النّصّ الأدبيّ: وصف الجبل -ابن خفاجة -
" الأندلس " هو الاسم الّذي أطلقه المسلمون على شبه جزيرة " إيبيريا " عام 92 ﻫ ، بعد أن دخلوها بقيادة " طارق بن زياد " بأمر من " موسى بن نُصير " و ضمّها للخلافة الأمويّة و استوطنوها لفترة تجاوزت ثمانية قرون . و قد تولّى الحكم فيها سلالات متعدّدة هي على التّرتيب : عصر الولّاة – الدّولة الأمويّة الأندلسيّة – ملوك الطّوائف – دولة المرابطين و الموحّدين – دولة بني الأحمر.
كانت " الأندلس " من النّاحية الطّبيعيّة تتمتّع بتربة خصبة و أرض مزهرة و أنهار جارية و سهول خضراء و حدائق غنّاء ممّا حرّك مشاعر الأدباء لاستنطاقها .
هو أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن خفاجة ولد سنة 450 ﻫ /1058 م ببلدة شقر الأندلسيّة وفي هذه البيئة الطّبيعيّة الجميلة عاش حياة مترفة ينعم فيها بالمكانة الكريمة و التّقدير من معاصريه أيّام الطّائف و دولة المرابطين بالأندلس، و اتّصل بالأمراء و العلماء و مدحهم و حصل على جوائزهم ، كان يلقّب بشاعر الطّبيعة المرح لافتتانه بالطّبيعة و نظرته المتفائلة للحياة توفّي سنة 533 ﻫ / 1138 م ، ترك ديوانا يضمّ أغراض الشّعر المختلفة .
1 – و أَرْعَــنَ طَمــَّــــاحِ الـــذُّؤابَـــــةِ بـــاذِخٍ |
يُـطــــاوِلُ أَعْـــنــــانَ الـــسَّــمـــــاءِ بِــغــــارِبِ |
2 – يَــسُــدُّ مَـهَـبَّ الـرِّيــحِ عَـنْ كُـلِّ وِجْـهَـــةٍ |
و يَـــزْحَــمُ لَـــيْـلاً شُــهْـــبَـهُ بِــالـــمَــنـــاكِـــبِ |
3 – وقــــورٍ عَلـــى ظَــهْــرِ الفَـــلاةِ كَــأَنَّـــهُ |
طِـــوالَ اللَّــيْــلِ مُــفَــكِّـــرٌ فـــي الــعَـــواقِـــبِ |
4 – يَلـــوثُ عَلَـيْـهِ الغَــيْــمُ ســودَ عَــمــائِــمٍ |
لَــهــا مِــنْ وَمـيــضِ الــبَــرْقِ حُــمْــرُ ذَوائِـــبِ |
5 – أَصَـخْـتُ إِلَـيْهِ و هــو أَخْــرَسُ صـامِـتٌ |
فَــحَــدَّثَـنــي لــيـل الــسُّـــرى بــالــعَــجـــائِــب |
6 – و قــــال ألا كَـــمْ كُــنْــتُ مَــلْجَــأَ قــاتِــلٍ |
و مَــــــوْطِـــــنَ أوَّاهٍ تَــــــبَـــتَّــــلَ تــــــائِــــبِ |
7 – و كَـــمْ مَــرَّ بـي مـن مُـدْلِــجٍ و مُـــؤَوِّبٍ |
و قــــالَ بِــظِـــلِّــــي مِــــن مَــطِـــيٍّ و راكِـــبِ |
8 – و لاطَـمَ مــن نُـكْـبِ الــرّيـاحِ مَعـاطِـفـي |
و زاحَـــمَ مِـــنْ خــضْــرِ الــبِــحــــارِ جَــوانِبِ |
9 – فَمــا كـــانَ إلّا أن طَــوَتْـهُـم يَـدُ الـــرَّدى |
و طـاحَـتْ بِــهِــم ريــحُ الــنَّــوى و الــنَّــوائِــبِ |
10 – فمـــا خَفْقُ أَيْكــي غَيْـرَ رَجْـفَـةِ أَضْـلُـعٍ |
و لا نَــوْحُ وُرْقـــــي غــيــرَ صَــرْخَــةِ نــــادِبِ |
11 – و مـا غَـيَّضَ الـسّــلوانُ دَمْعـي و إنَّمــا |
نَـــزَفْــتُ دُمــوعــي فــي فِــراقِ الصَّــواحِــبِ |
12 – فَـحَتَّــى مَتـى أَبْقـى و يَظْـعَـنُ صـاحِبٌ |
أُوَدِّعُ مِـــــــنْــــــهُ راحِـــــلاً غَــــيْــــــرَ آيِـــبِ |
13 – فَرُحْمـاكَ يـــا مَـوْلايَ دَعْــوَةَ ضــارِعٍ |
يَــمُـــدُّ إِلــــى نُـــعْــمـــــاكَ راحَــــــةَ راغِـــبِ |
14 – و قُــلْــتُ و قَــدْ نَــكَّـبْـتُ عَـنْـهُ لِـطِـيَّــةٍ |
سَـــلامٌ فَــأَنــــا مِــــــنْ مُــقـــيــــــمٍ و ذاهِــــبِ |
- جبل أرعن : بروزه واضح
- طمّاح الذّؤابة : عالي القمّة
- باذخ : مرتفع
- غارب : اعلى الجبل
- يلوث : يلف
- السّرى : السّير ليلا
- مؤوّب : سائر جميع النّهار
- قال بظلّي : أقام في ظلّي
- نكب الرّياح : الرّياح الّتي تقع بين ريحين تهبّان من جهتين مختلفتين
- معاطفي : أثوابي و المقصود جوانبي
- خضر البحار: أمواجها
- غواربي : أعلى الكتف و المقصود جوانبي
- النّوى : البعد والفراق
- أيكي: أشجاري الملتفّة
- وُرقي : جمع ورقاء : الحمامة الّتي فيها بياض و سواد
- غيّض: أنقص
- السلوان : النسيان
- آيب : راجع
- الطّيّة : الحاجة و القصد
- ما صفات الجبل ؟ اكشف عنها .
