النّصّ الأدبيّ استرجعت تلمسان
هو أبو حمّو موسى بن أبي يعقوب بن عبد الرّحمن بن يحي بن يغمراسن ، وُلِدَ سنة 723 ﻫ ، عيّنَه أبوه حاكما على سجلماسة ، وأصبح واليا على تلمسان ، إلاّ أنّ حلفاء ابن تاشفين عرفوا مقرّه وباغتوه فقتلوه بعد أنْ اشتدّ الصّراع بين الجيشين سنة 791 ﻫ ، له ديوان شعر جمع فيه أغراضا عديدة .
نَظَمَ الشّاعر هذه القصيدة بعد أنْ قام بحركته الموفّقة ودخل تلمسان .
و جُــبْــتُ الفَيــافي بَلْــدَةً بَعْـــدَ بَلْـــدَةٍ | و طَـــوَّعْـتُ فـيــهـا كلَّ بـاغٍ و بـاغِـــمِ |
و مــا زِلْتُ أطْــوي سَهْلَهــا و أكامَهـا | و أُحـطِّـمـهـا بيــنَ الــرّبـى و الهــضـائـمِ |
و لمّــا بدا لي غَـيْـهَبُ القوْمِ ظـاهِـرا | و حـيّــهـم بــيــن الظّـــلالِ الـغَــيــاهـمِ |
حَمَــلْـنا عَلَيـهِـم حَـــمْـلَـةً مُـــضَرِيَّـةً | فَـــوَلُّـــوا شِـراداً مثـلَ جَــفْــلِ النَّـــعـائِـــمِ |
و طاحَتْ علــى وادي مِلال هَشـائِــمُ | مِــنَ القَــوْمِ صَـرْعـــى للـنُّـســورِ الـــقَـشـــاعِـــمِ |
و هَــبَّـتْ رِيـاحُ النَّصْرِ من كلِّ جــانِـبٍ | و جـاءَتْ إِلــيــنـا مُـبْــهِــجـاتُ الــغَــنــائِـمِ |
و عُـجْـنـا و عرَّجْنـا علــى وادِ يَـسَّــر | و جُزْنـا المَخـاضَ كاللُّيــوثِ الــضَّــراغِــمِ |
و سِرْنا ضُحـىً و النَّصْرُ يَهْفــو أمامَنــا | بـِــــراياتِ سَــعْــدٍ فَـــوْقَــنـــا كالـغَــمـائِـمِ |
قَدِمْنــا و كــانَ الفَتْحُ يَــرْجــو قُـدومَنـــا | و كــانَ علـى الأَعْـــداءِ شَــرَّ الـــمَـقـادِمِ |
و صَفُّــوا صُفــوفاً ثمَّ صُفَّتْ صُفوفُنــا | و ســـالَتْ دُمــوعُ الـقَـــوْمِ مـثْـلَ العَــنـادِمِ |
و كَـرَرْنا عَلَـيْــهِـمْ كَــرَّةً بَـعْـدَ كَــرَّةٍ | و قَـــدْ سُعِّـرَتْ للحَــرْبِ نــيـرانُ جـاحِـمِ |
فَطــوبى لِعَبْدِ الــوادِ عِنْدَ ازْدِحــامِهِــم | لَقَــدْ جَــدّلــوا فـي الحــربِ كُــلَّ مُـزاحِـــمِ |
فَـرامَتْ مَريــنُ الصُّــلْحَ بَعْدَ فِرارِهــا | و قَــدْ ظَـلَـمـوا عَـهْــدا و لَـسْــتُ بِظـــالِـــمِ |
فَلا صُلْحَ حَتَّـى تُضْرِمَ الحَرْبُ نارَهـا | و تُــسّـــاقَـطَ الأبْــدانُ تَـحْـتَ الــجَــمـاجِـمِ |
دَخَلْـتُ تِلِمْسـانَ الَّتــي كُنْتُ أَرْتَجــي | كَــمــا ذُكِــرَتْ فــي الـجَـفْـرِ أَهْـلُ الــمَلاحِـمِ |
فَخَــلَّصْــتُ مِنْ غُصَّـابِهــا دارَ مُلْـكِنـا | و طَـهَّــرْتُـهـا مِــنْ كُـلِّ بـاغٍ و جارِمِ |
لَـقَـدْ أَسْــلَمـوها عُــنْــوَةً دونَ عــدَّةٍ |
لَـقَـدْ طَـلَّـقـوهــا بِـالــقَـنـا و الـصَّــوارِمِ |
- جبتُ الفيافي : قطعت الأراضي الواسعة المستوية الّتي لا ماء فيها سيرا .
- طوّعت : سيطرت .
- باغ : معتد .
- باغم : الّذي لا يفصح عمّا يقول .
- الآكام : مفردها أكمة و هي التَّلُّ أو مرتفع من الأرض .
- الرّبى : ما ارتفع من الأرض بين سهلين نهريين .
- الهضائم : جمع هضيمة : منخفض من الأرض
- غيهب القوم : الرّجل الغافل البليد الضّعيف .
- الغياهم : الظّلمة .
- مضرية : شديدة .
- شرادا : متفرّقين .
- الجَفْل : ذَكَرُ النَّعَامِ الَّذِي يَنْفِرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَرَاهُ وَيَهْرَبُ مِنْهُ .
- هشائم : أجزاء .
- القشاعم : نسور كبيرة في السّنّ .
