مـطـالـعــة مـوجـهــة : الـفـيـل يـا مـلـك الـزمـــان
سعد الله ونّوس، أديب مسرحي سوري، ولِد سنة 1941 في (حصين البحر) إحدى قُرى مُحافظة طرطوس في سورية، درس الصحافة في مدارس القاهرة، شغل بعض المناصب الإدارية والثقافية في سورية. اشتهر بالكِتابة المسرحيّة، نال عددا من الجوائز. توفي سنة 1999 م. من مُؤلفاته:
- الفيل يا ملك الزمان.
- حفلة سمر من أجل 5 حُزيران.
- الملك هو الملك.
سببان جوهريان أديا بالكاتب إلى كِتابة هذا النّص المسرحي، أو بالأحرى هذه الصرخة الأليمة وهُما الاستِبداد المُتفشّي في الوطن العربي، والمُجتمع الخانع الذي لا يُحرك ساكِناً وإن أراد التحرك أو التّغيير فلن يذهب بعيداً خوفا أحياناً وطمعا في المناصب والجاه أحيانا أخرى. هذا ما سنجده في هذا النّص المفعم بِكثير من الدلالات.
امام الملك :
(يتقدم الحارس ووراءه الناس يتلامح على وجوههم الخشوع و الخوف و الارتباك كلما تقدموا داخل القصر ) ..
أصوات:
أترى النوافير؟
كالخيال
- أنظر إلى الرخام
- يتلألأ بكل الألوان
((صوت زكريا):
- أمشوا بهدوء ولا تجروا أحذيتكم جرا.
- الحراس قساة
- ينتظرون إشارة وتسقط الأعناق .
(يرتقون الدرجات المفضية إلى الباب الرئيسي. حارسان يقفان على جانبي الباب).
- سيظهر العرش بكل مهابته.
- ترتخي ركبتاي
- قلبي يدق.
- احذروا أن تلوثوا السجاد.
- أين الملك؟
(يفتح الحارس بابا في صدر البهو يقف عليه أربعة حراس)
- تشتد الحراسة من باب إلى باب.
- وجوههم من الصوان أو الفولاذ.
- بدأت أتعرق.
- (صوت الطفلة) أين يختبئ الملك؟.
- هسْ.....
(صوت زكريا): اضبطوا أعصابكم
الحارس: (ملتفتا إلى الجماعة، وقد تزايدت رنة الاحتقار في صوته) الآن تدخلون قاعة العرش. الويل لكم إنّ بدر منكم شغب. للمثول أمام الملك أصول فلا تنسوا ذلك..
زكريا: سنثبت أننا نحسن الوقوف بين يدي الملك أتسمعون؟ يجب أن نكون في غاية الأدب..
ندخل في صفوف منتظمة، وننحني باحترام وخشوع، ثم بعدئذ نرفع للملك شكايتنا..
- سنرى الملك:
- رأسي يدور.
- قلبي يدق.
- (يفتح حارسان مصراعي الباب الكبير)
الحارس: (ميمما وجهه إلى الداخل. لا يزال على الباب) عامة المدينة على الباب يا ملك الزمان .
- الملك: (من الداخل) ليدخلوا.
الحارس: احنوا رؤوسكم وادخلوا..
(يتقدم زكريا، يتبعه الناس الذين بدا الذعر والاضطراب يشتتان نظراتهم، وخطواتهم أيضاً)
أصوات: (مبحوحة، وراعشة) الملك وبيده الصولجان.
- ضوء كالشمس.
- لا ترفع رأسك.
- الحراس كالأشباح.
(تتجمد الملامح. يتحول الخوف صمتا باردا. الجميع خافضوا الرؤوس، زكريا في طليعتهم.
ينحنون إلى أقصى حدود الانحناء، م لا يجرؤون على النهوض بعدئذ).
الملك: ماذا تريد الرعية من ملكها؟
صمت ثقيل. لا اختلاجة ولا حركة. مجموعة من الأجساد المقوسة اليابسة
الملك: أأذن لكم بالكلام. مم جئتم تشكون؟
- زكريا: (متجرئاً ، صوته راجف) الفيل يا ملك الزمان
الملك: ما خبر الفيل؟
صوت: (راعش من بين الجماعة) قت.. (ثم يختنق الصوت ، ويتلفت صاحبه حوله بذعر).
- زكريا: (يقوي صوته (الفيل يا ملك الزمان).!!
الملك: (متأففاً) وماله الفيل؟
صوت الطفلة: (خفيضاً ) قتل ابن.. (تضع الأم يدها بهلع على فم الصغيرة وتجبرها على السكوت).
- الملك: ماذا أسمع؟
- زكريا: (محرجا وغاضبا. يعلو صوته أكثر) الفيل يا ملك الزمان!
الملك :كاد صبري أن ينفذ. تلكم . ما خبر الفيل؟
زكريا: (يائساً، يتلفت نحو الناس المقوسي الظهور في انحناءة خوف)
- الفيل يا ملك الزمان.
الملك: توقف عن هذا النواح: الفيل يا ملك الزمان. اما أن تتكلم أو أأمر بجلدك.
(يتفرس زكريا في الناس باحتقار ويأس. يتردد لحظات ثم يتغير وجهه، ويتقدم من الملك).
زكريا: (يمثل ما يقوله بخفة وبراعة) نحن نحب الفيل يا ملك الزمان. مثلكم نحبه ونرعاه.
تبهجنا نزهاته في المدينة. وتسرنا رؤياه. تعودناه حتى أصبحنا لا نتصور الحياة دونه.
ولكن لاحظنا أن الفيل دائما وحيد لا ينال حظه من الهناءة والسرور. الوحدة موحشة يا ملك الزمان..
