النّصّ الأدبيّ للموت ما تلدون
اللَّهو و المُجون و الشّراب و الرّخاء و التّرف صورة سلبيّة أرستها معالم امتزاج العرب بالعجم ، و لمّا طغى العَبث تأثرت الحميّة الدّينيّة لدى بعض الشّعراء و المصلحين، فمن هو الشّاعر الّذي رفع لواء الزّهد ، إضافة . .
هو " أبو العتاهية " ولد سنة 130 ﻫ في قرية عين التّمر، تعاطى بيع الفخّار، كان من المقرّبين إلى الخليفة المهديّ، درس مذهب المتكلّمين و الزّهّاد إلى أن الزهد بالدُّنيا قولا و معيشة و لكنّه أحب المال، ظلّ ينتقل من قصر إلى قصر فقرّ به الرّشيد ثمّ المأمون.
توفّي ببغداد و دُفن بها سنة 210 ﻫ مخلّفا ديوانا شعريّا يضمّ فسمين: قسم الزّهديّات و قسم لسائر فنون الشّعر.
1- مـــا يَدْفَـــعُ المَـوْتَ أَرْصــــادٌ و لا حَــرَسُ |
مـــا يَغْلـــِبُ الــمَــــوْتَ لا جِـــنٌّ و لا أَنَـــسُ |
2- مـــا إِنْ دَعـا الــمَـوْتُ أَمْــلاكاً و لا سَـوَقــا |
إِلاّ ثَنــاهُـــم إِلَــيْـــهِ الصَّــــــرْعُ و الخَــلَـــسُ |
3- لِلــــمَـوْتِ مــــا تَـــلِــــدُ الأَقْــــوامُ كُــلُّــهُـــمُ |
و لِلْبِلــــــى كُـلُّ مـــا بَنَـــــوا و مـا غَــرَسوا |
4- هَـلاَّ أُبــــــادِرُ هَــــذا الــمَـوْتَ فـــي مَهَــــلٍ |
هَــــــلاَّ أُبــــــادِرِهُ مـــــــادامَ لـــي نَــــفَـــسُ |
5- يـــا خــائِفَ المَوْتِ ! لَو أَمْــسَــيْتَ خــائِفَـــهُ |
كــانَتْ دُمـــــوعُكَ طـــولَ الـدَّهْرِ تَنْبَـجِــــسُ |
6- أَ مـــا يَـهــــــولُـــكَ يَـــوْمٌ لا دِفــــاعَ لَـــــــهُ |
إِذْ أَنْتَ فـــــي غَمَـــراتِ المَـوْتِ تَنْغَمِــــسُ ؟ |
7- إِيَّــــاكَ ، إِيَّــــاكَ و الـــدُّنْـيـــا و لَـــذَّتَــهــــــا |
فَالـــمَــوْتُ فــيــهــا لِــــخَلْــقِ اللهِ مُفْتَـــــرِسُ |
8- إِنَّ الخَـــلائِــقَ في الـــدُّنْيــا لَـــوِ اجْــتَهَـــدوا |
أَنْ يَحْبِســـوا عَنْكَ هَـــــذا المَوْتَ مـا حَبِســوا |
9- إِنَّ الـــمَــنِــيَّــــةَ حَــــوْضٌ أَنْــتَ تَــكْـرَهُـــهُ |
و أَنْــتَ عَمَّــــــا قَليــــلٍ فـــيــــهِ مُــنْغَـمِــــسُ |
10- مــا لــي رَأَيْـتُ بَـني الـــدُّنْيا قَــدِ اقْتَــتَلـــوا |
كَـــأَنَّمـــــا هَـــذِهِ الـدُّنْيـــا لَهُـــمْ عُـــرُسُ ؟ ! |
11- إِذا وَصَفْــتُ لَهُــــمْ دُنْيـــاهُـــمُ ضَــحِكــــوا |
و إِنْ وَصَـفْتُ لَـــهُمْ أُخْـــراهُــمُ عَبَســـــــوا ! |
12- مــا لــي رَأَيْتُ بَني الـــــدُّنْـيــا و إِخْوَتَهـــا |
كَأَنَّـــهُــــمْ لِكَـــــــلامِ اللهِ مــــا دَرَســــوا ؟ !
|
- أرصاد: مراقبون و حرّاس.
- البِلى: الفناء.
- تنبجس: تنهمر.
- المنيّة: الموت.
- بم استهلّ الشّاعر قصيدته؟
- استهلّ الشّاعر قصيدته بحكمة مفادها أنّ الإنسان لا يملك القدرة على دفع الموت.
