iMadrassa

النص الأدبي الأول :علم التاريخ لابن خلدون

I النص الأدبي الأول :علم التاريخ لابن خلدون ص30

النّص :

اعلم أن فن التاريخ فن عزيز المذهب جم الفوائد شريف الغايةإذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سيرهم والملوك في دولهم وسياستهم، حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدين والدنيافهو محتاج إلى مآخذ متعددة ومعارف متنوعة وحسن نظر وتثبت يفضيان بصاحبهما إلى الحق وينكبان به عن المزلات والمغالطلأن الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل ولم تحكم أصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران، والأحوال في الاجتماع الإنساني،  ولا قيس الغائب منها بالشاهد، والحاضر بالذاهب، فربما لم يؤمن فيها من العثور ومزلة القدم والحيد عن جادة الصدق و كثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين وائمة النقل من المغالط في الحكايات والوقائع، لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثا أو سمينا، ولم يعرضوها على أصولها ولا قاسوها بأشباهها ولا سبروها بمعيار الحكمة، والوقوف على طبائع الكائنات وتحكيم النظر والبصيرة في الأخبار، فضلوا عن الحق، وتاهوا في بيداء الوهم والغلط، ولاسيما في إحصاء الأعداد من الأموال والعساكر، إذ عرضت في الحكايات إذ هي مظنة الكذب ومطية الهذرولابد من ردها إلى الأصول وعرضها على القواعد .وهذا كما نقل المسعودي وكثير من المؤرخين في جيوش بني إسرائيل بأن موسى عليه السلام أحصاهم في التيه بعد أن أجاز من يطيق حمل السلاح خاصة من ابن عشرين فما فوقها، فكانوا ستمائة ألف أو يزيدونويذهل في ذلك عن تقدير مصر والشام واتساعهما لمثل هذا العدد من الجيوش. فلكل مملكة من الممالك حصة من الحامية تتسع لها وتقوم بوظائفها وتضيق عما فوقها، تشهد بذلك العوائد المعروفة والأحوال المألوفةثم إن مثل هذه الجيوش البالغة إلى مثل هذا العدد، يبعد أن يقع بينها زحف أو قتال لضيق ساحة الأرض عنها، وبعدها، إذ اصطفت عن مدى البصر مرتين أو ثلاثا أو يزيد، ، فكيف يقتتل هذان الفريقان، أو تكون غلبة أحد الصفين، وشيء من جوانبه .

 

  • برومه : يهمه .
  • القبط : أهل مصر .
  • بون : فرق وبعد .

أتعرف على صاحب النّص :

  • هو عبد الرحمن بن خلدون ولد بتونس عام 732 هـ / 1332 هـ و نشأ بها على حب العلم و تحصيله ، اتصل بعلماء عصره واخذ عنهم شتى المعارف، بقي يتقلب بين بلاد الأندلس والمغرب العربي حتى بلغ مصر التي لبث فيها إلى أن توفي  808 هـ / 1406 هـ  وتاركا عدة آثار أهمها : "كتاب العبر" وما يعرف الآن باسم "مقدمة" ابن خلدون و الذي ترجم إلى عدّة لغات عبر العالم.

 

