نص تواصلي
ماهو الحب العذري ؟ هو حب خالص من الشوائب الدنس و الرجس هو حب طاهر شريف لا يعرف مخزيات الماثم ولا منديات الأهواء .
وفي هذا الحب يمتري كثير من الناس لأنّ ظواهر الأحوال تشهد بأنه عاطفة غير طبيعية و الحق أنّ الحب في جوهره هو اقتحام و اإتحام و إستئثار و إمتلاك هو عدوان أرواح على أرواح و استبداد قلوب بقلوب وما نراه من توجع العشاق و تفجعهم و تحزنهم و إعلان استعدادهم للفناء .
فيمن يحبون ليس إلا وسيلة للظفر بما يشتهون .
ونحن مع ذلك أمام ظاهرة وقعت بالفعل هي وجود عشاق وصل بهم العشق إلى حد التصرف فلم تكن في ظواهر الأمر مآرب حسية يطفئون بها ظماهم إلى الإستئثار و الإمتلاك عندنا عشاق عذريون وعند سوانا عشاق أفلاطونيون وذلك جد من الجد لم يتناوله عشاق العرب وغير العرب لاهين أو مازحين و انما تناولوه بنفوس صافية و قلوب صحاح فما تعليل هذه الظاهرة الوجدانية ؟ وما الرأي في هذا الحب الغريب الذي يفرض التضحية بمارب الشهوات و الأهواء ؟ الرأي واضح لمن يعرف وهو أن شهوة الحس مطلب صغير بجانب شهوة النفس ويا نفس كم هي كثيرة شهواتك؟.
إن الشاعر لا يسمو ولا يرتفع ولا يحلق في الأجواء العالية إلا أن خلصت روحه من الأوضار الأرضية ونظرا إلى الوجود نظرة أعلى من نظرات المجذوبين إلى الأرض بجواذب المنافع و الأغراض .الشاعر ليس بحيوان وإنما هو ملك فان لم يكن ملكا فهو انسان من طراز غير طراز هذا الخلق الذي يسد جوعه بالطعام و الشراب كما يصنع سائر الحيوان .
الشعراء لا ينظرون إلى النجوم نظرة إهتداء كما يصنع السارون في ضمائر الصحراء وإنما ينظرون إلى النجوم نظرات ذوقية وروحية يفرضها عليهم الهيام بتذوق جمال الملكوت و الشعراء هم الذين علموا الناس أن للجمال غاية غير ما ألفوا من الغايات الشعراء هم الذين فطفنوا إلى أن للوجود محاسن تشتهى بجوانح غير الحواس فهل يكون من العجب أن يخلق الشاعر من معشوقته دمية روحية بجاذبها أطراف الحديث حول أسرار الوجود ؟.
يستطيع أي مفكر أن يقول : أن الشعراء العذرين لم يتغنوا بطهارة الحب إلا بسبب الضعف وأن يزعم أن عفافهم لم يصدر عن تحليق وإنما صدر عن اسفاف إلا اننا نقول أيها المفكرون لو فكرتم أن الشاعر يتاذى من الغايات الوضيعة ولا يرضى عن المرأة إلا أن شاركته في السمو إلى الأفاق الروحية وحملته من مكاره الحب ما يملك به القدرة على النواح و الأنين .
الشاعر يطلب غاية مجهولة في العالم المجهول وهو يكره أن تكون معشوقته انسانية هينة لينة يملك من سائر جمالها ما يشاء حين يشاء ومن هنا ما قيل أن المجنون تناوم في حضرة ليلاه ليراها في تهاويل الطيف وإنما كان ذلك لأن الصورة النموذجية للمرأة الجميلة لا يمثلها الواقع كما يمثلها الخيال .
الشاعر العذري يخلق للمرأة شمائل تميزها عن سائر بنات حواء فهو يخلق منها قوة روحية تسيطر على مسالك ضلاله و مذاهب هداه هو يراها امنع من الظبية العصما وقد يراها ابعد من نجم السماء .
المرأة عند الشاعر العذري مثال رائع لا تحده الأوهام ولا الظنون هي جنية لبست ثياب المرأة لتخبله وتستبيه بلا ترفق ولا استبقاء .
