iMadrassa

النّصّ الأدبي: تهديد و وَعيد بشّار بن بُرد

I تهديد و وَعيد " بشّار بن بُرد "

أتعرّف على صاحب النّصّ :

     قيلَ : " إِنَّ العاهَة تُوَلِّدُ البديل لِلنّيابة عنها " و هذا ما حدث فعلا لأحد أشهر مخضرمي الدّولة الأمويّة و العبّاسيّة . ترى من يكون هذا الشّاعر ؟

هو " أبو معاذ بشّار بن بُرد " أشهر مخضرمي الدولة الأمويّة و العبّاسيّة من أصل فارسيّ، ولد أعمى لأبوين فقيرين سنة 95هـ، وقد نشأ بالبصرة، ثم قدم بغداد ومدح " المهديّ بن المنصور "العباسيّ، اتّهم بالزّندقة فمات ضربا بالسّياط و دُفن بالبصرة سنة 167هـ . له ديوان شعر يضمّ مختلف الأغراض ، و يُعدّ من الشّعراء المُجيدين .

النص

أَبــــا جَعْفَــرٍ، مــا طولُ عَيْــشٍ بِدائِــــمِ

و لا ســــالِمٌ عَمَّـــــا قَــليـــــلٍ بِســــالِــــــــمِ

عَلى المَــــلِكِ الجَبَّـــــارِ يَقْتَحِــمُ الـرَّدى

و يَصْـــرَعْـــهُ في الــــمَأْزِقِ المُتَــــلاحِـــــمِ

كَـــأَنَّــــكَ لَـــمْ تَسْمَــــعْ بِقَتْــلِ مُتَــــــوَّجٍ

عَظيـــــمٍ ، و لَمْ تَسْمَــــعْ بِفَتْكِ الأَعــــاجِــــمِ

تَقَسَّـــمَ كِسْـــــرىرَهْـــطُهُ بِسُيـــــوفِهِــمْ

و أَمْــسى أَبو العَبَّــــــاسِ أَحْــــلامَ نـــــائِــــمِ

و مَـرْوانُ قَــدْ دارَتْ عَلى رَأْسِهِ الرَّحـى

و كــانَ لِمـــا أَجْرَمْـتَ نَـــزْرَالـــجَــرائِــــــمِ

تَجَرَّدْتَ لِلْإِسْـــلامِ تَعْفــــــو طَريــــقَـــهُ

و تُعْري مَــطـــاهُ لِلُّيـــوثِ الضَّـــراغِـــــــــمِ

و تُعْري مَــطـــاهُ لِلُّيـــوثِ الضَّـــراغِـــــــمِ

عَلَيْكَ ، فَعــــادوا بِالسُّيـــــوفِ الصَّــــــوارِمِ

فَرُمْ وَزَراً يُنْجيـــــكَ يا ابْنَ سَـــلامَـــــةٍ

فَلَسْتَ بِنـــاجٍ مِنْ مَضيــــمٍ و ضـــــائِـــــــمِ

أَقـــــولُ لِـبَسَّـــــــامٍ عَلَيْـــــهِ جَــــلالَــةٌ

غَــدا أَرْيَحِــــيًّــــا، عـــاشِقــــاً لِلْمَــكــــارِمِ

مِنَ الفــــاطِمــِيِّيــنَ الدُّعـاةِ إِلى الهُدى

جِهــــاراً و مَنْ يَهْديــــكَ مِثْلُ ابْنِ فــــاطِــمِ

إِذا بَلَغَ الرَّأْيُ المَشـــــورَةَ فَاسْــتَعِـــنْ

بِـــرَأْيِ نَـصيـــــحٍ أَو نَصيـــــحَةِ حــــــازِمِ

و لا تَجْعَــلِ الشُّورى عَلَيْكَ غَضاضَةً

فَإنَّ الْــخَـــوافــــــي قُــــوَّةٌ لِلْـــــقَــــــــوادِمِ

و مـــا خَيْرُ كَفٍّ أَمْسَكَ الغُــلُّ أُخْتَهـــا

و مــــــا خَيْرُ سَيْــــفٍ لَمْ يُؤَيَّـــــــدْ بِقـــــائِــمِ

إِنَّكَ لا تَسْتَـــطْـــرِدِ الـــهَمَّ بِالــمُنـــى

فَو لا تَبْلُــغُ العَــلْيـــــا بِغَيْـــــرِ الــمَكـــــارِمِ

و مــــا قَــرَعَ الأَقْــــوامَ مِثْلُ مُشَيِّـــعٍ

أَريــــــبٍ و لا جَـلَّى العَمـــى مِثْلُ عـــالِــمِ 
أثري رصيدي اللغويّ:
  • أبا جعفر : هو " أبو جعفر المنصور " الخليفة العبّاسيّ الثّاني .
  • يقتحم الرّدى : يهجم الموت .
  • كسرى : هو " كسرى أنو شروان " أحد ملوك بلاد الفرس .
  • أبو العبّاس : أوّل الحكّام العبّاسيّين .
  • مروان : أحد الخلفاء الأمويّين .
  • نزر : قليل .
  • تعفو طريقه : تمحو تعاليمه .
  • مضيم و ضائم : ظالم و مظلوم .
  • أريحيّا : ساعيا لعمل الخير .
  • الخوافي : الرّيش الصّغير . 
  • القوادم : الرّيش القديم .
اكتشاف معطيات النص:
  • من هو أبو جعفر ؟ و بِمَ يُخبره الشّاعر في النّصّ ؟