- ما المقصود بعبارة " يطاول أعنان السّماء " ؟
- ضاق الجبل بحياته و سئم حاله ، ما الأبيات الدّالّة على ذلك ؟
- إنّ حديث الجبل يكشف عن عاطفة و إحساس الشّاعر ، علّل ؟
.
- من صفات الجبل أنّه : عالي القمّة ، فيه بروز واضح ، شديد الارتفاع ، ينافس السّماء في علوّها ، يسدّ مهبّ الرّيح من كلّ وجهة ، يزحم ليلا شهبه بالمناكب .
- المقصود بعبارة " يطاول أعنان السّماء " أنّه ينافسها في الطّول .
- الأبيات الدّالّة على أنّ الجبل ضاق بحياته و سئم حاله هي الأبيات من 6 إلى 12 ، حيث دبّت في نفسه روح الملل و الضّجر و مفارقة الأصحاب و أحسّ بالكبر . هذه الأحاسيس تخصّ الشّاعر نفسه ، قام بإسقاطها على الجبل الذي يشكو فراقة الأحباب و الخلان .
- يبدو الشاعر سائما الحياة و يظهر ذلك من خلال استنطاقه الجبل .و نتيجة مفارقة أصحابه و بقائه وحيدا .
- أضفى الشاعر على الجبل صفات الإنسان ، أذكر الأبيات التي تضمنت ذلك ؟
- بيّن نوع الأسلوب في البيت الثّاني عشر و غرضه البلاغيّ.
- إلى أيّ مدى عبّرت أساليب الشّاعر عن أفكاره؟
- تعدّ هذه القصيدة من الأدب الوصفيّ، وضّح ذلك.
- بم توحي العبارة: "فإنّا من مقيم و ذاهب"؟
- شخّص الشّاعر الجبل كأنّه شيخ كبير عليه عمامة يتحدّث عن أحزانه و همومه و الأبيات الدّالّة على ذلك من 3 إلى 13.
- أسلوب البيت الثاني عشر أسلوب إنشائي لأنه عبارة عن استفهام وغرضه البلاغيّ هو التّعبير عن الحسرة والأسى .
- اختار الشّاعر الكلمات المعبّرة عن أفكاره،واستعان بجملة من الصّور البيانيّة لتوضيح معانيه منها الكناية والاستعارة المكنيّة والتّشبيه مثل : " يزحم ليلاً " , " حدثني ليل " , " كأنّه ... مفكرٌ " .
- تعدّ هذه القصيدة من الأدب الوصفيّ، لأنّ الشّاعر وصف فيها جبلا وصفا دقيقا .
- توحي العبارة " فإنّا من مقيم وذاهب" بأنّ الافتراق لا بدّ منه مهما طال زمن الصّداقة والألفة.
- ما نمط النّصّ؟ اُذكر خصائصه الفنّيّة ؟
- استخرج الألفاظ الدالة على اللون و الحركة و الصوت ؟
- نمط النّصّ وصفيّ ومن خصائصه غزارة ووفرة الصّفات "طمّاح، باذخ، وقور، صامت...." توظيف الأحوال " وهو أخرس " الأفعال الماضية " كنت، نزفت، غيّض، الأفعال المضارعة: يسدّ، يطاول... للدّلالة على الحركة و الاستمرار، الأساليب الانفعاليّة، التّعجّب،التّمنّي...
- الألفاظ الدالة على اللّون : سود - حمر - خضر
- الألفاظ الدالة على الحركة : يزحم - يلوث - مرّ - لاطم
- الألفاظ الدالة على الصوت : حدثني - خفق - رجعة - صرخة
- ما الموضوع الّذي تناوله الشّاعر؟
- استعمل الشّاعر مجموعة من حروف الرّبط، حدّدها و بيّن معانيها ؟
- وصف الجبل والوقوف أمامه وقفة تأمّل.
- من أدوات الربط : حروف الجر : على , عن , في , إلى , بِ حروف العطف : الواو , الفاء .
- بيّن مظاهر البيئة من خلال النّصّ؟
- الوصف غرض قديم إلّا أنّ الشّاعر جدّد في بعض جوانبه، اذكر جوانب التّجديد ؟
- يرسم النّصّ صورة حيّة للحياة الأندلسيّة و اهتمام الشّعراء بمظاهر الطّبيعة و المشاهد الجميلة الّتي ملكت إحساسهم من أشجار و جبال و طيور...
- لم يكتف الشّاعر "ابن خفاجة" بوصف الطّبيعة كما فعل غيره من الشّعراء و إنّما عمل على تشخيصها، أي تصويرها في هيئة أشخاص تتحدّث و تفصح عمّا يختلجها من مشاعر.