iMadrassa

النّصّ التّواصليّ: الصّراع بين القدماء و المحدثين في الأدب و الحياة" طه حسين

الصّراع بين القدماء و المحدثين في الأدب و الحياة طه حسين
طه حسين

أتعرّف على صاحب النّص

    " طه حسين " أديب مصريّ معاصر من مواليد سنة 1889، درس في الكتّاب، فالأزهر، ثمّ أتمّ دراسته بفرنسا. اشتغل في التّعليم ثمّ وزيرا للتّربية و التّعليم. توفّي سنة 1973. من مؤلّفاته:

  • حديث الأربعاء.
  • من تاريخ الأدب العربيّ.
النّص

كان أمر العرب مع الفرس، كأمر الرّومان مع اليونان من وجوه كثيرة، فقد سبق القرس إلى الحضارة و النّظام، و أخذوا منها بنصيب موفور قبل أن يخضعوا لسلطان الأمّة العربيّة، فلمّا جاء الإسلام و كان الفتح، و مكّن الله للعرب في بلاد الفرس، كان الجهاد و التّغالب بين الحضارة الفارسيّة و البداوة العربيّة، بين اللّين و الخشونة، بين الحياة المترفة المعقّدة، و الحياة السّاذجة الهيّنة. لم يكن هذا الجهاد عنيفا حين كانت المادّيّة موضوعه فكلّ النّاس يؤثر اللّين على الخشونة و يفضّل النّعمة على البؤس و يحرص على أن يستبدل الإثراء بالعدم. و إنّما كان الجهاد عنيفا بعض العنف حين كانت الحياة العقليّة موضوعا له، فاشتدّ النّضال بين أنصار العادات العربيّة القديمة و السّنن العربيّة الموروثة، و أنصار العادات و السّنن الفارسيّة. و لم يكد ينقضي القرن الأوّل للهجرة حتّى ظهر انتصار الجديد و أخذ القديم ينهزم أمامه، فانتصرت الحضارة و اشتدّت فيها رغبة العرب من أهل المدن على اختلاف طبقاتهم و منازلهم الاجتماعيّة، و كان هذا الانتصار عاما تناول الحياة المادّيّة و العقليّة و تناول معهما حياة الشّعور، ففكّر العرب المحدِثون بطريقة تخالف مخالفة شديدة تفكير العرب القدماء. و عاشوا في قصورهم عيشة تخالف عيشة آبائهم و قد آثر هؤلاء المحدِثون من العرب عيشة الفرس و غير الفرس و تفكيرهم، على عيشة العرب و تفكيرهم، و وُجد هؤلاء الشّعراء و الكتّاب و الفلاسفة الّذين كانوا يسخرون من كلّ قديم و يحتفون بكلّ جديد، و يجهرون بذلك حينا و يسرّون حينا آخر يأمنون معه دهرا، و يلقون في سبيل الموت من وقت إلى وقت. وُجد " مُطيع بن إياس " الّذي كان لا يبالي أ كان عنيفا أو مرذول السّيرة، و وُجد " حمّاد عجرد " الّذي لم يكن يحفل بدين و لا بدنيا، إنّما كان يأخذ اللّذّة حيثما وجدها، و وُجد " مسلم بن الوليد " و غيرهم. و كان " أبو نواس " زعيما لطبقة أخرى كانت أشدّ من الأولى فُجورا و أقلّ منها حرصا على الاستتار ..على أنّ من الحقّ أن نعرف ﻟ " أبي نواس " شيئا غير هذا الفسق و الإغراق في المجون و هو أنّه كان يريد أن يتّخذ – و يتّخذ النّاس معه – في الشّعر مذهبا جديدا هو التّوفيق بين الشّعر و بين الحياة الحاضرة بحيث يكون الشّعر مرآة صافية تتمثّل فيها الحياة ومعنى ذلك العدول عن طريق القدماء و ما ألفوا من ضروب العيش. فإذا تغيّرت ضروب العيش هذه وجب أن يتغيّر الشّعر الّذي يتغنّى بها، فليس يليق بساكن بغداد المستمتع بالحضارة و لذّاتها أن يصف الخيام و الأطلال، و إنّما يجب عليه أن يصف القصور و يتغنّى بالخمر و القيان ، فإن فعل غير ذلك فهو كاذب. و لم يكن يدعو إلى تجنّب أساليب القدماء في وصف الأطلال و البكاء عليها وحدها و إنّما كان يدعو إلى تجنّب سنّة القدماء في المعاني و الألفاظ جميعا... فهو يطالب الشّعراء بأن يكونوا  صادقين غير منافقين مع أنفسهم فإذا نبذوا القديم و اجتنبوه في واقع الأمر، فمن الحقّ عليهم ألاّ يخفوا هذا، فيقول:

 

