النص الأدبي الثاني : ذكرى الثامن من ماي للبشير الإبراهيمي
يوم مظلم الجوانب بالظلم ، مطرز الحواشي بالدماء المطلولة ، مقشعر الأرض من بطش الأقوياء ، مبتهج السماء بأرواح الشهداء ، خلعت شمسه طبيعتها فلا حياة و لا نور ، و خرج شهره عن طاعة الربيع فلا ثمر و لا نور ، وغبنت حقيقته عند الأقلام فلا تصوير و لا تدوين .
يوم ليس بالغريب عن رزنامة الاستعمار الفرنسي في هذا الوطن ، فكم له من أيام مثله ، و لكن الغريب فيه أن يجعل- عن قصد- ختاما لكتاب الحرب ، ممن أنهكتهم الحرب على من قاسمتهم لأواءها ، و أعانهم على إحراز النصر فيها ، و لو كان هذا اليوم في أوائل الحرب (لوجدنا ) من يقول : إنه تجربة كما يجرب الجبان القوي سيفه في الضعيف الأعزل .
تستحسن العقول قتل القاتل، وتؤيدها الشعائر فتحكم بقتل القاتل ولكن الاستعمار العاتي يتحدى العقول لأنه عدوها والشرائع لأنها عدوه، فلا يقوم إلا على قتل غير القاتل ... ويغلو في التأله الطاغي ، فيتحدى خالق العقول ومنزل الشرائع وينسخ حكم الله بحكمه ، ورحمة الله بقسوته فيقتل الشيوخ والزمنى والنساء والأطفال .
فقد فتح الناس أعينهم في يوم واحد على بشائر تدق بالنصر ، وعلى عشائر من "المنتصرين" تساق للنحر ، وفتح أذانهم على مدافع للتبشير ، وأخرى للتدمير ، وعلى أخبار تؤذن بأن الدماء قد رقأت في العلم كله ، والأخرى تقول : إن الدماء أريقت في جزء صغير من العالم هو تلك القرى المنكوبة في مقاطعة قسنطينة. وفي لحظة واحدة تسامع العالم بأن الحرب انتهت أمس ببرلين ، وابتدأت صباح اليوم بالجزائر ، وفيما بين خطرة البرق بين الغرب والشرق ، أعلنت الحرب من طرف واحد ، وانجلت في بضعة أيام عن ألوف من القتلى العزل الضعفاء ، وإحراق قرى وتدمير مساكن ، واستباحة حرمات ، ونهب أموال ، وما تبع ذلك من تغريم وسجن واعتقال ؛ ذلكم هو الثامن ماي.
لك الويل أيها الاستعمار ، أهذا جزاء من استنجدته في ساعة العسرة فأنجدك ، و استصرخته حين أيقنت بالعدم فأوجدك ؟ أهذا جزاء من كان يسهر و أبناؤك نيام ، و يجوع أهله و أهلك بطان ، و يثبت في العواصف التي تطير فيها نفوس أبنائك شعاعا ؟ أيشرفك ( أن ينقلب ) الجزائري من ميدان القتال إلى أهله بعد أن شاركك في النصر لافي الغنيمة ، و لعل فرحه بانتصارك مساو فرحه بالسلامة ، فيجد الأب قتيلا، و الأم مجنونة من الفزع ، و الدار مهدومة أو محرقة ، و الغلة متلفة ،و العرض منهكا ، و المال نهبا مقسما ، و الصغار هائمين في العراء .
جريدة البصائر - 1948
المطلولة : المهدورة .
النّوْر : الزهر .
غبنت : نسيت .
لأواءها : شدتها ، التأله : ادعاء الألوهية .
الزمنى : الضعاف .
رقأت : جفت .
- ما موضوع النص ؟ و ما طبيعته ؟
- صنّف الألفاظ التالية في مجالين مختلفين : الدماء - الله - الاستعمار - رحمة - الغنيمة - الويل .
- أشار الكاتب إلى طائفة من جرائم الاستعمار ، اذكرها بأسلوبك الخاص .
- يرى الكاتب أن الجزائريين لقوا لإساءة مقابل الإحسان ، وضح ذلك على ضوء النص .
- موضوع النص هو تخليد الذكرى الثالثة لمجازر الثامن ماي 1945 م التي ارتكبتها فرنسا في حق الجزائريين العزل الذين خرجوا في قالمة و سطيف و خراطة ... ليطالبوا سلطة الاحتلال بالوفاء بوعدها بمنحهم الاستقلال الموعود بعد أن جُنّد الآلاف منهم لمؤازرتها في الحرب العالمية الثانية .طبيعة النص : سياسيّ .
- حقل الحرب : الدماء - الاستعمار - الغنيمة .حقل الدّين : الله - رحمة - الويل .
