iMadrassa

النص التواصلي : الشعر في عهد المماليك

I الشعر في عهد المماليك / لحنـا الفاخـوري

النص  :

زالت في عصر المماليك كثير من الأسباب التي تنهض بالشعر و تحمل أصحابه على الإجادة ، فالملوك و السلاطين و أعاجمُ لا يعنون إلا في النادر بتشجيع الشعراء ، و تقريبهم إليهم و إغداق الخير عليهم . فعمل هؤلاء على كسب معيشتهم عن سبل الحرف و الصناعات فكان بينهم الجزّار و الدّهان و الكحّال . و فترت العصبية والحمية اللتان نهضتا قديما بالشعر الفخري و القومي ، و قلت دواعي اللهو في جوّ الاضطراب السياسي و صرامة العيش. إلا أن معين الشعر لم ينضب ، و قرائح الشعراء لم تجف .  

لقد أصيب الشعر في هذا العهد بوباء التنميق اللّفظي الذي ذهب بمائه ورِونقه و تركه مراراً كثيرة على حالة المريض المدنف بعد أن ألحَّ عليه السقم و الهزال . فإذا ما أزَحْتَ ستار الألفاظ البرّاقة لا تقع غالباً إلا على معانٍ مكرورة مسروقة غثة . وافتّن الشعراء في أنواع البديع و التصنع . فجاء صفيُّ الدين مثلاً بارتُقيَّاته و هي تسع و عشرين قصيدة تتألف كل واحدة منها تسعة و عشرين بيتاً ، و تختص كل واحدة بحرف من حروف الهجاء يكون في أول و آخر كل بيت من أبْياتها . وطلع علينا هو و غيره بالبديعيات التي يحوي كلٌ بيت من أبياتها نوعاً من أنواع البديع و قد يشير الشاعر في البيت إلى ذلك النوع ، فيقول مثلاً :

لي في ابتدا مدحكم يا عُرب ذي سَلَم               ****               براعةٌ تستهل الدّمع في العَلمِ

و هكذا إلى أن يأْتي على أنواع البديع كلها. فكيف يصحّ فنٌّ تُقيّدُهُ هذه الأغلال ؟

وقد كثر التشطير و التخميس و الاقتباس و التضمين ، حتى قال بعضهم :

أُطالعُ كلَّ ديــــــــــوانٍ أراهُ                   ****                ولم أزجر عن التّضمين طَيري

أُضمِن كلّ بيتٍ فيه معنـــًى                     ****               فشعري نصفُهُ من شعر غيري

نظموا الألغاز والأحاجي ، و استكثروا ، لإظهار براعتهم و حذقهم ، من الألفاظ المصغرة و المعجمة و الملهمة ، و التزموا ما لا يلْزم ، وأتوْا بما لا يستحيل بالانعكاس و بالغوا في التاريخ الشعري و هو أن يأتي الشاعر بألفاظ تدل حروفها بحساب الجمل على سنة معينة . فقال مثلاً أحدهم مؤرخا وفاة والي مصر محمد باشا :

قتْلُــــهُ بالنــــــــــــــارِ نــــورٌ                ****          و هو في التاريـــخ " ظلمَـــةْ "    

و مما شاع في هذا العهد المدائح النبوية. فنظم البوصيري بردته الشهيرة التي مطلعها :

أَمِن تذكُرِ جيرانٍ بذي سلمِ                    ****          مزجت دمعاً جرى من مُقلةٍ بدَمِ 

و همزتيه و لاميته التي عارض بها " بانت سعاد " .  فراجت قصائده هذه ، و لا سيما البردة، و قلّدها الشعراء . و كثر الميل إلى المقطوعات القصيرة التي تحوي نكتة أو فكاهة ولم يحجم الشعراء عن وصف الأشياء المألوفة كالسّجادة و البساط و المسبحة و السكين و المروحة .

و قد أسرف الشعراء في استكمال الكلام العادي الصريح و الألفاظ العامية و الكلام غير المعرب و الأوزان الشعبية مثل " المواليا " و " القوما " و " الزجل " و " الدوبيت " و الموشح و غيرها . فاستساغت آذان آل قلاوون و آل برقوق هذا الشعر، و أجازوا عليه . و اشتهر فيه خلف الغباري و أحمد بن عثمان الأمشاطي و أحمد الدرويش و غيرهم .      