لا تـــســـقـنــــي إن كنـــتَ بــــي عـــالمـــــا     إلاّ الّــــتـــي أضــــمــــرتُ فـــي صـــــــــدري
هـــــاتِ الّـــتـــــي تعـــرف وجـــــدي بهــــا          و اكــــنِ بمــــــــا شـــئـــــتَ عـــن الخـــمــــر
يـــــا حــــبّــــذا الجــهـــر بــــأمـــر الصّــبــا          مــــا كـــنــــــتَ مـن ربّــــك فـــــــي ســـتـــرِ

لذلك آثر العنف في خطاب خصمه، فأسرف في ذمّ القديم و النّعي على من يتكلّفه، و أسرف في مدح الجديد و الحثّ عليه و تبرّمه بأسد و من يبكي على " أسد " و إلى ذمّه لتميم و " قيس "، و يخلص إلى احتقار القديم و يرفع من شأن الجديد و يأخذ النّاس بأن ينظروا إلى ما حولهم من جمال الطّبيعة فيألفوه و يصفوه و لا يشغلوا عن رياض العراق و جنّاته، بطلول الجزيرة و صحاريها. فإنّ شعر " أبي نواس " في الخمر كان يرمي إلى غرضين اثنين: الاعتراف بالجديد في الأدب و الاعتراف بالجديد في الحياة، بل نستطيع أن نوجز فنقول كان شعر " أبي نواس " كلّه رفضا للقديم في كلّ شيء و كلفا بالجديد في كلّ شيء.

      من تاريخ الأدب العربيّ – الجزء الثّاني –

أكتشف معطيات النّص
  • بم شبّه " طه حسين " أمر العرب مع الفرس؟ حدّد وجه الشّبه.
  • شبّه " طه حسين " أمر العرب مع الفرس بأمر الرّومان مع اليونان. وجه الشّبه هو السّبق إلى الحضارة.
  •  ما موقف العرب من الحياة المادّيّة؟
  • فضّل  العرب حياة الرّخاء و الرّفاهيّة على حياة البؤس و الشّقاء.
  • لماذا كان الصّراع عنيفاً حين تعلّق الأمر بالحياة العقليّة؟
  • كان الصّراع عنيفاً بحيث صعب على العرب التخلى عن العادات و السّنن الرّاسخة في الأذهان.
  • ما مفهوم العبارة " العرب المُحدِثون "؟
  • العرب المحدثون هم الذين مالوا إلى حياة الفرس و تبنوها و رفضوا التعلق بالقديم المادي و الفكري 
  • اُذكر بعض الشّخصيّات الّتي حملت لواء هذا الصّراع.
  • من الشّخصيّات الّتي حملت لواء هذا الصّراع: " أبو نواس "، " حمّاد عجرد "، " مطيع بن إياس "، " مسلم بن الوليد ".
  • بم نعت " أبو نواس " شعراء عصره؟ و لماذا؟
  • نعت " أبو نواس " شعراء عصره بالمنافقين، لأنّهم غير صادقين مع أنفسهم ، فهم يعبّرون عن بحياة عاشوها في الماضي .
  • ما الجديد الّذي يدعو إليه " أبو نواس "؟
  • الجديد الّذي يدعو إليه " أبو نواس " يمسّ القصيدة العربيّة شكلا و مضمونا، من حيث الشّكل:

توظيف ألفاظ سهلة و الاستغناء عن المقدّمة الطّلليّة، باعتبار أن الأطلال ليس لها وجود في العصر العبّاسيّ، تجديد من حيث المضمون أو الموضوعات وصف الخمر و القصور و الحياة الرّغيدة.

  • هل كلّ جديد مفيد؟ علّل.
  • لا، ليس كلّ جديد مفيدا، لآنّنا نجد في أغلب الأحيان صدامات و اختلافات بين المؤثّر و المتاثّر في الجانب الدّيني و العقليّ خاصّة. فالجديد يكون مضرّا حينما يخالف العادات و السّنن الرّاسخة في المجتمع.
  • استخرج بعض العبارات الّتي توحي بشدّة الصّراع.
  • من الألفاظ الّتي توحي بشدّة الصّراع في النّص: " كان الجهاد و التّغالب بين الحضارة الفارسيّة و البداوة العربيّة، كان الجهاد عنيفا، آثر العنف في خطابه ".
  • ما نتائج الصّراع بين أنصار القديم و أنصار الجديد في العصر العبّاسيّ؟
  • من نتائج الصّراع بين أنصار القديم و الجديد في العصر العبّاسيّ:

 

  • تطوّر القصيدة العربيّة شكلا و مضمونا: ظهور مواضيع جديدة بلغة سهلة.
  • بم يطالب " أبو نواس " شعراء عصره؟
  • يطالب " أبو نواس " شعراء عصره بالصّدق في الإحساس و التّعبير.

قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.