- تتمثّل جرائم المستعمر في : قتل الأهالي العزل - انتهاك الحرمات - التّشريد - التّجويع - الإرهاب - تدمير القرى و حرقها - نهب الأموال و الممتلكات - السّجن - التغريم .
- لقد أحسن إلى فرنسا الجزائريون حين وقفوا إلى جانبها في الحرب العالمية الثانية و لكنهم نالوا جزاء السّنمّار و هذا ما أشار إليه الكاتب بقوله : " أهذا جزاء من استنجدته في ساعة العسرة فأنجدك ؟ "
- ما الذي فهمته من قول الكاتب أنّه لانور لشمس الثامن ماي و لانوْر لربيعه ؟
- هل هذه المجزرة الشنيعة هي الأولى في حقّ الأبرياء من الجزائريين ؟ استدل على ذلك من النص .
- ما هو الهدف من هذا النّص ؟
- فهمت أن المآسي التي حدثت في مثل هذا اليوم قد محت معالم جمال هذا الشهر فعذا باهتا شاحيا .
- ليست هذه أوّل جريمة تُرتكب في حقّ الشّعب الجزائري الذي ظلّ يعاني ويلات المستدمر منذ وطئت أقدامه أرضنا الظّاهرة أي من 1830 و الدليل من النّص قول الكاتب : " يوم ليس بالغريب عن رزنامة الاستعمار الفرنسي في هذا الوطن ، فكم له من أيام مثله " .
- هدف الكاتب من النّص هو توعية الشعب الجزائريّ بأنّ المستدمر عدوّ لدود لا يتوقّع منه الخير و أنّه لا بدّ من اقتلاع جذوره و استئصالها من وطننا و لن يتأتى له ذلك إلا بالثورة المسلّحة .
- إلى أي فن نثري ينتمي النّص ؟ عرّفه ، و أذكر ثلاثة من خصائصه .
- ما نوع الصّورة البيانية التالية : " خلعت شمسه " . و كان يسهر و أبناؤك نيام " .
- ما نوع الأسلوب و ما غرضه البلاغي في قول الكاتب : " أهذا جزاء من استنجدته في ساعة العسرة فأنجدك ؟ " ." تسامع العالم بأن الحرب انتهت أمس ببرلين " .
- ينتمي الإبراهيمي إلى مدرسة الصنعة اللفظية التي تحفل بالبيان و البديع ، استخرج من النّص أربعة محسّنات بديعية مختلفة ثم بيّن نوعها .
- ينتمي النّص إلى : فنّ المقال السياسي .و من خصائص المقال :
- الوحدة الموضوعيّة .
- المنهجيّة .
- الوضوح .
- تسلسل الأفكار .
- العفويّة .
2." خلعت شمسه " شب الكاتب الشمس بإنساحذف المشبّه به و ترك قرينة دلّت عليه " خلعت " على سبيل الاستعارة المكنية ." كان يسهر و أبناؤك نيام " كناية عن شقاء أبناء الجزائريين و راحة بال أبناء الفرنسيين .
3." أهذا جزاء من استنجدته في ساعة العسرة فأنجدك ؟ "أسلوب إنشائيّ طلبي ، استفهام ، غرضه : التوبيخ و الإدانة ."تسامع العالم بأن الحرب انتهت أمس ببرلين " أسلوب خبريّ ، غرضه : تقرير حقيقية .
4.الجناس : ( مظلم - الظلم ) ، ( النّور - النوْر ) .الطباق : ( رحمة # قسوة ) ، ( القويّ # الضعيف ) .المقابلة : ( انتهت أمس # ابتدأت صباح اليوم ) .السجع : ( مقشعر الأرض من بطش الأقوياء ، مبتهج السماء بأرواح الشهداء ) .
- على من يعود الضمير في " شمسه " و في " أبناؤك " ؟
- ما الذي حقق الاتساق و الانسجام في النّص ؟
- في النّص إجمال و تفصيل وضّحه .
- يعود الهاء في " شمسه " على اليوم ( 8 ماي ) و الكاف في " أبناؤك " على المستعمر .
2.الروابط بأنواعها :
- الضمائر .
- التكرار .
- الوحدة الموضوعية .
- تسلسل الأفكار .
3.الإجمال في الفقرة الأولى و التفصيل في بقية الفقرات .
- في النّص قيمة تاريخية و أخرى فنيّة ، وضحهما .
- القيمة التاريخية : تتمثّل في فضح جرائم فرنسا التي تدعي تبني شعار الحرية ، المساواة و الأخوة .
- القيمة الفنيّة : تتمثل في خصائص البشير الإبراهيمي الذي يعدُ امتدادا لمدرسة الصنعة اللفظية و هي :
- الاهتمام بالبيان و البديع مع العناية بالأفكار .
- اللغة القاموسية القديمة .
- الاقتباس .