النص الأدبي : حالة حصار لمحمود درويش
النّص :
هنا ، عند مُنْحَدَرات التلال ، أمام الغروب وفُوَّهَة الوقت
قُرْبَ بساتينَ مقطوعةِ الظلِ ،
نفعلُ ما يفعلُ السجناءُ،
وما يفعل العاطلون عن العمل :
نُرَبِّي الأملْ !
بلادٌ علي أُهْبَةِ الفجر . صرنا أَقلَّ ذكاءً
لأَنَّا نُحَمْلِقُ في ساعة النصر :
لا لَيْلَ في ليلنا المتلألئ بالمدفعيَّة
أَعداؤنا يسهرون وأَعداؤنا يُشْعِلون لنا النورَ
في حلكة الأَقبية
هنا، بعد أَشعار أَيّوبَ لم ننتظر أَحداً
سيمتدُّ هذا الحصارُ إلى أن نعلِّم أَعداءنا
نماذجَ من شِعْرنا الجاهليّ
السماءُ رصاصيّةٌ في الضُحى
بُرْتقاليَّةٌ في الليالي . و أَمَّا القلوبُ
فظلَّتْ حياديَّةً مثلَ ورد السياجْ
هنا ، لا أَنا
هنا ، يتذكَّرُ آدَمُ صَلْصَالَهُ...
يقولُ على حافَّة الموت :
لم يَبْقَ بي مَوْطِئٌ للخسارةِ :
حُرٌّ أَنا قرب حريتي . وغدي في يدي .
سوف أَدخُلُ عمَّا قليلٍ حياتي ،
وأولَدُ حُرّاً بلا أَبَوَيْن ،
وأختارُ لاسمي حروفاً من اللازوردْ...
في الحصار ، تكونُ الحياةُ هِيَ الوقتُ
بين تذكُّرِ أَوَّلها .
ونسيانِ آخرِها .
هنا، عند مُرْتَفَعات الدُخان ، على دَرَج البيت ،
لا وَقْتَ للوقت .
نفعلُ ما يفعلُ الصاعدون إلى الله :
ننسي الأَلمْ .
الألمْ
هُوَ : أن لا تعلِّق سيِّدةُ البيت حَبْلَ الغسيل
صباحاً ، وأنْ تكتفي بنظافة هذا العَلَمْ .
لا صدىً هوميريٌّ لشيءٍ هنا .
فالأساطيرُ تطرق أبوابنا حين نحتاجها .
لا صدىً هوميريّ لشيء . هنا جنرالٌ
يُنَقِّبُ عن دَوْلَةٍ نائمةْ
تحت أَنقاض طُرْوَادَةَ القادمةْ
يقيسُ الجنودُ المسافةَ بين الوجود وبين العَدَمْ
بمنظار دبّابةٍ...
نقيسُ المسافَةَ ما بين أَجسادنا و القذائفِ بالحاسّة السادسةْ .
أَيُّها الواقفون على العَتَبات ادخُلُوا ،
واشربوا معنا القهوةَ العربيَّةَ
فقد تشعرون بأنكمُ بَشَرٌ مثلنا .
أَيها الواقفون على عتبات البيوت !
اُخرجوا من صباحاتنا ،
نطمئنَّ إلى أَننا
بَشَرٌ مثلكُمْ !
نَجِدُ الوقتَ للتسليةْ :
نلعبُ النردَ ، أَو نَتَصَفّح أَخبارَنا
في جرائدِ أَمسِ الجريحِ ،
ونقرأ زاويةَ الحظِّ : في عامِ
أَلفينِ و اثنينِ تبتسم الكاميرا
لمواليد بُرْجِ الحصار .
كُلَّما جاءني الأمسُ ، قلت له :
ليس موعدُنا اليومَ ، فلتبتعدْ
وتعالَ غداً !
أُفكِّر ، من دون جدوى :
بماذا يُفَكِّر مَنْ هُوَ مثلي ، هُنَاكَ
على قمَّة التلّ ، منذ ثلاثةِ آلافِ عامٍ ،
وفي هذه اللحظة العابرةْ ؟
فتوجعنُي الخاطرةْ
وتنتعشُ الذاكرة .
التعريف بصاحب النّص :
|
إثراء الرصيد اللغوي :
في الحقل الدلالي :
- استخرج من النص الألفاظ ذات المفاهيم الاجتماعية .
- الألفاظ ذات المفاهيم الاجتماعية هي : " العاطلون عن العمل " - " سيدة البيت " - " حبل الغسيل " - " القهوة العربية " - " نلعب النّرد " .
- ما الحالة التي يعيشها الفلسطيني من خلال النص ؟
- يعيش المواطن الفلسطيني حالة من اليأس بسبب الاحتلال الإسرائيلي الذي فرض عليه حصارا ماديا و معنويا مرفقا بالظّلم والتّشريد و القهر والتشتيت و التعذيب و السجن .
