نصّ أنموذجيّ من عجائب الحياة
" حدّثنا أبو جعفر المكفوف النّحويّ ، و أخوه روح الكاتب و رجال من بني العنبر : أنّ عندهم في رمال بلعنبر حيّة تصيد العصافير و صغار الطّير بأعجب صيد . زعموا أنّها إذا انتصف النّهار و اشتدّ الحرّ في رمال بلعنبر ، و امتنعت الأرض على الحافي و المنتعل ، و رَمَضَ الجُنْدُبُ غَمَسَتْ هَذِهِ الحيَّةُ ذَنَبَها في الرّمل ، ثمّ انْتَصَبَتْ كأنّها رُمْحٌ مَرْكوز ، أو عود ثابِتٌ فيجيءُ الطّائِرُ الصّغير أو الجرادة ، فإذا رأى عوداً و كَرِهَ الوقوع على الرّمْلِ لِشِدَّةِ حَرِّهِ وَقَعَ عَلى رأْسِ الحَيَّةِ على أنّها عود ، فإذا وقع على رأسها قَبَضَتْ عَلَيْه ، فَإِذا كانَ جَرادَةً ، أو جُعَلاً ، أو بعض ما لا يُشْبِعُها مِثْلُهُ ، اِبْتَلَعَتْهُ و بَقِيَتْ عَلى انْتِصابِها ، و إنْ كانَ الواقِعُ على رَأْسِها طائِراً يُشْبِعُها مِثْلُهُ ، أكَلَتْهُ و انْصَرَفَتْ ، و أنّ ذَلِكَ دَأْبُها ، ما مَنَعَ الرَّمْلُ جانِبَهُ في الصَّيْفِ و القَيْظِ ، في انْتِصافِ النّهارِ و
الهاجِرَةِ ، و ذَلِكَ أَنَّ الطَّائِرَ لا يَشُكُّ أَنَّ الحَيَّةَ عودٌ ، و أنَّهُ سَيَقومُ لَهُ مَقامَ الجَذْلِ لِلحِرْباء ، إلى أن يَسْكُنَ الحَرُّ و وَهَجُ الرَّمْل .
و في هذا الحديث من العَجَبِ أَنْ تَكونَ الحَيَّةُ تَهْتَدي لِمِثْلِ هِذِهِ الحيلَة ، و فيهِ جَهْلُ الطَّائِرِ بِفَرْقِ ما بَيْنَ الحَيَوانِ و العود ، و فيه قلّة اكتراث الحيّة للرّملِ الّذي عاد كالجمْر ، و صَلُحَ أَنْ يكونَ مَلَّةً و مَوْضِعاً للخُبْزَةِ ، ثمّ أن يَشْتَمِلَ ذَلِكَ الرَّمْلُ على ثُلُثِ الحَيَّةِ ساعاتٍ مِنَ النَّهارِ ، و الرّمْلُ عَلى هَذِهِ الصِّفَة ، فَهَذِهِ أُعْجوبَةٌ من أعاجيب ما في الحيّات " .
- بلعنبر : بني العنبر ، صيغت على هذا النّحو للتّخفيف .
- امتنعت الأرض : امتنع السّير فيها لشدّة الحرارة .
- الجندب : الجراد . جعل : حشرة صغيرة سوداء .
- دأبها : عادتها .
- الهاجرة : وقت اشتداد الحرّ عند الظّهيرة .
- الجذل : بقيّة جذع الشّجرة يبست و ذهبت فروعها .
- قلّة اكتراث : قلّة اهتمام .
- الملّة : الرّماد الحارّ الّذي تخلّفه النّار بعد انطفائها .
من هو راوي هذه القصّة ؟
راوي القصّة هو أبو جعفر المكفوف النّحويّ و أخوه روح الكاتب و رجال من بني العنبر .
ما الحيلة الّتي اهتدت إليها الحيّة ؟
حيلة الحيّة هي وضع الذّنب في الرّمل و نصب الرّأس .