- عجنا : مررنا .
- عرّجنا : توقّفنا .
- المخاض : أمواج البحر القويّة .
- العنادم : نبات أحمر تستعمله النّساء في تخضيب الأيادي .
- جاحم : الجمر الشّديد الاشتعال .
- جدّلوا : صرعوا .
- رامت : طلبت .
- مرين : بنو مرين ، مغتصبو تلمسان .
- تضرم : تشعل .
- الجفر : علم التنجيم .
- جارم : ظالم .
- القنا : الرّمح .
- الصّوارم : السّيوف القاطعة .
عمّن يتحدّث الشّاعر ؟
يتحدّث الشاعر عن نفسه و جيشه .
بم يفتخر ؟
يفتخر الشّاعر بالنّصر العظيم الّذي حقّقه .
أين وقعت هذه المعارك ؟ و ما الدّافع إليها ؟
وقعت في واد ملّال بدافع استرجاع تلمسان من مغتصبيها بني مرين .
لماذا رفض الشّاعر الصّلح مع " مرين " ؟
لأنّهم نقضوا العهد المبرم بين الطّرفين .
ما أمنية الشّاعر ؟
أن يدخل تلمسان و يخلّصها من الأعداء .
كيف دخل مدينة تلمسان ؟
دخلها بلغة السّهام و السّيوف .
ينفي الشّاعر عن نفسه الظّلم و العدوان ، ما العبارات الدّالّة على ذلك ؟
ينفي الشّاعر عن نفسه الظّلم و العدوان ، من العبارات الدّالّة على ذلك قوله : و لستُ بِظالِمِ .
بالغ الشّاعر في الفخر ، علّل .
بالغ الشّاعر في الفخر لأنّه يرى نفسه أهلا لذلك باسترجاعه تلمسان .
في البيت الخامس ، لماذا خصّ الشّاعر النّسور القشاعم دون غيرها ؟
خصّ الشّاعر النّسور القشاعم دون غيرها لأنّها أكثر حجما و قوّة .
قارن بين هذه القصيدة و قصيدة " المتنبّي " في وصف معركة الحدث .
معركة " الحدث " واقعة عظيمة جرت بين سيف الدّولة و القائد البيزنطيّ ، و قد حقّق فيها سيف الدّولة فوزا مشرّفا للعرب و المسلمين ، حضر " المتنبّي الواقعة " فأعجب بشجاعة القائد البطل و نظم قصيدة مطوّلة يصف فيها الانتصار المحقّق وطلعها :
علـــى قَــدْرِ أَهْــلِ العَــزْمِ تأتـــي العَــزائِــمُ | و تـــأتــي عَلــــى قَـــــدْرِ الـــكِـــرامِ المَـــكــــارِمُ |
و تَعْــظُــمُ فــي عينِ الصَّغيــرِ صِغـــارُهـــا |
و تَـصْــغُــرُ فــي عَــيْــنِ العَــظــيـــمِ العَظـــائِـــم |
يبدو الشّاعر متأثّرا بقصيدة المتنبّي فقد نظم قصيدته على الوزن نفسه " بحر الطّويل " و القافية نفسها " الرّويّ هو حرف الميم " .
كما ضمّن قصيدته بعض المفردات ، مثل : جماجم – القنا – الصّوارم .
الشّاعر يفتخر في هذه القصيدة ، ما النّمط الّذي استعان به ؟
استعان بالنّمط الوصفيّ .
استخرج الكلمات الّتي توحي بشدّة الصّراع و شراسة المعارك .
من الكلمات الّتي توحي بشدّة الصّراع و شراسة المعارك : نيران – حملة مضريّة – هشائم – سعّرت .
حدّد الأبيات الّتي اعتمد فيها الشّاعر على عنصر السّرد .
من الأبيات الّتي اعتمد فيها الشّاعر على عنصر السّرد : البيت رقم 1 – 7 – 16 .
وظّف الشّاعر ضميرين : ضمير المتكلّم و ضمير المتكلّمين ، بيّن أثرهما في الانسجام و الاتّساق .
ضمير المتكلّم يعود على الشّاعر : جبتُ – ما زلتُ – دخلتُ – خلّصتُ ...
و ضمير المتكلّمين يعود على الشّاعر و جيشه : حملنا – إلينا – قدومنا – سرنا ...
و قد كان الشّاعر ينتقل من ضمير المفرد إلى ضمير الجمع للتّأكيد على مكانته في قومه باعتباره القائد والأمير .
و قد أسهم الضّميران في إحداث اتّساق و انسجام في النّصّ بتحقيقهما الإحالة القبليّة .
في النّصّ قيمة تاريخيّة و قيمة فنّيّة ، اشرحهما .
القيمة التّاريخيّة : تعكس القصيدة تاريخ الصّراعات الدّاخليّة في منطقة المغرب الإسلاميّ على السّلطة بعدما انفصلت هذه البلدان عن المشرق الإسلاميّ ، فهي عبارة عن وثيقة تاريخيّة .
القيمة الفنّيّة : تتمثّل القيمة الفنّيّة في تقليد الشّاعر لغيره من الشّعراء أسلوبا و مضمونا ، لأنّه اعتمد على غرضين قديمين هما : الفخر والوصف ، كما استعان بألفاظ تقليديّة شاعت عند الشّعراء القدامى ، مثل : الغمائم ، جماجم ، الضّراغم ، الصّوارم ،...