مطالعة موجهة : اشكالية التعبير في الادب الجزائري
النّص :
تعتبر العملية الأدبية في الجزائر تجربة فريدة في تاريخ الآداب القومية المعاصرة. إنها بتطورها السريع و بتكاملها قد سبقت التّطورات الاجتماعية المعاصرة. إنّها حبلى بالآفاق الزاخرة، تنفتح أمام الجزائر فيما لو قُيض لها أن تحافظ على انتصارات الثورة، بل و أن تعمل على استمراريتها . وإذا كان الحديث يدور عن أدب باللغة العربة أو أدب باللغة الفرنسية أو باللّغة البربرية، فلا يعني ذلك أن هناك آدابا منفصلة تتكلم بهذه اللغات بل إن الأدب الجزائر يكن وحدة متكاملة ساعدت فئات الشعب المختلفة على خَلْقه كما فرضت عليه الظروف الموضوعية الخاصة أن يستخدم كأداة للتّعبير هذه اللّغة أو تلك. إن الظروف التي ساعدت على تطوير هذا الأدب في فترة ما بين الحربين العالميتين وفترة ما بعد الحرب هي نفس تلك الظروف التي فرضت عليه أن يستخدم في فترة من فترات تطوره لغة العدو. يقول محمد ديب : " إن كلّ قوى الخلق و الإبداع لكتابنا و فنانينا بوقوفها في خدمة إخوانهم المظلومين تجعل من الثقافة سلاحا من أسلحة المعركة ... و لأسباب عديدة، فإنّني ككاتب كان همي الأول هو أن أضم صوتي إلى صوت المجموع منذ أول قصة كتبتها " .. فالأدب الجزائري الذي اتّخذ اللّغة الفرنسية أداة تعبير له هو أدب وطني قومي، طالما أنّه أراد أن يكون سلاحا من أسلحة المعركة، فقد استمد منها قوته و طاقته بل هو جزء من تاريخها. و الكاتب حين يستخدم لغة كأداة للتعبير الأدبي فإنّه لا يختارها بقدر ما هي مفروضة عليه أن يستعملها طالما أنها جزء لا يتجزأ من شخصيته نفسها. فالكتّاب الجزائريون كتبوا بتلك اللّغة التي أصبحت جزءا من شخصيتهم نتيجة ظروف تاريخية معينة، ولكن أمامنا سؤال : أهذا الأدب الجزائري الذي اتّخذ اللّغة الفرنسية أداة تعبير أدب، هو أدب جزائري قومي؟ . الإجابة على هذا السؤال واضحة تماما. لقد استطاع الجزائريون أن يجعلوا منها لغة تساعدهم على التعبير عن قيمهم و أفكارهم و تقاليدهم. و بدلا من أن تسلب منهم شخصيتهم وقيمهم كما أرادت فرنسا ذلك، و بدلا من أن تكون أداة لتشويه تلك القيم والتقاليد، أصبحت لهم لغة قادرة على التعبير عن تلك الشخصية الجزائرية و عن تلك القيم الجزائرية و التقاليد الجزائرية نفسها. و بالتّالي لم تجرد الجزائريين من شخصيتهم بل كانت عاملا من العوامل التي ساعدتهم على فرض أنفسهم و قيمهم و تقاليدهم. تقول آسيا جبار وهي كاتبة جزائرية تكتب باللّغة الفرنسية : » إنّها عندما تريد أن تعبر عن أحاسيس أو عن حياة و عادات امرأة جزائرية مثلا، تجد نفسها أمام مشكلة ترجمة عواطفها و أفكارها العربية باللّغة الفرنسية ، وإن هناك شيئا ما ينقص الصورة مع ذلك . » أما مالك حداد و هو كاتب و شاعر كتب باللّغة الفرنسية فإنّه يعر عن استخدامه اللّغة الفرنسية بأنّها مأساة بالنّسبة له."أنا الذي أغنّي باللّغة الفرنسية، أنا الشاعر، يا صديقي، يجب أن تفهمني جيداً إذا ما كانت لغتي تثيرك. لقد أراد الاستعمار ذلك. لقد أراد الاستعمار أن يكون عندي هذا النّقص، ألاّ أستطيع أن أعبر بلغتي ". و بعبارة أخرى تتلخّص المشكلة في شعور الكاتب الجزائري الذي يكتب بهذه اللّغة بمكانه في تلك المعركة . أين يقف ؟ أيقف هو حقّا إلى جانب شعبه ؟ أيشعر بمشاكل ذلك الشعب ؟ هل يجد الشّعب صدى لمشاكله في نتاج ذلك الكاتب ؟ هل أسهم هذا الكاتب في معركة التّحرير؟ و هل يسهم في معركة البناء ؟ الإجابة على هذه الأسئلة كلّها تضع حلا لهذه المشكلة و تحدد أبعادها.
