النص الأدبي تقسيم مخلوقات العالم
هو أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الملقّب بالجاحظ ، ولد سنة 159 ﻫ ، أقبل على العلم و الأدب و اللّغة يأخذها عن أئمّة البصرة ، و بلغ في سعة ثقافته و عمقها ما لم يبلغه أحد في عصره عاش ما يقرب من مائة عام كانت أزهى أيام الأدب العربيّ ، تعمّق في كثير من المجالات,: الأدب و العلم و الفلسفة و اللّغة ، توفّي سنة 255 ﻫ . من آثاره : البخلاء ، الحيوان ، البيان و التّبيين .
و أقول : إِنَّ العالَمَ بِما فيهِ مِنَ الأَجْسامِ عَلى ثَلاثةِ أَنْحاء : مُتَّفِقٌ ، و مُخْتَلِفٌ ، و مُتَضاد ، و كُلُّها في جُمْلَةِ القَوْل : جَماد ، و نام ، و كانَ حَقيقَة القَوْل في الأَجْسامِ مِنْ هَذِهِ القِسْمَة أَن يُقال : نامٍ و غَيْر نام ، و لَوْ أَنَّ الحُكَماء وَضَعوا لِكُلِّ ما لَيْسَ بِنامٍ اسْماً كَما وَضَعوا للنّامي اسماً لاتّبعْنا أَثَرَهُم و إِنَّما نَنْتَهي إِلى حَيْثُ انْتَهوا ، و ما أَكْثَرَ ما تَكونُ دَلالَةُ قَوْلِهِم : " جَماد " كَدلالَةِ قَوْلِهِم : " مَوات " ! و قَدْ يَفْتَرِقان في مَواضِع بَعْضَ الافْتِراق .
و إِذا خَرَجْتَ مِنَ العالَمِ إِلى الأَفْلاكِ ، و البُروجِ ، و النُّجومِ ، و الشَّمْسِ ، و القَمَر ، وَجَدْتَها غَيْرَ نامِيَة . و لَمْ تَجِدْهُم يُسَمّون شيئاً منها بِجَمادٍ و لا مَوات . و لَيْسَ لأنَّها تَتَحَرَّكُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِها ، لَمْ تُسَمَّ مَواتاً و لا جَماداً . و ناسٌ يَجْعَلونَها مُدْبِرَةً و غَيْرَ مُدْبِرَة . و يَجْعَلونَها مُسَخَّرَةً و غَيْرَ مُسَخّرَة و يَجْعَلونَها أَحْياء من الحَيَوان ، إِذا كانَ الحَيَوانُ إِنَّما يَحْيا بِإِحْيائِها لَه و بِما تُعْطيهِ و تُعيرُه . و إِنَّما هَذِهِ مِنْهُم رأْي . و الأُمَمُ في هَذا كُلِّهِ ، عَلى خِلافِهِم . و نَحْنُ في هَذا المَوْضِع ، إِنَّما نُعَبِّرُ مِنْ لُغَتِنا ، و لَيْسَ في لُغَتِنا إِلاّ ما ذَكَرْنا .
و النّاسُ يُسَمُّونَ الأرْضَ جَماداً ، و رُبَّما يَجْعَلونَها مَواتاً ، إِذا كانَتْ لَمْ تَنْبُت قَديماً ، و هِيَ مَواتُ الأَرْض ، و ذَلِكَ قَوْلُهُم : " مَنْ أَحْيا أَرْضاً مَواتاً ، فَهِيَ لَه " . و هُم لا يَجْعَلونَ الماءَ ، و النَّارَ ، و الهَواءَ ، جَماداً و لا مَواتاً ، و لا يُسَمُّونَها حَيَواناً ، مادامتْ كَذَلِك ، و إِنْ كانَتْ لا تُضافُ إِلى النَّماءِ و الحِسّ .
و الأَرْضُ هِيَ أَحَدُ الأَرْكانِ الأَرْبَعَةِ الَّتي هِيَ : الماء ، و الأَرْض ، الهَواء ، و النَّار ، و الاسمان لا يَتَعاوَران عِنْدَهُم إِلّا الأَرْض .
ثُمّ النّامي على قسميْن : حَيَوانٌ و نَبات ، و الحَيَوانُ عَلى أَرْبَعَةِ أَقْسام : شَيْءٌ يَمْشي ، و شَيْءٌ يَطير ، و شَيْءٌ يَسْبح ، و شَيْءٌ يَنْساح . إِلّا أَنَّ كُلَّ طائِرٍ يَمْشي ، و لَيْسَ الّذي يَمْشي و لا يَطير يُسَمّى طائِراً .
و النَّوْعُ الّذي يَمْشي عَلى أَرْبَعَةِ أَقْسام : ناس ، و بَهائِم ، و سباع ، و حَشَرات . عَلى أَنّ الحَشَرات راجِعَةٌ في المَعْنى إِلى مُشاكَلَةِ طِباعِ البَهائِم و السّباع ...
من كِتاب الحَيَوان
- يتعاوران : تعاور اعتور ، تعاور القوم الشّيء : تعاطوه و تداولوه و يقال تعاورت الرّياح رسم الدّار أي تداولته ، فمرّة تهبّ جنوبا و مرّة شمالا ، مرّة قبولا و أخرى دبورا .
- ينساح : يمشي على بطنه .
يذهب الكاتب إلى تقسيم العالم إلى ثلاثة أقسام ، حدّدها .
