iMadrassa

بلاغة : التضمين

التضمين من المحسنات اللفظية و هو أن يلجا الشاعر إلى شيء من شعر غيره فيدرجه في بيت من أبياته ، لاحظ  البيتين الآتيين :  فأولهما نظمه عنترة بن شداد العبسي الذي عاش في الجاهلية ، و ثانهما قاله أبو فراس الحمداني الذي عاش فس العصر العباسي .

سيذكرني قومي إذا الخيل أقبلت                             و في الليلة الظلماء يفتقد البدر

سيذكرني قومي إذا جد جدهم                                 و في الليلة الظلماء يفتقد البدر

لعلك أدركت أن أبا فراس الحمداني هو الذي ضمّن بيته كلاما قال عنترة ، و أبو فراس على علم بأن المشتغلين بالأدب و المهتمين به يدركون أنه قام بالتضمين لكون شعر عنترة مشهورا لديهم ، فهو لم يفعل هذا عن ضعف أو عجز و إنما فعله إعجابا بكلام عنترة ، و هذا النوع من التضمين مقبول و هو عبارة عن نوع من التناص الواعي و المقصود ، أما التعبير عن فكرة سبق تداولها عن غير قصد فهو تناص غير مقصود .

 الأمــــــــــثـــــــــــلـــــــــــــــــة :

 

  • قال الشاعر :

تعودت قهر النفس طفلا وإنّـــــه        ***           لكلّ امرئ من دهره ما تعودا

  • و قد قال قبله المتنبي :

لِكُلِّ اِمرِئٍ مِن دَهرِهِ ما تَعَوَّدا          ***          وَعادَتُ سَيفِ الدَولَةِ الطَعنُ في العِدا

  • وقال أبو فراس الحمداني :

سَيَذكُرُني قَومي إِذا جَدَّ جِدُّهُم        ***          وَ في اللَيلَةِ الظَلماءِ يُفتَقَدُ البَدرُ

  • وقد قال قبله عنترة من شداد :

سَيَذكُرُني قَومي إِذا الخَيلُ أَقبَلَت             ***                 وَفي اللَيلَةِ الظَلماءِ يُفتَقَدُ البَدرُ

  1.  ماذا تلاحظ ؟
  1. نلاحظ  أن الشاعر الأول في كلا المثالين أخذ شيئا من شعر الثاني و ضمنه في كلامه .

الـــــــخـــــــــــلاصـــــــــــــــة :

  1. التضمين : محسن بديعي أخر : هو التضمين و هو من المحسنات اللفظية ، و هو أن يضمن الشاعر شيئا من شعر غيره بعد أن يوطئ له توطئه حسنة تلحقه بكلامه ، و التضمين من أنواع التناص في النقد المعاصر ، الذي يرى بأن الشعراء لا ينطلقون من فراغ في إبداعهم و  إنما لهم مرجعية ثقافية يشتركون فيها و ينهلون منها ، فتتقاطع أفكارهم و عباراتهم و أساليبهم . 
  • كقول ابن نباتة :
عفتُ الإقامة َ في الدنيا لو انشرحت حالي فكيفَ و ما حظي سوى النكد
و ما عجبت لدهر ذبتُ منه أسى ً لكن عجبتُ لضدٍ ذاب من حسد
  • و قول الطغراني : ​
لم أرتضِ العيشَ والأيامُ مقبلةٌ  فكيف أرضَى وقد ولَّتْ على عَجَلِ
  • و قول المتنبي :
ماذا  لَقيتُ  مِنَ  الدُنيا   وَأَعجَبُهُ  أَنّي  بِما  أَنا  باكٍ  مِنهُ   مَحسودُ

 

  • فإن ما قاله ابن نباتة في البيت الأوّل مأخوذ من قول الطغرائي و أن البيت الثاني مأخوذ من قول المتنبي و هذا كثير سواء عند الشعراء المتقدمين أو المتأخرين ، و غرضه التحسين و تقوية المعنى بإحالته إلى مرجعية معينة .

 


قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.