الأدب الجزائري المعاصر ( بتصرف)
انفجرت الملكة الفكريّة لدى شريحة عريضة من أدباء الجزائر نتيجة ظروف خاصّة، فكان لزامًا اتخاذ معايير تتناسب والآخر في لغة ثلاثيّة الأبعاد، تختزل مفاهيم الأصالة والشّخصيّة والثّقافة.
1 ماهي القضية التي طرحتها الكاتبة و ما طبيعتها؟
2. ماهي نظرتها إلى هذه القضية ؟
1 القضية المطروحة قضية حساسيّة التّعبير باللّغة الفرنسيّة، وطبيعتها اجتماعيّة، سياسيّة
2. ترى أن الأدب الجزائري الذي كُتب باللّغة الفرنسية لم يولد ولم يتطور إلاّ بعد أن استطاع الأدباء الجزائريون أن يملكوا زمام اللّغة الفرنسية وأن يعبروا بها عن الحقيقة الجزائرية، وبدلاً من أن تسلب منهم شخصيتهم وقيمهم كما أرادت لها فرنسا ، وبدلاً من أن تكون أداة لتشويه القيم والتقاليد أصبحت لهم لغة قادرة على التعبير عن تلك الشخصية.
1. الى اي جنس ينتمي النص ؟
2.ضع للنّصّ هيكلة فكريّة، وتصميمًا منهجيًّا. ماذا تستنتج؟
3. إلى أيّ مدى توافق الكاتبة في طرحها؟ علّل واستشهد.
4. مانمط النّصّ، وما خصائصه؟ وهل دُعم بأخرى؟
5 هل تجد في النّصّ اتّساقًا وانسجامًا؟ علّل واستشهد.
1. ينتمي النّصّ إلى فن المقال النقديّ، عالجت فيه الكاتبة قضية مرتبطة أسَاسا بالأدب، فحلّلتها و عللتها و وقومتها
ومن خصائصه: وحدة الموضوع - جلاء الفكرة وبساطة التعبير، الإيجاز- استعمال الأسلوب العلمي- الميل إلى استخدام الأدلّة مع مراعاة الموضوعية - توظيف المصطلحات النّقدية مثل: الأدب، الكاتب، الشاعر، اللغة، الإبداع، أداة تعبير،. - اعتماد المنهجية .
2. هيكلة النص:
- . مقدمة: إلمام وإحاطة عامّة حول تألق التّجربة الأدبيّة الجزائريّة المعاصرة.
- العر ض: تحليل وشهادات تؤكّد إشكاليّة التّعبير في الأدب الجزائريّ باللّغة الفرنسيّة.
- الخا تمة: موقف الكاتب في ضبابيّة الصّدى.
3. تحمّل الأديب الجزائريّ مسؤوليةتغيير الأوضاع وكان ملتزما و لا تهمّ اللغة فالغاية تبرر الوسيلة.
4. نمط النّصّ تفسيريّ، وفيه شرحت الكاتبة الفكرة مع تفصيل أسبابها وذكر شواهد حيّة.
ومن مؤشّراته: استخدام لغة موضوعيّة، كلمات ومصطلحات تقنيّة مختصّة بالمادّة ،التّركيزعلى الشّواهد (محمّد ديب، آسيا جبّار، مالك حدّاد)، الواقعية
5. من مظاهر الاتساق و الانسجام في النص:
الوحدة الموضوعيّة أحد مؤشّرات الاتساق والانسجام، إجمال معقّب بتفصيل، التّوزيع الفقريّ المتساوي، أدوات الرّبط المنطقيّة ( بل إنّ، حين، فإنّه، نتيجة، وبالتّالي، أمّا، وبعبارة أخرى)