النص التواصلي الاوراس في الشعر العربي
النصّ:
من هذه الجبال التي حمت ثورتنا، وناضلت مع الإنسان الجزائري،وتعرضت معه للدمار والتخريب، كان الطيران الفرنسي يلقي آلاف القنابل على الصخور وعلى المواطنين معا، يحرق القرى والسكان والأشجار، والتقى الإنسان والطبيعة في موقف واحد، فأصبحت الإرادة واحدًة تقاوم الظلم والطغيان والعبودية، وفي الوقت نفسه تزرع الأمل والحق والخير والثورة، وتعيد للطبيعة جمالها الحقيقي وللإنسان طبيعته وإنسانيته، فتهدم ماضيا بل تغير عالما قديما بناه الشر لتبني عالما جديدا مضيئا ومليئا بالخير والحب والسلام.
وإذا كان الناس قد تغنوا بالثورة و بجبال "الأوراس" التي انطلقت منها الثورة و اقترن اسمها بهذه الجبال، فحق للشعراء أن يكونوا روادا لهذا، وحق لهم أن يشيدوا ب "الأوراس" و الجبل " الأزرق" و جبال "الأطلس" و "جرجرة" و"الونشريس"، وغيرها من سلسلة الجبال التي تمتد آلاف الأميال، حق لهم أن يتغنوا بمآثرها وأمجادها، بالرجال والنساء، بالكبرياء والصمود، والمقاومة، بالشموخ والعظمة، بإرادة الإنسان والطبيعة في تحقيق الحرية والوجود.
فالشاعر يحقق هذا الحلم من خلال الرمز، وقد جسد الشعراء حلمهم في تحقيق الحرية من خلال "الأوراس"، وتعلقوا به إلى درجة يمكن معها القول بأنه ما من شاعر عربي إلا وذكر الأوراس في شعره – قليلا أو كثيرًا، وربما كان ذكر "الأوراس" جواز سفر القصيدة إلى النشر، صحيح أن شعراء كثيرين في العالم تحدثوا عن وقائع أو أماكن لها مكانتها في تاريخ بلدانهم، أو تحدث عنها غيرهم، ولكنها لم تصبح رمزا للأمة كلها كما أصبح "الأوراس" في وجدان الأمة
العربية.
وغالبا ما يقترن ذكر "الأوراس" بالحديث عن الثورة والبندقية والدم وصوت الرصاص، فها هو الشاعر "أبو القاسم خمار" يرى بعين الخيال أو بعين الحقيقة، كيف أن المارد الذي لا يقهر انطلق من جبال "الأوراس" التي تفجرت بالنار والثورة، لأن "الأوراس" يمثل المنطلق لثورة الشعب:
وبدا من الأوراس ماردنا كما يبدو لدحر النائبات قضاء
متفجر البركان محموم الذرى تذري الجندي أطراُفه الهوجاء
وحين يتحدث "صالح باوية" عن "ساعة الصفر" ليلة أول نوفمبر مثل غيره من الشعراء الذين تحدثوا عن هذه الساعة أو هذه الليلة التي كانت البداية لانطلاق الثورة، فإنها تمثل في فكر الشاعر وخياله اللحظة الحاسمة في تاريخ الجزائر الثائرة، ومن هنا يكون الحديث عنها مقرونا بالحديث عن "الأوراس" أنه _المنطقة الأولى لمهادها وميلادها :
قصة الأوراس جرحى جرحنا الخلا ق يا صحبي وجود وحقيقة
قصة الساعد والزند المدمـــــــــى والهدايا والمناديل الأنيــــــقة
قصة العملاق يمنــــــــــــاه دماء ويسراه عصافير رقيـــــــــقة
وكما اهتم شعراؤنا ب "الأوراس" اهتم به الشعراء العرب في شتى أنحاء الوطن العربي، واعتبروا ثورة الجزائر هي ثورتهم، وتغنوا بها وبأمجادها، وهم ينطلقون من أن الجزائر جزء من الأمة العربية، وأن نصرها هو نصر للعرب جميعا، و كان فخرهم بثورة نوفمبر واعتزازهم بها هو تعبير عن إيمانهم بعروبة الجزائر أولا، وتقديسا للحرية ثانيا، وإيمانا بالقيم الإنسانية ثالثا.
وهو ما تؤكده نظرة الشاعر الفلسطيني "محمود درويش" في قصيدته "عناقيد الضياء" :
في بلاد .... كل ما فيها كبير الكبرياء
شمس إفريقيا على أوراسها قرص إباء
وعلى زيتونها مشنقة للدخلاء.
على أن "سليمان العيسى" قد هام "بالأوراس" وامتزج به وبثورة نوفمبر وانتصارها يقول في قصيدته "آمنت بالأوراس" :
يا سفح يوسف يا خضيب كمينه يا روعة الأجداد في الأحفاد
يا إرث موسى في النسور وعقبة والبحر حولك زورق ابن زياد
يا شمخة التاريخ في أوراســـــنا يا نبع ملحمتي بثغر الحادي
فهو يرى في "الأوراس" إعادة "لانتصارات" يوسف بن تاشفين" و"موسى بن نصير" و "عقبة بن نافع" و"طارق بن زياد" وغيرهم من الأبطال في القديم، فالتاريخ يعيد نفسه مرة أخرى عن طريق "الأوراس" و مجده، ويستمر في ربط الماضي بالحاضر.