وأهم ما يجب تقيييده هو نص على مذاهب أولئك العذريين في الحياة وهم في أغلب أحوالهم لم يكونوا رجال أفعال فليس في التاريخ شواهد تدل على أن حيواتهم كانت فيها شواغل جدية تصرفهم عن التغني بالصبابة و الوجد وتجنبهم عواقب ذلك الخبال السخيف هم قوم شغلوا أخيلتهم و أوهامهم بتعقب الصورة الجميلة التي راضتهم على النوح و البكاء ومازالوا يطوفون حول هواهم حتى توهموه بابا من أبواب الجهاد وحتى رأوه فرصة من فرص الاستشهاد .
الحب العذري حقيقة من حقائق وليس فرضا من فروض ولا يرتاب في الحب العذري إلا اللذين ضاقت منادح أهوائهم فلم يجروا إلا في ميدان الحسن المبذول وأولئك قوم يمشون في دنيا الحب مشي المقيد في الوحل فلا يتعالون إلى فكرة سامية ولا يتسامون إلى مقصد رفيع الحب العذري هو معركة عنيفة تقع في ميدانين :الأول ميدان الصراع بين الشاعر وهواه و الميدان الثاني : ميدان القتال بين الشاعر ومن يهواه وهو في الميدان الثاني لا يطارد فريسة تنال بأيسر الجهد وإنما يطارد ظبية عصما لا تنال إلا باقتحام الأهوال فوق قمم الجبال و الحب العذري حين نتصوره هذا التصور لا يكون إلا رياضية أخلاقية وقد كان كذلك بالفعل في أنفس من أقبلوا عليه من أعاظم الشعراء و ذلك سر القوة في النسيب الذي صدر عن أولئك الرجال القوة التي قضت بأن ينتقل من الأرض إلى أرض ومن جيل إلى جيل وهو في روعته الباقية و جلاله المرموق .
بتصرف من كتاب :" العشاق الثلاثة "
- ما مفهوم الحُب العُذري حسب ما جاء في النّص؟
- هل يتناقض الحُب العُذري مع جوهر الحُب؟ علٍّل إجابتك.
- بِم يُضحي العُذريون؟ وبِمَ علل الكاتب هذه الظاهرة؟
- إلى أي مقام رفع صاحب النص الشاعر؟ ولماذا؟ أي شيءٍ يُؤذي الشعراء؟
- بِم رد الكاتب على مَنْ رموا العُذريين بالضعف ؟
- ما نظرة الشاعر العُذري للمرأة؟ وهل هي نظرة واقِعية ؟
- مَنْ هي المرأة التي يتعلق بِها الشعراء العُذريون؟ وماذا يكرهون في المرأة؟
- ما وجه الشبه في تشبيه الكاتب للحُبّ العُذري بالمعركة؟
- مَنْ هُم المُرْتابون في حقيقة وُجود الحُب العُذري؟ بمَنْ شبّههُم الكاتب؟
- ما سِر خُلود الشعر العُذري؟
- مفهوم الحُب العُذري حسب ما جاء في النّص أنّهُ حًب خالص مِن شوائب الدنس والرجس، حُبّ طاهر شريف لا يعرف مُخزيات المآثم، ولا مُنديات الأهواء.
- لا يتناقض الحُب العُذري مع جوهر الحُب؛ وذلك أنّ الحُب في جوهره هو اقتحام وامتلاك، هو استبداد قُلوبٍ بِقُلوب، وما نراه من توجع العُشاق واستعدادهم للفناء فيمن يُحبون ليس إلا وسيلةً للظفر بِما يشتهون.
- يُضحي العُذريون بِمآرِب الشهوات والأهواء، وقد علل الكاتب هذه الظاهرة بِأنّ شهوة الحِس مطلب صغير بجانب شهوة النفس.
- رفع صاحب النص الشاعر إلى مقام الملك؛ وذلك أنّ روحه خلصت مِنَ الأوضار الأرضية، ونظر إلى الوجود نظرة أعلى مِن نظرات المجذوبين إلى الأرض بِجواذب المنافع والأغراض. الشيء الذي يؤذي الشعراء هو جوع الأرواح لا جوع البُطون.