 

 

تقديم النص :

  • ما الموضوع الذي تحدث عنه حنا الفاخوري ؟
  • تحدث حنا الفاخوري عن الشعر في عهد الماليك .
II أكتشف معطيات النّص :

 

  1.  كيف يتعامل الحكام مع الشعراء في هذا العصر ؟​
  2. هل أثر ذلك في حياتهم الاجتماعية ؟ كيف ؟
  3. هل كان ذلك العامل الوحيد لفتور الشعر ؟ اذكر الأسباب الأخرى.
  4. ما الذي يميز شعر هذا العصر ؟ 
  5. ما أنواع المحسنات اللفظية التي شاعت في هذا العصر ؟   
  6. ما هي أغراض الشعر التي شاعت في هذا العصر ؟
  7. ما الأوزان الشعبية التي أسرف فيها شعراء هذا العصر ؟ 

 

  1. ملوك وسلاطين هذا العصر كانوا أعاجم لا يعنون إلا في النادر بتشجيع الشعراء وتقريبهم إليهم وإغداق الخير عليهم .   
  2. نعم أثر ذلك في حياتهم الاجتماعية حيث اتجه الشعراء إلى كسب معيشتهم عن سبيل الحرف والصناعات ، فكان بينهم الجزار والدهان .
  3. لم يكن ذلك العامل الوحيد لفتور الشعر بل إضافة إلى فتور العصبية والحمية اللتين نهضتا قديما  بالشّعر الفخري والقومي  وقلّت دواعي اللهو في جو الاضطراب السياسي وصرامة العيش .
  1. تميز شعر هذا العصر بالتنميق اللفظي الذي ذهب برونق الشعر و بالمعاني المكرورة المسروقة .
  2. المحسنات اللفظية التي شاعت في هذا العصر هي : التشطير والتخميس والاقتباس والتضمين .
  3. شاع في هذا العصر شعر الألغاز والأحاجي والمدائح النبوية .
  4. الأوزان الشعبية التي أسرف فيها شعراء هذا العصر هي : المواليا والقوما  و الزجل  والدوبيت والموشح .
III أناقش معطيات النّص :

 

  1. هل العامل السياسي ضروري للنهوض بالشعر والأدب عامة ؟
  2. هل ترى لانصراف الشعراء إلى التنميق اللفظي بعدا نفسيا واجتماعيا ؟ وضح مع التعليل .
  3. ما المقصود بالألغاز والأحاجي ؟ هل تجدها في ثقافتنا الشعبية اليوم ؟ وهل هذا يدل على ضعف في الإبداع الأدبي ؟
  4. لماذا شاعت المدائح في هذا العصر ؟ وهل كان يطبعها التقليد المحض أم فيها بعض الإبداع . علل انطلاقا مما درست في هذا النص .
  1. نعم يعتبر العامل السياسي ضروريا للنهوض بالشعر والأدب عامة ،  فالاستقرار و الأمن ضروريان للإبداع .
  2. نعم أرى لانصراف الشعراء إلى التنميق اللفظي  بعدا نفسيا واجتماعيا ، فلقد ترك الشعراء فنّهم و أدبهم و لجؤوا إلى حرف أخرى يقتاتون منها، فجمدت قرائحهم و أحسوا بالإحباط  و بالعجز عن الإبداع .
  3. المقصود بالألغاز والأحاجي هو : الشعر الذي يتضمن لغزا أو أحجية و هو موجود في ثقافتنا الشعبية اليوم , و يدل على ضعف في الإبداع الأدبي .
  4.  شاع المديح النبوي في عصر المماليك  بسبب الفساد أخلاقيّ و ضعف الوازع الديني،  فكان لا بدّ من الرّجوع إلى سيرة المصطفى - ص - لتذكير الناس بسيرته العطرة علّهم يقتدون بها ، ضف إلى ذلك ما شهده العصر من هجمات الصليبية  شنّها الأوربيون ضدّ الإسلام .

قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.