II أكتشف معطيات النص :
  • ما الموضوع الذي عالجه الكاتب ؟ 
  • عالج الكاتب موضوعا علميا تناول فيه قضية تدوين التاريخ . 
  • فيم خالف ابن خلدون معاصريه ؟ و ما الذي عابه عليهم ؟ 
  • خالف الكاتب معاصريه في طريقة تدوين التاريخ ، فطريقته تعتمد على منهجية خاصة تتمثل في التّحّري و التّأكد من صحّة الخبر، المقارنة ، التحليل ، التعليل أمّا ما عابه عليهم فهو عدم التّحقق من صحّة الخبر
  • ما الغاية من كتابة التاريخ  في رأي الكاتب ؟
  • الغاية من التاريخ في رأيه تتمثل في : معرفة أخبار من سبقنا من الأمم وسير الأنبياء للإقتداء بهم .
  • علام اعتمد لإقناعنا بأفكاره ؟ 
  • للإقناع ، استعمل الحجة و خاطب العقل و مثّل لذلك كقوله : " فن يحتاج إلى مآخذ متعددة  " و للتعليل استعان بأدواته : " إذ هو يوقفنا" -  "لأنّ الأخبار "  و للتوكيد " وظّف : "إنّ فنّ"  كما لجأ إلى التكرار لترسيخ أفكاره .
III أناقش معطيات النص :
  • هل بدأ الكاتب بتقديم المشكل أم بعرض الحلّ ؟
  • بدأ الكاتب بعرض الحّل ، أي اقتراح البديل قبل تشخيص الدّاء ، لأنّ هدفه من النّص هو تصحيح طريقة تدوين التّاريخ . المثال : " فهو محتاج إلى مآخذ متعدّدة .... " .
  • يكشف ابن خلدون عن أفكاره من أول وهلة، فهل أنّ هذا المنهج في الطّرح يساعد القارئ على الفهم و الاستيعاب أم تراه يطفئ حرارة التّشوّق لمعرفة هذه الأفكار ؟
  • يكشف ابن خلدون عن أفكاره لأول وهلة و هذا منهج يساعد القارئ على الفهم لأنه يضعه في  خضم الحدث أو القضية دون مقدمات مملّة .
  •  لابن خلدون طريقة خاصة في عرض أحكامها النّقديّة من أجل إقناع المتلقّي، استنبط من النّص ما يترجم هذه الطّريقة ثم بيّن علاقتها مع طبيعة فكر الكاتب .
  •  طريقة الكاتب تعتمد على التحليل و التعليل و المقارنة و الإستنتاج و هذا ما يترجمه كل النص و علاقتها مع فكر الكاتب أن هذا الأخير عالم لا أديب ، يهدف إلى الإقناع و التعليم لا إلى المراوغة بالمقدمات .
  • يقال إنّ أسلوب ابن خلدون علميّ متأدب فما المظاهر العلمية فيه ؟
  • تتمثّل المظاهر العلميّة  في منهجيته : التحليل ، التعليل ، المقارنة ، الإستنتاج ، المصطلحات الخاصة بالمادة ، مخاطبة العقل . أمّا الأدبيّة : فاللغة الراقية ، التراكيب المحكمة ، الاستعانة في بعض الأحيان بالبيان و البديع قصد التوضيح .
  • نزعة الإصلاح بارزة في النص، اذكر بعض ملامحها، هل ترى أنّ نبرة الخطابة من مظاهرها ؟ علّل و مثّل .
  • تبدو نزعة الإصلاح في رغبة الكاتب  في تصحيح الخطأ وذلك بعد تشخيص الداء و تقديم الدواء كقوله : وجوب التأريخ وفق أسس . أمّا نبرة الخطاب فتظهر في اعتماده التبليغ و التوجيه كقوله :" اعلم أن فن التاريخ"⇔ (أمر) .
IV أحدد بناء النّص :
  • استخرج من النّص ما يدلّ على الشّرح و التعليل .
  • يظهر الأول في قوله : " فهو محتاج إلى مآخذ متعددة  و الثاني كقوله : " إذ يوقفنا .. لأنّ الأخبار " .
  • ما النّمط السّائد في النص وما هي مؤشّراته ؟
  • اعتمد الكاتب النّمطين التّفسيري و الحجاجي ، فهو يفسّر الظّاهرة و يحلّلها و يقدم أمثلة مقنعة و براهين لا مفر منها و طبيعة الموضوع (علمي ) هي التي استدعت ذلك .
  • أما مؤشراتهما فتتمثّل في : التّحليل ، التّفسير ، النّقد ، تقديم الحجّة ، المصطلحات ، الموضوعية مخاطبة العقل ... و علاقة ذلك بنزعته الإصلاحية رغبته في التّوجيه و تقويم الخطأ و الفكر عموما و تقديم البديل بأدلة مقنعة .
V أتفحص معطيات النّص :
  • ما الكلمة التي تكرّرت في النّصّ  و ما دورها في بناء النص؟اذكر مظاهر أخرى أدّت الدّور نفسه .
  • الكلمة التي تكررت : التّاريخ ، التّأريخ ، المؤرّخون .... و قد ساهمت في اتّساق النصّ و انسجامه إلى جانب الرّوابط المنطقيّة التي منها : حروف التعليل : إذ ، لأنّ ـ حرف الجواب : إذن .
  •  هل يمكن أن نقول إنّ  الكاتب  قد بنى أفكاره ؟علام يدلّ ذلك بالنسبة لشخصيته الفكريّ ؟
  •  لقد بنى الكاتب أفكاره و يدلّ ذلك على ذكائه و نضج فكره ، و تقدمه على أهل زمانه و جمعه بين العلم و الأدب .

قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.