"النّصّ التّواصليّ: الحياة الاجتماعيّة و مظاهر الظّلم الدّكتور "" شوقي ضيف "" "

شوقي ضيف أديب وعالم لغويّ مصريّ ، والرّئيس الأسبق لمجمع اللّغة العربّية المصريّ . ولد سنة 1910 في قرية أولاد حمام بدمياط . يعدّ علّامة من علّامات الثّقافة العربيّة ، ألّف عددا من الكتب في مجالات الأدب العربيّ ، وناقش قضاياها بشكل موضوعي . توفّي سنة 2005 .
مع اتّساع الفتوحات كثرت أموال الجباية الّتي كانت تصبّ من أقاصي المقاطعات و أدانيها في بغداد فكثرت الثّروات العامّة و الخاصّة و انتشرت مجالس الشّراب و الغناء و اللّهو و عرف النّاس في تلك الأيّام أنّ اللّيالي حُبالى يلدن من الأحداث كلّ عجيب ، فعلى قدر ثراء البعض ازداد بؤس و فقر و حرمان البعض الآخر .
لمّا فتح العرب العراق و إيران و الشّام و مصر و ورثوا ما في الأولى و الثّانية من الحضارات السّاسانيّة و الكلدانيّة و الآراميّة و ما في الثّالثة و الرّابعة من حضارات بيزنطيّة و ساميّة قديمة و مصريّة ، و أخذوا يكوّنون من ذلك و من تراثهم العربيّ الخالص حضارتهم الإسلاميّة .و قد كشفت حفائر سامرّاء عن طريق بناء الدّور و القصور ما يصل بين الدّار و القصر من دهاليز مسقوفة تفضي إلى فناء واسع يسلّم إلى القاعة الكبرى و الإيوان ، و بهذه الدّهاليز غرف متجاورات للسّكن و المرافق المنزليّة ، و تتّصل بالإيوان بعض الغرف الصّغيرة ، و بجانب الفناء للدّار أفنية صغرى ثانويّة تعلوها بعض البساتين و بعض النّافورات و البرك ، و كانت مصاريع الأبواب تصنع من الخشب المحلّى بالنّقوش و الزّخرف ، و تتألّق النّوافذ بالزّجاج الملوّن ، و تزخر الحيطان بالنّقوش ... أمّا أرض الدّار فكانت تموج بالبسط الإيرانيّة و الأرمينيّة . و لا ريب في أنّ هذا البذخ إنّما كان يتمتّع به الخلفاء و حواشيهم من البيت العبّاسيّ و من الوزراء و القوّاد و كبار رجال الدّولة و من اتّصل بهم من الفنّانين ، شعراء و مغنّيين و من العلماء و المثقّفين ، و كأنّما كُتب على الشّعب بأن يكدح ليملأ حياة هؤلاء جميعا بأسباب النّعيم ، أمّا هو فعليه أن يتجرّع غصص البؤس و الشّقاء و أن يتحمّل من أعباء الحياة ما يُطاق و لا يُطاق . و مردّ ذلك إلى طغيان الخلفاء العبّاسيّين الّذين حرموا الشّعب حقوقه و طوّقوه بالاستعباد و الاستبداد و العنف الشّديد ، و قد مضوا يحتكرون لأنفسهم أمواله و موارده الضّخمة ، بحيث كانت هناك طبقة تنعم بالحياة إلى غير حدّ ، و طبقات قُتِّرَ عليها في الرّزق فهي تشقى إلى غير حدّ ، و اضطرب أوساط النّاس من التّجّار و غيرهم بين الشّقاء و النّعيم .
