نص أدبي صِفة الإمام العادل الحسن البصري
الحسن البصري من مواليد 21 هـ بالبصرة، وهو مِن مشاهير الثقات، كان فريداً في معرفة الأحكام الشرعية والوعظ والحديث، توفي عام110 هـ.
النّص الذي بين أيدينا جُملة مِن النصائح والإرشادات يقدمُها الكاتب للإمام العادل حتى ينجح في تأدية رسالته ويوفق في إدارة شُؤون رعيته ، ويفوز في النهاية بالدارين. وكثيراً ما كان الخُلفاء يستعينون برأي العُلماء في تسيير شُؤون الحُكم. وقد استُشير الحسن البصري ذات مرة مِن قِبل أحد الخُلفاء في اختِيار وُلاته فأجابه الحسن: " أمّا أصحاب الدنيا فلست في حاجة إليهم، وأمّا أصحاب الآخرة فليسوا في حاجة إليك ".
اعلم يا أمير المؤمنين ، أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل ، وقصد كل جائر ، وصلاح كل فاسد ، وقوة كل ضعيف ، ونصفة كل مظلوم ، ومفزع كل ملهوف.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله والحازم الرفيق الذي يرتاد لها أطيب المراعي ، ويزودها عن مراتع المهلكة ، ويحميها من السباع ، ويكنفها من أذى الحر والقر .
والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده ، يسعى لهم صغاراً ، ويعلمهم كباراً ، يكسب لهم في حياته ، ويدخر لهم بعد وفاته.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها ، حملته كرها ، ووضعته كرها وربته طفلا ، تسهر لسهره وتسكن لسكونه ، وترضعه تارة وتفطمه أخرى ، وتفرح بعافيته ، وتغتم بشكايته.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين وصي اليتامى ، وخازن المساكين ، يربي صغيرهم ويمون كبيرهم.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوارح، تصلح الجوارح بصلاحه، وتفسد بفساده.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله وعباده ، يسمع كلام الله ويسمعهم ، وينظر إلى الله ويريهم، وينقاد لله ويقودهم.
فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك الله كعبد ائتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله ، فبدد المال وشرد العيال فأفقر أهله وأهلك ماله.
واعلم يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث والفواحش، فكيف إذا أتاها من يليها! وأن الله أنزل القصاص حياة لعباده، فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم! واذكر يا أمير المؤمنين الموت وما بعده ، وقلة أشياعك عنده وأنصارك عليه ، فتزود له وما بعده من الفزع الأكبر.
واعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلاً غير منزلك الذي أنت به ، يطول فيه ثواؤك ، ويفارقك أحباؤك ، ويسلمونك في قعره فريداً وحيداً ؛ فتزود له ما يصحبك يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه .
واذكر يا أمير المؤمنين إذا بعثر ما في القبور ، وحصل ما في الصدور ؛ فالأسرار ظاهرة ، والكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها : فالآن يا أمير المؤمنين وأنت في مهل ، قبل حلول الأجل ، وانقطاع الأمل : لا تحكم يا أمير المؤمنين في عباد الله بحكم الجاهلين ، ولا تسلك بهم سبيل الظالمين ، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين ، فإنهم لا يرقبون في مؤمنٍ غلا ولا ذمة ، فتبوء بأوزارك وأوزارٍ مع أوزارك ، وتحمل أثقالك وأثقالاً مع أثقالك.
- قوام : مِن الفِعل قوم الشيء عدله، وقِوام كُل مائل: ما يحكم اعتداله فلا يميل.
- الثواء : ثوى، يثوي، ثواء: البقاء والإقامة. ونقول: مثواه الأخير: أي قبره.
- الإل: العهد. أوزار: جمع وِزر وهو الحِمل الثّقيل، والمراد هنا الذنب.
- يذود: يحمي. القر: الحرّ. مراتِع: جمع مرتع: المكان الذي ترعى فيه الغنم.
- الملهوف: اللهيف، وهو المظلوم والمكروب الذي يستغيث ويتحسر.
- يكنِفُها: كَنَفَ الشيءَ: صانه وحفِظه. وكنفُ الله: حِفظُه ورحمته وسِتْرُه.
- الذمة : العهد والأمان.
- ما واجِبات الإمام العادل إزاء رعيته ؟
- مم رهب الحسن البصري أمير المُؤمنين ؟ وما مراده من ذلك ؟
- علامَ يقوم حُكم الجاهليين ؟ ولِماذا نهى الواعظ أمير المؤمنين عنه ؟
- لخص مضمون النّص.
- واجِبات الإمام العادل إزاء رعيته أن يكون قوة كُل ضعيف، ونصفة كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف.
- رهب الحسن البصري أمير المُؤمنين مِن الموت في قوله: "واذكر يا أمير المؤمنين الموت وما بعده...فتزود له ولِما بعده مِن الفزعِ الأكبر. واعلم أنّ لك منزِلاً غير منزلك الذي أنت فيه، يطول فيه ثواؤُك، ويُفارِقُك أحباؤك. يُسلمونك في قعره فريداً وحيدا فتزود له ما يصحبك " يوم يفِر المرء مِن أخيه وأمه وأبيه وصاحِبتِهِ وبنيه". ومراده من ذلك: تذكيره بالموت والقبر واليوم الآخر، ولا منجى من الله إلا إليه. أي: بتقوى الله.
- يقوم حُكم الجاهليين على عدم العدل، فإذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وقد نهى الواعظ أمير المؤمنين عنه؛ حتى لا يُسلط المستكبرين على المستضعفين كما كانوا في الجاهلية، فيبوء بِأوزاره وأوزارٍ مع أوزاره، ويحمِل أثقاله وأثقالاً مع أثقاله.
