النص الأدبي الأول: لالة فاطمة نسومر المرأة الصقر
(قرية آيت إيراثن بدار سي الطاهر، و زوجته أمينة )
أمينة: والله ، لقد وصلت أختك فاطمة مكانا لم تصله نساء نسومر كلّها بل ونسـاء الأرض جميعـا إذ أصبحت تشد إليها الرحال ويقصدها الناس، ويسعى لديها الركبان، حتى لقبوها بلالة فاطمة نسومر
. سي الطاهر : أثناء هذا أم تهكم و استهزاء يا آمنة ؟! و أنت تعلمين أنه لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث : المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى.
أمينة : بل قل لي بربك، وأنت سيد القوم ومقدم القبيلة و وريث المرابطة، أيعقل أن تسترجل المـرأة وتقود الرجال إلى ساحات القتال، أقلّ الرجال وانتهى الشجعان ؟! سي الطاهر : كفّي يا امرأة لسانك السليط ، وسمك الذي لازلت تنفثينه في ظهر فاطمة
. أمينة : أتشتمني يا سي الطاهروتسبني و أنا التي أسعى للحفاظ على كرامتك وكرامة آل محمـد بـن عيسى؟، فالمرأة لبيتها وزوجها و أولادها،لا للأزقة والعراء مكشوفة لمن هب دب من الرجال ، و
... سي الطاهر : كفى ، :كفى
. أمينة: لن أسكت فأختكم مرغت رؤوسكم في الوحل.
سي الطاهر : الوحل هو أنت يا امرأة السوء. (و يصفعها على خدها فتصيح في وجهه )
أمينة : أو تضربني يا سي الطاهر ؟ وقد كنت سيدة في قومي
! سي الطاهر : نعم أضربك و قد صار كلامك سهاما تخترق قلبي و ظهر أختي العفيفة الطاهرة فاطمة
. أمينة : الطاهرة هه؟
(و يرفع سي الطاهر يده ليصفعها مرة أخرى ، عندها تدخل فاطمة وتسرع لتمسك بيده قائلة )
لالة فاطمة : ما دهاكما حتى تتشاجرا هكذا ؟، ما أصابكما ؟
أمينة : أصابتنا عين حاسدة
. سي الطاهر: ويلك
( تمسك فاطمة على فمه ) لالة فاطمة : أرجوك لاتنطقها فإنها بغيضة و منغصة. أمينة : بل دعيه، أريده أن ينطقها، ألا تفهمين يا امرأة، أنت السبب، أنت السبب، منذ جئت هذا البيت، دخلت من باب والسعادة خرجت من الآخر، لقد هدمت كل شيء بيننا.
لالة فاطمة : لماذا لم تقولي ذلك عند مجيئي ؟ لِم أخْفيت عنّي كلّ هذا ؟
أمينة : أتدرين لماذا؟
سي الطاهر : كفّي يا امرأة ، كفّي سمومك.
لالة فاطمة : دعها، دعها يا سي الطاهر، دعها تقول ما في نفسها.
أمينة : الطلاق ليس نصيبي بل أنت التي ينبغي أن تطلق هذا البيت، أظهرت لك الإحسان ابتداء، شفقة عليك واحتراما لمشاعر أخيك وحفاظا على المودة التي جمعتني مع زوجي سي الطاهر ، لكن الأمـر طال.
لالة فاطمة : إذا كان كذلك فابقي مع زوجك، أرجوك سي الطاهر لا تؤذينها بشيء، فوا الله لو سـمعت أنك أذيتها أو لمتها حرمت نفسي من رؤيتك إلى يوم القيامة ، فزوجتك حرة في قولها واعتقادهـا ولا أحد يجبرها على غير رأيها ، فهي وفية لك ولبيتها، ولولا ذلك لما كان منها هذا، أحمد الله أن رزقـك بامرأة تسعى لصلاحك و تبذل جهدها في نصحك
. سي الطاهر : ما هذا يافاطمة أبعد أن شتمتك وأهانتك أمام عيني تشكرينها ؟ ، بل توصيني بها خيرا.
لالة فاطمة : أنا مخطئة أن تركت بيت والدي و فرضت نفسي عليكم، و كان أولى بالضيف ألاّ يثقل ضيافته فيملّ، و لا يكثر الكلام فيرغم على الرحيل ، سأحمل أمتعتي ففي " سومر " منزلنا
. سي الطاهر : لا لن أتركك ترحلين على هذا النحو، و الله لترحلن هي، نعم أمينة هي التي سترحل.
فاطمة : لا والله لن يكون ذلك، كيف و هؤلاء الصبية من لهم ؟، و أنت من لك ؟ وهي من لها في دنيا لاترحم ؟
سي الطاهر : لي الله و أهلي، وأنت منهم يا فاطمة، إن الذي ليس فيه خير في أهله ليس فيه خير فـي الناس.
