النص الأدبي : الصراع بين التقليد والتجديد لطه حسين
النّص :
إن الذين يذكرون الربع الأول من القرن العشرين لم ينسوا بالطبع تلك الخصومات العنيفة التي ثارت بين شباب الأدباء وشيوخهم حول المثل الأعلى في الشّعر أولا، وفي النّثر بعد ذلك، ولم ينسوا أن العرب في مختلف أقطارهم خضعوا لتيارين خطيرين من التيارات الأدبية. أما أحدهما فكان يأتيهم من الغرب الأوروبي، و أما الآخر فكان يأتيهم من الأدب العربي القديم الذي أخذ يحيا ويسيطر على النّفوس و الأذواق منذ أواسط القرن الماضي، و لعلهم يذكرون أن تلك الخصومات كانت خصبة حقا وأنّها لم تمض مع رياح الصيف أو رياح الشتاء ، و إنّما تركت في أدبنا العربي الحديث آثارا ما زالت باقية وإن كان كل شيء يدعوها إلى العفاء في هذه الأيام . و حسب هذه الخصومات أنّها أنشأت نثرا عربيا خالصا لم يفن في الغرب الأوروبي ولم يفن في أدب الجاهليين والإسلاميين والعباسيين، وإنّما صور شخصية عربية ممتازة من هذين الأدبين. وكان قوام هذه الخصومة الثورة على الفناء في القديم من جهة الشباب، والإغراق في المحافظة على القديم من جهة الشيوخ، وكان أدباء الشباب يقومون مقاما وسطا بين الغلو في التجديد وبين الغلو في المحافظة. باللغة العربية الفصحى لا ينحرفون عنها و لا يعنفون بها ، ولكنهم يرون هذه اللغة ملكا لهم ، ولا يرون أنفسهم ملكا لها ، يطوعونها لما يريدون من أغراض الحياة الحديثة التي يحياها النّاس والتي لم يعرفها القدماء، ولكنهم لا يفسدون أصولها، ولا يخرجون على قواعدها، ويستبيحون لأنفسهم أن يثوروا على المعجمات القديمة التي وقفت باللغة العربية عند القرن الثاني للهجرة ، ويبتكرون ما يحتاجون إليه من ألفاظ لا يجدون بذلك بأسا، ولا يتحرجون من أن هذه الألفاظ ليست مسجلة في هذا المعجم القديم أو ذاك، فمن حقهم أن يسخِّروا أنفسهم للّغة ، و من الحق عليهم إذن أن يغنوها ويضيفوا إليها من جديد الألفاظ ما لم يكن فيها، ثم يثوروا كذلك على أساليب القدماء في التعبير الشعري والنّثري، وإنّما يصطنعون من الأساليب ما يلائم حاجاتهم، وما يثيره في نفوسهم من العواطف والخواطر و الآراء ، و هم رغم ثورتهم هذه لا يفَرطون في القديم، و إنما يحفظونه، يمضون في إحيائه يرونه من كنوزهم النّفيسة التي لا ينبغي التقصير في رعايتها و حمايتها و صيانتها من الضياع والفساد جميعا .
أتعرف على صاحب الـنص :
|
أثــــري رصــــيـــــدي :
- قــــوام : هو نظام الأمر ، عماد كل شيء .
- الإغـــــراق : المبالغة .
- الغلـــــــو : الكبر ، المبالغة .
- ما الذي أثيرفي بدايات القرن العشرين و من الذي أثاره ؟
- من أي جاءت التيارات الأدبية إلى الأقطار العربية ؟
- إلام كان يدعو المتخاصمون في الأدب ؟
- ما الذي انبثق عن ذلك ؟ و كيف وصفه الكاتب ؟
- ما المقصود من عبارة : " يرون هذه اللغة ملكا لهم ، و لا يرون أنفسهم ملكا لها " ؟
- أثيرت في بداية القرن قضية من هو الشاعر الحقيقي المجيد ؟ و أثار ذلك مجموعة من الأدباء ، شيوخ ، شباب ( مجددون و محافظون ) .
- التيارات التجديدية نشأت متأثرة بالآداب الغربية أما التيار المضاد فاعتمد في تشكيلة على الأدب العربي القديم ( فقد نشأ كرد فعل على التيار الأول ) .
- التيار التجديدي كان يدعو إلى الثورة على القديم و تطويع اللغة و الأدب لتتماشى و أغراض الحياة الحديثة و إلى إثراء المعجم اللغوي القديم بإضافة ألفاظ حديثة و بذلك تتطور اللغة و المحافظة على القديم باعتباره تراثا . أما التيار المحافظ فكان يدعو أصحابه إلى التمسك بالقديم و عدم الخروج عليه .
- انبثق عن ذلك نثر أدبي متميز و قد وصفه الكاتب بالنثر العربي الخصب .
