النّصّ الأدبيّ : استرجعتُ تلمسان " أبو حمّو موسى الزّيّانيّ "
معلومات مختصرة عن الدّولة الزّيانيّة 633 ﻫ / 962 ﻫ
هي أصغر دويلات المغرب العربيّ ، أسّسها يغمراسن بن زيان سنة 633 ﻫ و جعل تلمسان عاصمة لها . دامت حوالي ثلاثة قرون ، و قد كانت تتعرّض للهجمات من المشرق على يد الحفصيّين و من المغرب على يد بني مرين من بلاد فاس .
سقطت على يد الإسبان سنة 962 ﻫ .
هو أبو حمّو موسى بن أبي يعقوب بن عبد الرّحمن بن يحي بن يغمراسن، وُلِدَ سنة 723 ﻫ، عيّنَه أبوه حاكما على سجلماسة، وأصبح واليا على تلمسان، إلاّ أنّ حلفاء ابن تاشفين عرفوا مقرّه وباغتوه فقتلوه بعد أنْ اشتدّ الصّراع بين الجيشين سنة 791 ﻫ .
له ديوان شعر جمع فيه أغراضا عديدة.
و جُــبْــتُ الفَيــافي بَلْــدَةً بَعْـــدَ بَلْـــدَةٍ | و طَـــوَّعْـتُ فـيــهـا كلَّ بـاغٍ و بـاغِـــمِ |
و مــا زِلْتُ أطْــوي سَهْلَهــا و أكامَهـا | و أُحـطِّـمـهـا بيــنَ الــرّبـى و الهــضـائـمِ |
و لمّــا بدا لي غَـيْـهَبُ القوْمِ ظـاهِـرا | و حـيّــهـم بــيــن الظّـــلالِ الـغَــيــاهـمِ |
حَمَــلْـنا عَلَيـهِـم حَـــمْـلَـةً مُـــضَرِيَّـةً | فَـــوَلُّـــوا شِـراداً مثـلَ جَــفْــلِ النَّـــعـائِـــمِ |
و طاحَتْ علــى وادي مِلال هَشـائِــمُ | مِــنَ القَــوْمِ صَـرْعـــى للـنُّـســورِ الـــقَـشـــاعِـــمِ |
و هَــبَّـتْ رِيـاحُ النَّصْرِ من كلِّ جــانِـبٍ | و جـاءَتْ إِلــيــنـا مُـبْــهِــجـاتُ الــغَــنــائِـمِ |
و عُـجْـنـا و عرَّجْنـا علــى وادِ يَـسَّــر | و جُزْنـا المَخـاضَ كاللُّيــوثِ الــضَّــراغِــمِ |
و سِرْنا ضُحـىً و النَّصْرُ يَهْفــو أمامَنــا | بـِــــراياتِ سَــعْــدٍ فَـــوْقَــنـــا كالـغَــمـائِـمِ |
قَدِمْنــا و كــانَ الفَتْحُ يَــرْجــو قُـدومَنـــا | و كــانَ علـى الأَعْـــداءِ شَــرَّ الـــمَـقـادِمِ |
و صَفُّــوا صُفــوفاً ثمَّ صُفَّتْ صُفوفُنــا | و ســـالَتْ دُمــوعُ الـقَـــوْمِ مـثْـلَ العَــنـادِمِ |
و كَـرَرْنا عَلَـيْــهِـمْ كَــرَّةً بَـعْـدَ كَــرَّةٍ | و قَـــدْ سُعِّـرَتْ للحَــرْبِ نــيـرانُ جـاحِـمِ |
فَطــوبى لِعَبْدِ الــوادِ عِنْدَ ازْدِحــامِهِــم | لَقَــدْ جَــدّلــوا فـي الحــربِ كُــلَّ مُـزاحِـــمِ |
فَـرامَتْ مَريــنُ الصُّــلْحَ بَعْدَ فِرارِهــا | و قَــدْ ظَـلَـمـوا عَـهْــدا و لَـسْــتُ بِظـــالِـــمِ |
فَلا صُلْحَ حَتَّـى تُضْرِمَ الحَرْبُ نارَهـا | و تُــسّـــاقَـطَ الأبْــدانُ تَـحْـتَ الــجَــمـاجِـمِ |
دَخَلْـتُ تِلِمْسـانَ الَّتــي كُنْتُ أَرْتَجــي | كَــمــا ذُكِــرَتْ فــي الـجَـفْـرِ أَهْـلُ الــمَلاحِـمِ |
فَخَــلَّصْــتُ مِنْ غُصَّـابِهــا دارَ مُلْـكِنـا | و طَـهَّــرْتُـهـا مِــنْ كُـلِّ بـاغٍ و جارِمِ |
لَـقَـدْ أَسْــلَمـوها عُــنْــوَةً دونَ عــدَّةٍ |
لَـقَـدْ طَـلَّـقـوهــا بِـالــقَـنـا و الـصَّــوارِمِ |
- جبتُ الفيافي: قطعت الأراضي الواسعة المستوية الّتي لا ماء فيها سيرا .
- طوّعت : سيطرت .
- باغ : معتد
- باغم : الّذي لا يفصح عمّا يقول .
- الآكام : مفردها أكمة و هي التّلّ أو مرتفع من الأرض
- الرّبى : ما ارتفع من الأرض بين سهلين نهريين
- الهضائم : جمع هضيمة : منخفض من الأرض
- غيهب القوم : الرّجل الغافل البليد الضّعيف
- الغياهم : الظّلمة .
