iMadrassa

النص الأدبي : من مسرحية شهرزاد لتوفيق الحكيم

الموضوع: : من مســــرحية شهـــــرازاد لتوفيق الحكيم

من مسرحية شهرزاد.

(شهرزاد تضحك و شهريار يقترب منها )

 ما الذي يضحكك؟

 شهرزاد : خضوع و إذعان ما عهدتهما فيك ؟

شهريار( يبتعد عنها ): خسئت إني لن أخضع لامرأة، أنت ما خلق إلا لي، أنا كل شيء ...وأنت لا شيء.

شهرزاد: كنت أحسبك قد جاوزت طور الطفولة.

شهريار:أنا في أوج العقل و المعرفة.

شهرزاد: أنت شهريار قبل ألف ليلة وليلة لم تتقدم ....و لم تتغير.

شهريار: تغيرت.

شهرزاد: كنت في ذاك العهد تسفك الدماء، و ها أنت ذا اليوم تفعل أيضا.

شهريار: رغم أن شهريار الأمس و شهريار اليوم هو ذاك الملك القاتل، لكنّي كنت أقتل لألهو، و اليوم أقتل لأعلم

. شهرزاد: سيان. ومع ذلك، ماذا علمت ؟ هل كشف لك السحر و العلم عن سر واحد مما تتحرق لمعرفته من أسرار؟

شهريار: شهرزاد، اسكتي..! أتوسل إليك أن تدعيني الساعة .. لقد يئست منك .... شهرزاد: لماذا تنظر إلي هكذا ؟

شهريار: لا تسخري منّي

..! شهرزاد: (هامسة و هي تتأمله ) : أنت لا تصلح حتى للسخرية منك

 ! شهريار: ماذا تقولين؟

 شهرزاد: تريد أن تعرف منّي ماذا ؟ أنا قلب كبير، هل أنا إلا قلب كبير؟

شهريار: سحقا للقلب الكبير

! شهرزاد: أتذكر أنك أحببتني بقلبك يوما

 ...! شهريار( كالمخاطب لنفسه ) : مضى كل هذا، مضى .. أنا اليوم إنسان شقي . شهرزاد ( تدنو منه ) : شهريار ، لا تيأس يا حبيبي

..! شهريار: امرأة خادعة !. ما عدت أحفل بك ولا بشيء، لقد أبصرت أكثر مما ينبغي أن أدعي، أنا أطلب شيئا واحدا.

شهرزاد: ما هو؟

شهريار: أن أموت.

شهرزاد: لماذا ؟ ما الذي بك؟ شهريار: ليس في الحياة من جديد ... استنفذت كل شيء، ما عادت تحوي شيئا ذا بال عندي، الطبيعة كلها ليست سوى سجان صامت يضيق علي الخناق.

شهرزاد: أقسم أنك جننت! أجهدت عقلك حتى اضطرب، أي سر تبحث عنه أيها الأبله؟ ألا تراك تضيع عمرك الباقي وراء حب اطلاع خادع ..؟

 

التعرّف على صاحب النص:

 توفيق الحكيم كاتب مصريّ معاصر من مواليد 1898م بالإسكندريّة زاول دراسته في دمنهور، ثم بالقاهرة، وتخرّج في الجامعة الفرنسيّة بشهادة في الحقوق. مال منذ صباه إلى الموسيقى و التمثيل، فنبغ في المسرح، ويعد رائد هذا الفنّ، توفي سنة 1987م مخلّفا آثارا قيمة منها : أهل الكهف، عودة الرّوح ؛ شهرزاد...الخ

 

إثراء الرّصيد اللغوي:
  1. إذعان : استسلام
  2. خسئت :ذللت
  3. أوج : قمة
  4. سيان: مثلان
  5. أحفل: أهتمّ. 
الحقل الدلالي :

  هات من النّصّ  الكلمات التي تنتمي إلى مجال  معاناة شهريار.

 

من الكلمات التي تدلّ على المعاناة ما يلي: شــقيّ - أن أموت -الخناق.

اكتشاف معطيات النص :

1. هل ترى الصّراع بين شخصيتي المسرحية أم بين شهريار و نفسه؟ 

2.  لخص طبيعة كل شخصيّة محدّدا الشّخصية المحوريّة.