- أي أن اللغة عندهم وسيلة للتعبير عن أفكارهم لذا فيجب تجديدها و تطويرها بألفاظ حديــثــة .
- ما المقصود بالتيار الأدبي ؟ و هل يؤثر في سير و تطور الإبداع العربي ؟
- لماذا وصف الكاتب هذه التيارات بالخطيرة ؟
- لقد أكدّ الكاتب على أنّ الأدب صورة للمجتمع و الأمّة ، أين يظهر ذلك من النّصّ . وضّح ذلك.
- هل الصراع الذي ذكره الكاتب هو الأول من نوعه في تاريخ الأدب العربي ؟ وضح و علّل .
- التيار في الأدب و الفن اتجاه عام نحو فكرة معينة أو تذوق معين تتبعه مدرسة من مدراس الأدب و الفن و التيار قد يشمل عدة مدارس فنية متنافرة من ذلك محاربة الكلاسيكية بتيار بارز في كثير من المدارس و يؤثر ذلك في سير و تطور الأدب ففي الأدب العربي أدّى إلى نشوء أدب متميز معتدل حافظ على اللغة و طورها.
- قد يقدم عليه بعض منتمي هذه التيارات من تصرّفات تحجز على حريّة الإبداع الأدبيّ .
- يظهر ذلك في قوله : " يطوّعونها لما يريدون من أغراض الحياة و التي لم يعرفها القدماء " فالكاتب من الذين يدعون إلى التّجديد في اللّغة و إثراء المعجم العربيّ بألفاظ حديثة تساير العصر .
- إن هذا الصّراع ليس جديدا في الأدب العربي بل قديم تعود جذوره إلى العصر الجاهليّ .
- لأول وهلة لا نلتفت إلى التصوير الفني المعتبر في النص لكننا مع التركيز نعثر على الكثير من الصور . هات بعضها و بين مكمن بلاغتها .
- وظف الكاتب الكثير من الطباق في نصه ما غايته من ذلك ، و هل أدى وظيفته الدلالية ؟ مثّل .
- أذكر بعض الجمل السردية الواردة في النص و بين الغرض من سردها .
- من الصور البيانية الواردة في النص : " المثل الأعلى في الشّعر" كناية عن الريادة و التفوق .
- " تلك الخصومات كانت خصبة " استعارة مكنية فيها تجسيم للمعنى في صورة محسوسة .
- " الثورة على الفناء في القديم " استعارة مكنية فيها تشخيص و إيجاز .
- " الأدب العربي القديم الذي أخذ يحيي و يسيطر على النفوس " : استعارة مكنية فيها تشخيص .
- غايته من توظيف الطباق تأكيد المعنى و إبرازه فبالأضداد تتّضح الأمور . و من ذلك :
- " يرون هذه اللغة ملكا لهم # لا يرون أنفسهم ملكا لها " .
- " شباب الأدباء # شيوخهم " .
- " رياح الصيف # رياح الشتاء " .
- " القديم # الحديث " .
- " إنّ الذين يذكرون الربع الأول من القرن العشرين لم ينسوا.. " . غرضه : التمهيد لموضوعه بمقدمة مشوقة .
" كان أدباء الشباب يقومون مقاما و سطا " . غرضه : إبراز موقف المجددين .
- من مميزات هذا النص التكرار في اللفظ و المعنى أين يظهر ذلك و ما غاية الكاتب منه ؟
- الجمل التي وظفها الكاتب متنوعة اسمية و فعلية ما دلالة ذلك في النص مع الدعم .
- يظهر التكرار في قوله : " و من الحق عليهم أن يغنوها و يضيفوا إليها من جديد الألفاظ " و غاية الكاتب من التكرار هو الإلحاح على المعنى و محاولة الإحاطة بكل جوانب الموضوع و إشاعة نغم موسيقي خاص .
- وظف الكاتب الجمل الفعلية في السرد و إصدار الأحكام : " و إنما تركت في أدبنا العربي "... أما الجملة الاسمية ، فيدل توظيفها على تقرير الأحكام النّقدية المعبرة عن وجهة نظر الكاتب.
- هل أسقط الكاتب ملامح شخصيته على النص ( شكلا و مضمونا ) ؟
- في أي فئة تصنفه : فئة المجددين أو فئة المقلدين ؟
- نعم أسقط الكاتب ملامح شخصيته على النص فمن حيث الشكل نجد فيه التكرار و الإكثار من حرف العطف و الإحاطة في المعاني و الجمل و هو الذي قال عن نفسه " أنا رجل ثرثار بطبيعتي " .
أما من حيث المضمون فقد حمل النص آراء الكاتب حول الصراع القائم بين المحافظين و المجددين .
- نصنف الكاتب في فئة المجددين الذين يدعون إلى التجديد مع الحفاظ على التراث الذي لا يعرض الأدب إلى الركود .