- هل الموت يميّز بين الخاصّ و العامّ ؟
- لا أبدا، الموت لا يميّز بين العامّ و الخاصّ، و لا بين الغنيّ و الفقير، و لا بين العالم و الجاهل، كما جاء في القرآن الكريم: " كلّ نفس ذائقة الموت " من الآية 185 من سورة آل عمران.
- من أين استمدّ الشّاعر الحكمة؟
- استمدّ الشّاعر الحكمة من كتاب الله العزيز، و من واقع تجاربه الخاصّة في الحياة.
- إذا كان كلّ شيء للفناء، فما موقف النّاس من الحياة الدّنيا في نظر الشّاعر؟
- يعلم الجميع أنّ الحياة الدّنيا زائلة و أنّ كلّ شيء ذاهب للفناء، و لكنّهم رغم ذلك يتقاتلون لأجلها و يلهثون وراء ملذّاتها متناسين يوم الآخرة.
- لأيّ شيء يحثّ الشّاعر النّاس؟
- يحثّ الشّاعر النّاس على تذكّر الموت و النّهاية المحتومة و عدم الاغترار بالدّنيا.
- ما الفائدة من تذكير النّاس بالموت ؟ و كيف يسمّى هذا الأسلوب ؟
- الفائدة من تذكير النّاس بالموت هي الرّجوع إلى الله تعالى و التّفكّر في العاقبة، أمّا الأسلوب فيسمّى أسلوب الترهيب .
- ماذا تفيد العبارة " إيّاك، إيّاك "؟
- تفيد هذه العبارة التّحذير .
- حدّد الصّورة البيانيّة في البيت التّاسع و بيّن أثرها.
- في قول الشّاعر " المنيّة حوض " صورة بيانيّة متمثّلة في التّشبيه البليغ، إذ شبّه الموت بالحوض، طرفا التّشبيه هما ( المنيّة – مشبّه / حوض – مشبّه به ).
- ما نوع الأسلوب في البيت العاشر؟ و ما غرضه؟
- الأسلوب الوارد في البيت العاشر إنشائيّ، صيغته الاستفهام، غرضه التّعجّب.
- حدّد النّمط الغالب في النّصّ مبرزا مؤشّرين من مؤشّراته مع التّمثيل.
نمط النّصّ حجاجيّ، من مؤشّراته :
توظيف أساليب الشّرط :
يا خــــائف المَوْتِ ! لَو أمسيتَ خـــائفـــه | كــــانت دمــــوعك طـــول الدّهر تنبـــجسُ |
توظيف أدوات التّوكيد: " إنّ المنيّة حوض ".
الإتيان بأدلّة من الواقع : " ما يغلب الموت لا جنّ و لا أنس " .
- أكثر الشّاعر من استعمال الحروف المختلفة، حدّد بعضها و بيّن معانيها.
من الحروف الموظّفة في القصيدة :
أدوات النّفي: ما – لا: " ما يدفع الموت "، " لا حرس " تفيدان الإنكار.
حروف العطف: الواو: تفيد مطلق الرّبط و الجمع " الصّرع و الخلس ".
حروف الجرّ: في - اللّام " فيه منغمس " تفيد الظّرفية المكانيّة. " للموت " تفيد الملكيّة.
أدوات الشّرط: لو – إذا – إن : تفيد الشّرط " لو اجتهدوا " – " إذا وصفتُ " – " إنْ وصفتُ ".
- هل ترى انسجاما بين أبيات القصيدة؟ ما سبب ذلك؟
- نعم هناك انسجام بين أبيات القصيدة، و هذا راجع إلى مختلف الرّوابط المنطقيّة الّتي وظّفها الشّاعر في الرّبط بين أفكاره و الّتي تسهم في تحقيق انسجام النّصّ إضافة إلى وحدة الموضوع.
- هل اتّسمت القصيدة بالوحدة الموضوعيّة؟ علّل.
- نعم القصيدة تحمل وحدة موضوعيّة فالشّاعر من بداية قصيدته إلى نهايتها يتحدّث عن موضوع واحد و هو الموت أو الحقيقة المَنسيّة.
- ما الدّوافع الّتي جعلت الشّاعر يعالج موضوع الزّهد؟
من جملة الدّوافع الّتي جعلت الشّاعر يعالج موضوع الزّهد
غلوّ المجتمع العبّاسيّ في المتاهات .
انغماس أفراد المجتمع في اللهو و سعيهم وراء ملذّات الدّنيا و طيّباتها
موجة المجون الّتي طغت على المجتمع.
- ما الهدف من النّص ؟
- هدف الشاعر هو اصلاح المجتمع و تقوية صلة العبد بربّه .