  • ما مضمون الحكمة الواردة في البيت الأوّل ؟
  • ماذا أفاد تقديم الجارّ و المجرور في البيت الثّاني ؟
  • في البيتين الرّابع و الخامس تذكير ﻟ " أبي جعفر"  بنهاية مَلِكَيْن ، وضّح كيف كان ذلك
  • يذكّر الشّاعر الخليفة بجرائمه ، حدّدها .
  • ما النّصائح الّتي أسداها الشّاعر إلى الثّائر الفاطميّ ؟ و على أيّ شيء تدلّ ؟
  • لماذا اختار " بشّار " جريمة محاربة الدّين و نسبها إلى الخليفة " المنصور " ؟
  • ​هو " أبو جعفر المنصور " الخليفة العبّاسيّ الثّاني ، تولّى أمر الخلافة بعد أخيه أبي العبّاس السّفّاح سنة 137 ﻫ ، يعدّ من أقوى الخلفاء العبّاسيّين و أشدّهم حزما . و الشّاعر " بشّار " يذكّره بالنّهاية الحتمية لكلّ حيّ ألا و هي الموت
  • في مطلع القصيدة حكمة مفادها أنّ الإنسان مهما طال عمره لن يبقى خالدا فوق الأرض فسيأتي اليوم الّذي يموت فيه، كما أنّ الإنسان سليم الجسم لن يبقى سليما سالما من الأمراض و العلل على الدّوام .

    و في هذا المعنى يقول الشّاعر " كعب بن زهير " قي قصيدته " بانت سعاد " :

    كُلُّ ابْـــنِ أُنْثَى وَإِنْ طَـــــــالَــــتْ سَلَامَتُـــــهُ      يَـوْمــــاً عَلَــــــى آلَــةٍ حَدْبـــــاءَ مَحْمُـــــولُ 
  • تقديم الجارّ و المجرور في البيت الثّاني " على الملك " أفاد التّخصيص الّذي يُراد به التّأكيد على سطو الموت .
  • ذكّر الشّاعر في البيتين الرّابع و الخامس الخليفةَ " أبا جعفر " بمصارع الطّغاة و الجبابرة الّذين لم تحمهم جيوشهم و لا سيوفهم و لا أموالهم من الموت و من بينهم " كسرى " ملك الفرس و " مروان بن محمد " من خلفاء بني أميّة في دمشق .
  • من جرائم الخليفة كما ورد في النّصّ :
  1. - الاستبداد بالحكم و ظلم : أَجْرَمْتَ " .
  2.  محاربة الدّين : " تجرّدت للإسلام تعفو طريقه " .
  • من جملة النّصائح الّتي أَسداها الشّاعر للخليفة :

  1. الالتزام بالشّورى : " اِسْتعنْ بِرأْيِ نَصيحٍ "

  2. الصّبر على الهموم و التّحلّي بالشّجاعة : " فَإِنَّكَ لا تَسْتَطْرِدُ الهَمَّ بِالمُنى " .

  3. الاتّصاف بمكارم الأخلاق : " لا تَبْلُغُ الْعَلْيا بِغَيْرِ المَكارِمِ " .

  • هذه النّصائح الّتي أتى بها الشّاعر على شكل حكمة تدلّ على حنكته و خبرته في الحياة و درايته بأمور السّياسة و الحكمو على رغبته في الإصلاح .

  • اختار " بشّار " جريمة محاربة الدّين و نسبها إلى " المنصور " لأنّها أكثر الجرائم الّتي تجرّ عليه نقمة الرّعيَّة و تثير عليه كلّ من يغار على الدّين .
مناقشة المعطيات:
  • عمد الشّاعر إلى الإيجاز بالحذف في البيت الأوّل و  السّابع ، قدّر ما حُذف .
  • ماذا أفاد الفعلان " يقتحم " ، " يصرعه " ؟
  • ما مدلول عبارة " و مروان قد دارت على رأسه الرّحى " ؟
  • لماذا نسب الشّاعر الخليفة إلى أمّه ؟
  • قال الشّاعر في البيت الأوّل : " و لا سالِمٌ عَمَّا قَليلٍ بِسالِمِ " تقدير المحذوف هو : " و لا سالِمٌ من آفات الدّهْرِ عَمَّا قَليلٍ بِسالِمِ " .

و قال في البيت السّابِع : " فَما زِلْتَ ... حَتَّى اسْتَنْصَرَ الدِّينُ أَهْلَهُ " تقدير المحذوف هو : " فَما زِلْتَ تُحارِبُ الدِّين حَتَّى اسْتَنْصَرَ الدِّينُ أَهْلَهُ "

  • يدّل الفعلان على عمق مشاعر الكراهية التي يكنّها الشاعر لابي جعفر , و على سوء العاقبة التي يتمناه له
  • المدلول هو الكناية عن الموت.
  • نسب الشّاعر الخليفة إلى أمّه للتّقليل من شأنه و الحطّ من قيمته .