كانت خزائن الدّولة هي المُعين المُغدِق الّذي هيّأ لكلّ هذا التّرف ، فقد كانت تحمل إليها حمول الذّهب و الفضّة من أطراف الأرض ( حتّى قالوا إنّ المنصور حين توفّي خلّف أربعة عشر مليونا من الدّنانير ... ) و كانت هذه الأنهار الدّافقة من الأموال تنصبّ في حجور الخلفاء و من يحفّ بهم من بيتهم و من الوزراء و القوّاد و الولّاة و العلماء و الشّعراء و المغنّيين . كما أنّ نساء الخلفاء و الأمراء استكثرن من العطور و أنواع الطّيب و بالغْنَ في زينتهنّ و أناقتهنّ ، فكنّ يَرْفَلْنَ في الثّياب الحريريّة و الجواهر . و لا ريب أنّ هذا كلّه كان على حساب العامّة المحرومة الّتي كانت تحيا حياة بؤس تقوم على شظف العيش لينعم الخلفاء و الوزراء و الولّاة و القوّاد و كبار رجال الدّولة و أمراء البيت العبّاسيّ .و طبيعيّ أن يعمّ البؤس و الشّقاء من جانب ، بينما يعمّ النّعيم و التّرف من جانب آخر ، بل كان للشّقاء و البؤس أكثر الجوانب من الحياة العبّاسيّة ، فالجمهور يعيش في الضّنك و الضّيق لا الرّفيق منه فحسب بل أيضا جمهور النّاس من الأحرار ، و كأنّما كانوا جميعا أرقاء في هذا النّظام . و لعلّ هذا البذخ و ما صحبه من اعتسار الشّعب هو السّبب الحقيقيّ في كثرة الثّورات على العبّاسيّين و خاصّة في إيران ، كما أنّ هذا الوضع هيّأ لكثرة الجمعيّات السّرّيّة و اعتناق النّاس لعقيدة التّشيّع على اختلاف فرقها ، غير أنّ هذه المسألة لم توضع وضعا صريحا على أساس مشكلة عدالة اجتماعيّة و استنزاف لمصلحة تعيش معيشة باذخة مسرفة في البذخ ، بل وُجّهت توجيها خاطئا على أساس دعوات دينيّة ، و بذلك أخفقت هذه الثّورات جميعا لأنّها لم تضع للشّعب اللّافتات و الشّعارات الحقيقيّة الّتي يلتفّ حولها و يعمل من أجلها ، فازْداد ثراء الثّريّ و تفاقم فقر الضّعيف .
العصر العبّاسيّ الأوّل – بتصرّف –
- كيف كانت أوضاع الدّولة العبّاسيّة اقتصاديّا ؟ اذكر مصادر هذه الثّروة .
- هل كان توزيع الثّروات عادلا بين أفراد المجتمع ؟ علّل .
- ما سبب كثرة الثّورات ؟ و لماذا باءت بالفشل ؟
-
كانت الخزائن مليئة بالأموال ، و في المقابل يعيش الشّعب في فقر .
-
توزيع الثّروات لم يكن عادلا بسبب تسلّط الحكّام العبّاسيّين .
-
سبب كثرة الثّروات هو انتشار الفقر و الطّبقيّة في المجتمع العبّاسيّ .
باءت هذه الثّورات بالفشل ، لأنّها وجّهت على أساس ديني .
-
ما موقف الشّعراء و الأدباء من الظّلم الاجتماعيّ ؟
-
اُذكر بعض القضايا الاجتماعيّة الّتي تناولها الأدباء ؟
-
تحدّثوا عنه في شعرهم و نثرهم مندّدين به .
-
من القضايا الاجتماعيّة الّتي تناوله الأدباء : الجهل ، الفقر ، الظّلم .
-
الشّعر الاجتماعيّ شعر هادف ، علّل .
-
بم تفسّر اهتمام الأدباء بالمجال الاجتماعيّ في العصر العبّاسيّ ؟
-
لأنّه يعالج قضايا من صميم المجتمع و يعمل على معالجتها .
-
اهتمام الأدباء بالمجال الاجتماعيّ في العصر العبّاسيّ يدلّ على أنّ اأوضاع في هذا الجانب كانت جدّ سيّئة و قد حاولوا تحسينها من خلال أدبهم .