وهناك شاعر من اليمن هو "ابراهيم الدامغ" يحث الثوار في "الأوراس" على مطاردة الأعداء حتى النصر، في قصيدة له بعنوان "روابي الخلد" يقول فيها :
يا نخب "الأوراس" يا نسل الأباة الفاتحين
يا سيوف الثأر يا رمز الكفاح المستبين
يا فداء الوثبة الكبرى على حق ودين.
ومن السودان، "محمد الفيتوري" الذي تغنى طويلا وتجاوب مع ثورة نوفمبر كغيره من الشعراء العرب، وأنها ستدوس على جماجم جلاديها من المحتلين الفرنسيين :
فالثورة مازالت تكسو
قمة "الأوراس" وتسقيها
والثورة مازالت تمشي
فوق جماجم جلاديها
أما الشاعر "عبد المعطي حجازي" فيرى أن زلزالا قد أحدثه "الأوراس"، وأن هذه الثورة قد أيقظت النيام وفتحت جفونهم من جديد :
مدن المغرب
ترتج على قمم "الأوراس"
زلزال في مدن المغرب
لم يهدأ منذ سنين مائة
لم يترك في جفن أملا لنعاس
إذن كان "الأوراس" هو المحور في أشعارهم، بل المبتدأ كما كانت ثورة نوفمبر هي المحور والمنتهى، فمنهما ينطلق الشعراء وإليهما يعودون، وهما جديران بالشعر والفخر، بالاعتزاز والبحث لأنهما حققا أمل الأمة العربية سواءفي الجزائر أم في غيرها من البلاد العربية الأخرى، فخلدهما الشعراء كما خلدهما التاريخ العربي المعاصر.
ولد في الجزائر سنة 1928.عضو جمعية النقد الأدبي.أستاذ في جامعة الجزائر.يتقن الفرنسية والإنجليزية. مؤلفاته:له ما يزيد على العشرين كتاباً في النقد والفكر والثقافة توفي سنة2011م
-
من أين انطلقت الثورة ؟
-
ما هي مكانته في تاريخ الثورة الجزائرية؟
1. الفاتح من نوفمبر بجبال الأوراس.
2. يمثل معقل ثوار المنطقة الأولى .
س1. بين كيف توحدت الإرادة في هذا النص بين الإنسان و الطبيعة ؟
س2. لماذا حق للشعراء أن يتغنوا بالثورة و بأمجادها و أن يكونوا من روادها ؟
س3. كيف صار "الأوراس " رمزا في وجدان الأمة العربية ؟
س4. لماذا يأتي الحديث عن اندلاع الثورة التحريرية مقرونا بالحديث عن " لأوراس"؟
س5. ماهي القيم التي تبنتها الثورة الجزائرية وكانت محل اعتزاز الشعراء العرب ؟
س 6. استمر "الأوراس" يربط بين أمجاد الحاضر و أمجاد الحاضر، كيف حقق الأوراس هذه الاستمرارية ؟
ج1. أصبحت الإرادة واحدة بالاشتراك في مقاومة الظلم و الطغيان و العبودية وزرع قيم الأمل و الحق و الخير.
ج2. لأنها أعادت للأمة العربية أمجادها بكبرياء مجاهديها و صمودهم و مقاومتهم لعدوهم وإرادتهم التي حققوا بها الحرية .
ج3. أصبح رمزا من خلال تجسيده لحلم العرب في الحرية .
ج4. لأن جبال الأوراس كانت نقطة انطلاق الثورة التحريرية.
ج5. الحرية ، الإيمان بالقيم الإنسانية ، الدفاع عن الحق ، الخير
ج6-من خلال ربط انتصارات الثوار بانتصارات الأبطال في القديم أمثال عقبة بن نافع، يوسف بن تاشفين، طارق بن زياد.
س1. يقول الكاتب : " صحيح أن كثيرين في العالم تحدثوا عن وقائع أو أماكن لها مكانتها في تاريخ بلدانهم أو تحدث عنها غيرهم ولكنها لم تصبح رمزا للأمة كلها كما أصبح الأوراس في وجدان الأمة العربية"- ما رأيك في هذا القول دعم إجابتك بأمثلة من الواقع و التاريخ.
س2. ماذا تفهم من قول الشاعر محمد الصالح باوية:
قصة العملاق يمناه دماء ويسراه عصافير رقيقة
س3. -ما الثنائية التي يتحدث عنها في هذا البيت ؟
س4. علل تأخر اسم طارق بن زياد في هذا البيت الشعري ؟
ج1. نوافق الكاتب إلى حد ما ، فلقد اقترن اسم النّيل في الشعر العربي الخير ة والنماء ،ولكنه لم يصبح رمزا أدبيا.
دمشق عاصمة الخلافة الأموية تحدث عنها الشعراء ( بعد إحراقها) أمثال أحمد شوقي الذي أفرد لها قصيدة رثاء ،ولكنها لم تصبح رمزا أدبيا.
ج2. معناه: أن المجاهد الجزائري لم يحمل السلاح ويقاتل فقط من أجل القتل بل قاتل بيمناه وحاملا الرقة والأمل ييسراه.
ج3. الحبّ و الحرب.
ج4. .تأخر اسم طارق بن زياد مراعاة للقافية وحرف الروي.