- استهل الحسن البصري نص رسالته بِتِعداد صفات الإمام العادل، ومِن ثمة شبهه بِالراعي الشفيق على إبِله، يرتادُ لها أطيب المراعي، ويحميها مِن السِباع. كما شبهه بِالقلب بين الجوانِح، تصلُح الرعية بِصلاحه وتفسد بفساده. لِينْهاه أن يكون كمَن ائْتُمِن على مالٍ وعِيال فبدد المال وشرد العِيال. كما نهاه عن والخبائث والفواحش وعن القتل وأن يحكُم بِحُكم الجاهلين. لِيُذكره بالموت وما بعده.
- ما المُراد مٍن تشبيه الكاتب الإمام العادل بالراعي الشفيق على إِبِله؟ وما وجه الشبه؟
- استخرج مِن النّص الأسس التي يُبنى عليها الحُكم العادل واذكر أثرها على العلاقة بين الحاكم والرعية.
- عيِّن أسلوب الأمر في النّص وبيِّن أغراضه الأدبية
- ما أثر القرآن في النص مِن حيثُ المعاني والأساليب؟
- المُراد مٍن تشبيه الكاتب الإمام العادل بالراعي الشفيق على إِبِله أنّ الإمام العادل لابُد أن يكون شفيقاً برعيته، يذودها عن المهالك ويحميها مِن كُل سوء. ووجه الشبه هو: الشفيق الرفيق.
- الأسس التي يُبنى عليها الحُكم العادل هي:
إنصاف كُل مظلوم.
قُوة كُل ضعيف.
اعتبار الرعية أمانة يجب حفظُها.
عدم الحُكم بِحُكم الجاهلين.
وأثرها على العلاقة بين الحاكم والرعية هي: أنّها تزيد الثِقة بين الرعية والحاكم. كما أنّها تنشر الأمن، ولا أدل على ذلك قول رسول ملك الروم: "حكمت فعدلت فنِمْت يا عُمر".
- اعلم يا أمير المؤمنين، أسلوب أمر، غرضه الأدبي: النصح.
واذكُر يا أمير المؤمنين الموت وما بعده، وغرضه الأدبي: التذكير بالموت، والترهيب مِن القبر وعذابه، واليوم الآخر وأهواله، والترغيب في العدل.
- أثر القرآن في النص مِن حيثُ المعاني والأساليب، أنّه زاده قوة وبلاغة .
- ماذا أفادت الصيغ الآتية في النّص ؟ اعلم، اذكر، لا تكن، لا تحكم، لا تسلط
- ما النمط الذي علب على النّص؟ علِّل حُكمك.
- هل هُناك أنماط أُخرى خادمة للنمط الأساس ؟ حددها مع التمثيل.
- اعلم، اذكر: صيغة أمر، أفادت النّصح والارشاد والتذكير.
لا تكن، لا تحكم، لا تُسلِّط: صيغة نهي، أفادت النّهي عن الفعل المذكور.
- غلب على النّص النمط الإيعازي؛ وذلك لِكثرة الجمل الإنشائية الطلبية كـ : صِيغ النداء الأمر والنّهي لِقوله: اعلم، اذكر، لا تكن، لا تحكم، لا تسلط.
- هُناك أنماط أُخرى خادمة للنّمط الأساس وهي :
النمط الحِجاجي؛ وذلك لِكثرة اقتِباسِه واستِشهاده مِن القُرآن.
النمط الوصفي؛ وذلك لِكثرة الصور البيانية مِن تشبيهات في قوله:
الإمام العادل كالراعي الشفيق على إبِله.
الإمام العادل كالقلب بين الجوانِح.
لا تكن يا أمير المؤمنين كعبدٍ ائتمنهُ سيده.
- ما الأوضاع التي يعكِسُها النص، وما خصائصُها ؟
- أبرز أهم القِيم الواردة في النص.
- كيف يظهر صاحب النص مِن خلال هذا الأثر؟
- يعكِس النّص أوضاعاً سِياسية، دينية واجتماعية، وتتمثل خصائصُها في:
استشارة الحُكام أهلَ العلم.
الأمر بالمعروف والنّهي عنِ المُنكر.
- النظرإلى الحكم على أنّه تكليف لا تشريف.
أهم القِيم الواردة في النّص هي :
- قيمة دينية : و تمثلت في التذكير بِحُدود الله وزواجِره والاستشهاد بالقرآن.
- قيمة سياسية: و تمثلت في المشورة، وطلب النّصح مِن أهل العِلم.
- قيمة اجتماعيّة: و تمثلت في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
- يظهر صاحب النص مِن خلال هذا الأثر متدينا، حافظا لِكِتاب الله، ناصِحا ومُرْشِداً إلى الخير، آمِراً بالمعروف، وناهِياً عنِ المُنكر.
- ماذا أفاد حرف الفاء في السطر ما قبل الأخير مِن النّص ؟
- حدد أدوات الربط وفوائدُها في التركيب التالي: " والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله الرفيق، الذي يرتادُ لها أطيب المراعي، ويذودُها عن مراتع المهلكة، ويحميها مِن السِباع، ويكنِفُها من أذى الحرِّ والقر ".
- أفاد حرف الفاء في السطر ما قبل الأخير مِن النّص العطف والتعاقب، فالإثم يعقبه وِزر.
-
أدوات الربط هي :
الواو: حرف عطف.
يا: حرف نداء.
الكاف، على، عن، من: حروف جر.
الذي: اسم موصول.