- إلى أي حد وصلت معاناة الفلسطيني من خلال النص ؟
- وصلت معاناة هذا الشّعب إلى حد لا يطاق حيث فقد الفلسطيني القدرة على التّفكير التّركيز إذ أصبح شغله الشّاغل التّفكير في العدو الإسرائيلي وفي طريقة إجلائه و إبعاده عن الأقصى .
- من هم الواقفون على العتبات ؟ و إلام يدعوهم ؟
- الواقفون على العتبات هم اليهود و يدعوهم الشاعر إلى شرب القهوة العربية أي إلى التعايش السلمي بين العرب و اليهود .
- اذكر بعض العبارات الدالة على الاضطهاد ؟
- و من العبارات الدالة على الاضطهاد : " السجناء " - " المدفعية " - " على حافَّة الموت " - " عند مُرْتَفَعات الدُخان " - " أَلسماءُ رصاصيّةٌ " - " في حلكة الأَقبية " .
- بم يوحي عنوان النص ؟
- يوحي العنوان بالعذاب و بالاحتلال الذي يتلذّذ بإهانة واحتقار الآخرين..
- هل يعتبر الشاعر الأمل في النصر ميزة أم عيبا ؟
- " الأمل بالنّصر " ميزة و ليس عيباّ لأنّ الحرية مطلب إنساني و جق طبيعي .
- لماذا وظف الشاعر شخص آدم في النص ؟ علل .
- وظف الشاعر شخص آدم للدالة على الرّابطة التي تجمع بين أبناء الإنسانية جمعاء .
- ما هي الرموز الأخرى التي وظفها و ما دلالتها ؟
- من الرموز الأخرى التي وظّفها : " أيوب " رمز ديني يرمز إلى الصبر ، " هوميري " رمز أدبي ، نسبة إلى هوميروس اليوناني شّاعر الأوديسا الأسطورية ، و يرمز على العودة ، عودة الفلسطينيين اللاجئين إلى الوطن ، " طرودة " رمز الانتصار .
- يبدو الشاعر - رغم الموقف الصعب - من محبي السلم و دعاته ما المقطع الذي عبّر فيه عن هذا الموقف ؟
- المقطع الذي يعبر عن جنوحه نحو السلم هو : المقطع السادس .
- ما الدافع الذي يرمي إليه الشاعر من النص ؟
- هدف الشاعر هو : فضح جرائم المحتل الصهيوني و توعية الرأي العالمي إزاء القضية الفلسطينية و بعث روح الوطنية في نفوس المقاومين و إيقاظ ضمائر الشعوب العربية .
- اذكر بعض الصفات التي نعت بها الشاعر المحتل ؟
- الصفات التي نعت بها الشّاعر المحتل هي : أنّه عدو ، مجرم يضيق العيش على الضعفاء و يعذّبهم بالسجن والحصار ، و يعكّر صفو حياتهم بالمدافع والدبابات و شتّى أنواع الأسلحة الممنوعة وغير الممنوعة أما موقفه فهو واضح ، يكره الاستعمار ويمقته و يتمنّى له الفناء التّام .
- ما النمط الغالب على النص ؟
- النّمط الغالب على النّص هو : الوصفي .
و من مؤشراته :
- النعوت : المتلألئ - الجاهلي .
- الاضافات : حلكة الأقبية منحدرات التِّلال .
- الأحوال : حرّا .
- التعبيرات المجازية : حيادية مثل : ورد السياج - المتلألئ بالمدفعية .
- انطلق الشاعر من ضمير نحن في التعبير عن مأساة فلسطين ، ما دلالة ذلك ؟
- انطلق الشاعر من ضمير الجماعة " نحن " الذي يعبّر عن " الأنا " الجمعي و المصير المشترك بينه و بين أبناء جلدته .
- اذكر بعض مظاهر الاتساق والانسجام في النص ؟
- من مظاهر الاتساق و الانسجام : حروف العطف ( الواو - الفاء ) - حروف الجر ( عن - على - في - اللام ...) الضّمائر ( نحن - أنتم ) التكرار ( الحصار - هنا ) .
- ما النزعة المجسدة في النص ؟ وضحها .
- لقد جسد الشاعر في نصه بشكل قوي النزعة الوطنية و القومية فهو واحد من أبناء هذا الوطن المفدى فعبّر بصدق عن انتمائه في كل لفظة و عبارة .
- ما أهمّ قيم النص ؟
- القيمة السياسية : نزوع الشاعر إلى السّلم والتّعايش مع الآخر في عدل ومساواة .
- القيمة الاجتماعية : فهو يصور بعمق المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني .