النص التواصلي : صورة الاحتلال في القصة الجزائرية
لعب الأدب الجزائري دوره إبّان الثّورة و بعدها، و قد رسم ملامح تلك الفترة بأحداثها المأساوية، و كان القصاص كغيرهم من أدباء و شعراء متأثّرين و متفاعلين مع الأحداث مما جعلهم يبدعون قصصا من الواقع الجزائري في ظلّ الاحتلال على رأسهم: أحمد رضا ،أحمد بن عاشور ، عبد المجيد الشافعي ، عثمان السعدي . رضا حوحو ،عبد الحميد هدوقة.
كان للثّورة التّحريرية تأثيرها المحسوس في مجال الثقافة عامة، وفي مجـال القصـة بصـورة خاصة، فقد فجرت في الأدباء الحماس ليكتبوا عن نضال الشعب الجزائري وعن الحـرب الضـروس التي خاضها من أجل كرامته وتحرير بلاده. ولقد تعددت حوافز المحاولات الجادة لكتابة القصة، فهناك من كتبها لملء الفـراغ فـي ميـدان الأدب، أو لتسجيل أحداث الثورة وتصوير أبطالها، أو بدافع التجربة. فتحدث حوحو على لسان حماره عن التخلف الاجتماعي الذي سببه الاستعمار فيقول: " قلت وأين هذا التّساوي وأنتم تنظرون إلينا كشعب منحط في حاجة إلى التربية والتعليم ؟ ولكن مع الأسف تتجلى هذه التربية في استغلالكم لبلادنا، ويظهر هذا التعليم في إهانتكم لشعبنا، حتى أنكـم تصـبغون دائمـا أعمالكم إزاءنا وحتى القاسية منها بصبغة التحضر والتمدن". ومن المناقشات الحادة التي كانت قائمة وقتئذ، مشكلة الشباب الذي يتزوج بأجنبية أوروبية فيتحدث رضا حوحو مع حماره ساخرا. "أما يكفي هذا الانحلال الاجتماعي والخلقي الذي جره زواج بعض رجالكم من الأجنبيات حتى أضيف إليه انحلالا آخر في فصيلة الحمير؟ قلت: كيف ذلك؟ قال: زواجي من "أتان" أجنبية تخالفني في الجنس والعادات والتفكير فيه خطورة كبيرة علـى أخلاقـي وعاداتي وتفكيري" من الملاحظ أن الكاتب ينتقد بعنف هذه المشكلة التي يرى فيها خطرا كبيرا علـى أخـلاق المجتمع الجزائري وعاداته وتفكيره، ولا شك أن الاستعمار هو الذي كان يشجع الشباب الجزائري على الزواج ببناته الأوربيات. ومن الأدباء الذين ساهموا بكتاباتهم القصصية وتحدثوا عن قضايا الساعة نذكر أحمـد بـن عاشور الذي انتقد الأوضاع السائدة آنذاك، فيصور موظفا في خدمة الاستعمار: "كانت الحجرة حافلـة بحملة العمائم يتوسطهم قزم أشيب منتفخ البطن غليظ الصوت والرقبة، كان في حديثه مع الحاضـرين يتصنع السكينة ويتعاظم وكان من وقت لآخر يعض على مبسم أنيق وينفث الدخان فـي كبريـاء ثـم يستأنف الحديث ويثرثر... فيقول هذا الموظف المنافق الدنيء لأصحابه الأئمة علماء الاستعمار: "التزلف، التزلف. هذه فرصة قلما تتهيأ إن خطبت فأطر، واجأر بالدعاء للحكومة بدوام البقاء. وهناك أديب آخر عالج مشاكل الاستعمار وآثاره هو عبد المجيد الشافعي فرسـم صـورة "سوزان عائشة كانت" فهي تروي قصة فتاة جزائرية مسلمة دخلت مدرسة الراهبات المسيحيات للتثقف فيها، ولكن التعليم المسيحي حولها إلى فتاة نصرانية، وتبلغ المأساة ذروتها عندما تموت الفتاة بمـرض السل وينقش على قبرها: "هنا تنام القديسة سوزان عائشة كانت" إن كتّاب هذه المرحلة تحدثوا بإسهاب عن موضوع التنصير الـذي اسـتعمله الاسـتعمار ليستغل ويسيطر على الناس الفقراء والجهلاء حتى يصبحوا من أعوانه. ومن القصص التي تعرضت لأحداث الثورة نختار قصة لعبد الحميد بن هدوقـة "المسـافر" التي تتحدث عن فتاة خطبت لشاب لم يكن يعرفها، وفي يوم عيد الأضحى دعيت الخطيبة إلى منـزل الشاب. ويدور بينهما حوار حول سفر الشاب الذي قرر أن ينفذه، وأثناء هذا الحوار امـتلأت السـماء بطائرات العدو وأخذت تهدم القرية بقنابلها انتقاما من سكانها الذين رفضوا تحية العلم الفرنسي كالعادة بطائرات العدو وأخذت تهدم القرية بقنابلها انتقاما من سكانها الذين رفضوا تحية العلم الفرنسي كالعادة في كل يوم. وأصيب الشاب بجروح فأغمي عليه، وبعد أن استيقظ وجد نفسه في مكان قريب من القرية تعالجه مجاهدة من جيش التحرير وعلم أن خطيبته قتلت، وأن منزله خربه العدو مثل منازل القرية. ومن القصص التي تروي لنا الانقلاب الجذري الذي وقع في نفوس الأفراد أثناء الثورة نذكر قصة "اثنان وثلاثون طلقة"، لعثمان سعدي، تحدثنا القصة عن جندي جزائري تطوع في الجيش الفرنسي بسبب البطالة ليشارك في حرب الهند الصينية، وبعد رجوعه من هذه الحرب التحق بصـفوف جـيش التحرير الوطني الجزائري، بعد أن أيقن بأن الثورة اشتعلت من أجل تحرير الـبلاد مـن الاسـتعمار الفرنسي وليست تمردا لجماعة من الفلاقة، خارجين عن القانون كما يقول العدو الفرنسي وإثر معركة طاحنة جرح هذا المجاهد وألقي عليه القبض فأطلق عليه الضابط الفرنسي الذي كـان يعرفـه اثنـين وثلاثين طلقة. كما تعرضت القصة إلى وصف اللاجئين في الحدود التونسية والمغربية ووصفت الظروف القاسية المريعة التي كانوا يعيشون فيها عراة جائعين تلتهمهم الأمراض وفـي هـذه الفتـرة ظهـرت مضامين جديدة تعبر عن قيم إنسانية ومثُل عليا لم تكن في القصة من قبـل، حيـث أصـبح التفكيـر الجماعي وروح الأخوة والتضامن سمة بارزة في القصة وظهر البطل الإنساني الـذي يتغلّـب علـى الخوف واختفى البطل الأسطوري.
1 ماهي الدّوافع الأساسيّة لكتابة القصّة في نظر الكاتبة ؟
2ـ. انتقد احمد بن عاشور الأوضاع السّائدة الحقبة الاستعماريّة كيف دلك ؟
3 يشيد ابن هدوقة بدور المرأة في الثّورة الجزائريّة فما هي الجوانب التي تطرّق إليها ؟
1- الدّوافع الإنسانيّة في نظر الكاتبة أنيسة بركات: كتابة القصّة يرجع إلى عامل الفراغ في مجال الأدب و قصد تسجيل الأحداث و تصوير أبطال الثّورة.
2- انتقد أحمد بن عاشور الأوضاع السّائدة في الحقبة الاستعماريّة، ويظهر ذلك في وصفه للموظّفين المنافقين وعملاء الاستعمار، راسما صورة قزم أشيب منتفخ البطن ، متصنّع للسكينة والعظمة، مستعينا بمعجم التّحقير ، وبالصفات خارجيّة وداخليّة.
3- يشيد ابن هدوقة بدور المرأة في الثّورة التّحريريّة ، متطرّقا إلى جوانب كثيرة منها: تأثير الاستعمار على النّسيج الأسريّ والاجتماعيّ و علاقة الاستعمار بالفقر والهجرة.
- سياسة القتل وتدمير القرى.
- دور المرأة في ميدان الثّورة الذي تمثّل في (الأعمال الجهاديّة، الأعمال الفدائيّة والتّطبيب.)
.
1. يقول أحمد رضا حو حو للمستعمرين :(حتى أنكم تصبغون دائما أعمالكم إزاءنا وحتى القاسيّة منها بصيغة التّحضر والتّمدن ) بين في هده المقولة الأساليب التي مارسها الاستعمار للسّيطرة على الشّعب الجزائريّ.
2. لقد باءت محولات التّنصير في الجزائر بالفشل على الرّغم من الإغراءات الماديّة التي أغدقها المبشرون على الفئات الاجتماعيّة الفقيرة ، هل يعود ذلك إلى طريقة العمل، أو إلى العقيدة الإسلاميّة المتمكّنة في الشّعب أو إلى شيء أخر ؟
1. مقولة أحمد رضا حوحو في المحتل واقعيّة فيها وصف لمواقف المحتل السّاخرة و المخترقة و الشّعب الجزائريّ و التّعالي عليه بداعي التّحضر من بين الأساليب التي مارساها المحتل للسيطرة على الشّعب سياسة التّجنيد و التّنصير و التّغريب و محاربة المقدسات الدينيّة و اللّغة إلى جانب التّرهيب.
2 .فشلت محاولات التّنصير في الجزائر رغم الإغراءات الماديّة التي أغدقها المبشّرون على الفئات الاجتماعيّة الفقيرة و السبب لا يعود إلى طريقة العمل و إنما إلى صحّة عقيدة الشّعب الجزائريّ المسلم وجهود المصلحين و رجال الفكر و الثّقافة .
1 .كيف تستمد القصّة الجزائرية مشروعيّة انتقادها للأوضاع السّياسيّة والاجتماعيّة والثّقافيّة ؟
. تستمد القصّة القصيرة الجزائريّة مشروعيّة انتقادها للأوضاع من روح الثّورة الجزائريّة ومبادئها، كلّ بحسب قناعته وبحسب موقفه وخلفياته العقيديّة والايديولوجيّة .