لالة فاطمة : لاتراجعني أرجوك ، فمن هناك أشارك المجاهدين قتالهم للفرنسيين ... وأنت ت ( تحمل لالة فاطمة أمتعتها و تخرج من البيت، و أمينة تنظر إلى فاطمة، لم تتوقّع أبدا منها كـل هـذا وهي التي كانت تظنّها مغترة بنفسها وشبابها، متحرقة للشهرة وذياع الصيت ولا يهمهـا مـن النـاس شيء، تابعتها بذهول كبير، كانت كلمات لالة فاطمة طرقا عنيفا يضرب جنبات قلبها، لتفيق من غفوتها و ترفع الغشاوة عن نفسها، استدار إليها زوجها قائلا ): سي الطاهر : أرأيت ماذا فعلت بحماقتك يا امرأة ؟ !. ( لم تسمع شيئا من كلام زوجها و لم تعره اهتماما، بل أسرعت و فتحت الباب و حملهـا الـذهول و الإعجاب بفاطمة أن نادتها بأعلى صوتها). أمينة : فاطمة، فاطمة. ( تلتفت فاطمة و قد ابتعدت عن الباب بعدة خطوات، أسرعت نحوها أمينة وعانقتها طويلا، و بكـت كثيرا، حتى نزلت دموعها على كتف فاطمة ، ثم قالت ) أمينة : أرجوك سامحيني، سامحيني يا فاطمة، سامحيني يا أختي. ل
الة فاطمة : بل سامحيني أنت ، لقد كدت أن أهدم المودة التي جمعتكما.
أمينة : ابقي معنا يا فاطمة.
فاطمة : لا لن أستطيع ذلك فقد بعت نفسي الله، و لن أرجع عن بيعي والجهاد سبيلي إلـى رضـائه و رحمته. ... (
أمينة : إذا كانت هذه إرادتك ، فليعنك الله يا فاطمة ( و تعانقتا )
(وخرج سي الطاهر يتابع المنظر المؤثر و قد اغرورقت عيناه بالدموع)
المجتمع الريفي الجزائري له عاداته و تقاليده و للمرأة نصيب في بناء المجتمع و تطوره و في النص موقف عظيم لامرأة جزائرية حفظت لها ذاكرة الأجيال هذا الموقف.
إدريس قرقوة: كاتب جزائري ولد في "تسالة" ولاية سيدي بلعباس في 1967 كثير الاهتمام بالمسرح واكب دراسته إلى أن تحصل على شهادة الدكتوراه، و شارك في إنشاء فرق مسرحيّة بعدة مناطق من البلاد و له تأليف مسرحي متعدد خاصة حول شخصيات وطنية منها : فارس الجزائر الأمير عبد القادر و يوغرطة الملك الثائر و لالة فاطمة نسومر المرأة الصقر .
- ما موضوع هذا المقطع المسرحي؟
- على ما أقدمت أمينة بحضرة زوجها، " سي الطاهر" ؟
- كيف اعتبر سي الطّاهر هذا التّصرف ؟
- كيف أدّب زوجته أمينة ؟
- ما كان رد فعل " لالا فاطمة " إزاء هذا الوضع .
- ما الموقف الذي آلت إليه أمينة في أخر المطاف؟
- موضوع هذا المقطع المسرحيّ يتعلّق بالمرأة الجزائريّة إبّان الثّورة، وهي مواقف متعلّقة بجوانب اجتماعية من حيث كونها أما و أختا وخالة و كنّة، ومرتبطة بجوانب سياسيّة من حيث مساندة الثّوار في مهمتهم، وهي في الحالتين كلتيهما رمز التّضحية .
- أقدمت أمينة بحضرة زوجها " سي الطاهر" على التكلّم في عرض أخته " لالافاطمة".
- اعتبر سّي طاهر هذا التّصرّف انتقاصا من قدر أخته و عائلته و عدم احترام له هو شخصيّا و لأسرته .
- .أدّبها زوجها بصفعها ... وقد همّ بالتّلفّظ بالطّلاق بعد احتدام الكلام بينهما .
- منعت أخاها من التّلفّظ به ثمّ قرّرت الرّحيل عن بيت أخيها سي الطاهر إذ شعرت بأنها هي السّبب في الخلاف النّاشب بينه وبين زوجته، وأقنعته بضرورة الرّحيل لأن مهام أخرى تنتظرها.
- في آخر المطاف حاولت أمينة إقناع فاطمة بالبقاء معها في بيت أخيها بعد أن اعترفت لها بخطئها والتمست منها العفو.
- ما الشّعور الذي أبدته أمينة تجاه لالافاطمة ؟ وما سببه؟
- أبرز ملامح كل شخصيّة من شخصيات هذا المقطع المسرحيّ بمختلف أبعادها.