3.  كيف كانت نهاية شهريار ؟

 

1. يبدو الصّراع واضحا بين شهريار و نفسه أكثر من الصّراع بينه و بين شهرزاد، فهو إذا صراع داخليّ بدليل المعاناة التي كانت تبدو عليه من خلال حواره لشهرزاد فكان يرفض الاستماع إليها و يكشف لها دائما عن معاناة داخليّة إلى درجة أنه تمنّى الموت لأنه لم يصل إلى الحقيقة التي كان يريد معرفتها عن أسرا ر النّفس البشريّة و تبرير تصرفاتها  .

2. شخصيّة شهرزاد:هي امرأة تمتاز بالعقل و المنطق "كنت في ذلك العهد تسفك الدماء و ها أنت اليوم تفعل أيضا" - "هل كشف لك السحر عن سر..."فهي تبين له خطأه بالعلم و العقل.

    شخصية شهريار: يحكم بالهوى أكثر من العقل "و اليوم أقتل لأعلم" يرفض العقل و يتهرب من الواقع العلمي"..اسكتي...أتوسل إليك أن تدعيني الساعة..." يمتاز باليأس "الطبيعة ليست سوى سجان صامت يضيق علي الخناق."

الشخصيّة المحوريّة هي شخصيّة شهريار لأنّها هي الشخصيّة التي من خلالها التمسنا  محور الصّراع والتمسنا أيضا  المشكلة الفلسفيّة الذهنيّة التي يعالجها الكاتب في مسرحيته هذه.

3. يظهر جليا أن نهايته كانت مأسوية اعتمادا على يأسه من الحياة حيث قرر في النّهاية الانتحار. 

مناقشة المعطيات :

1. ما رأيك في الفكرة التي يطرحها الكاتب حول الصّراع بين العقل و الهوى ؟

2. هل ترى أن مثل هذا النوع من الصّراع الفلسفيّ يليق توظيفه مسرحيّا في  عمل تمثيليّ ؟

3. هل ترى أن نهاية البطل طبيعيّة منطقيّة نتيجة تفاعل الأحداث مع الشّخصية أم أن الكاتب هو الذي ساهم بتدخّله في قتله؟

4. هل بينت اللّغة المستعملة شخصيّة و ثقافة الشّخصيّة ؟

 

1.  هي فكرة فلسفية جسّدها الكاتب بعمله هذا عن طريق حوار شائق و فكر ثاقب، و لكن قد اتّضحت فلسفة توفيق في هذه المسرحيّة أنه يؤمن بالقلب أكثر مما يؤمن بالعقل الذي يحطّم حياة النّاس ومع ذلك تحكّم به الطّبيعة البشريّة وتحاول عن طريقه أن تكشف أسرار الكون و تجتاز حدود المكان وفي ذلك اندحارها وهزيمتها كما انهزم شهريار. وقد دفعت ضرورة المسرحيّة الكاتب إلى وضع شهرزاد في الوضع الشّائن رغم ما عرفت به من رزانة عقل و حكمة حيث سقط بها سقطة شنيعة وحولها إلى صورة جديدة غير صورتها التاريخيّة التي عرفت بها.

 2. سمّي تيار توفيق الحكيم المسرحي بالمسرح الذّهنيّ لصعوبة تجسيدها في عمل مسرحيّ وكان الحكيم يدرك ذلك جيدا حيث قال في إحدى اللّقاءات الصّحفيّة : "إني اليوم أقيم مسرحي داخل الذهن وأجعل الممثلين أفكارا تتحرك في المطلق من المعاني مرتدية أثواب الرموز لهذا اتسعت الهوة بيني وبين خشبة المسرح ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلى الناس غير المطبعة."..و لذلك حكم الكاتب نفسه على نفسه بأن هذا النّوع لا يليق توظيفه مسرحيّا في عمل تمثيليّ فقد جعل بعض المفكّرين والنّقاد الفلاسفة - و الحكيم واحد منهم - من المتن الرّوائيّ متنا لأسئلتهم  بحيث انطلقوا يطرحون نظرياتهم وأفكارهم حول الأنا والزمن والهوية في  كثير من الروايات الخالدة التي تأملوا من خلالها الوجود ودرسوا العقل وناقشوا الخبرات الحياتية .