- رد الكاتب على مَنْ رموا العُذريين بالضعف أنّ الشاعر يتأذى مِن الغايات الوضيعة، ولا يرضى عن المرأة إلا إن شاركتهُ في السمو إلى الآفاق الروحية و حملته مِن مكارهِ الحُب ما يمْلكُ بهِ القُدرة على النواح والأنين.
- نظرة الشاعر العُذري للمرأة، أنّها مِثال رائع لا تحُدّهُ الأوهام ولا الظنون، هي جنية لبست ثياب المرأة لِتخبِلهُ وتستبيه بلا ترفّق ولا استبقاء.
- المرأة التي يتعلق بِها الشعراء العُذريون هي التي يروْها أمْنع مِن الظبية العصماء أو أبْعد مِن نجم السماء.هذا ويكرهون في المرأة أنْ تكون هينة لينة يملِكون مِن سائر جمالها ما يشاؤون متى شاؤا.
- وجه الشبه في تشبيه الكاتب للحُب العُذري بالمعركة هو كُل مِن الصراع الذي يقع بين الشاعر وهواه مِن جهة، والقِتال الواقع بين الشاعر ومَنْ يهواه مِن جِهةٍ أُخرى. تماماً كما يقع في المعركة.
- المُرْتابون في حقيقة وُجود الحُب العُذري هُم الذين ضاقت منادح أهوائهم فلم يجروا إلا في ميدان الحُسن المبذول، وقد شبههم الكاتب بِمَنْ يمشي في دُنيا الحُب مشْيَ المقييد في الوحْل.
- يعود سِر خُلود الشعر العُذري إلى كونه رياضة أخلاقية تنتقِل مِن أرضٍ إلى أرض، ومِن جيلٍ إلى جيل وهي في روعتِها الباقية وجلالِها المرموق.
- لماذا يبدو الحُب العُذري عاطفة غير طبيعية في نظر الكاتب؟
- ما غِذاء الأرواح في رأي الكاتب؟
- ما أثر عِبارة "كما يصنع السارون في ضمائر الصحراء" على معنى الفقرة ؟ علّل إجابتك بتحليل الصورة البيانية.
- ما نوع الحُب الذي يقابل الحُب العُذري؟ وما خصائصه ؟
- يبدو الحُب العُذري عاطفة غير طبيعية في نظر الكاتب؛ لأنّ ظواهر الأحوال تشهد بأنّهُ عاطفة غير طبيعية.
- غِذاء الأرواح في رأي الكاتب هو الحُب.
- أثر عِبارة "كما يصنع السارون في ضمائر الصحراء" على معنى الفقرة، أنّها زادت المعنى قُوةً وجلاءً؛ وذلك مِن خلال التشبيه التمثيلي بين حال الضياع الذي يشْعُر بهِ الشعراء حين ينظرون إلى النجوم نظرات ذوقية وروحية يفرِضُها عليهم الهُيام، وبين حال الضياع الذي يشْعُر بهِ السارون في ضمائر الصحراء حين ينظُرون إلى النجوم نظرة اهتداء. صورةً بِصورة.
- نوع الحُب الذي يُقابل الحُب العُذري هو الغزل الماجِن، وتتمثل خصائصه في وصف المرأة وصفاً حِسيا إلى جانب وصفها وصفاً روحِيا. ومِن أشهر شعرائه: امرؤ القيس، وعُمر بن أبي ربيعة.
حدد القِيم التي يقوم عليها الحُب العُذري.
القِيم التي يقوم عليها الحُب العُذري هي : العِفة والطهر والصفاء والترفع عن وصف المرأة وصفاً حِسيا والاكتفاء بِذِكْر أحاسيسِه وأشواقِه وصِدْقِ مشاعِرِهِ وإخلاصه. وعليه فهي تجمع بين القِيم الأخلاقية، والاجتماعية، والإنسانية.
اُذكُر الشعراء الذين اشتهروا بالحُب العُذري.
- الشعراء الذين اشتهروا بالحُب العُذري هُم :
- جميل بن معمر، المعروف بِجميل بُثينة.
- قيْس بن ذريح، المُلقب بِقيس لُبْنى.
- قيْس بن الملوح، المُلقب بِمجنون ليلى.