قسّم الكاتب العالم إلى ثلاثة أقسام هي : متّفق ، ومختلف ، ومتضاد .
قارن بين ما ذهب إليه الكاتب و ما يراه العلماء و الحكماء في تقسيمهم .
يرى العلماء والحكماء أنّ العالم : جماد ونام ، ويرى الكاتب أنّ العالمّ : نام وغير نام ، والكاتب لم يتّبع العلماء والحكماء لأنّهم لم يضعوا لكلّ ما هو ليس بنام اسما ما وضعوه للنّامي .
ما موقف الكاتب من الاختلاف الحاصل حول العالم الخارجيّ و مسمّياته ؟
موقف الكاتب من الاختلاف الحاصل حول العالم الخارجيّ " الأفلاك والبروج والنّجوم والشّمس والقمر " أنّها غير نامية .
حدّد أركان الحياة في الكون .
أركان الحياة في الكون هي : الأرض و الماء و الهواء و النار .
ما صحّة تقسيم الجاحظ العالم إلى ثلاثة أقسام في نظر العلم الحديث ؟
لقد وفّق الجاحظ في تقسيم العالم إلى ثلاثة أقسام في نظر العلم الحديث .
ما الدّوافع الّتي أدّت بالكاتب إلى تناول هذا النّصّ بهذا الطّرح ؟
الدّوافع الّتي أدّت بالكاتب إلى تناول هذا النّصّ بهذا الطّرح هي إظهار سعة ثقافته في شتّى علوم العصر ، وأنّه بإمكانه أن يناقش الحكماء والعلماء في نظريّاتهم .
اُذكر ملامح التّجديد في النّصّ .
يبدو الجاحظ عالما باحثا محقّقا ذا طريقة مبتكرة تعتمد على العقل والمنطق .
هل تلمس في النّصّ عواطف ؟ علّل ذلك .
لا ألمس في النّصّ عواطف ، لأنّه نصّ علميّ .
ما نمط النّصّ ؟ علّل .
نمط النّصّ : تفسيريّ لأنّه قدّم معلومات غير معروفة لدى القارئ ، و قام بتوسيعها و عرض أسبابها و نتائجها .
ما هي وسائل الإقناع الّتي اعتمد عليها الكاتب في طرحه ؟
وسائل الإقناع الّتي اعتمد عليها الكاتب في طرحه هي استعمال المنطق ، وسوق الشّواهد والأمثلة , و من أدوات التوكيد : التكرار , الشرط : إذا
هل ترى بوادر البحث العلميّ عند الكاتب في هذا النّصّ ؟ علّل .
نعم أرى بوادر البحث العلميّ عند الكاتب في هذا النّصّ ، وذلك بطرح الموضوع ، ثم عرض مختلف الآراء ، ومناقشتها ، وفي الأخير الخروج بفكرة معيّنة .
حدّد أفكار النّصّ . ما رأيك في ترتيبها ؟
أفكار النّصّ هي :
- الفكرة الأولى : تقسيم العالم عند الجاحظ .
- الفكرة الثّانية : تقسيم العالم عند غيره من العلماء .
- الفكرة الثّالثة : الجامد والنّامي .
يمكن إجراء ترتيب آخر في النّصّ دون أن يحدث خلل فيه .
بم تعلّل اعتماد الكاتب على الأسلوب الخبريّ ؟
اعتمد الكاتب على الأسلوب الخبريّ ، لأنّ طبيعة الموضوع علميّة لأن طبيعة الموضوع علمية , و الكاتب بصدد تقرير الحقائق
قيل : كُتُبُ الجاحظ تعلّم العقل أوّلا و الأدب ثانيا ، وضّح ذلك .
كُتُبُ الجاحظ تعلّم العقل أوّلا ، والأدب ثانيا ، لأنّه يستعمل المنطق ، ويوظّف العقل ، ويستقصي جوانب الموضوع ، ويوسّعه بحثا . وأسلوبه سهل بسيط ، لا يتكلّف فيه الصّور البيانيّة والمحسّنات البديعيّة .
فيم يتمثّل البعد الفكريّ لهذا النّصّ ؟
يتمثل البعد الفكريّ لهذا النّصّ في عدم قبول كلّ ما يعرض علينا إلّا إذا قبله العقل والمنطق .
عرّف النّثر العلميّ و النّثر العلميّ المتأدّب . إلى أيّ نوع ينتمي هذا النّصّ ؟
النّثر العلميّ : وهو النّثر الّذي يرمي إلى تقديم الحقائق الطّبيعيّة والوقائع التّاريخيّة بلغة مباشرة بعيدة عن التّأنّق وهو نوعان :
- نثر علميّ بحت
- نثر علميّ متأدّب .
تعريف النّثر العلميّ المتأدّب : هو الّذي يهدف إلى عرض الحقائق العلميّة بأسلوب أدبيّ جميل .
ينتمي هذا النّصّ إلى النّثر العلميّ المتأدّب .
ما الأسباب الّتي أدّت إلى ظهور هذا النّوع من النّثر ؟ ما هي المجالات الّتي تناولها ؟
الأسباب الّتي أدّت إلى ظهور هذا النّوع هي : امتزاج الثقّافات الأجنبيّة من فارسيّة و هنديّة و يونانيّة بالعقليّة العربيّة .
المجالات الّتي تناولها هي : الحيوان و الزراعة و الطّبّ و التّاريخ .