3.  بل الكاتب هو الذي ساهم بتدخّله في قتله و يعود سبب ذلك إلى كون طبيعة الموضوع فلسفيّة ذهنيّة فرضت على الكاتب أن يوظّف أعمال الشّخصيات كما يريد هو لا كما تفرضها الأحداث .

4. نعم لقد أظهرت لنا اللّغة المستعملة طبيعة كل شخصيّة و ثقافتها حيث نسب الكاتب لشهرزاد لغة العقل و المنطق   مثل " كنت أحسبك قد جاوزت طور الطفولة." بينما نسب لغة الهوى و اليأس لشهريار  مثل "...مضى كل هذا أنا اليوم إنسان شقي..."

 

أحدد بناء النص :

1. صنّف هذا النّصّ حسب نمط كتابته و استنبط خصائصه و هناك أنماط أخرى ساهمت في توضيحه ، اذكرها مبيّنا دورها في النّصّ ؟

 

 .النّمط حواريّ ،خصائصه: 

  • الاعتماد على الحوار المباشـر .
  •  الاعتماد على ضمائر الخطاب.  و بعض أسماء الاشارة, و الظروف و الأساليب الإنشائيّة  .
  •  ينبني النّص الحواريّ على مقاطع يتداخل فيه الوصف مع السّرد أو الحجاج مع التّفسير.
الاتساق و الانسجام

1.  كيف ساهم الحوار في انسجام النص و تماسكه ؟

2. كيف ساهم الاستفهام و الجواب في هذا التّماسك ؟

3. ما العلاقة المنطقيّة التي يعقدها كل من "بل" و "مع ذلك' و ما أثر التّكرار في عبارة " قلب كبير" ؟

 

1. لقد ساهم الحوار في كشف خبايا النّفس الإنسانيّة  عن طريق الأسئلة و الأجوبة و التّعليقات المختلفة التي صدرت عن الشّخصيتين و بالتاّلي يكون هذا الحوار قد ساهم مساهمة واضحة في تماسك النّصّ و تكامله و انسجامه.

2.  ساهم الاستفهام و الجواب في هذا التّماسك عن طريق استكمال كل الحلقات الفارغة في الجواب حتى يظهر من خلاله التّعرف  على حقائق النّفس الإنسانيّة و تجلياتها و تحولاتها المختلفة اعتمادا على تساؤلات الكاتب نفسه و إجاباته التي صدرت عن شخصية شهريار.

 3. العلاقة المنطقيّة التي يعقدها كل من "بل" و "مع ذلك" هي علاقة ترابط و اتّساق و انسجام بين مختلف الجمل ف "بل " تفيد الإضراب، أي جعل ما قبلها متروكا و هي من حروف العطف، أما "مع ذلك" فهي من قسم عبارات الرّبط المنطقيّة  و هي من عبارات التّعبير عن التّعارض.

 أما أثر التّكرار في عبارة "قلب كبير " فهو يقوى المعنى الدّلالي الذي يرمي إليه الكاتب والوظيفة هنا تأكيديّة أولا و هو تكرار يفيد رغبة المتكّلم تأكيد الصّفة التي نسبها إلى نفسه و هو  يؤكّد بتكراره أنه غير راض على وضع ما،.وهو تكرار يضيف إلى الوظيفة التّأكيديّة وظيفة إيقاعيّة من خلال تكرار ألفاظ بعينها بنوع من التّوازي الصّوتيّ.

مجمل القول في تقدير النص :

. يعتبر  توفيق الحكيم من روّاد المسرح العربيّ ؟ اشرح  ذلك.

.

. توفيق الحكيم  رائد من رواد  المسرح  العربيّ  الحديث  باعتباره  الرّائد  الأوّل  للأدب  المسرحي  النّثريّ  الفصيح ،  كما يعترف  له  بالقدرة  على  توظيف  اللّغة  العربيّة  توظيفا دراميّا، وقدرته  على إدارة  الحوار  .

.


قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.



قم بالدخول للإطلاع على المزيد من المحتوى

لتتمكن من الوصول إلى جميع الدروس والتمارين والمسابقات والفيديوهات وتصفح الموقع براحة قم بالدخول أو بتسجيل حساب مجانا.