- هو الحسد، وسببه أن لالا فاطمة احتلت مكانة اجتماعيّة مرموقة إذ صار يقصدها النّاس ويسعى لديها الرّكبان حتى استحقت لقب "لالافاطمة نسومر" .
- ملامح كل شخصيّة من شخصيات هذا المقطع:
أ-سي الطاهر: سيد القوم، مقدم القبيلة، مرابط،أبيّ، أنوف، غيور على أهله، صارم، سريع الانفعال ، مرهف الحس.
ب-لالا فاطمة: سيدة في قومها، صبورة،حليمة، متروية، شديدة الإيمان بالله ومتسامحة، عفيفة طاهرة ، مصلحة اجتماعية، مجاهدة.
ج-أمينة: ربّة بيت، حسودة، عنيدة جريئة، متهورة، صريحة، تعترف بأخطائها.
- ما السّياقات الدالة على مفهوم عمل الخير والتّسامح والتّكفل الاجتماعيّ في النّص؟
- ماذا يمثّل موقف لالا فاطمة بالنّسبة إلى جيل اليوم؟
- ما القرائن اللّفظية الدّالة على نمط النّص؟
- هل يمكن تصنيفها تصنيفا دلاليّا؟
- حدّد العقدة في هذا المقطع؟
- كيف تم انفراجها؟
- - مختلف السياقات:
- الدالة على عمل الخير:حين تزكّي لالافاطمة أمينة لدى زوجها سي الطاهر وتتعهد بعدم إذايتها " مثلا".
- الدالة على التسامح: حين أسرعت أمينة نحو لالا فاطمة تلتمس عفوها ( المقطع الأخير في النص)
- الدالة على التكفل الإجتماعي: في مواضيع مختلفة أهمها حين تخبر لالا فاطمة أخاها بضرورة وقوفها إلى جانب المجاهدين.
2. يمثل النموذج الذي يستحقّ أن يقتدى به، هو رمز المثل العليا بالنسبة إلى جيل اليوم.
3 . القرائن اللفظية الدالة على نمط النص: الأفعال بمختلف صيغها، أدوات الاستفهام، الضمائر. الحوار بمختلف الصيغة.
4. نعم يمكن تصنيفها دلاليا :
- أ- مايدلّ على الوصف.
- ب- مايدلّ على السرد.
- ج -مايدلّ على الحجاج والتّفسير.
ج5 . تتمثّل عقدة المسرحية في مسك لالا فاطمة بفم أخيها سي الطّاهر وكان قد همّ بتطليق زوجته.
ج6 الانفراج: حين استطاعت لالا فاطمة إقناع أخيها بضرورة رحيلها عن أخيها بعد أن أخذت منه ميثاقا بأن يتصالح مع زوجته.
س1 بم استهلّ الكاتب هذا المقطع المسرحي؟
س2 علام تدلّ كثرة القسم في النّص؟
س3 حدد الأدلة الدّالة عليه؟
س4 ساد النّص جوّ ارتبط بالعقيدة ؟
س5 في أي حقل دلالي يمكن تصنيفها؟
س6 ما مردّ عدم اهتمام الكاتب بالصّور إلا ما جاء منها تلقائيا؟
س7 استخرج تشبيها بليغا مبررا دلالته وأثره في سياق النّصّ.
ج1 استهل الكاتب نصّه بتحديد المكان الذي تجري فيه الأحداث.
ج2 تدل كثرة القسم على الجانب الروحي الذي طبع به الكاتب شخصياته.
ج3 والألفاظ الدالة على القسم هي: " والله" "بربك" .
ج4 ساد النّص جوّ ارتبط بالعقيدة ، والمصطلحات الدّالة عليه كثيرة، نحو: " والله، المجد، إكرام، بربك، لي الله، سلطان، رب العالمين، يؤمنك الله."
بالإضافة إلى أسماء والشخصيات التي تحمل دلالات رمزية تاريخية: الطاهر ، فاطمة، أمينة.
ج5 حقلها الدلالي هو الدين " الإسلام"
ج6 مردّ اهتمام الكاتب ( المؤلّف) بالمعنى على حساب اللفظ.
ج7 التشبيه البليغ "الوحل هو أنت" دلالته وأثره في سياق الكلام: أنه أفاد التسوية، فقد سوى المتكلّم بين طرفي التّشبيه لشدّة ما اعتراه من الغضب في ذلك الموقف من المسرحية.
هل وفّق الكاتب في إعطاء شخصياته حركة طبيعيّة، ما دليلك؟
نعم وفق الكاتب في إعطاء شخصياته حركة طبيعيّة. و الدّليل على ذلك كامن في مختلف التّصرفات التي نسبها الكاتب لهذه الشخصيّات من خلال مختلف السّياقات التي سبق توضيحها كعمل الخير و التّسامح والتّعاون الاجتماعيّ و أضف إلى ذلك خصائص الحوار الذي نسبه الكاتب إلى كل شخصية في النّصّ.