ممّ يتعجّب الجاحظ ؟
تعجّب الجاحظ من تصرّف الحيّة لسدّ جوعها و من جهل الطّائر .
اُذكر من الأسباب ما أورده في ذلك .
من أسباب تعجّبه : شدّة حرارة الرّمل و اشتماله على ثلث الحيّة ساعات من النّهار .
ما قيمة قول الجاحظ في أوّل النّصّ : " حدّثنا أبو جعفر المكفوف النّحويّ ... بني العنبر " ؟
قيمة هذا القول هي الأمانة العلميةّ للقول المنقول .
للجاحظ في هذا النّصّ حديث رواه ، و حديث أتى به من عند نفسه يعبّر فيه عن رأيه ، حدّد كلّا منهما في النّصّ .
- الحديث الّذي رواه الجاحظ : " حدّثنا أبو جعفر ... و وهجُ الرّمل " .
- الحديث الّذي عبّر فيه عن رأيه : " و في هذا الحديث ... أعاجيب ما في الحيّاة " .
ما الّذي تفيده كلمة " زعموا " ؟
تفيد كلمة " زعموا " الاعتقاد .
" امتنعت الأرض على الحافي و المنتعل " في هذه العبارة صورة بيانيّة و محسّن بديعيّ ،
حدّدهما ثمّ اذكر أثرهما البلاغيّ .
الأرض لا تمتنع ، جسّدها الكاتب في صورة إنسان يمتنع عن الشّيء " استعارة مكنية " ،
أثر هذه الصّورة البيانيّة هو التّجسيد .
" الحافي – المنتعل " – طباق إيجاب .
أثر هذا المحسّن البديعيّ التّوضيح إذ بالتّضاد تتّضح المعاني .
ماذا يعني الكاتب من قوله عن الحيّة : " اِنْتَصَبَتْ كَأَنَّها رُمْحٌ مَرْكوزٌ أو عودٌ ثابِت " ؟ و ما قيمة التّشبيه هنا ؟
يعني بذلك أنّها كانت على استقامة واحدة ، قيمة التّشبيه هي تقريب المعنى إلى الأذهان .
ما نمط النّصّ ؟ اُذكر بعض خصائصه .
نمط النّصّ سرديّ ، من مؤشّراته : توظيف الأفعال الماضية : حدّث ، زعموا ، غمست ....
الإطار المكاني : بلعنبر , الأرض , الرمل
الإطار الزماني : النهار , الصيف
أفعال الحركة : غمست , انتصبت , قبضت
ما علاقة الفقرة الأخيرة بالقصّة ؟
في الفقرة الأخيرة تعليق و إبداء رأي حول ما جاء في الفقرة الأولى .
تضمّن هذا النّصّ فكرتين أساسيّتين ، اذكر لكلّ منهما عنوانا مناسبا .
- الفكرة الأولى : حيلة الحيّة .
- الفكرة الثّانية : رأي الجاحظ .
ما المعاني الّتي تفيدها حروف العطف : ثمّ ، أو ، الفاء ؟
- ثمّ : حرف عطف يفيد التّرتيب و التّراخي .
- أو : حرف عطف يفيد الاختيار .
- ﻓـ : حرف عطف يفيد التّرتيب و التّعقيب .
استخرج الألفاظ الّتي استعملت لوصف البيئة .
من تلك الألفاظ : أشتدّ الحرّ ، الهاجرة ، الرّمل , الجند , الجذل المّلة .
حدّد موضوع النّصّ العامّ ، أ هو جديد أم قديم ؟
موضوع النّصّ العامّ هو حيلة الحيّة في سدّ جوعها .
الموضوع جديد .
استنتج من النّصّ السّمات العامّة لطريقة الجاحظ .
عمق المعاني و سهولة الأسلوب أحد المميّزات الكبرى الّتي يتمتّع بها الجاحظ ، فأسلوبه سهل واضح فيه عنصر التّشويق أمّا المعاني فهي قويّة عميقة مؤثّرة .