iMadrassa

نص تواصلي :من آثار الإسلام على الفكر و اللغة

من آثار الإسلام على الفكر و اللغة " زكريا عبد الرحمان "
الـــنـــص

 

إذا كان الشعراء في صدر الإسلام قد تمكنوا من تطويع قريضهم ألسنتهم ليتمكنوا من أن يجعلوا أمن الشعر أداة فعالة في نشر الدعوة، فإن النثر قام بعبء أكبر، و أسهم في مجالات أوسع لما أتيح له من مقومات جعلته يفوق الشعر، و ذلك أن كتاب الله نفسه نزل نثرا فوضع أسسا للفنون النثرية لم يكن للعرب قبل بها. فكانت آيات القرآن الكريم حين تبلغ مسامع القوم على يد الرسول صلى الله عليه و سلم تبهر جهابذة الفصاحة و تعجز أساطين البيان، فيأخذون في استلهام  هذا القول المعجز في خطبهم ووصاياهم و سائر ضروب منطقهم. و قد أمر الحق - تبارك و تعالى - رسوله الكريم أن يدعو الناس بالحكمة و الموعظة الحسنة، فسار بين الأقوام - يخاطبهم بأسلوب يشق حجب الجهل و الوثنية التي رانت على أذهانهم و قلوبهم، و يبدد ظلمات العصبية، حتى جعل من العرب أمة موحدة لها مكانتها بين الأمم، و بذلك انتشلها من غياهب الضياع الديني إلى نور الإسلام الذي امتد شعاعه إلى مشارق الأرض و مغاربها و الرسول - صلى الله عليه و سلم - لم يقل شعرا قط فكان النثر وسيلته في إقناع الناس و تبليغهم الرسالة، و بذلك اكتسب النثر العربي و لاسيما الخطابة بعدا جديدا أضيف إلى البعد الذي اكتسبه القرآن الكريم.

 

و قد شرع الله فريضة الجمعة على المسلمين، فجاءت خطبتها الأسبوعية نعمة كبرى للنثر يعالج خلالها الإمام شؤون الناس و يبصرهم بدينهم و دنياهم، و على نهج القرآن الكريم و الهدى النبوي سار الخلفاء الراشدون و من عاصرهم من خطباء المسلمين فبلغت الخطابة أوجا من الازدهار لم تبلغه من قبل و لا من بعد حتى استحق أن يطلق على تلك الحقبة من الزمن عصر الخطابة الذهبي بحق.

 

لقد رأينا كيف أفاد الشعراء في صدر الإسلام من كتاب الله لفظا و معنى و أسلوبا، و رأينا كيف كان الشاعر المسلم يتخذ من قريضه وسيلة جهاده في سبيل الله و أداة لخدمة الدين و إعلاء كلمة الله - عز وجل - و إذا كان الواحد من أولئك الشعراء يقتبس من الذكر الحكيم بض ألفاظ من الآية الواحدة، فإن الخطباء و جدوا فسيحا للاستشهاد بقدر اكبر من ألفاظ الآية القرآنية بل لاقتباس آية كاملة أو أكثر في الخطبة الواحدة، فتزداد خطبهم جلالا لم يكونوا بالغيه لولا نزول الفرقان شفاء و رحمة للناس بإذن ربهم تبارك و تعالى..

 

و هكذا اتسع النثر لما لا يتسع له من قبس الذكر الحكيم، فسما عن الشعر درجات و ازداد قيما فنية أفاد منها الخطباء إلى يومنا هذا، و لا شك أن لهذه الناحية اثرا فعالا في ارتقاء العقول و تطور الحياة الأدبية في ذلك العصر.

أما أسلوب التصوير و الخيال في القرآن الكريم، فيتجسد المعاني لتظل حية في الأذهان - من تشبيه و استعارة و مجاز مرسل و كناية و ما إلى ذلك من ضروب البيان - فقد كان للنثر منه نصيب الأسد، و بطبيعة الحال فإن النثر أقدر على القيام بعدة صور متلاحقة و هو أوسع مضمارا من الشعر بسبب ما هو معروف من القيود العروضية التي تلزم الشاعر بعد الخروج عنها.

 

و إذن فإن تأثر النثر بالقرآن الكريم كان أعمق غورا من الشعر سواء من ناحية الشكل أو من ناحية المضمون، و ذلك لأن النثر هو لغة العقل و لغة القلب أو هما معا، بينما الشعر لغة القلب ليس إلا، و قد جاء الفرقان ليرتقي بكلا الأمرين في الإنسان دون  تعطيل أحدهما، فكان النثر أقوى على القيام بهذه المهمة من الشعر و صدق الله و هو يقول - و قوله الحق - " تَبَارَكَ الذِي نَزَلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا "  ( الفرقان / 1 ).

 

بتصرف. كتاب : " دراسات في أدب العصر الجاهلي و صدر الإسلام "

أكتشف معطيات النص

 

  1. لماذا اعتبر الكاتب إسهام النثر في نشر الدعوة أكبر من إسهام الشعر؟
  2.  ـ فيم تتمثل فصاحة القرآن الكريم؟
  3.  ـ فيم تتمثل استفادة الشعر والنثر من القرآن الكريم؟
  4.  ـ بم علل الكاتب تأثير النثر بالقرآن الكريم أكثر من تأثير الشعر؟

 

  1. لأن الرسول قال نثرا الذي كان وسيلة هامة لإقناع الناس وتبليغ الرسالة.
  2. تتمثل فصاحة القرآن الكريم في عجز الناس على الإتيان و لو بكلمة مثله والأسلوب المعجز.
  3. في اللفظ والمعنى والأسلوب.
  4. لأنه غير مقيد ولأنه أقدر على القيام بعدة صور متلاحقة من البيان.
أناقش معطيات النص

 

  1. ما تعريفك للخطابة ؟ وما خصائصها؟
  2.  ما الدور الذي أدته الخطابة في مختلف ميادين حياة المسلمين؟
  3.  ـ اجر موازنة بين الشعر والنثر يبيان خصائص كل منهما.
  4. أي سند كان أقوى للدعوة الإسلامية، الشعر أم النثر؟

 

  1.  

 

1- ـ هي فن نثري يقوم فيه المخاطب بطرح الموضوع ، أما الجمهور أو الناس وهو أنواع : ذينية، عسكرية.

تتميز بخصائصها والتي هي: الإسترسال ، الأطناب، التكرار، السهولة وكذا تكون بهدف النصح والتوجيه والإرشاد.

2- الشعر، كلام موزون ومقضى

3- ـ النثر، كلام مطلق غير مقيد

 4- النثر أقوى للدعوة الإسلامية لأن النثر هو لغة العقل و القلب بينما الشعر هو لغة القلب فقط و جاء القرآن ليرتقي بكلا الأمرين في الإنسان لذلك كان النثر الأنسب إلى هذه المهمة.

أستخلص و أسجل

 

  1.  ما النتيجة التي توصل إليها الكاتب من خلال النص؟
  2. ماهي آثار الإسلام في الفكر واللغة؟
  3.  حدد أسلوب الكاتب في عرض أفكاره

 

1/ النتيجة التي توصل إليها الكاتب من خلال النص هي أن الإسلام أشرق عقول المسلمين و كان غذاء لها لأنهم اكتسبوا الفصاحة من القرآن الكريم واقتبسوا من آياته لتكون لهم حجة و برهان في مختلف المواقف في المعنى، هذا بها

 2/في اللفظ: الإقتباس الألفاظ القرآنية الموحية

  في الفكر: تعميق الفكر وتصليحه.

 3/ التحليل والإستعانة بالأدلة والبراهين.


قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.