"النّصّ الأدبيّ: تقسيم مخلوقات العالم"" الجاحظ "" "
و أقول: إِنَّ العالَمَ بِما فيهِ مِنَ الأَجْسامِ عَلى ثَلاثةِ أَنْحاء: مُتَّفِقٌ، و مُخْتَلِفٌ، و مُتَضاد، و كُلُّها في جُمْلَةِ القَوْل: جَماد، و نام، و كانَ حَقيقَة القَوْل في الأَجْسامِ مِنْ هَذِهِ القِسْمَة أَن يُقال: نامٍ و غَيْر نام، و لَوْ أَنَّ الحُكَماء وَضَعوا لِكُلِّ ما لَيْسَ بِنامٍ اسْماً كَما وَضَعوا للنّامي اسماً لاتّبعْنا أَثَرَهُم و إِنَّما نَنْتَهي إِلى حَيْثُ انْتَهوا، و ما أَكْثَرَ ما تَكونُ دَلالَةُ قَوْلِهِم: "جَماد" كَدلالَةِ قَوْلِهِم: "مَوات" و قَدْ يَفْتَرِقان في مَواضِع بَعْضَ الافْتِراق. و إِذا خَرَجْتَ مِنَ العالَمِ إِلى الأَفْلاكِ، و البُروجِ، و النُّجومِ، و الشَّمْسِ، و القَمَر، وَجَدْتَها غَيْرَ نامِيَة. و لَمْ تَجِدْهُم يُسَمّون شيئاً منها بِجَمادٍ و لا مَوات. و لَيْسَ لأنَّها تَتَحَرَّكُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِها، لَمْ تُسَمَّ مَواتاً و لا جَماداً. و ناسٌ يَجْعَلونَها مُدْبِرَةً و غَيْرَ مُدْبِرَة. و يَجْعَلونَها مُسَخَّرَةً وغَيْرَ مُسَخّرَة و يَجْعَلونَها أَحْياء من الحَيَوان، إِذا كانَ الحَيَوانُ إِنَّما يَحْيا بِإِحْيائِها لَه و بِما تُعْطيهِ و تُعيرُه. و إِنَّما هَذِهِ مِنْهُم رأْي. و الأُمَمُ في هَذا كُلِّهِ، عَلى خِلافِهِم. و نَحْنُ في هَذا المَوْضِع، إِنَّما نُعَبِّرُ مِنْ لُغَتِنا، و لَيْسَ في لُغَتِنا إِلاّ ما ذَكَرْنا. و النّاسُ يُسَمُّونَ الأرْضَ جَماداً، و رُبَّما يَجْعَلونَها مَواتاً، إِذا كانَتْ لَمْ تَنْبُت قَديماً، و هِيَ مَواتُ الأَرْض، و ذَلِكَ قَوْلُهُم: "مَنْ أَحْيا أَرْضاً مَواتاً ، فَهِيَ لَه" .و هُم لا يَجْعَلونَ الماءَ، و النَّارَ، و الهَواءَ، جَماداً و لا مَواتاً، و لا يُسَمُّونَها حَيَوانا، مادامتْ كَذَلِك، و إِنْ كانَتْ لا تُضافُ إِلى النَّماءِ و الحِسّ. و الأَرْضُ هِيَ أَحَدُ الأَرْكانِ الأَرْبَعَةِ الَّتي هِيَ: الماء، و الأَرْض، الهَواء، و النَّار، و الاسمان لا يَتَعاوَران عِنْدَهُم إِلّا الأَرْض. ثُمّ النّامي على قسميْن: حَيَوانٌ و نَبات، و الحَيَوانُ عَلى أَرْبَعَةِ أَقْسام: شَيْءٌ يَمْشي، و شَيْءٌ يَطير، و شَيْءٌ يَسْبح، و شَيْءٌ يَنْساح. إِلّا أَنَّ كُلَّ طائِرٍ يَمْشي، و لَيْسَ الّذي يَمْشي و لا يَطير يُسَمّى طائِراً. و النَّوْعُ الّذي يَمْشي عَلى أَرْبَعَةِ أَقْسام: ناس، و بَهائِم، و سباع، و حَشَرات. عَلى أَنّ الحَشَرات راجِعَةٌ في المَعْنى إِلى مُشاكَلَةِ طِباعِ البَهائِم و السّباع ...
من كِتاب الحَيَوان
- يتعاوران: تعاور اعتور، تعاور القوم الشّيء: تعاطوه و تداولوه و يقال تعاورت الرّياح رسم الدّار أي تداولته، فمرّة تهبّ جنوبا و مرّة شمالا، مرّة قبولا و أخرى دبورا.
- ينساح: يمشي على بطنه.
- يذهب الكاتب إلى تقسيم العالم إلى ثلاثة أقسام، حدّدها.
- قسّم الكاتب العالم إلى ثلاثة أقسام هي: متّفق، ومختلف، ومتضاد.
- قارن بين ما ذهب إليه الكاتب و ما يراه العلماء و الحكماء في تقسيمهم.