- مضرية : شديدة
- شرادا : متفرّقين
- الجَفْل : ذَكَرُ النَّعَامِ الَّذِي يَنْفِرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَرَاهُ وَيَهْرَبُ مِنْهُ
- هشائم : أجزاء
- القشاعم : نسور كبيرة في السّنّ
- عجنا : مررنا
- عرّجنا : توقّفنا
- المخاض : أمواج البحر القويّة
- العنادم : نبات أحمر تستعمله النّساء في تخضيب الأيادي
- جاحم : الجمر الشّديد الاشتعال
- جدّلوا : صرعوا
- رامت : طلبت
- مرين : بنو مرين ،مغتصبو تلمسان
- تضرم : تشعل
- الجفر : علم التنجيم
- جارم : ظالم
- القنا : الرّمح
- الصّوارم : السّيوف القاطعة
- عمّن يتحدّث الشّاعر ؟
- يتحدّث الشاعر عن نفسه و جيشه .
- بم يفتخر ؟
يفتخر الشّاعر بالنّصر العظيم الّذي حقّقه .
- أين وقعت هذه المعارك ؟ و ما الدّافع إليها ؟
- وقعت في واد ملّال بدافع استرجاع تلمسان من مغتصبيها بني مرين .
- لماذا رفض الشّاعر الصّلح مع " مرين " ؟
لأنّهم نقضوا العهد المبرم بين الطّرفين .
- ما أمنية الشّاعر ؟
أن يدخل تلمسان و يخلّصها من الأعداء .
- كيف دخل مدينة تلمسان ؟
دخلها بلغة السّهام و السّيوف .
- ينفي الشّاعر عن نفسه الظّلم و العدوان ، ما العبارات الدّالّة على ذلك ؟
ينفي الشّاعر عن نفسه الظّلم و العدوان ، من العبارات الدّالّة على ذلك قوله : و لستُ بِظالِمِ .
- بالغ الشّاعر في الفخر ، علّل ؟ .
بالغ الشّاعر في الفخر لأنّه يرى نفسه أهلا لذلك باسترجاعه تلمسان .
- في البيت الخامس ، لماذا خصّ الشّاعر النّسور القشاعم دون غيرها ؟
خصّ الشّاعر النّسور القشاعم دون غيرها لأنّها أكثر حجما و قوّة .
- قارن بين هذه القصيدة و قصيدة " المتنبّي " في وصف معركة الحدث .
- معركة " الحدث " واقعة عظيمة جرت بين سيف الدّولة و القائد البيزنطيّ ، و قد حقّق فيها سيف الدّولة فوزا مشرّفا للعرب و المسلمين ، حضر " المتنبّي الواقعة " فأعجب بشجاعة القائد البطل و نظم قصيدة مطوّلة يصف فيها الانتصار المحقّق وطلعها :
علـــى قَــدْرِ أَهْــلِ العَــزْمِ تأتـــي العَــزائِــمُ | و تـــأتــي عَلــــى قَـــــدْرِ الـــكِـــرامِ المَـــكــــارِمُ |
و تَعْــظُــمُ فــي عينِ الصَّغيــرِ صِغـــارُهـــا | و تَـصْــغُــرُ فــي عَــيْــنِ العَــظــيـــمِ العَظـــائِـــمُ |
يبدو الشّاعر متأثّرا بقصيدة المتنبّي فقد نظم قصيدته على الوزن نفسه " بحر الطّويل " و القافية نفسها " الرّويّ هو حرف الميم " .
كما ضمّن قصيدته بعض المفردات ، مثل : جماجم – القنا – الصّوارم .
- الشّاعر يفتخر في هذه القصيدة ، ما النّمط الّذي استعان به ؟
استعان بالنّمط الوصفيّ .
استخرج الكلمات الّتي توحي بشدّة الصّراع و شراسة المعارك ؟.
من الكلمات الّتي توحي بشدّة الصّراع و شراسة المعارك : نيران – حملة مضريّة – هشائم – سعّرت .
حدّد الأبيات الّتي اعتمد فيها الشّاعر على عنصر السّرد ؟.
من الأبيات الّتي اعتمد فيها الشّاعر على عنصر السّرد : البيت رقم 1 – 7 – 16 .
وظّف الشّاعر ضميرين : ضمير المتكلّم و ضمير المتكلّمين ، بيّن أثرهما في الانسجام و الاتّساق .
ضمير المتكلّم يعود على الشّاعر : جبتُ – ما زلتُ – دخلتُ – خلّصتُ ...
و ضمير المتكلّمين يعود على الشّاعر و جيشه : حملنا – إلينا – قدومنا – سرنا ...
و قد كان الشّاعر ينتقل من ضمير المفرد إلى ضمير الجمع للتّأكيد على مكانته في قومه باعتباره القائد والأمير .
و قد أسهم الضّميران في إحداث اتّساق و انسجام في النّصّ بتحقيقهما الإحالة القبليّة .
في النّصّ قيمة تاريخيّة و قيمة فنّيّة ، اشرحهما
- القيمة التّاريخيّة : تعكس القصيدة تاريخ الصّراعات الدّاخليّة في منطقة المغرب الإسلاميّ على السّلطة بعدما انفصلت هذه البلدان عن المشرق الإسلاميّ ، فهي عبارة عن وثيقة تاريخيّة .
- القيمة الفنّيّة : تتمثّل القيمة الفنّيّة في تقليد الشّاعر لغيره من الشّعراء أسلوبا و مضمونا ، لأنّه اعتمد على غرضين قديمين هما : الفخر والوصف ، كما استعان بألفاظ تقليديّة شاعت عند الشّعراء
القدامى ، مثل : الغمائم ، جماجم ، الضّراغم ، الصّوارم ،...