iMadrassa

تعبير كِتابي: خصائص الشّعر السّياسي في عصر بني أميّة

1 خصائص الشّعر السّياسي في عصر بني أميّة

الشعر هو ذلك الكلام الموزون المُقفى، و الذي عُرِف مُنذُ العصر الجاهلي وقيل لأغراضٍ مُختلفة مِن وقوف على الأطلال، ووصف، وغزل، ومدحٍ، وفخْرٍ، وهجاءٍ، ورثاء،... وغيرها.

غير أنّ تطور الحياة الاجتماعية و السياسية ، أديا إلى تطور الشعر أيضا، باعتباره لِسان حاليهما والناطق الرسمي لِكِليْهِما. ففي صدر الإسلام كثُر شِعرُ الحماسة، وقيلَ بِكثرة لِما صاحبَ ذلك مِن غزوات وفُتوحاتٍ إسْلامية.

فإذا ما مضينا إلى عصر بني أُمية، وجدْنا الشّعر يتخذ منْحى آخرَ، فقد تحولت الخِلافة مِن نِظام شوري إلى نظام ملكي وِراثي، أصله مُعاوية بن أبي سُفيان حين رفض مُبايعة علي بن أبي طالب بعد مقتل عُثمان بن عفّان. وما كان مِن وقائع (صفين، والجمل، وكربلاء)، وبِذلك نشأت الأحزاب السياسية  مِن:

  •  شِيعة: وهم الذين تشيعوا لِعلي بن أبي طالب، وطالبوا بأن تكون الخِلافة لِبني هاشِم- آل البيت-
  •  الأُمويون: وهم أنصار مُعاوية  بن أبي سُفيان، وطالبوا بأن تكون الخِلافة لِبني أمية .
  •  الخوارج: وهم الذين خرجوا عن مُناصرة علي بن أبي طالب حين قبِل بالتحكيم ، وطالبوا بِخِلافة إسلامية تُبنى على أساس الشورى، فلا إلى هؤلاء، ولا إلى أولئك.

وطبيعي أن يُصاحب الشعر هذه الظروف وأن يتلون بألوانِها، فكانَ لِكُل حِزبٍ شُعراؤه الذين يُدافعون عنه وعن أحقيته بالخِلافة والحُكم. وعليه أطْلق المُؤرخون على هذا العصر بِعصر السياسة. كما أطْلقوا على الشعر الذي صاحبَ هذه الظروف السياسة بِالشعر السياسي . فماذا نعني بالشّعر السياسي؟

نعني بالشعر السياسي ذلك الشعر الذي يتصل بِشُؤون الدولة ونِظامِها وقوانينِها، ويتعرض لِسِياسة الحُكم، ولِلحُكام وأعمالِهِم، وأحقّيتِهِم بالحُكم والخِلافة. وبِذلك ذاعَ صِيتُ كثير مِن الشعراء أمثال: الأخطل، جرير، الفرزدق، الكُميت بن زيد، وغيرهم كثير.

وعليه فقد تعددت أغراض ومواضيع الشعر في عصر بني أمية، وتميزت بإحياء العصبية القبلية  وعودتِها مِن جديد، والافتِخار بالآباء والأجداد، وقد شجع الحُكام هذه المعارك الأدبية حتى ينْشَغِلَ النّاسُ بالتفاخُر والتهاجي، وبِذلك ينْصَرِفون عن شؤون الحُكم. وقد عُرفت تِلْك الأشعار في تاريخ الأدب باسم النقائض. وأشْهر شُعرائها: الأخطل، والفرزدق، وجرير.

هذا واعتمدت سياسة بني أميّة في إبعاد بني هاشم عن الحكم على إغداق الأموال عليهم. و بالتالي عودة الغزل مِن جديد بعد أن حرمه الإسلام. فنجِد الغزل الماجن الصريح الذي يصف مفاتن المرأة يزدهِر في المُدُن وقد تزعمهُ عُمر بن أبي ربيعة.

كما ظهر نوعٌ جديد من الغزل تميز بالعِفة والطهر ولذلك سُمِي بالغزل العفيف ونُسِبَ إلى قبيلة بني عُذرة في الحِجاز لاشتهارِها بهِ، وأشهر شُعرائه: جميل بن معمر المعروف بجميل بُثيْنة، وقيْس بن المُلوّح المُلقب  بِمجنون ليلى، وقيْس بن ذريح المُلقب بِقيْس لُبنى.

ومِمّا تجدُر الإشارة إليه أن موضوعات الشعر في عصر بني أُميّة على اختِلاف أغراضِها مِن فخر وهِجاء ومدح وما نتج عنْها مِن نقائض، ومِن غزل بِنوعيه ماجِن وعفيف، إنّما ارتبطت في مجموعِها على اختِلاف أغراضِها بِالسياسة. ومن أهم خصائصه:

  •  ارتباط الموضوع وتعلقه  بالسياسة
  •  الاستناد إلى الحُجج للإقْناع أو الإبْطال.
  •  كشْف الشاعر عن ولائه وإبراز موقِفه وعواطِفِه.
  •  اعتِبار الشعر سِجِل تاريخي لأحداث العصر.
  •  احتوائه على لغة فصيحة وبِذلك اعتبِر مُعْجَماً لُغوِيا للفصاحة والبيان.

وخُلاصة القول: إنّ الشعر في عصر بني أميّة قد استرد مكانتهُ الّتي كان عليها في الجاهلية، بل وزادها تنوعاً وتجدداً في الأغراض، وتطوراً في المعاني، واندِماجاً في السياسة، فاستحق بِذلك أن يكون مِرآةً للعصر وديواناً للعرب.    


قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.