- يرى العلماء والحكماء أنّ العالم : جماد ونام ، ويرى الكاتب أنّ العالمّ: نام وغير نام، والكاتب لم يتّبع العلماء والحكماء لأنّهم لم يضعوا لكلّ ما هو ليس بنام اسما ما وضعوه للنّامي.
- ما موقف الكاتب من الاختلاف الحاصل حول العالم الخارجيّ و مسمّياته؟
- موقف الكاتب من الاختلاف الحاصل حول العالم الخارجيّ "الأفلاك والبروج والنّجوم والشّمس والقمر" أنّها غير نامية.
- ما الفرق بين الأرض الجامدة و الميّتة في نظر الكاتب؟
- لا فرق بين الأرض الجامدة والميتة في نظر الكاتب ، لأنّهما يدلّان على الأرض الّتي لم تُنبِت.
- حدّد أركان الحياة في الكون.
- أركان الحياة في الكون هي: الأرض و الماء و الهواء و النار.
- ما صحّة تقسيم الجاحظ العالم إلى ثلاثة أقسام في نظر العلم الحديث؟
- لقد وفّق الجاحظ في تقسيم العالم إلى ثلاثة أقسام في نظر العلم الحديث.
- ما الدّوافع الّتي أدّت بالكاتب إلى تناول هذا النّصّ بهذا الطّرح؟
- الدّوافع الّتي أدّت بالكاتب إلى تناول هذا النّصّ بهذا الطّرح هي إظهار سعة ثقافته في شتّى علوم العصر، وأنّه بإمكانه أن يناقش الحكماء والعلماء في نظريّاتهم.
- اُذكر ملامح التّجديد في النّصّ.
- يبدو الجاحظ عالما باحثا محقّقا ذا طريقة مبتكرة تعتمد على العقل والمنطق.
- هل تلمس في النّصّ عواطف؟ علّل ذلك.
- لا ألمس في النّصّ عواطف، لأنّه نصّ علميّ.
- ما نمط النّصّ؟ علّل.
- نمط النّص: تفسيريّ لأنّه قدّم معلومات غير معروفة لدى القارئ، و قام بتوسيعها و عرض أسبابها و نتائجها.
- ما هي وسائل الإقناع الّتي اعتمد عليها الكاتب في طرحه؟
- وسائل الإقناع الّتي اعتمد عليها الكاتب في طرحه هي استعمال المنطق، وسوق الشّواهد والأمثلة.
- هل ترى بوادر البحث العلميّ عند الكاتب في هذا النّص؟ علّل.
- نعم أرى بوادر البحث العلميّ عند الكاتب في هذا النّص، وذلك بطرح الموضوع، ثم عرض مختلف الآراء، ومناقشتها، وفي الأخير الخروج بفكرة معيّنة.
- حدّد أفكار النّص. ما رأيك في ترتيبها؟
أفكار النّص هي:
الفكرة الأولى: تقسيم العالم عند الجاحظ.
الفكرة الثّانية: تقسيم العالم عند غيره من العلماء.
الفكرة الثّالثة: الجامد والنّامي.
يمكن إجراء ترتيب آخر في النّصّ دون أن يحدث خلل فيه.
- بم تعلّل اعتماد الكاتب على الأسلوب الخبريّ؟
- اعتمد الكاتب على الأسلوب الخبريّ، لأنّ طبيعة الموضوع علميّة.
- قيل: كتب الجاحظ تعلّم العقل أوّلا و الأدب ثانيا، وضّح ذلك.
- كتب الجاحظ تعلّم العقل أوّلا، والأدب ثانيا، لأنّه يستعمل المنطق، ويوظّف العقل، ويستقصي جوانب الموضوع، ويوسّعه بحثا. وأسلوبه سهل بسيط، لا يتكلّف فيه الصّور البيانيّة والمحسّنات البديعيّة.
- فيم يتمثّل البعد الفكريّ لهذا النّص؟
- يتمثل البعد الفكريّ لهذا النّص في عدم قبول كلّ ما يعرض علينا إلّا إذا قبله العقل والمنطق.
عرّف النّثر العلميّ و النّثر العلميّ المتأدّب. إلى أيّ نوع ينتمي هذا النّص؟
النّثر العلميّ : وهو النّثر الّذي يرمي إلى تقديم الحقائق الطّبيعيّة والوقائع التّاريخيّة بلغة مباشرة بعيدة عن التّأنّق وهو نوعان:
نثر علميّ بحت ونثر علميّ متأدّب.
تعريف النّثر العلميّ المتأدّب : هو الّذي يهدف إلى عرض الحقائق العلميّة بأسلوب أدبيّ جميل.
ينتمي هذا النّصّ إلى النّثر العلميّ المتأدّب.
- ما الأسباب الّتي أدّت إلى ظهور هذا النّوع من النّثر؟ ما هي المجالات الّتي تناولها؟
الأسباب الّتي أدّت إلى ظهور هذا النّوع هي: امتزاج الثقّافات الأجنبيّة من فارسيّة و هنديّة و يونانيّة بالعقليّة العربيّة.
المجالات الّتي تناولها هي: الحيوان والزراعة و الطّبّ و التّاريخ.