 

تحديد بنا النص:
  • ما النّمط الغالب على النّصّ ؟ علّل .
  • اُذكر بعض خصائص النّمط الحجاجيّ .
  • في النّصّ نزعة عقليّة غالبة ، ما هي أسبابها و دوافعها ؟
  • نمط النّصّ حجاجيّ ، لأنّ الشّاعر يهدّد و يتوعّد الخليفة " المنصور " و يعرض حقائق الحكم العبّاسيّ ، و يذكّره بمصير من سبقه من الملوك بتقديم  أدلّة من الواقع ، هدفه في ذلك تحريض الأمّة على الثّورة على نظام الحكم بسبب ظلم الحكّام .
  • من خصائص النّمط الحجاجيّ :
  1.  ربط الأسباب بمسبّباتها .
  2.  الصّبغة العقليّة .
  3.  الأسلوب المباشر .
  4. الأدلة و البراهين
  • النّزعة العقليّة هي الميل إلى توظيف العقل في الشّعر ،من أسبابها و دوافعها :
  1. - اتّساع دائرة الخلاف السّياسيّ و الدّينيّ .
  2. - حاجة كلّ طرف إلى إقناع الطّرف الآخر بحقّه في السّلطة .
  3. - التّأثّر بالفكر الفلسفيّ اليونانيّ " المنطق " .
  4. - تطوّر الفكر العربيّ بفعل الاحتكاك .
تفحص الاتساق و الانسجام:
  • ما العلاقة بين مطلع القصيدة و نهايتها ؟
  • جمع الشّاعر بين الهجاء و المدح ، هل أثّر ذلك في انسجام النّصّ ؟
  • بيّن علاقة البيت الثّاني عشر بالبيت الثّالث عشر .
  • اِفتتح الشّاعر قصيدته بحكمة و ختمها بحكمة ، و هذا دليل على التّجديد الّذي مسّ القصيدة العربيّة من حيث بنائها،بحيث كانت تبدأ بمقدّمة طلليّة غزليّة ، أمّا العلاقة بين البيتين فهي علاقة تكامل .
  • المدح و الهجاء غرضان قديمان ، كلّ واحد منهما فنّ شعريّ قائم بذاته ، الأوّل يُقصد به ذكر الصّفات الحسنة في الممدوح ، أمّا الثّاني " الهجاء " فهو العكس تماما إذ فيه سبّ و شتم و ذكر لمختلف السّيّئات ، و رغم أنّهما متناقضان إلاّ أنّ الشّاعر استطاع أن يجمع بينهما في قصيدة واحدة دون أن يؤثّر ذلك سلبا في انسجامها .
  • نصح الشّاعر الخليفةَ " المنصور " في البيت الثّاني عشر بأن يستعين بغيره و يشاورهم، و لا يعتبر الشّورى عيبا و إهانة و مساسا بشرفه " البيت الثّالث عشر " إذن فالعلاقة بين البيتين شرطيّة .

 

مجمل القول
  • ما الغرض العامّ للقصيدة ؟ و ما الأفكار الأساسيّة الّتي تضمّنتها ؟
  • ما أثر السّرد الوارد في القصيدة ؟
  • هل القصيدة تصوّر نفسيّة الشّاعر و أحداث عصره ؟ علّل .
  • وظّف الشّاعر تعابير فنّيّة مختلفة ، هل كانت قريبة من الجانب العقليّ أم من الجانب العاطفيّ ؟ علّل .

 

  • الغرض العام للقصيدة هو تحريض الفاطميين على الإغارة على العباسيين في النّصّ ثلاثة أفكار هي :
  1. - الفكرة الأولى : [ 1 – 8 ]  هجاء الشاعر ﻟ " أبي جعفر المنصور " .
  2. - الفكرة الثّانية : [ 9 – 10 ] مدح و تعداد لمزايا الثّائر الفاطميّ .
  3. - الفكرة الثّالثة : [ 11 – 12 ] نصح و إشادة .
  • وظّف الشّاعر السّرد في القصيدة ليذكّر الخليفة بمصارع الطّغاة .
  • القصيدة صورة صادقة لعصر الشّاعر ، فهي من ناحية تصوّر الحالة النّفسيّة للشّاعر " بشّار بن بُرد " الّذي يبدو ناقما على الأوضاع الّتي يعيشها عصره ، و من ناحية أخرى تبيّن لنا أنّ هذا العصر تسوده الفتن و الصّراعات و الخلافات 
  • التّعابير الفنّيّة الواردة في القصيدة قريبة من الجانب العقليّ ، لأنّ الشّاعر بصدد نقد مجتمع تسوده الفوضى و الاضطرابات من النّاحيتين السّياسيّة
    و الاجتماعيّة ، فلا مجال للعاطفة في النّقد و السّياسة .

قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.