــثـــلــــة :
قال شوقي و هو يرثي الشيخ عمر المختار قائد المجاهدين في ليبيا، بعد أن أسره المستعمر الايطالي ، و حكموا عليه بالإعدام ثُم رموه من الطائرة ، و كان عمره يزيد على ثمانين عاما :
ركزوا رفاتَك في الرمالِ لِواء يستنهض الوادِي صباح مســـــــاء
ياويحهم ، نَصبوا منارا مِن دمٍ يوحِي إلى جِيل الْغَدِ البغْضـــــــاء
ياأَيها السيفُ المجرد بالْفَـــلاَ يكْسو السيوفَ على الزمانِ مضـاء
و قال عمر أبو ريشة :
أَين في القُدسِ ضلوع غَضةٌ لَم تلامِسها ذُنَابى عـــــــــقرب ؟
و قَفَ التاريخُ في مِحـرابِهـا وِقْفَةَ المرتَجِفِ المضــــطَرِب
كْم رو ى عنْها أناشِيد النُّهى في سماعِ العالمِ المســــتَغْرب
الايــــــضــــــــــــاح :
- شبه شوقي شرف البطل عمر المختار بالمنار ثم حذفَ المشبه و صرّح بالمشبه به و القرينة المانعة من إرادة المعنى الأصلي لفظية وهي ( مِن دمٍ ) على سبيل الاستعارة تصريحيه . وفي البيت الثالث شبهه بالسيف ، وحذف المشبه ؛ لأنّه عين المشبه به مكتفيا بالمشبه به و القرينة المانعة من إرادة المعنى الأصلي لفظية و هي ( يا أَيها ) و هي أيضا استعارة تصريحية.
- شبه أبو ريشة التاريخ بالإنسان ثم حذف المشبه به وهو الإنسان ، ورمز إليه بشيء من لوازمه (وقف - روى)على سبيل الاستعارة المكنية
- بلاغة الاستعارة :
- تجسيد الأمور المعنوية ، كقول الشاعر أبي العتاهية يهنئ الخليفة العباسي المهدي من قصيدة :
أَتَتْه الخِلافةُ منْقادةً إليهِ تُجرر أَذْيالَها
جعل الشاعر الخلافة بفضل الاستعارة تتحول إلى فتاة مدلّلة ، فُتِن الناس بها جميعا ، و هي تأبى عليهم ، و تصد إعراضا ، و لكنّها تأتي للمهدي طائعة في دلال و جمال .
- التشخيص أي بثُّ الحياة و النّطق في الجماد كقول النبي - صلى االله عليه وسلم - و قد نظر يوما إلى جبلِ أُحد : " هذا جبلٌ يحِبنا و نُحبه " فجبل أُحد ، هذا الجماد قد تحول بفعل الاستعارة إلى إنسان يشعر قلبه بعاطفة الحب .
- المبالغة في إبراز المعني كقوله تعالى : " و الشُّعراء يتَّبِعهم الغَاوون أَلَم تَر أَنَّهم في كُلِّ وادٍ يهِيمون وأَنَّهم يقُولون ما لاَ يفْعلُون " فاستعار الأودية للفنون و الأغراض من المعاني الشعرية التي يقصدونها ، و إنّما خص الأودية بالاستعارة ، و لم يستعر الطرق و المسالك ؛ لأن معاني الشعر تستخرج بالفكر و الروية . و الفكر و الروية فيهما خفاء و غموض ، فاستعارة الأودية لها أشبه و أليق لإبراز ما لا يحس في صورة ما يحس مبالغة و تأكيدا .
- الفرق بين التشبيه و الاستعارة :
لقد رأيت في الدروس السابقة أن التشبيه البليغ هو أعلى مراتب التشبيه ؛ لأنّه يمثِّلُ درجة عالية من فن القول . أما الاستعارة فهي عالم آخر يسمو على التشبيه البليغ بدرجات . لاحظ الفرق بين التشبيه البليغ و الاستعارة في هذين البيتين :
هو البحر مِن أي النَّواحي أتَيتَه فَلُجتُه المعروفُ ، و الجود ساحِــلُه
و أَقْبلَ يمشِي في البِساطِ فما درى إلى البحرِ يسعى، أم إلى البدرِ يرتَقِي
الشاعر في البيت الأول شبه ممدوحه بالبحر ، و كذلك فعل الثاني ، غير أن الأوّل استعمل أسلوب التشبيه البليغ ، أما الثاني فقد جاء بأسلوب الاستعارة .
الفرق بين الأسلوبين : أن الشاعر الأول رفع منزلةَ ممدوحة إلى مرتبة عالية ، فقال : هو البحر ، و أوحى لنا بشعور أو بغير شعور أن الممدوح شيء و البحر شيء آخر . أما الشاعر الثاني فقد نسي ، أو تناسى أن هناك رجلا كريما ، و أبقى في الصورة عنصرا واحدا هو البحر ، موحيا أن حديثه عن البحر ليس غير .... و ما البحر الذي كان يقصده إلاّ رجلا من لحم و دم ، يسار إليه على بساط من سندس ، و تقدم إليه آيات التحية و الاحترام ، و ترفع إليه الشكاوى ، أو تُمد إليه الأيدي راغبة في أعطيات . الشاعر الأول ارتفع قليلا بممدوحه ؛ لأنّه جاء بأسلوب التشبيه البليغ ، بينما الشاعر الثاني طار بممدوحه باستعماله أسلوب الاستعارة ، و شتّان بين التشبيه البليغ و الاستعارة . و العجيب في أمر الاستعارة أن عناصرها هي عناصر التشبيه البليغ ، نقص منها أحد طرفيه : المشبه أو المشبه به ، و أعجب من هذا أن الصورة زادت جمالاً بهذا النقصان من العناصر الأساسية . لهذا فليست الزيادة في الكلام سبيلا إلى الجودة أبدا فلقد يكون في الحذف و الاختصار آية الإبداع في نظم الأساليب الفنية الجميلة .
- إختبارات
- 10
- الأجوبة الصحيحة
- False
- الأجوبة الخاطئة
- False
- مجموع النقاط
- False
المراتب الخمس الأولى في Quiz
- kevin Prince
- 200 نقطة
- آلمخلف'ة ٱلفتآة'
- 112 نقطة
- علاء الدين بوشريط
- 0 نقطة