لذلك فكرنا ان نأتي نحن الرعية فنطالب بتزويج الفيل كي تخف وحدته، وينجب لنا عشرات الأفيال .مئات الأفيال .آلاف الأفيال .كي تمتلئ المدينة بالفيلة .
- أصوات: (كالحشرجة) تزويج الفيل !
الملك: (مقهقهاً) أهذا ما جئتم تطلبونه؟
- زكريا: لعل مولاي لا يرد لنا الرجاء.
الملك: (ملتفتا إلى وزرائه وحاشيته) أتسمعون! مطلب في غاية الطرافة. كنت أقول دائما أني محظوظ برعيتي. حنان ورقة في الشعور.
رعيتي مليئة بالحنان. كلها حنان. طبعا سننفذ للشعب مطلبه.
(يدق الصولجان) فرمانات ملكية.
الفرمان الأول يأمر بالخروج إلى بلاد الهند
للبحث عن فيلة يتزوجها الفيل. الفرمان الثاني يأمر بمكافأة هذا الرجل الجريء وتعيينه مرافقاً دائماً للفيل.
الفرمان الثالث يأمر باقامة فرح عام ليلة العرس، تدق فيه الطبول، وتوزع على الشعب .
- المآكل والمشروبات ويعم السرور والانشراح خمسة أيام بلياليها.
- زكريا: أدام الله فضل الملك علينا.
- أصوات: (كالحشرجة) أدام الله فضل الملك علينا.
- الملك: (ضاحكا) مطلبكم أجيب. تستطيعون الانصراف.
بتصريف .من مسرحية "الفيل ياملك الزمان ".
- أين جرت أحداث المشهد المسرحي؟
- كثُرت في المسرحية أوصاف الممثلين ومشاهد الفقر، استخرج بعض الأوصاف.
- حدد شخصِيات المسرحيّة المِحورية، ماذا تمثل كُل مِن هذه الشخصيات؟
- علام يدُل الإكثار مِن الحراسة داخل القصر؟
- لِماذا لم تتجرأ الرعية على الإفصاح عن حقيقة زِيارتها للملك ؟
- جرت أحداث الحدث المسرحي في قصر الملك.
- من أوصاف الممثلين : على وُجوههم الخُشوع والخوف والارتِباك، وجوههم من الصوان أو الفولاذ، الأجساد المقوسة اليابِسة، جوته راجف...
ومن مشاهد الفقر قول الرعية : أترى النوافير؟ اُنظر إلى الرخام، احذروا أن تُلوّثوا السجاد .
-
الشخصيات المسرحية المحورية هي :
زكريا : شخصية رئيسية ، الناطق باسم الرعية ، يتميز بالجُرأة التي يتخلّلُها الخوف و التردد .
الملك: شخصية رئيسية ، ترمُز للسلطة والجبروت.
الرعية : الطبقة المغلوبة على أمرها.
الصوت: صوت الحقيقة الذي لا يكاد يُسْمع.
-
يدُل الإكثار من الحراسة داخل القصر على الظلم والاستِبداد والخوف من الانقلاب عليه.
-
لم تتجرأ الرعية على الإفصاح عن حقيقة زيارتها للملك، لِخوفها الشديد من ظلم الملك وجبروته.
- ما نوع المُشكلة التي عالجها الكاتب ؟ وما أثرُها على الفرد والمُجتمع؟
- ما الدلالات الّتي تضمّنتها الألفاظ التالية – وقد وضعها الكاتب بين قوسين: (صمت ثقيل)، (صوته راجف)، (راعش...)...؟
- أرادت البنت الصغيرة أن تُفاجئ الملك بِحقيقة الزيارة، ما رد فعل أمها ؟ وبِم يوحي لك ؟
- ما الأوضاع التي أراد الكاتب أن ينتقِدها في المُجتمع العربي ؟ وما موقفه مِنها ؟
- نوع المُشكلة التي عالجها الكاتب هي علاقة الحاكم بالمحكوم، ،و التي يجب أن تكون مبنية على العدل والمُساواة، وأن يكون الحاكم في خدمة المحكوم، لا أن يكون مستبِدا، ظالِما، مُستعْبِدا.
- الدلالات التي تضمنتها الألفاظ هي : الخوف الشديد ، الخُنوع،..
- رد فعل الأم هو أنّها أغلقت فم الصغيرة، وهو ما يوحي إلى الخوف الشديد.
- الأوضاع التي أراد الكاتب أن ينتقِدها في المُجتمع العربي هي : استِغلال الحُكام لِمناصبهم، السيطرة على الشعب وعلى خياراته، الظلم والاستبداد.
وموقف الكاتب مِنْها هو رفض الخُنوع والامتثال، وفض الظلم و التسلط .
- استخرج مِن النّص العِبارات الدالة على الخوف و التراجع .
- ما النمط السائد في النّص؟ علل . عُد إلى القاموس وابحث عن جُموع المُفردات الآتية: ركبة، نهار، بهو.
- لأي فن نثري ينتمي النص ؟
- العبارات الدالة على الخوف و التراجع هي :
ترتخي رُكْبتاي.
قلبي يدق.
بدأْتُ أتعرق.
رأسي يدور.
بدأ الذعر والاضطراب يُشتّتان نظراتهم وخُطواتهم أيضا.
أصوات مبحوحة راعِشة.
صمت ثقيل لا اختلاجة ولا حركة،...
- نجد كُل من النمط السردي، الوصفي، والحِواري؛ وذلك أنّها في مجموعها تشكل فن القصة أو المسرحية .
- جمْع ركْبة: رُكَب.
جمْع نهار: أنْهُرٌ، ونُهُرٌ.
جمع بهْو: أبْهاءٌ.
4. ينتمي إلى فن المسرحية